Share

الفصل 2

Author: أَلُوت
كانت ماري مرهقة من شدة البكاء، وحين كانت ترتدي بيجامتها، رأت كدمة كبيرة على بطنها، سببتها لكمة زوجها لها هذا الصباح. انهمرت دمعة على وجنتها، ولكنها اختارت ألا تفكر في هذا الأمر مجددًا، فتلك ليست أول مرة يحدث فيها هذا، ولذا فرؤية جسدها بتلك الكدمات ليس بأمرٍ جديد. أخذت تذكر نفسها أن كل ذلك من أجل جدها، فلم يكن بإمكانها أن تخذله.

وحين نامت أخيرًا، راودها كابوسٌ مرعب. أخذت ترى مشاهد مما قد تؤول إليه حياتها، كانت مشاهد قصيرة، ولكنها تركت فراغًا في قلبها. لم تكن حياتها ستتغير للأفضل، بل على النقيض، وبرغم كل ما تبذله من جهد، كانت سينتهي بها الأمر وحيدةً بدون عائلتها، وكان جدها سيموت بالسجن، بينما سيعيش ماكسيموس وأليكسيا بسعادة بعد أن يسلموا عائلتها للسفارة، وسينتهي بها الحال كمتشردة جائعة في الشارع، لا تملك ما تطعم به طفلها.

"آه!" صرخت مستيقظةً من نومها.

أيقظها هذا الحلم المفاجئ في الخامسة صباحًا، فقد مات صغيرها في الحلم من شدة الجوع والبرد في الخامسة مساءً، وبغض النظر عن مدى توسلها المساعدة، لم يأت أحد لمساعدتها، كان هذا ما استطاعت تذكره. نظرت إلى ذراعيها، وتساءلت من هو هذا الطفل، وكيف انتهى بها الأمر بهذا الوضع المزري؟

وبعد أن فكرت بالأمر لبضعة دقائق، أيقنت أن هذا الطفل ليس ابن ماكسيموس، فهو لم يسبق أن عاملها كزوجته وبالتالي لم يقترب منها، بل في الحقيقة، كان قد أخبرها مباشرةً أنه ينفر منها، فمحال أن يكون أبو الطفل.

"أوه يا ماري! أنت تفقدين صوابك وتحلمين بأشياءٍ من المستحيل حدوثها، فعلى الأرجح ستموتين كامرأةٍ مسنةٍ نسي الجميع أمرها في هذا المنزل." أخبرت نفسها ريثما كانت تغتسل.

كانت الساعة قد أوشكت على السابعة صباحًا بحلول وقت مغادرتها غرفة النوم. توجهت للمطبخ، فاليوم هي تشتهي القليل من القهوة التي كانت تعدها في منزلها السابق، ولذا وضعت ركوة القهوة على النار، ووضعت بها بعض القرفة لتغلي، وبينما هي تنتظر غليان الماء، دخلت إيما المطبخ.

"سيدتي، هل أنت على ما يرام؟ أمرني السيد بالأمس أن أغادر، فلم أستطع البقاء معك."

"نعم يا إيما، كل شيء على ما يرام، أريد اليوم أن أتناول إفطارًا يشبه هذا الذي كنت أتناوله في بلادي، ولذا أعددت بعض القهوة. أتريدين مشاركتي بعد أن يغادر ماكسيموس؟"

"حسنًا يا سيدتي!" أجابتها إيما رغم أنها كانت لا تزال قلقة بعض الشيء.

ابتسمت ماري، وشعرت أن إيما لم تقتنع بإجابتها. ملأت رائحة القهوة الطابق الأول من المنزل بأكمله، وسكبت لنفسها كوبًا، ثم خرجت للحديقة وجلست على الطاولة بالخارج. كانت تعتزم تأمل الحديقة والاستغراق في التفكير، فاليوم بالذات لم ترد تناول الإفطار مع زوجها، ولذا قررت الانتظار بالخارج حتى ينتهي من طعامه ويغادر، أو هذا ما كانت تتخيل أنه سيحدث.

