قالت نسرين: "إذن أخبري السيد كمال أن ليلى حامل، وسنستغل يده للتخلص من هذا الطفل!"اختفى الحزن من وجه جميلة، وقد فهمت قصد نسرين تماما، فرفعت إبهامها إعجابا.قالت نسرين: "لكن قبل أن تذهبي إلى السيد كمال، عليك أن تحضري دليلا يثبت أن هذا الطفل لخالد!"أومأت جميلة: "أمي، فهمت قصدك، سأتصرف حالا."...مجموعة الرشيد.عاد كمال إلى مكتب الرئيس، كان يمسك قلمه يراجع الملفات، حين قال السكرتير يوسف بخفض صوته: "سيدي، الآنسة ليلى لم توافق على إجراء جراحة القلب للآنسة جميلة بعد، فماذا سنفعل؟"توقف كمال عن الكتابة لوهلة.تردد يوسف قائلا: "هل سنضطر إلى الضغط على الآنسة ليلى مجددا؟ أظن أنها باتت شديدة الخيبة منك بعد ما حدث مع خالد."تجمدت ملامح كمال المتعجرفة كبركة جليدية، لم يكن أمامه خيار سوى الوقوف إلى جانب جميلة.خطر في ذهن كمال وجه ليلى الصغير، الواضح والعنيد… ليلى، لا تجبريني على هذا.في تلك اللحظة دوى طرق على الباب، وجاء صوت جميلة من الخارج: "كمال."لقد جاءت جميلة.قال كمال: "ادخلي."فتحت جميلة الباب ودخلت: "كمال، لم أزعجك، أليس كذلك؟"أجاب كمال وهو يحدق في الملف بين يديه: "أنا مشغول اليوم، ليس لدي
"آنسة جميلة، هل تقصدين أن الجذر الأبيض والقتاد يستعملان معا؟""نعم يا دكتور مجدي.""آنسة جميلة… هل أنت حامل؟"حمل؟تصلبت جميلة في مكانها عند سماع الكلمة، أمسكت بهاتفها وسألت بذهول: "دكتور مجدي، عم تتحدث؟""آنسة جميلة، كلا العشبتين وصفة لتثبيت الحمل!"دواء لتثبيت الحمل؟ليلى تستعمل دواء لتثبيت الحمل؟إذا… ليلى حامل؟ارتبك عقل جميلة تماما، لم يخطر لها يوما أن ليلى قد تحمل. هي تعرف أنهه حدثت العلاقة الحميمية بين كمال وليلى، لكنها أيضا تعلم أن كمال يكره فكرة الإنجاب. فهذا الطفل سيكون الوريث الأول لعائلة الرشيد، وكمال حذر جدا، لن يسمح لليلى بالحمل.لكن… ليلى حامل فعلا!تراجعت جميلة خطوات إلى الوراء، وأسندت نفسها على الجدار كي لا تنهار. ليلى حامل… فهل الطفل من كمال؟لا… ربما يكون الطفل لخالد.لكن حدس المرأة قلما يخطئ، وكان بداخلها يقين أن والد الطفل هو كمال.فما الذي ستفعله الآن؟غمرها الهلع فجأة....عادت جميلة مسرعة إلى البيت، ولما رأت نسرين وجهها الشاحب جلست قربها فورا وقالت: "جميلة، ما بك؟ ما الذي حدث؟ ولماذا يداك جليد؟"أمسكت نسرين بيديها فوجدتهما خاليتين من الدفء.قالت جميلة: "أمي، وقع
قطب كمال حاجبيه الوسيمين حتى ارتسمت بينهما تجعيدة غاضبة.رمقتها جميلة بتفاخر وقالت: "ليلى، أتتألمين حقا؟ توسلي إلي إذن، ولو توسلت، قد أسمح لكمال أن يأخذك إلى المستشفى!"تحدتها ليلى وهي تكبت ألمها: "من سيتوسل؟ سنرى!"ثم أدارت ظهرها وغادرت....عادت ليلى إلى شقتها، وأمسكت هاتفها تتصل بأخيها الثاني: "مرحبا يا أخي، كمال أمسك بأخي الثالث خالد، أرسل رجالك بسرعة لإنقاذه."ضحك أخوها الثاني وقال: "هذا غريب! من يجرؤ على خطف خالد؟ هل قطعت العلاقة مع كمال يا أختي الصغيرة؟"بطنها لا يزال يؤلمها، وشحب وجهها الصغير: "أخي، لا تذكر اسمه أمامي بعد الآن، سأعتبر أنني لم أعرفه قط، كانت غلطة عيني!"قال أخوها الثاني: "لا تقلقي يا أختي، سأتولى أمر خالد. لكن صوتك يوحي أنك لست بخير، هل يؤلمك شيء؟"اطمأن قلب ليلى قليلا بعد سماع كلامه هذا، فلو أصاب خالد مكروه بسببها فلن تسامح نفسها أبدا."لا بأس، أحتاج إلى بعض الراحة فقط."قال: "إذا ارتاحي سريعا."انتهت المكالمة، لكن ألم بطنها ظل يشتد، فقد أغضبها كمال اليوم حتى اضطرب جنينها.احتاجت لتحضير دواء يثبت الجنين، لكنها تفتقد مكونين أساسيين.اتصلت فورا بمساعدتها: "أحضري
