Compartir

‫الفصل 6‬‬‬‬‬‬‬

Autor: القرع المر المقلي مع البيض
توقفت يد أمينة وهي تهمّ بفتح الباب.

كانت هي من أنقذت هاشم، فكيف أصبحت ندى هي المنقذة؟

انطلق صوت ندى الخجول من داخل الغرفة:

"في الأصل، يا هاشم، أنت علِقت في الجبل لأنك كنت تريد أن تهديني الثعلب الأبيض، فكان من الطبيعي أن أنقذك... لكن..."

خفت بريق عيني ندى وقالت بصوتٍ منخفض:

"يا هاشم، لم يكن عليك أن تهديني الثعلب الأبيض لتواسيني، أنا أعرف في قرارة نفسي أنك تحب أختي أكثر، ولهذا عندما خُطفت أختي في الماضي، خاطرتَ بحياتك لإنقاذها..."

"ليس الأمر كذلك أبداً!"

انفجر صوت أحد إخوة هاشم بانفعال:

"حادثة الخطف تلك كانت من تخطيط هاشم نفسه!"

"ماذا؟!" رفعت ندى رأسها بصدمة.

واصل الأخ كلامه بتذمر:

"في ذلك الوقت، أراد هاشم أن يجعل عمّك الشماري وزوجته يعرفان من هي ابنتهما الحقيقية التي يحبّانها فعلاً، فاستأجر أشخاصاً ليتظاهروا بأنهم خاطفون ويخطفوك أنتِ وأمينة."

"أما إنقاذه لأمينة فيما بعد، فكان تمثيلية مدروسة، فقط ليكسب قلبها ويجعلها توافق على الزواج منه طوعاً!"

"لكن لا تقلقي يا ندى، زواجه من أمينة كان فقط لمصلحة العائلة ومن أجلك، وقد قرر أنه سيتطلق منها قريباً!"

"أليس كذلك يا هاشم؟"

ساد الصمت للحظة في الغرفة، ثم جاء صوت هاشم هادئاً:

"نعم، هذا صحيح."

تراجعت أمينة بخطوة إلى الخلف، متعثرة.

إذن، حادثة الخطف تلك كانت مؤامرة منذ البداية.

كانت تظن أن ما فعله هاشم يومها كان من القليل من صدقه نحوها.

لكنها لم تكن تعلم أنه كان كذباً أيضاً.

اهتز هاتفها فقطع أفكارها.

أجابت، فسمعت صوت أمها بالتبني الحنون:

"ابنتي العزيزة، الطائرة الخاصة التي رتبتها ستغادر غداً ظهراً، لا تنسي أن تصلي إلى المطار في الوقت المحدد."

"حسناً يا أمي."

أنهت المكالمة، ورفعت نظرها نحو الرجل الواقف أمام باب الغرفة.

ثم ابتسمت بمرارة.

ربما هذا أفضل.

فهي لم تكن مدينة لهاشم بشيء أبداً،

وما بينهما لم يكن سوى عقد زواج لا معنى له.

لم يكن هناك شيء في الماضي،

ولا يوجد شيء الآن،

ولن يكون هناك شيء في المستقبل.

......

اقترب موعد الرحيل، فانشغلت أمينة بالتحضيرات.

بدأت أولاً بمقابلة المحامي لإتمام اتفاقية الطلاق، ثم ذهبت إلى نادٍ في وسط المدينة للقاء زميل قديم.

كان صديقها رجلاً أوروبياً، لكنه عاش سنوات طويلة في جمهورية الزهر، ويعمل في إدارة الأصول.

حين جاءت أمينة إلى جمهورية الزهر، خاف والداها بالتبني أن تتعرض للظلم، فأودعا باسمها عدداً من الأصول هناك.

مثل ساحة الصيد.

وحتى بعض كبار عملاء عائلة الشماري وعائلة فاروق، كانوا في الحقيقة تابعين لها.

لكنها لطالما فضلت البقاء متواضعة ولم تذكر ذلك لأحد.

والآن، بما أنها سترحل، كان لا بد أن توكل أحداً لإدارة تلك الأصول.

فلم تجد أفضل من زميلها القديم.

وعند لقاء الأصدقاء، كان لا بد من كأس نبيذ.