كان ماكسيموس قد دخل من إحدى البوابات للتو بعد ذهابه للركض، فالحلم الذي راوده بالأمس قد أربكه، فقرر الاستيقاظ باكرًا ليشتت نفسه. وحين عاد، لاحظ رائحة القهوة اللذيذة أو شيءٌ آخر، فذهب إلى المطبخ قبل أن يستحم ووجد إيما.

"يا لهذه الرائحة اللذيذة، إيما! ما نوع القهوة التي اشتريتها؟"

"أوه يا سيدي! إنها قهوة السيدة ماري، لقد استيقظت باكرًا وأعدتها."

"هل استيقظت ماري؟"

"نعم، في الحقيقة، إنها في الحديقة الآن. لقد سكبت لنفسها كوبًا من القهوة وأخبرتني أنها ستحتسيه بالخارج." قالت إيما مشيرةً إلى الطاولة بالحديقة.

لم يستطع ماكسيموس منع نفسه من النظر إلى زوجته الصغيرة المتكورة على كرسي الحديقة. كانت تولي النافذة ظهرها، ولذا لم تر ماري من يطالعها. "حسنًا، أعتقد أننا سنتناول الإفطار في الحديقة اليوم."

"أتريدني أن أحضر إفطارك في الحديقة إذًا؟"

"نعم، رجاءً!"

"حسنًا يا سيدي!"

"سأنزل بعد قليل، لدي اجتماع بالتاسعة اليوم ولذا أستطيع المغادرة متأخرًا قليلًا اليوم."

"جيد جدًا يا سيدي، سأحضر لك إفطارك."

وبدون المزيد من التفكير، ذهب ليستحم، ثم خرج بهيئة رجل الأعمال تلك التي تعرفها زوجته جيدًا. كانت ماري تستمع إلى الموسيقى، شاردةً في ذكرى ذلك الحلم الذي راودها بالليلة الماضية. قاطع تفكيرها رائحة نعناع وحمضيات مألوفة .

فتحت عينيها لتجد ماكسيموس، يجلس على الطاولة ويقرأ الأخبار، بينما يرتشف من كوب القهوة. كانت تلك اللفتة لتكون رائعة من بضعة ساعاتٍ فقط، ولكن الأمور الآن اختلفت. حين رأته، لم تراودها سوى رغبة في البكاء، لكنها لم تستطع أن تمنحه ما يريد من الرضا ببكائها، ولذا أغلقت عينيها مجددًا، ورفعت صوت الموسيقى على هاتفها، متظاهرةً أن لا أحد هنا.

شعر ماكسيموس بالغضب إثر محاولتها تجاهله، ولكنه كان كذلك متفهمًا أن هذا هو المتوقع، فرغم عدم إحداثها جلبة بالأمس، إلا أنه يعرف جيدًا أنها كانت مستاءة، فبعد كلٍ، لقد استخدم القوة مجددًا لتهدئتها.

"سيدي، ها هي قهوتك!"

"لديه بالفعل كوبًا من القهوة يا إيما، فقد سرق قهوتي، أيمكنك إعطائي هذا الكوب؟"

لم تعرف إيما كيف ينبغي عليها أن تجيب حتى أشار لها ماكسيموس بإعطائها الكوب.

"سأعود بإفطاركما."

قالت ماري: "إيما، أنا لا أريد سوى القهوة الآن."

"أمرك يا سيدتي."

قاطع ظهور زوجها ذلك الهدوء الذي كانت ماري تتحدث به مع إيما منذ قليل، ولذا لم تطل إيما الحديث وعادت لهما بطبقٍ من الفاكهة، وبعض التوست من أجل ماكسيموس. استمرت ماري في الاستماع للموسيقى واحتساء القهوة، بدون أن تحدث ماكسيموس بكلمة.

وحين نفد صبر ماكسيموس من لا مبالاتها، أخرج من محفظته بطاقة بنكية، وأعطاها لها قائلًا: "أعرف أن ما رأيته بالأمس لم يكن صحيحًا، ولكنك تعرفين كذلك أنني لا أحبك، لطالما عرفت هذا منذ البداية، ولكنك قبلت عرض جدتي على أي حال، لذا فلنبق الأمور كما هي."

"لا أريد تعويضًا للكمة التي لكمتها لي بالأمس، لكن أتعرف ما الذي أريده حقًا؟ هل تعرف؟" قالت ماري وقد انهمرت الدمعة التي كانت تحبسها بصعوبةٍ من عينها.

