Share

الفصل 9

Author: شينغ خه
قبل ثلاث سنوات، اصطحب طارق خلود لزيارة منزله القديم.

كانت آنذاك ما زالت تدرس في الجامعة، وعلي الرغم من أن المدرسة كانت بعيدة جدًا عن المنزل القديم، إلا أنها كانت تعود يوميًا لكي لا تفوت فرصة رؤيته حينما كان يزور المكان.

وفي ذلك اليوم، لم تفوت الفرصة.

رأته بعينيها وهو يقدم خلود لعائلته كحبيبة سيتزوجها.

وشاهدت بعينيها أيضًا كيف كانا يحتضنان ويقبلان بعضهما في فناء المنزل الخلفي.

كانت معتقدة حينها أن هذه الحياة لن تسمح لها سوى بمشاهدته من بعيد.

حتى أنها يوم زواجها منه، شعرت وكأنها في حلم.

وبما أنه حلم، فلا بد له أن ينتهي في أي لحظة.

وكانت خلود هي التي أيقظتها من حلمها.

شعرت هند بألم طفيف يعتري قلبها، لكنها ابتسمت برفق وقالت:

لم أركِ منذ وقت طويل، أصبحتِ أكثر تألقًا يا آنسة ."

لكنها تعلم في قرارة نفسها أنها لن تستطيع بعد الآن مناداتها بـ "زوجة أخي".

ابتسمت خلود قائلة:

“شكرًا، وأنتِ أيضًا تبدين رائعة. بالمناسبة، يا هند، هل أعجبتكِ أسطوانة L.X التي قامت بتوقيعها؟ سمعت أنكِ تحبينها كثيرًا، وقد صادف أنها صديقتي من أيام دراستي في الخارج، فطلبت منها توقيعًا خصيصًا لكِ."

شعرت هند وكأنها تلقت صاعقة في تلك اللحظة. رغم أنها كانت دائمًا متماسكة وهادئة، إلا أن كلمات خلود لها جعلتها في حالة من الحيرة والارتباك.

وكأنها كانت مهرجة محاطة بالجميع يضحكون عليها.

نظرت بفزع إلى طارق، وعينيها مليئتين بالتوسل.

كم تمنَّت لو أن طارق ينفي كلام خلود، ويؤكد أن الهدية كانت منه هو شخصيًا.

لكن طارق نظر إليها ببرود، وقال كلمات كانت كالسكاكين قطعت قلبها: " ماذا ؟ ألا تعجبكِ هدية خلود؟"

تجمدت ملامح هند، ولم تستطع الرد أو إظهار أي تعبير.

بعد لحظات، استعادت هدوءها وقالت بنبرة باهتة: " فلنتحدث لاحقًا، الجميع ينتظر، فلنبدأ بمناقشة العمل."

"بالطبع." ردت خلود بابتسامة، ثم التفتت إلى طارق وقالت: " طارق، فلتعد إلى المكتب، ولا تنسَ موعدنا علي الغداء اليوم."

“حسنًا."

راقبت هند ظهره وهو يبتعد، وشعرت بمرارة في فمها وألم في قلبها جعلها بالكاد تستطيع التنفس.

كيف تجرأت على التفكير بأنه ربما قد أولى لها ولو ذرة اهتمام؟

كم هو مضحك أن تكون قد اعتقدت يومًا أنه لديه أي مشاعر نحوها

...

بعد انتهاء الاجتماع، كانت الساعة قد تجاوزت الثالثة عصرًا. وقف الفريقان وتصافحوا.

جمعت هند ملفاتها وقالت بابتسامة: "شكرًا على جهودكم، سأدعوكم على الغداء. الطابق السفلي به مطعم جديد للمأكولات الساخنة، ورائع جدًا."

ردت مديرة أعمال خلود، قائلة: " رائع، لن نرفض هذه الدعوة."

انطلق الجميع إلى المصعد وسط مجاملات متبادلة.

أثناء ذلك، سألت مديرة أعمال خلود قائلة: "خلود، قال طارق إنه سيتناول الغداء معكِ، لماذا لا ندعوه معنا؟"

ابتسمت خلود وقالت: "سأذهب لأسأله، ولكنه قد لا يوافق."

فقال مجاملًة لها": كيف لا؟ إنه يعاملكِ كالأميرة!"