وبعد أن شرب صديقها قليلاً، تجرأ وسألها:

"أمينة، هل أنتِ متأكدة من رغبتك بإنهاء التعاون بين جميع شركاتك وعائلة الشماري وعائلة فاروق؟ أنت تعلمين أن هاتين العائلتين رغم شهرتهما، إلا أنهما في تراجع منذ سنوات."

"إذا قطعتِ التعاون الآن، فسيخسرون خسارة فادحة!"

أومأت أمينة قائلة: "نعم، أنا متأكدة تماماً."

أطلق صديقها صفيراً وقال:

"يستحقون ذلك! ليتعلموا ألا يستهينوا بمن أمامهم!"

وبما أن أمينة كان عليها السفر، أنهت اللقاء باكراً.

لكن أثناء نزولهما من الدرج، فقدت توازنها فجأة، فأمسك بها زميلها بسرعة وقال:

"عذراً."

كانت المسافة بينهما قريبة،

وحين رفعت أمينة رأسها لتنهض،

تفاجأت برؤية هاشم وإخوته يخرجون من قاعة مجاورة.

توقف الإخوة مذهولين،

ثم بدأوا يطلقون صفيراً مستفزاً.

"تبا، ما القصة؟ زوجتك يا هاشم مع رجل آخر؟!"

"تبا! ومع أجنبي كمان؟ مش معقول يا أمينة، ذوقك واسع فعلاً!"‬
Continúa leyendo este libro gratis
Escanea el código para descargar la App

Último capítulo

  • بعد مغادرتك، أدركت أنني أحبك   الفصل 25

    تجمدت أمينة في مكانها، لم تصدّق أن هاشم قد توفي حقًا.في مقبرةٍ في جمهورية الزهر.وقفت أمينة أمام شاهد القبر، تحدّق في صورة هاشم بالأبيض والأسود على الشاهد، وعيناها تحملان مزيجًا من المشاعر المتضاربة.لم تكن تتخيّل أن آخر لقاء بينهما قبل نصف عام سيكون الوداع الأخير بين عالمين.نظرت إليها الأم بالتبني وقالت بصوتٍ متردد:"أمينة، هل تلومينني؟ في ذلك الوقت، جاء هاشم يبحث عنك، وقال إنه لن يقبل العلاج بالخلايا الجذعية إلا إذا وافقتِ على إنجاب طفلٍ له.""لكنّكِ قلتِ حينها إنك لا تريدين أن يكون لكِ أي علاقةٍ بحياته أو موته، فقررتُ من تلقاء نفسي ألا أخبركِ بالأمر. إن كنتِ ستلومين أحدًا، فلتلوميني أنا."استفاقت أمينة من شرودها، وابتسمت للأم بالتبني قائلة:"أمي، لا تقولي هذا الكلام. لقد كنتِ واضحةً جدًا في ذلك الوقت، وأنا من قلتُ بلساني إن موت هاشم لا علاقة له بي.""لذا، لم يكن هذا قراركِ، بل قراري أنا."ارتجفت نظرات الأم بالتبني وقالت:"وماذا لو كنتُ قد أخبرتكِ حينها بكلامه؟"أجابت أمينة بهدوء:"حتى لو كنتِ أخبرتِني، لما أنقذتُه.""ففي النهاية، حياته تخصّه هو، ولا يمكن أن تكون قيدًا يربطني به."

  • بعد مغادرتك، أدركت أنني أحبك   الفصل 24‬‬‬‬‬‬‬

    في اليوم التالي.في مملكة ألدريا.استيقظت أمينة للتو من نومها، ولم تتوقع أن تدخل أمها بالتبني فجأة إلى الغرفة وعلى وجهها ملامح معقدة.رفعت أمينة رأسها وقالت: "أمي، هل حدث شيء؟"ترددت الأم بالتبني قليلًا، ثم قالت بصوت منخفض:"هناك رسالة من جمهورية الزهر، هاشم طلب مني أن أنقلها إليك."تجمدت أمينة للحظة، لكنها سرعان ما قالت بحزم دون تردد:"لا أريد أن أسمع شيئًا."نظرت إليها الأم بالتبني بعينين مترددتين وقالت:"أمينة، هل أنتِ متأكدة؟"في الحقيقة، عندما علمت الأم بالتبني أن هاشم يريد أن يبعث برسالة إلى أمينة، كانت هي الأخرى تنوي رفضها فورًا.لكن عندما سمعت محتوى الرسالة، أصيبت بالذهول.لم تتوقع أن هاشم قد أصيب بمرض خطير لا شفاء منه، والأدهى من ذلك أنه أعلن أنه لن يقبل العلاج بالخلايا الجذعية إلا إذا عادت أمينة إلى جانبه.كان هذا بمثابة ابتزاز عاطفي، يضع أمينة على قمة جبل من الأخلاق لتُجبر على العودة إليه.في البداية لم تكن الأم بالتبني تنوي إخبارها بذلك، لكنها فكرت أن الأمر يتعلق بحياة إنسان، وخافت أن تندم أمينة لاحقًا إن علمت بالأمر، فقررت أن تخبرها.قالت لها:"الأمر يتعلق بحياة هاشم، هل أ