"ما هو؟ أخبريني!" كان ماكسيموس يأمل أن تكون رغبتها مادية كي يستطيع تلبيتها، وبهذا يرضي ضميره قليلًا.

"أريد الطلاق!" صرخت ماري بما اعتقدت أنها لن تقوله يومًا.

كاد ماكسيموس يختنق برشفة القهوة التي شربها ما إن سمع ما قالته زوجته.

"ما الذي قلته للتو؟ هل أنت على ما يرام؟ لقد كافحت كثيرًا من أجل هذا، ولكنك الآن تريدين (الطلاق)؟"

"ماكسيموس، أنت لا تحبني، وهذا واضح، وقد سئمت الأمر. أنا حقًا أطلب منك الطلاق، فنحن متزوجان منذ ثلاث سنوات، وهذه الزيجة لم ولن تنجح أبدًا." قالت ماري والدموع تنهمر من عينيها.

كانت إيما تشاهد الأمر من نافذة المطبخ، ولم تكن تعلم ما يدور بينهما من محادثة، ولكنها كانت تشعر بأنه شيءٌ لم يعجب السيد ماكسيموس، وكانت إيما على استعداد لتهرع لمساعدة ماري إن تجرأ ماكسيموس على ضربها مجددًا.

"أطلب من مساعدتك إعداد اتفاقية طلاق، اكتب فيها ما تريد وما يلائمك، وسأوقعها اليوم، وإذا كان ممكنًا فلنذهب للسجل المدني اليوم لننهي الأمر."

"أتعتقدين أن الأمر بتلك السهولة؟ مجرد إعداد اتفاقية طلاق وتوقيعها؟ لا يا ماري، إذا فعلت ذلك فستلومني جدتي وحينها ستلعبين دور الضحية كما تفعلين دائمًا."

عقد لسان ماري، أليست هكذا هي علاقتهما؟

فبالأمس، أمسكت به يخونها مع أليكسيا بمكتبه، وبدلًا من أن يفسر لها الأمر، لكمها بقوةٍ في بطنها ثم منعها من الذهاب للشركة.

قالت ماري وهي تنهض من على الطاولة للمغادرة: "أريد الطلاق، لا أكترث بالحديث مع جدتك اليوم، قم بإعداد تلك الوثيقة اللعينة، وسأوقعها."

"ماري!" صرخ بها ماكسيموس.

"لقد أخبرتك بالفعل، سأتحدث مع جدتك اليوم، وبحلول المساء، أتوقع أن تكون وثيقة الطلاق جاهزة للتوقيع، وإلا فسأعدها بنفسي، فيجب أن نتطلق قبل الاحتفال السنوي لتأسيس شركتك."

وقف ماكسيموس وأسرع لإيقاف ماري، ومهما أسرعت في المشي فخطاها لم تكن ندًّا لخطاه. كان غاضبًا، وجذبها من ذراعها ساحبًا إياها للخلف، حتى كادت تقع، فهرعت إيما التي كانت تشاهد الأمر لمساعدتها.

ولكنها عندما وصلت، رأت أن ماكسيموس الذي كانت عيناه تشع غضبًا منذ لحظة كان الآن يحتضن ماري.

"نحن لن نتطلق، عليك أن تفهمي هذا جيدًا، ولن أعد أي وثيقة. هذا بيتك، وأنت زوجتي، وأنا لن أتخلى عنك."

كانت ماري في حيرة من أمرها، ألم يكن الطلاق هو ما أراده بشدة؟ فلم تطلب منه الطلاق الآن بينما يرفضه؟

"اتركني أيها الحقير! أريد الطلاق! أخبرتك بالفعل أنك ستكون حرًا في فعل ما تشاء، فلا أفهم لما ما زلت تتظاهر رغم معرفة الجميع بالأمر؟"

حينما رأى إصرارها، حل ماكسيموس قبضته عنها وتركها مغادرًا البيت بغضب. وحاول جاهدًا ألا يستدير للنظر إلى زوجته، لأنه يعلم يقينًا أنه إن فعل فلن يتمالك نفسه وقد يخنقها حتى، فتلك الفتاة لديها القدرة على جعله يفقد صوابه بسهولة، ولذا قرر المغادرة فورًا.