ثم تابعت وقالت، "خلود، لا داعي للتواضع. أنتِ وطارق واضح أن بينكما شيء مميز. فور عودتكِ للبلاد، منحكِ طارق عقد الدعاية الخاص بـ MQ ، أليس هذا دليلًا كافيًا؟"

ردت خلود بابتسامة خجولة:

“كفى، لا تقولوا هذا. هند، خذي الجميع إلى المطعم وسنلحق بكم."

ابتسامة خلود كانت كالسكين في قلب هند. هزت رأسها بصمت، وأخذت الملفات إلى المكتب ثم انضمت إلى الباقين لحجز طاولة في المطعم.

بدأت بتحفيز الأجواء بين الفريقين، فهي معتادة على إدارة مثل هذه المواقف.

على طاولة الطعام، كانت الأحاديث ممتعة، والجميع في غاية السعادة.

لكن مديرة أعمال خلود عادت لتوجه الحديث نحو هند، ”سمعتُ الكثير عنكِ، أيتها المديرة هند. يبدو أنكِ تعملين في هذا المجال منذ فترة طويلة."

تدخل مدير الإنتاج مبتسمًا: " ليس طويلًا جدًا، فقط ثلاث سنوات. لكن لا تنخدعوا بمظهرها الشاب، مهارتها لا يستهان بها. اللعبة التي اشتهرت العام الماضي، حروب الأساطير، كانت تحت إشرافها التسويقي."

لكن مديرة أعمال خلود كان لها هدف آخر، فسألت: "حقًا؟ يبدو أنكِ متميزة. لكن سمعتُ أنكِ أخت السيد طارق؟"

تحولت الابتسامات إلى حذر واضح، وشعر الجميع بأن السؤال يحمل إيحاءات خفية.

ابتسمت هند وقالت بهدوء:" يمكنكِ القول إن جده كان له فضل كبير في تربيتي."

فأجابت بابتسامة خفية: " أن تكوني تحت إشراف السيد طارق شخصيًا، فهذا إنجاز بحد ذاته."

بدأت وجوه الحاضرين تزداد قتامة، إلا أن هند احتفظت بهدوئها قائلة: "والدي كان صديقًا مقربًا لجده، وكنت محظوظة بأنني لم أتشرد في الشوارع."

لكنها لم تتوقف وسألت: “أليس السبب أن والدكِ تبرع بجزء من كبده لجد طارق؟"

Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • كفي اضطهادًا، فلم تعد زوجتك!   الفصل 30

    "سأحاول قدر المستطاع." قالها طارق."ما الأمر مع الآنسة خلود؟" استجمعت هند شجاعتها لتسأله.كانت تشعر في أعماقها أن طارق لن يعود هذه المرة، تمامًا كما حدث بالأمس.تساءلت عن السبب الذي دفع خلود لاستدعائه مجددًا، يومين متتاليين.استدار طارق لينظر إليها بملامح عابسة، "هند، لم تعتادي على الأسئلة الكثيرة هكذا بالماضي."شحب وجه هند، "قدمي تؤلمني بشدة، ألا يمكنك...""إصابتكِ ليست خطيرة، إذا كنتِ بحاجة إلى شيء، استدعي العاملة."أنهى كلماته ببرود واستدار، مغادرًا دون أن يلتفت مرة أخرى.ظلت هند تحدق في ظهره وهو يبتعد، تتجرع مرارة الخيبة.نادراً ما كانت تُظهر جانبها اللطيف والضعيف أمامه، لكنه شعر أنها تبالغ.حينما لا يكترث أحد لوجودكِ، حتى وإن أظهرتِ ضعفكِ، فلن يغير هذا شيئًا.كانت تعلم جيدًا أنهما على وشك الطلاق، فما الذي يجعلها تعتقد أنها تملك الحق في السؤال؟لقد كانت في وهم مجرد وضعه للدواء لها جعلها تنسى نفسها .لكن إهانة أخرى كانت بانتظارها.لكن ما لم تتوقعه هند أن طارق لم يعد في تلك الليلة ولا الليلة التي تليها .جلست تنتظره طوال الليل، متشبثة بالأمل، تتصفح هاتفها بملل حتى استسلمت للنوم في

