LOGINأمام براء، لم يرد أن يعترف بأن هذه الكارثة من صنعه.لكن مجرد لحظة تردده كانت كافية لتثير شكوك براء، "إذن كنت أنت! تكلم بسرعة، من هو الذي أغضبته؟"لزم الصحفي الصمت.ازداد براء يقينا، فصرخ: "إن لم ترد أن تهلك، فقل لي فورا من الذي ورطت نفسك معه!"الصحفي بالطبع لم يكن يريد الموت.وبعد لحظة تفكير، تمتم متلعثما: "إنه… الراسني الثالث…"ارتجف قلب براء، وشعر وكأن قواه قد سحبت كلها دفعة واحدة، فانهار جالسا على الأريكة."ماذا… ماذا قلت؟ من؟" تمتم براء متمنيا أن يكون قد سمع خطأ."الراسني… الثالث…"الراسني الثالث…لو كان الأمر مع أي شخص آخر، لكان رفع راية مجموعة الراسني أو استعان بالسيد الثاني، وبذلك يمكنه تسوية أي نزاع.لكن أن يكون الخصم هو الراسني الثالث، الحاكم الفعلي لمجموعة الراسني، فالعواقب لا يمكن تصورها…شعر براء باليأس، وزأر عبر الهاتف: "ما الذي فعلته بحق السماء؟!"فكر أنه لو لم يكن الأمر كبيرا، لطلب تدخل السيد الثاني.وبينما كانت تفكر بذلك، سمعت من الطرف الآخر في الهاتف صوتا منهكا يقول: "لقد… ضربت الراسني الثالث.""ماذا؟!"قفز براء واقفا من شدة الصدمة.ضرب الراسني الثالث؟!"أأنت مجنون؟! م
أجرى رائد اتصالا مع ماهر.بدا ماهر مترددا وقال: "الريادة للإعلام تقف خلفها جماعة الفرع الثاني، أخشى أن الأمر معقد..."لكن رائد لم يعر أي اهتمام لمن يقف وراءها، سواء كانوا شياطين أو وحوش.فالفرع الثاني كان دوما عدو السيد، والآن وهو في مدينة الياقوت، لم يتوقف رجال الفرع الثاني عن محاولات اغتياله. فحتى لو تم تدمير الريادة للإعلام، فما المشكلة؟وفوق ذلك…"ضرب صحفيهم المتطفل السيد، قل لي، هل يستحقون البقاء؟" قال رائد بهدوء.صدم ماهر، ولم يستطع أن ينطق بكلمة.السيد... ضرب من قبل صحفي متطفل؟هل يعقل أن صحفيا متطفلا يتمكن من لمس السيد؟لابد أن هناك سببا وراء ذلك!وقبل أن يسأل، جاء صوت رائد من جديد."هه، كاد أن يؤذي السيدة. فقل لي، هل يجب أن نتركهم؟" لقد عاش رائد طويلا بجوار السيد الثالث، فصار يحمل نفس البرودة القاتلة التي تجعل المرء يقشعر من الغضب الكامن في أعماقه.توقف ماهر قليلا بدهشة: "الآن فهمت."الأمر منطقي، ذلك الصحفي المتطفل كان يستهدف السيدة، لكن السيد تدخل لينقذها...حتى وإن لم يلتق ماهر بالسيدة من قبل، إلا أنه يعرف جيدا من طريقة تعامل السيد معها أنها أغلى عنده من نفسه.فتمتم ماهر: "ه
"حقا؟" سألت فادية بريبة.كانت تريد أن ترى بعينيها لتطمئن، لكن يوسف أسرع يحثها: "فوفو، هيا بنا ندخل بسرعة."ترددت فادية لحظة.فالشيء الأهم الآن هو أن يعود الجد إلى القصر.نظرت بامتنان إلى مالك، ثم لم تقل شيئا آخر، وأخذت من يد يوسف صندوق رماد الشيخ الهاشمي.وتأهب الجميع للدخول إلى القصر.أراد مالك أن يلحق بهم، لكن يوسف اعترضه قائلا: "مالك، لقد تأخر الوقت، وعائلة الهاشمي لديها أمور مهمة الليلة، فلن ندعوك للدخول."تجهم وجه مالك.فهو على الأقل قد أبعد أولئك الصحفيين المزعجين.لكن يوسف يطرده بهذه الطريقة...لم يرد مالك أن يجادله، بل أدار بصره نحو فادية، وفي عينيه مزيج من الأسى والرجاء: "فادية..."توقفت فادية في مكانها.وعندما التقت عيناها بعيني مالك، ندمت فورا.فهو الآن لم يعد ذلك الرجل البارد الحازم الذي واجه الصحفيين قبل قليل، بل صار كل ما في نظرته وابتسامته يقول "إنه يريد أن يدخل، يريد أن يبقى معها."لقد جاء مالك من أجلها.ويوسف فهم ذلك جيدا، ولهذا أبعده بلطف.فهو لا يريد لأي شخص أو أي أمر أن يزعج راحة جده.قالت فادية بهدوء: "ارجع الآن."سقطت ملامح مالك في الإحباط على الفور: "فادية، أنا..