"سيدي، كان خطئي بالأمس أن السيدة ماري بلمير رأتك بهذا الموقف، كنت أتدبر بعض الأمور مع المساعدين الآخرين، وحينها أتت هي بلا إشعارٍ سابق. أعتذر على سوء الفهم." قال ماثيو محاولًا توضيح ما حدث بالأمس.

"لا داعي لاعتذارك، فما رأته ماري بالأمس سرّع الأمور." قال ماكسيموس بنبرةٍ جادة ولكنها تخلو من الغضب.

وقفت ماري بالحديقة تشاهد زوجها وهو يغادر، وانهمرت الدموع من عينيها كالشلال. أخيرًا قالت ما ظنت أنها لن تقوله أبدًا! شعرت بألمٍ يمزق قلبها، وحاولت التنفس بصعوبة، ولم تستطع إلا أن تهوى متمددةً على الحشائش، ركضت إيما لمساعدتها على النهوض والعودة لغرفتها.

"سيدتي، تحتاجين للراحة. ربما تعانين من الإجهاد فقد مررت بالكثير مؤخرًا. يجب أن تحاولي الهدوء والراحة. يمكنني إحضار إفطارك إلى الغرفة إن لم تتمكني من الخروج."

"لا شهية لي، أعتقد أن هذا الشجار قد أفقدني شهيتي. أيمكنك تركي لأنام قليلًا؟"

"بالطبع يا سيدتي! سأكون بالأسفل، راسليني إن احتجت شيئًا وسآتي على الفور."

قالت ماري بنعومة: "شكرًا يا إيما."
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • حبي حتى الوداع الأخير   الفصل 100

    اتجه بيتر وكاترين إلى المطار مباشرةً ما إن غادرا غرفة الاجتماع، وهناك كان رجال ماركوز بارتز بانتظارهما. لم تكن كاترين على ما يرام، ولكنها ارتدت قناع الشجاعة. بمجرد أن استقلا الطائرة الخاصة، وجدوا ماركوس جالسًا فيها يتفقد بريده الإلكتروني. قالت كاترين بنبرةٍ ضعيفة: "عزيزي ماركوس! شكرًا لأنك انتظرتنا."أجابها ماركوس محدقًا خارج النافذة: "لا داعي لشكري! بل هذا من دواعي سروري، كما أنني سأذهب لفلورنتيا كذلك."قالت كاترين واضعةً بطانية فوق كتفيها: "اعذراني، فأنا متعبة قليلًا. أعتقد أنني سأستريح حتى نصل."سرعان ما نامت كاترين بعمق، وبدأ ماركوس وبيتر في مناقشة أحداث اجتماع اليوم. "هل كنت تعلم بأي من هذا يا ماركوس؟"نظر ماركوس إلى عينيه مباشرةً وقال مغلقًا حاسوبه: "لا، ولكن هذا يفسر سبب اهتمام الجدة الكبير بشفائي."سأله بيتر: "هل أنت متأكد أنك لا تريد العودة؟""لا أريد العودة تمامًا. تعلم أن هناك فدية على رأسي، وإذا عدت، فسيقوم ذلك الحقير فرانك ليفيت بإرسال رجاله خلفي.""إنه لأمرٌ غير معقول أن يكون هذا الرجل لا يزال على قيد الحياة، وهو من القضاة الأعلى شأنًا في فاليريا.""لم يعد هناك ما يفاجئ