  • كفي اضطهادًا، فلم تعد زوجتك!   الفصل 29

    حتى تتجنب عناء الصعود والنزول، لم تغادر هند غرفة النوم بالطابق الثاني منذ تعرضها لإصابة في كاحلها. كانت العاملة توصل لها الطعام يوميًا. في إحدى المرات، وبينما كانت هند منهمكة في العمل على حاسوبها المحمول، سمعت صوت فتح الباب. اعتقدت أن العاملة جاءت لتوصيل الطعام، فقالت دون أن تنظر: "ضعيه على الطاولة، سأتناول الطعام بعد قليل.""الأفضل أن تأكلي الآن قبل متابعة العمل. دقائق لن تضركِ." كان صوت طارق.رفعت" هند" رأسها لترى طارق وقد جاء بنفسه بالطعام. فوجئت وقالت: "انهيت عملك؟""نعم."أغلقت "هند" الحاسوب، ووضع طارق الطعام على الطاولة المجاورة لسريرها، ثم نزل ليتناول طعامه.بعد أن انتهت من تناول الطعام، عاد طارق ليأخذ الأطباق. هذه المرة، كان يحمل كيسًا بلاستيكيًا مليئًا بالأدوية. جلس بالقرب منها وبدأ بإخراج الأدوية، بعضها كان للالتهابات وبعضها الآخر خاص بمعدتها.لم تشمل هذه الأدوية تلك الموصوفة للتو من المستشفى فحسب، بل تشمل أيضًا “أدوية اضطراب الجهاز الهضمي” التي تناولتها من قبل.كان طارق ينظر وهو يخرد الأدوية واحدًا تلو الآخر، خفق قلب هند وأمسكت بإحكام بزوايا ملابسها.سألها وهو يمسك زجا

  • كفي اضطهادًا، فلم تعد زوجتك!   الفصل 28

    لم تعرف هند كم مضى من الوقت حتى أفاقت وسط ظلام حالك، لتشعر برائحة المطهرات تخترق أنفها بقوة.فتحت عينيها ببطء، ونظرت حولها لتجد نفسها في غرفة مستشفى."هند لقد استيقظتِ؟ كيف تشعرين؟" لترفع هند عينيها وترى وجه طارق الوسيم أمامها.دون أن تشعر، وضعت يدها على بطنها، وردت بهدوء:"أنا بخير... "ثم ألقت نظرة نحو النافذة لترى أن الليل قد خيم.في تلك اللحظة، سمعت صوت معدتها تقرقر بصوت مسموع ."جائعة؟ سأطلب شيئًا ليُحضَر فورًا." قالها طارقلكن هند رفعت رأسها ونظرت إليه بنبرة طفولية لم يعهدها منها:وقالت "طارق، أنا جائعة جدًا الآن. لا أريد الانتظار. هل يمكنك أن تذهب بنفسك لشراء الطعام؟" هند رفعت رأسها ونظرت إليه .طارق، الذي فوجئ بهذا الطلب الممزوج ببراءة لم يعهدها منها، هز رأسه دون وعي وقال:"بالطبع، سأذهب فورًا. لكن لا تتحركي من السرير، وإذا شعرتِ بأي ألم، استدعي الممرضة فورًا."هزّت هند رأسها بالموافقة، وانتظرت حتى غادر. ثم ضغطت على زر الاستدعاء، لتدخل الممرضة بعد لحظات."كيف يمكنني مساعدتكِ، سيدتي؟ هل تشعرين بأي ألم؟"قالت هند بقلق وهي تضع يدها على بطنها:"أريد أن أعرف عن حالة طفلي..."

  • كفي اضطهادًا، فلم تعد زوجتك!   الفصل 27

    رفعت خلود عينيها بفرح، وهتفت :طارق! خطا طارق خطوات واسعة نحوها، لكن فجأة تغيرت ملامح وجهه وصاح: “احذري!”هند التي كانت قريبة، رفعت رأسها عند سماع الصوت، لكنها فجأة شعرت بدفعة قوية أسقطتها أرضًا.دوى صوت التصادم! سقط أحد الأرفف الثقيلة على الأرض، محدثًا ضجيجًا مدويًا.وجدت هند نفسها على الأرض، حاولت الحركة، لكن قدمها لم تستجب.طارق الذي كان قد اندفع لاحتضان خلود وحمايتها،سأل بقلق: “هل أصبتِ؟”ردت خلود بصوت مليء بالخوف: "طارق كدت أموت من الذعر! لولا أنك جذبتني في اللحظة الأخيرة، لحسن الحظ أنك أتيت لأخذي من العمل وإلا لكانت الكارثة قد وقعت عليّ.”استندت خلود على صدره وهي ترتعش، فيما تحدثت إحدى الحاضرات وقالت:”يا لحسن الحظ! لو لم يكن طارق سريعًا، لكانت خلود الآن في خطر كبير!”تجمدت هند في مكانها وكأن جسدها كله قد تخدر حتي أنها لم تشعر بألم قدمها، وهي ترى المشهد أمامها، حيث كان طارق يحتضن خلود بحنان. هو يرى خلود فقط !لم يكن الأمر متعلقًا باهتمام طارق بخلود فحسب، بل بالطريقة التي دفعها بها إلى الخطر لإنقاذ خلود.من أجل حماية خلود يمكنه دفعها للخطر بل حتي للموت بدلاً عنها .إذا كان يحب