أومأ كمال، نعم، لن يتردد بعد الآن.لا بد أن ينقذ جميلة مهما كلف الأمر.نظر كمال إلى ليلى وقال: "من الأفضل أن تعالجي قلب جميلة، لا أريد أن أجبرك."تخيب ظن ليلى تماما، فكمال اختار الوقوف إلى جانب قتلة والدها.قهقهت بسخرية: "سيد كمال، إن أردت إجباري فجرب لتر إن تملك القدرة أم لا."قالت السيدة منصور الكبيرة: "يا ليلى، يا لغرورك، صحيح أنك الدكتور ليان طبيبة المعجزة الوطنية، لكنك لن تصمدي أمام نفوذ كمال، فبإشارة منه ستسقطين من عليائك."قالت نسرين: "ليلى، لقد منحناك مخرجا مشرفا، فانزلي عن عنادك. المواجهة لا تنفعك، أنصحك لمصلحتك."قالت جميلة: "ليلى، إن لم تفكري في نفسك، ففكري في سيد خالد. أتتركينه يموت بسببك؟"رمقتها ليلى ببرود: "بشأن خالد، سأحله بنفسي. اهتموا بأنفسكم أولا، فمقتل أبي لن يمر، وسأزج بكل من شارك فيه وراء القضبان."قالت السيدة الكبيرة: "يا لك من وقحة!"لم تمنحهم فرصة للكلام، وأدارت ظهرها وغادرت.تبعها كمال بخطوات سريعة.أمسك بذراعها النحيلة وقال: "ليلى، نحتاج أن نتحدث."توقفت ليلى وسحبت ذراعها بقوة من قبضته، وقالت بتهكم: "سيد كمال، لم يعد بيننا ما يقال."ضغط كمال شفتيه وقال: "ليلى
غير كمال الموضوع فجأة: "هل تواصلت مع خالد؟"ارتجف قلب ليلى حين سمعت اسم خالد.كان كمال يرتدي اليوم بذلة سوداء مفصلة يدويا، بهي الطلة، يرمق ليلى من عل بنظرات متجمدة لا تحمل إلا البرود والجفاء.لقد اختار جميلة، وبات هو وليلى غريبين عن بعضهما.لم يعد في عينيه أي لطف، بل قسوة المتسلط وصرامته.حرك كمال شفتيه وقال: "ليلى، لم تستطيعي الاتصال بخالد أليس كذلك؟ لا، بالتحديد، حين كنت تكلمينه انقطع الاتصال فجأة، أليس كذلك؟"ارتسمت الشكوك في قلب ليلى، وحدجته بذهول: "كمال، هل مسست خالدا بسوء؟"قال كمال ببرود: "جربي الاتصال مرة أخرى، ولنر إن كان سيرد."أسرعت ليلى وأخرجت هاتفها، وأعادت الاتصال برقم خالد.لكن الطرف الآخر ظل يعطي إشغالا بلا جواب.لم ينقطع الاتصال به هكذا أبدا. كان عليها أن تفكر منذ البداية، فبمكانة خالد لا يجرؤ أحد على لمسه… سوى كمال.ومدينة البحر تحت قبضة كمال، ومن السهل عليه أن يفعل شيئا بخالد.حدجته ليلى بدهشة: "ماذا فعلت بخالد؟ أين هو الآن؟"تشبثت جميلة بذراع كمال وابتسمت: "ليلى، ربما لم تري أساليب كمال من قبل. إن لم تطيعيه، فسيرى سيد خالد بعينيه ما يقدر عليه."قالت ليلى بغضب: "كمال
أرادوا أن يقدموا الزهور لروح والدها.لم تمنعهم ليلى، فرأت السيدة منصور الكبيرة تقودهم لوضع الزهور أمام قبر سليم، قائلة: "سليم، جئت لزيارتك."انحنى حازم وقال: "أخي الكبير، أتيت لزيارتك."وانحنى وجيه: "أخي الأكبر، أتيت لزيارتك."وضعوا الزهور أمام قبر سليم.نظرت السيدة الكبيرة إلى ليلى وقالت: "ليلى، نحن عائلة واحدة في النهاية. حتى ولو كان سليم متبنى فقد ناداني أمي، ولسنا بحاجة لأن نمضي في العداء. فلنصافح بعضنا اليوم أمام قبره."أرادت أن تنهي الخلاف بالمصالحة.قهقهت ليلى ببرود وحدجتها بنظرة قاسية: "نعم، أبي ناداك أما، لكن أي أم تقتل ابنها بيديها؟ أنتم من قتل أبي، والآن تقفون أمام قبره وتطلبون المصافحة؟"ثم جالت بنظرها في وجوه حازم ونسرين ووجيه وفاطمة: "أجيبوني، لولا أنني الدكتور ليان، هل كنتم لتقفوا هنا وتزوروا قبر أبي؟"لم يدفعهم ضمير ولا صحوة وجدان، بل مكانتها كالدكتور ليان.هؤلاء الناس بلا ضمير، لا يعرفون إلا استغلال الضعيف، وليلى لن تغفر لهم.قال حازم: "ليلى، لماذا كل هذا العناد؟ لقد أنجب أخي ابنة مميزة فعلا، لست الفتاة العبقرية من هارفارد فقط، بل أنت الدكتور ليان العظيمة، لكن لا داعي