  • حبي حتى الوداع الأخير   الفصل 99

    سأله بيتر: "هل أنت ذاهب إلى فلورنتيا؟""نعم، سأتوقف بها قبل العودة إلى المنزل. إذا كنت في عجلة من أمرك، فبإمكاننا الذهاب معًا وإنهاء تفاصيل نقل الملكية."غادر ماركوس المكتب بعد ذلك مغلقًا الباب بعده، وحينها بدأ الشجار الحقيقي."ما الذي تفكرين به يا جدتي؟ تحضرين شخصًا ما إلى هنا وقد لا يكون حتى من عائلة بارتز!"سألته جدته بغضبٍ واضح: "هل تقصد أنني كاذبة يا ماكسيموس؟""لا تنكري يا أمي أن الظهور المفاجئ لهذا الرجل الغامض يعد أمرًا مثيرًا للشك!""هل أنت حقًا تصدق ما يقوله ابنك يا ليونارد؟"قال ليونارد بحيرة: "لم أعد أعرف ما الذي يجب عليّ تصديقه يا أمي.""بيتر أيها الأحمق اللعين! ألعن اليوم الذي أصبحت فيه أخي! أنت خائن لعين!""ماكسيموس!" سقطت كاترين بمجرد أن صرخت.صرخ بيتر وهرع لمساعدتها: "جدتي!"كان من الصادم أن ترى حفيدها الأكبر، المعروف عادةً باتزانه، يفقد السيطرة تمامًا ويثور غاضبًا على شقيقه الأصغر.قالت كاترين بضعف: "احضر لي بعض الماء يا بيتر."أجلسها بيتر على كرسي، وأسرع بسكب كوبٍ من الماء لها. رغب للحظةٍ بضرب ماكسيموس، ولكنه تمالك نفسه حين رأى جدته في تلك الحالة الضعيفة.وبخه ليونار

  • حبي حتى الوداع الأخير   الفصل 98

    بعد سماعهم ما قالته الجدة كاترين، كان ليوبارد غاضبًا، وماكسيموس لم يستطع تصديق ما سمعه، أما بيتر، فابتسم ببساطة.قال ماكسيموس بغضب: "ما الذي تضحك عليه يا بيتر؟""أضحك على حقيقة أن طليقتك المستقبلية سيصبح نفوذها أكبر مني ومنك."صاح ماكسيموس واقفًا ومشيرًا إليه بإصبعه: "أنت أحمق!"إذا لم تفصل بينهما طاولة الاجتماع، للكم ماكسيموس أخوه بيتر في وجهه."هل أنت مدركة للجهد الذي بذلته عائلة بلمير لبناء هذه الامبراطورية؟""أنا مدركة، ولكن هذا ليس إرثنا نحن فقط، بل يخص ماركوس وماري كذلك. كنت حمقاء إذ اعتقدت أنك ستتقبل الأمر. يمكنك تحدي قراري، ولكن الأمر قد تم قانونيًا.""سأقبل حصتي بنسبة 11% من الأسهم بامتنان. أشكرك يا جدتي! إذا انتهينا، فعلي المغادرة لألحق بطائرتي إلى فلورنتيا."قالت كاترين بهدوء: "كنت أعرف أنك ستتفهم الأمر يا بيتر."قال ماكسيموس وبالكاد يكبح غضبه: "لم يوافق بيتر إلا لأنه لم يعمل يومًا في حياته. كل ما يفعله هو إنفاق الأموال التي ترسلها له الشركة يوميًا.""أوه يا ماكسيموس! أنا لست بحاجة لتلك الشركة كي أعيش، فمنذ ذهبت إلى جاليا، تعلمت ألا أتوقع أي شيء من عائلة بلمير، ولذا فأنا حتى

  • حبي حتى الوداع الأخير   الفصل 97

    راقبت أورورا ماري وهي تدخل العيادة، وكان جسدها الصغير الضعيف يبدو ضئيلًا أمام المبنى الأبيض الكبير الذي يشع هدوءًا. كانت الحدائق المحيطة بالمكان تبعث على السكينة، لكن أورورا لم تستطع منع نفسها من القلق على صديقتها.تردّدت ماري عند المدخل، لكن يد أورورا الثابتة الممسكة بيدها منحتها الشجاعة للمضي قدمًا. في الداخل، تعجبت من همس الأصوات الهادئة ومشهد الناس يسيرون بسلام في الممرات. بدا الجميع طبيعيين، وكان أغلبهم مبتسمين. لم يكن هذا مكانًا لمعالجة الأجساد، بل ملاذاً للقلوب المنكسرة.استقبلتهما الطبيبة هيل بابتسامة دافئة ونبرة مطمئنة تعكس هالة من الحكمة والاحتواء، وقالت: "مرحبًا بك يا ماري. أنا سعيدة جدًا لأنك هنا. دعينا نقوم بتسجيل دخولك ونرتّب لك الأمور."ورغم تردد ماري، إلا أنها أومأت برأسها وتبعتها. رافقتها أورورا في الإجراءات الرسمية، ووقعت الأوراق وتأكدت من أن ماري تعلم أنها ليست وحدها. وعندما حان وقت رحيل أورورا، تعانقت الصديقتان بحرارة.وعدتها أورورا بصوتٍ واثق: "سأزورك بقدر ما أستطيع. تذكّري أنك أقوى مما تعتقدين، وأنك ستتجاوزين هذا."راقبت ماري صديقتها وهي تغادر، وشعرت بألم الهجران