  • كفي اضطهادًا، فلم تعد زوجتك!   الفصل 26

    أغمضت هند عينيها بسرعة، متظاهرة بالنوم. أنا لا أراه ... لا أراه .... لا أراه... كانت تردد ذلك في قلبها مرارًا؛ولكن جسدها المرتعش فضح تماما مشاعرها . خطوات الرجل تقترب أكثر فأكثر. كان يتقدم نحو سريرها .هند شعرت بقلبها يكاد يقفز من صدرها. وفجأة، شعرت ببرودة تسري في جسدها... لقد تم رفع الغطاء عنها. تجمدت هند في مكانها، وأغمضت عينيها بإحكام، وشدت ساقيها بقوة وهي تردد في داخلها : أنا نائمة ... أنا نائمة. طالما لا أراه، فلن يقتلني .... لكن صوتا منخفضًا ساخراً اقترب من أذنها وهمس: "أعلم أنكِ مستيقظة افتحي عينيكِ وانظري إلي.... وإلا... سأفعل بكِ ما تكرهينه ثم أقتلكِ." ارتجف عقل هند كليا فتحت عينيها ببطء، وصوتها يرتعش "سأفتح عيني... فقط أرجوك... لا تقتلني .... لا تقتلني.....ولكن قبل أن تكمل كلامها، توقفت فجأة..... لترى وجه الرجل الذي أمامها .إن لم يكن طارق فمن سيكون ؟همست هند بصدمة. ملامح وجهها تجمدت مزيج من الخوف الحيرة والإحراج اجتاحها في تلك اللحظة. أدركت أنها نسيت تماما أن طارق لا يزال في المنزل، وأن أمن الفيلا محكم جدًا بحيث لا يمكن لأي غريب الدخول. نظرت بعيدًا وهي تحاول التماس

  • كفي اضطهادًا، فلم تعد زوجتك!   الفصل 25

    ألن تذهب إلى الغرفة الأخرى؟هيا أسرع.قالتها هند وهي تلتقط المنشفة بسرعة، تحاول تغطية جسدها بارتباك.كانت هند مندهشة.كان وجهه الوسيم يقترب منها ببطء، وانتشر نفسه الدافيء على وجهها.لم تستطع إلا أن تغمض عينيها.حتى وإن كنت مغمض العينين، يمكنك الشعور بالضوء أمامك.لكن لم تأتِ تلك القبلة قط.فتحت هند عينيها.تراجع طارق بضع خطوات للخلف، وقال: “آسف، سأذهب للنوم في الغرفة الأخرى، استريحي"وقف خلف الباب، أغمض عينيه محاولًا أن يتناسى المشهد في ذهنه . كاد أن يقبلها.لقد جن حقًا.هو وهند علي وشك الانفصال ويمكنه أن يكون مع خلود قريبًا،كيف يمكنني أن أكون مع هند .... كان يحاول أن يبرر لنفسه ويواسيها، أي رجل طبيعي كان سوف يثيره هذا الموقف، إن هذا رد فعل طبيعي.فرك طارق جبينه.......تخدرت هند عند سماعها لصوت إغلاق الباب وتوقفت في مكانها.كانت برودة الغرفة تغزو جسدها العاري. سحبت الغطاء وغطت جسدها، وانكمشت إلى زاوية السرير، ودفنت رأسها فيه. لكنها لم تستطع كبح الدموع التي انسابت بلا توقف، حتى تبلل الغطاء.كان شكلها وهو يغادر ببرود كالصفعة على وجهها.أظهر لها القليل من الحنان، وكانت غارقة فيه.أر

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status