Share

الفصل 312

Author: سيد أحمد
في خضم صفير الرياح، لم تسقط سارة في البحر، فقد مدّ أحمد وتامر يديهما في اللحظة نفسها وأمسكا بها.

برغم أنّها المرة الأولى التي يتعاونان فيها، إلا أنّ التناغم بينهما بدا فطريًا، كما لو كانا قد تدربا على ذلك طويلًا، فتمكّنا من سحبها إلى ضفة القارب بسلاسة.

جذبها أحمد إلى صدره، يحتضن جسدها البارد بشدة، وهمس وهو يضمها بقوة: "حبيبتي سارة، أنا آسف".

لكن سارة لم ترد عليه، فاكتفى بأن حملها بين ذراعيه وأعادها إلى كابينة السفينة.

وحين مرّ بجوار تامر، التقت أعينهما للحظة، أراد تامر أن يقول شيئًا، لكنه تراجع في النهاية.

كان لا يزال يذكر همس سارة له على سطح السفينة قبل قليل، حين قالت بصوتٍ منخفض: "تامر، سأقوم بخطوة متطرفة لإنقاذك، وحين نُفترق، غادر مدينة الشمال فورًا، لا تعد إليها في الوقت القريب".

قال لها يومها: "أرجوكِ، لا تتهوري، لا بأس بي، لقد كنتُ مستعدًا لاحتمال الفشل منذ البداية، لا تجازفي بحياتكِ من أجلي".

اكتفى وجهها بابتسامة باهتة تحمل حزنًا ساخرًا، لكن عينيها كانتا تلمعان بعزمٍ لا يتزحزح.

"لا تقلق، لا تزال لدي أسباب لأتمسّك بالحياة، عليّ أن أكتشف الحقيقة كاملة، لن أموت الآن".

ثم قالت ببرود
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 532

    كانت سارة متلحفةً بالغطاء، لكن صوت الرعد الآتي من الخارج شتّت أفكارها وأربك أعصابها، ضغطت كفيها بقوة على أذنيها محاولةً النوم سريعًا.كلما ازداد اضطرابها، كلما بات النوم أبعد عنها، وشعرت بقشعريرة تسري في ظهرها.كأن هناك صوتًا خافتًا في عقلها يهمس: "اهربي، اهربي!"تهرب؟ إلى أين؟ ولماذا تهرب أصلًا؟لقد اتصلت بالفعل بعز، وهناك حراس يطوّقون الفيلا ليلًا ونهارًا، وإن حدث مكروه فسيُكتشف فورًا.هزّت سارة رأسها محاولةً طرد الأفكار، ما الذي تهذي به؟ أحقًا بدأت تتخيل أشياءً وتسمع أصواتًا؟رغم تقلبها في الفراش طيلة هذا الوقت، لم تستطع أن تغفو، فأخرجت السلاح الذي تركه لها جلال قبل نصف عام، لعلّه يطرد الأرواح الشريرة كما تقول الخرافات.الصغيران في بطنها يبدو أنهما أنهكتهما الحركة في الساعات الماضية، إذ هدآ تمامًا الآن.كان صوت الرعد يتناوب مع هدير الأمواج المرتطمة بالصخور.هبّت نسمة باردة من النافذة، فلاحظت أن إحدى النوافذ كانت مفتوحة نصفها، والهواء يدفع الستائر الثقيلة إلى الداخل.نهضت سارة لتغلقها، لكن في تلك اللحظة سمعت صرخة عالية قادمة من الغرفة المجاورة.كانت فاتن!ما الذي حدث لها؟لم تهتم سار