  • بعد مغادرتك، أدركت أنني أحبك   الفصل 23‬‬‬‬‬‬‬

    نُقِل هاشم إلى المستشفى لإجراء الفحوصات، وكانت النتائج صادمة للجميع.فقد تبيّن أنّ هاشم مصاب بالسرطان.وكان هذا النوع من السرطان خفيًّا للغاية، لذلك اكتُشف في مرحلة متأخرة.بدت ملامح الطبيب ثقيلة وهو يتحدث قائلًا:"سيد هاشم، أفضل علاج متاح حاليًا لهذا النوع من السرطان هو العلاج بالخلايا الجذعية. من الأفضل أن يكون لديك طفل، حتى نتمكن من الحصول على بعض الخلايا الجذعية أثناء فترة الحمل لعلاجك.""لا تقلق، فلن يتأثر الطفل بأي ضرر."تجمّد هاشم في مكانه، بينما كان والداه البيولوجيان وندى قد وصلوا مسرعين إلى المستشفى.وبمجرد أن علمت ندى بإصابة هاشم بمرضٍ قاتل، فقدت السيطرة على نفسها تمامًا، ولم تعد تفكر في الخلافات السابقة بينهما، فسارعت تقول بانفعال:"سأنجب لك طفلًا!" أمسكت بيده بقوة وهي تتابع:"هاشم، لستَ مضطرًا للزواج بي، ولا لقطع أي وعد، فقط دعني أنجب لك طفلًا، أريد أن أنقذ حياتك!"كانت كلماتها صادقة تمامًا في تلك اللحظة. فهما كانا رفيقي طفولة، ورغم كل حساباتها السابقة، إلا أن مشاعرها تجاهه كانت حقيقية.كانت مستعدة لفعل أي شيء من أجل إنقاذه.لكنها لم تتوقع أن يمد يده ببرود ويقول:"لا أريد

  • بعد مغادرتك، أدركت أنني أحبك   ‫الفصل 22‬‬‬‬‬‬‬

    فيما يخصّ حادثة الاختطاف التي وقعت في تلك السنة، لم يكن هناك سوى قلّة قليلة تعرف الحقيقة الكاملة.حتى إخوة هاشم كانوا يظنّون أن تلك العملية كانت من تخطيطه هو.لكنّ الأمور لم تكن بتلك البساطة.في البداية، كان هاشم قد خطّط فعلاً لعملية اختطاف مزيّفة، غير أنّ الخطة انقلبت رأساً على عقب في منتصف الطريق.فقد علمت مجموعة من الخاطفين الحقيقيين بما خطّط له، فهاجموا الخاطفين المزيّفين وطرحوهم أرضاً، ثم اختطفوا ندى وأمينة فعلاً.لذلك حين اختار أبوا ندى أن تغادر ندى، كانت أمينة في خطر حقيقي، إذ كان أولئك الخاطفون الأشرار ينوون قتلها بوحشية.وعندما علم هاشم بالأمر، اندفع إلى وكر الخاطفين غير آبه بحياته، تلقّى ثلاث طعنات وكاد يفقد حياته، لكنه أنقذ أمينة في النهاية.تذكّر تلك الأحداث القديمة جعله يغرق في لحظة من الشرود.على مدى هذه السنوات، كثيراً ما سأل نفسه: لماذا خاطر بحياته من أجل إنقاذ أمينة؟كان يجيب نفسه دائماً بأن السبب هو أنّ الخطة كانت فكرته منذ البداية، ولو ماتت أمينة بسببها، فسيعيش مذنباً إلى الأبد، ولن يستطيع مواجهة عائلة فاروق ولا عائلة الشماري.لكن في أعماقه كان يعلم أنّ هذا ليس السبب