فتحت فادية عينيها، فإذا بها ترى شخصا لم يكن من المفترض أن يكون هنا.مالك…هو أيضا عاد إلى العاصمة؟لاحظت فادية تجهم ملامحه، فأدركت حينها أن الضربة التي وجهها الصحفي نحوها قبل قليل، قد أصابت مالك بدلا منها."أنت… بخير؟"استندت فادية إلى يوسف لتنهض بسرعة، وتقدمت بلهفة لتتفقد إصابة مالك.لكن قبل أن تقترب، استدار مالك بجسده الطويل العريض ليحجبها تماما خلفه.ثبت مالك بصره على ذلك الصحفي.أما الصحفي، فقد ارتبك منذ اللحظة الأولى.مالك…رغم أن وسائل الإعلام نادرا ما تغطي هذا المسؤول الجديد لمجموعة الراسني، لكنه، بصفته إعلاميا، كيف له ألا يعرف الراسني الثالث؟هو قد يتجرأ على استفزاز عائلة الهاشمي، لكن مجموعة الراسني، وبالأخص الراسني الثالث، لم يكن ليتجرأ على مسهم.وما إن أدرك أن ضربته قد سقطت على رأس الراسني الثالث، حتى ارتبك وبدأ يبرر بخوف: "الراسني الثالث، لم أقصد إصابتك، كنت فقط أريد أن ألقن…""أنت… تلقنها درسا؟"اشتد برود عيني مالك فجأة."نعم…" ثم تنبه الصحفي لما قاله بسرعة، فغير كلامه على الفور: "لا، لا، أنا… لم أقصد… أنا…"عادة ما يكون هذا الصحفي بارعا في الكلام، لكنه أمام الراسني الثالث
سلمت فادية صندوق الرماد إلى يوسف. ثم استدارت عائدة، وخطت خارج بوابة قصر الهاشمي، متجهة مباشرة نحو الصحفيين.ذلك الحضور الطاغي الذي أقبلت به، جعل حتى وميض الكاميرات يتوقف لحظة.وما إن أدرك الصحفيون ما يحدث، حتى وجهوا عدساتهم نحو فادية، وكأنهم لا يريدون أن يفوتوا أي تفصيل من حركتها.وبين جميع العيون الموجهة إليها، ثبتت فادية نظرها على صحفي رجل وسط الحشد.وسألت: "السؤال قبل قليل، أنت من طرحه؟"مجرد نظرة واحدة، جعلتها متأكدة أنه هو!وقبل أن يجيب، انتزعت الميكروفون من يده، ونظرت عمدا إلى الشعار المطبوع عليه."الريادة للإعلام..."لقد سمعت عن هذه الريادة للإعلام.إنها أكثر وكالة صحفية بلا ضمير في البلاد، بارعة في تلفيق القصص والافتراءات، لا يهمها سوى جذب المشاهدات، ولو بالكذب والتضليل.وصمة عار في الوسط الإعلامي."هه..." ابتسمت فادية بخفة، دون أن تخفي احتقارها.تغير وجه الصحفي.قبل أن تقول فادية شيئا، شعر بالإهانة."أيها الصحفي من الريادة للإعلام، من أين استنتجت أنني آذيت الشيخ الهاشمي؟ وكيف افترضت بكل يقين أن السيد يوسف وأنا متواطئان؟ هل تحققت من ذلك؟ هل أجريت مقابلات أو دلائل؟"وجهت الميكرو
"ضحى جدي بحياته من أجل أختي فوفو، فلا تجعلوا الأمور أصعب عليها!"قالت جنى وكأنها تحذر.لكن الحاضرين التقطوا سريعا المعنى المخفي في كلامها."آنسة جنى، هل تقصدين أن الشيخ الهاشمي توفي بسبب هذه الحفيدة المتبناة الجديدة؟""ما الذي جرى بالضبط؟ هل يمكن أن نفهم أن موت الشيخ كان بسببها؟ أنها هي من تسببت بموته؟"تابع الصحفيون أسئلتهم بلا هوادة.وكانت أسئلتهم أكثر حدة من ذي قبل.وهذا تماما ما كانت جنى تريده.فقد دفعت فادية بسهولة إلى حافة الخطر، لكن لم يكن مسموحا لأحد أن يرى نواياها الحقيقية مهما حاول.وحين لاحظت إلحاح الصحفيين، سارعت جنى لتوضيح: "ليس الأمر كما تظنون، لا تسيئوا الفهم."بدت صادقة وكأنها "تحمي" فادية.لكن الصحفيين الذين التقطوا رائحة أمر غير طبيعي، كيف يقبلون بتبرير عابر منها؟خصوصا أن صاحبة الشأن موجودة هنا، فلا بد من انتزاع خبر كبير.لذلك تجاهلوا جنى، وصوبوا أنظارهم مباشرة نحو فادية."مات الشيخ الهاشمي بسببك، هل أنت من قتله؟" سألوا بلهجة قاسية.ومضات الكاميرات المتتالية أوجعت عيني فادية.وفي ذهنها ارتسمت صورة جدها وهو يقف أمامها ليحميها، فارتجفت عيناها قليلا، وقد التقط الصحفيون