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 531

    أغلق عز هاتفه ولم يفهم لماذا سألت سارة هذا السؤال فجأة، هل يُعقل أنها اكتشفت شيئًا ما؟ذهب بنفسه إلى غرفة المراقبة، فالفيلا تقع في منتصف الجبل، وعلى طول الطريق وُضعت كاميرات مراقبة.فإذا صعدت أية مركبة إلى الأعلى، فسيتم رصدها عند سفح الجبل مباشرة، وهناك مراقبة لحظية لحركة السيارات.هذا المكان ناءٍ عن الناس، وبُنيت فيه فيلا فاخرة، لذا نادرًا ما يأتي إليه الغرباء، وإن صادف أن صعد بعض هواة التسلق، يتم إقناعهم بالعودة في منتصف الطريق.لطالما كانت السيارات الخاصة بهم فقط هي التي تُستخدم في نقل الإمدادات المختلفة، ولم يُرَ أي شخص غريب.ظل عز يراقب لفترة ولم يكتشف أي مشكلة.ثم انتقل بنظره إلى أسفل الشاشة، فلاحظ أن بعض الكاميرات السفلية كانت مُعطّلة.كانت تلك الكاميرات مثبتة عند حافة الجرف، والجرف بطبيعته شديد الانحدار، وفوق ذلك، فقد ارتفع منسوب المياه في اليومين الأخيرين، وترافقت الأمطار الغزيرة بأمواج عاتية، لذا من المحتمل أن تكون الكاميرات قد تعطلت بسبب البحر.الصعود من الجرف نهارًا كان مستحيلًا، فكيف بالليلة التي يشتد فيها الطقس سوءًا؟بعد أن تأكد من عدم وجود أي شخص أو مركبة مشتبه بها على

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 530

    "سيّدتي"، قال عز بنبرة يغمرها الإحباط، "لم يكن السبب أنني لم أستطع اللحاق بها، بل لأنها لا ترى في عينيها أو قلبها سواه، كيف يمكنها أن تلتفت إلى أحد سواه؟"سارة فكّرت قليلًا، ثم رأت في كلامه وجاهة، فهي نفسها حين كانت تحب أحمد، كم من شخصٍ تقدّم لها باعترافه، لكنها لم تُعر أيًّا منهم اهتمامًا، حتى إنّها الآن لا تتذكّر وجوه أولئك الذين عبّروا عن مشاعرهم نحوها.قالت له مبتسمة: "لا تفقد الأمل، الزوجة المناسبة ستأتي لا محالة".ردّ قاطعًا: "لن أبحث بعد الآن".ضحكت سارة وربتت على جبينها، "أنت عنيد حقًا، أنتم جميعًا تتصفون بعنادٍ لا يلين"."سيّدتي، يبدو أن المطر سيهطل قريبًا، من الأفضل ألّا تخرجي هذا المساء، فالطرقات في الحديقة زلقة، وقد تتعثرين"."حسنًا".واصلت سارة احتساء الحساء، وكان الطفل في بطنها في قمة النشاط في تلك اللحظة، فقررت أن تتمشى قليلًا داخل الغرفة ثم تخلد للنوم.هطل المطر الغزير طوال الليل دون انقطاع، يصاحبه هدير الرعد المتواصل، ولم تنعم سارة بنوم هادئ تلك الليلة.وفي اليوم التالي، لم يبدُ على المطر أي نيّة للتوقف، فاضطرت سارة للجلوس إلى جوار النافذة تتصفّح كتابًا."سارة، لقد عدت

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 529

    كانت سارة ترتشف الحساء ببطء حين التفتت نحو فاتن التي أنهت المكالمة للتو، وما إن أغلقت الخط حتى بادرتها سارة بالسؤال: "هل حدث شيء في المنزل؟"أجابت فاتن، وصوتها يحمل قلقًا ظاهرًا: "أخي حين عاد إلى المنزل، صدمته سيارة وكُسرت ساقه، سارة، أنا..."لكن سارة قاطعتها قبل أن تُكمل: "سأمنحك إجازة ليومين، عودي واطمئني عليه، صحة الأهل فوق كل شيء.""شكرًا لكِ يا سارة، لكن عملي هنا...""ما الأمر؟ هنا الأطباء والخدم والحراس كلهم لخدمتي وحدي، هل تتوقعين أن يُصيبني مكروه؟ لا تقلقي، سأطلب من قسم الحسابات تحويل راتب هذا الشهر لكِ مقدمًا.""سارة، لا داعي لذلك.""اذهبي الآن، ولا داعي للتكلّف، سأتصل بمن يوصلك إلى المستشفى فورًا."ثم أشارت سارة إلى عز ليقلها، ولم تنسَ أن تُوصي بالاتصال بجراح العظام مسبقًا لتجهيز الأمور.كانت سارة قد لاحظت منذ زمن أن عز يُكنّ مشاعر خاصة لفاتن، لكن تلك الفتاة البلهاء لم ترَ أمامها سوى زميلها الأكبر.وسارة، رغم أنها لا تُعلّق على أخلاق ذلك الزميل، فإنها تثق تمامًا في طيبة عز، وترى أنه يستحق فرصة حقيقية، فقررت أن تمدّ له يد المساعدة ولو قليلًا.وعندما همّ عز بالمغادرة، رمشت له س