  • حبي حتى الوداع الأخير   الفصل 96

    جلس ليونارد وماكسيموس مذهولين في صمتٍ بينما تعانق كاترين ماكسيموس بارتز بحرارة، ذلك الرجل الغامض الذي دخل الغرفة بسلطةٍ تحيط به، إلا أنهم ما زالوا لا يعلمون صلته بالعائلة.قال ماركوس بأريحية: "سأعترف يا بيتر، لقد شككت بحضورك الاجتماع حين أخبرتني جدتي."أجابه بيتر بنبرةٍ دافئةٍ ومماثلة: "ماركوس! يالها من مفاجأة رائعة أن أراك مجددًا يا أخي."قاطعتهما كاترين بفضول: "أخي؟ كيف تعرفان بعضكما البعض؟"قال ماركوس: "تقابلنا في مستشفى."قاطعه بيتر بسرعة: "أعتقد أن علينا الذهاب إلى غرفة الاجتماعات."وافقته كاترين قائلة: "نعم، أنت محق. والآن طالما جميعنا هنا، لنبدأ. عزيزي ماركوس، أحتاج أن نكون نحن الخمسة وفريدريك فقط في هذه الغرفة، أتمانع أن ينتظر رجال حراستك في الخارج؟""بالطبع لا!" استدار ماركوس إلى رجاله قائلًا: "انتظروني هناك رجاءً، وسأعلمكم إذا احتجت شيئًا."انتقلت المجموعة إلى غرفة اجتماعات واسعة حين تمركز حراس الأمن بالخارج. جلست كاترين عند رأس الطاولة، على جانبها ليونارد وماكسيموس في ناحية، وماركوس وبيتر في ناحيةٍ أخرى. تحدث ماركوس وبيتر كأصدقاء قدامى، مناقشين أمور العمل والاستثمار، وتذكر ب

  • حبي حتى الوداع الأخير   الفصل 95

    استيقظ بيتر مبكرًا ليُحضّر أغراض ماري استعدادًا لإقامتها في العيادة. انفطر قلبه حين رآها على هذه الحال، لكنه كان على علم أنه ليس بمقدوره تقديم المساعدة التي تحتاجها. فكان لا بدّ أن تأتي تلك المساعدة من خبراء، من خلال العلاج والوقت. أصرت أورورا -أقرب صديقة لماري- على أن تكون جزءًا من هذه المرحلة، وأن ترافقها.قالت أورورا وهي تطمئنه: "لا تقلق يا بيتر. سأصطحبها وأهتم بكل شيء. وقّع فقط على استمارة الدخول التي كتبها الطبيب، وسأتولى أنا الباقي."وقبل أن يهمّ بيتر بالمغادرة، تلقّى رسالة من كاترين، تحثّه فيها على القدوم إلى فاليريا بأسرع ما يمكن. حيّرته نبرة الاستعجال في طلبها، لكنه كان يعلم أن جدته لا تطلب شيئًا من فراغ، وإذا وضعت خطة، فهناك بالتأكيد سبب وجيه وراءها.دخلت أورورا غرفة ماري بخفة، فوجدتها جالسة على حافة السرير. كانت قد ارتدت بلوزة فضفاضة بلون البيج، وبنطالًا أبيض واسعًا، مع حذاء مسطح بلون مماثل. كانت ضفائرها مجدولة بإتقان. تألم قلب أورورا عندما رأت عيني صديقتها المتورمتين والحمراوين من كثرة البكاء، ووجهها المبلل بآثار الدموع، ومع ذلك، استقبلتها ماري بابتسامة باهتة دافئة."هل اضط

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status