  • بعد مغادرتك، أدركت أنني أحبك   ‫الفصل 21‬‬‬‬‬‬‬

    تغيّر وجه هاشم في تلك اللحظة."انتظري، أمينة، هل تعلمين..."قاطعته ببرود: "نعم، أعلم كل شيء."تابعت أمينة بصوتٍ بارد:"أعلم أنك تزوجتني فقط من أجل العائلة، وأعلم أيضًا أنك كنت تنوي منذ البداية أن تطلقني، لتجعلني امرأةً مهجورة، عقابًا لي لأنني أخذت مكان ابنة عائلة الشماري، لكن يا هاشم..."ارتسمت على وجهها ابتسامة مريرة وقالت:"أريد أن أسألك سؤالًا واحدًا فقط: عندما ضعت وأنا صغيرة، هل كان ذلك خطئي؟ وعندما أعادتني عائلة الشماري قبل أربع سنوات، هل كان ذلك برغبتي؟ حتى زواجنا، كان قرارًا بين عائلة الشماري وعائلة فاروق، فما علاقتي أنا بكل هذا؟""من البداية إلى النهاية، كل شيء كان بإجبار منكم، فلماذا في النهاية تلقون اللوم عليّ؟"نظرت أمينة إلى هاشم وسألته أخيرًا السؤال الذي ظلّ يؤلم قلبها:"هاشم، ما هو الخطأ الذي ارتكبته بحقك؟"نظر إليها، إلى وجهها الشاحب، وشعر وكأن قلبه يُمزّق من الداخل."ليس كذلك، أمينة، اسمعيني أنا..."فتح فمه ليشرح، لكنه لم يستطع أن ينطق بكلمة واحدة.أما أمينة فلم تعد ترغب حتى في النظر إليه.قالت بهدوء خالٍ من الحقد واللوم:"أعلم أنه قبل مجيئي، أنت وندى ووالديّ الحقيقيين،

  • بعد مغادرتك، أدركت أنني أحبك   ‫الفصل 20‬‬‬‬‬‬‬

    "ماذا قلت؟!"تغيّر وجه هاشم في تلك اللحظة.بدأ الطبيب يتلعثم وهو يروي ما حدث في ذلك اليوم.وحين أنهى كلامه، سارع لتبرير نفسه قائلًا:"سيد هاشم، لم أُخفِ الأمر عنك بإرادتي، لكن اشترت السيدة المستشفى بالكامل، ولم يكن أمامي إلا أن أطيع أوامرها، فلم أجرؤ على إخبارك بشيء."حاول الطبيب بكل قوته الدفاع عن نفسه، لكن هاشم لم يعد يسمع شيئًا.تراجع خطوة إلى الوراء مترنحًا، وأخيرًا أدرك الحقيقة—أمينة، هل كانت تنوي الطلاق منذ ذلك الحين؟ولكن لماذا؟ما الذي جعلها تصر فجأة على الرحيل؟لم يعد الرجل قادرًا على الاحتمال، فتوجّه إلى الفندق الذي تقيم فيه أمينة.انتظر هناك ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ، حتى جاء اليوم الذي كانت فيه أمينة ومن معها يستعدون لمغادرة جمهورية الزهر.وعندما رآه الزوجان لينك، حاولا استدعاء الحراس فورًا.لكن أمينة أوقفتهم قائلة:"دعاني أتحدث معه وحدي."تقدّمت نحوه، فرأت وجهه مغطى بلحية غير مرتبة، وعينيه حمراوين من السهر."أمينة..."قال هاشم بصوت مبحوح حين رآها."دعينا نبدأ من جديد، أرجوكِ." أعدك أن أكون زوجًا أفضل، وسأعبّر لك عن حبي كل يوم... فقط لا تتركيني."خلال الأيام الماضية فكّر هاش

Más capítulos
Explora y lee buenas novelas gratis
Acceso gratuito a una gran cantidad de buenas novelas en la app GoodNovel. Descarga los libros que te gusten y léelos donde y cuando quieras.
Lee libros gratis en la app
ESCANEA EL CÓDIGO PARA LEER EN LA APP
DMCA.com Protection Status