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 528

    لم يمضِ وقت طويل حتى وصل الفريق الطبي بأكمله، فقال أحد الأطباء بسرعة: "سيدتي، سنبدأ عملية الإسعاف فورًا، أرجوكِ انتظري بالخارج".أسرعت فاتن بإخراج سارة التي كانت واقفة مذهولة قرب الباب، ونظرت إلى وجهها الشاحب، والقلق بادٍ في عينيها، وقالت بلهجة قلقة: "سيدتي، لا تقلقي، السيد رشيد سيكون بخير بإذن الله، لكن عليكِ أن تهتمي بنفسكِ وبالطفلين في رحمكِ".قلب سارة كان يتأرجح بين الشعور بالذنب تجاه جنينها وبين تمسّكها بوالدها.ليلة البارحة، كانت الطبيبة قد أوصت بوضوح بعدم التعرض لأي ضغط نفسي مفرط، لكنها لم تكن قادرة على التزام الهدوء أبدًا.ظلت عيناها معلقتين بباب الغرفة، تنتظر خروجه، وبعد لحظات، خرج الطبيب وهو يمسح عرق جبينه.سألت سارة وقد بلغ القلق ذروته: "كيف حاله؟"فأجاب الطبيب مطمئنًا: "لا تقلقي سيدتي، لقد أنقذنا السيد رشيد".تقدّمت إحدى الممرضات وأعادت التميمة التي كان يحملها والدها إلى يديها، ثم قالت بصوت منخفض: "سيدتي، في الحقيقة، السيد رشيد كان متشبثًا بفكرة واحدة لا غير، هي التي جعلته يصمد حتى الآن، عليكِ أن تبقي تلك الفكرة حيّة في قلبه، إنه مثل وترٍ مشدودٍ إلى أقصى حد، وإن تراخت عزيمت

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 527

    استفاقت سارة من نومها لتجد أن أحمد قد غادر الفيلا منذ وقت مبكر، ولاحظت أيضًا وجود عدد جديد من الحراس الشخصيين.كانت تنوي أن تطلب من أحدهم تجهيز السيارة، فهي ترغب في الذهاب للاطمئنان على السيد مصطفى.لكن عز سارع بالحديث قائلًا: "سيدتي، السيد الرئيس أوصى بعدم مغادرتكِ الفيلا بدءًا من الآن وحتى موعد ولادتكِ".قالت سارة مترددة: "لكن..."قاطعها قائلًا: "السيد أحمد يفعل هذا حرصًا على سلامتكِ، وإذا كان لديكِ أي تساؤل، يمكنكِ سؤاله مباشرة".تذكرت سارة كيف أرعبها نشاط التوأمين ليلة الأمس، حيث خافت حقًا من أن يكون قد أصابهما مكروه، ولهذا فهي تتفهم حرص أحمد، ولم تكن مستاءة من هذه القيود، بل عادت إلى غرفتها وهي تضع يدها على بطنها المنتفخ بحنان.بمجرد دخولها إلى الغرفة، رن هاتفها، كان المتصل أحمد، فأجابت قائلة: "مرحبًا".قال أحمد: "نتائج تشريح الجثة في قضية الآنسة بسنت قد صدرت، صباح اليوم أعاد الرفات إلى الوطن لإقامة جنازة له، وقد كلفت من يرافق الجثمان إلى المطار، لا داعي لأن تقلقي، قبل رحيله أوصاني بأن أبلغكِ شكره العميق لمساعدتكِ له، لقد قدمتِ له عونًا عظيمًا".لم تكن قد سألت بعد، لكنه كالعادة يع

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status