Share

الفصل2

Author: محبة الليتشي
لم تمكث نورا طويلًا في مدينة الجنوب. كانت قد اختارت الدراسة هناك فقط من أجل سامي، والآن وقد تخرّجت في الجامعة، وأصبح لسامي محبوبته الجديدة.

لم يعد لتلك المدينة أي معنى بالنسبة لها.

في تلك الليلة، قامت بحجز تذكرة طيران وعادت إلى مدينة الشمال.

وحين هبطت من الطائرة، كانت لين هي من استقبلها.

"هل ستغادري مجددًا هذه المرة؟"

"لن أغادر."

لطالما كانت نورا تتبع خطوات سامي، لذا لم تكن تبقى كثيرًا في مدينة الشمال، وكانت لقاءاتها بلين قليلة.

أما الآن، وقد خسرت الرهان، فلم يعد هناك ما يدفعها للرحيل.

سمعت لين بما جرى بينها وبين سامي، فتنهدت بأسى، لكنها اكتفت بالابتسام، تشابكت ذراعها بذراع نورا.

"لا فائدة من الحديث عن الأمور البائسة. دعيني أحتفل بعودتك."

ابتسمت نورا وهزت رأسها دون رفض.

أخذتها لين إلى أرقى نادٍ في مدينة الشمال، وطلبت أفخم أنواع الخمر، وأقامت لها حفلًا بمناسبة عودتها لحياة العزوبية.

كأس واحدة فقط بدّدت أغلب الضيق الذي كان يعتصر قلب نورا.

قالت لين مازحة: "من حسن حظك أنك افترقتِ عن سامي. تذكّري كيف كنتِ تتصنعين الهدوء والوداعة لأجله، كما أقلعتِ عن الكحول والسيارات الرياضية، وبتّ تقضين وقتك في المكتبة! لقد كنت مصدومة!"

لم تكن نورا التي تنتمي لعائلة الهاشمي، إحدى أرقى عائلات مدينة الشمال يومًا تشبه نوع الفتيات اللاتي يحبّهن سامي.

كانت تعشق الحفلات وسباق الخيل، وتسلق الجبال، والقفز بالحبال.

كانت شغوفة ومشرقة.

ولم يكن الحب في عينيها سوى أمر تافه.

لكن لاحقًا، من أجل سامي، تخلّت عن كل ذلك، وتحولت إلى فتاة هادئة ومطيعة.

قالت بتكاسل ودون اكتراث وهي تتذكر الماضي: "ربما كنت قد فقدت عقلي آنذاك."

كانت دومًا فائقة الجمال.

لكن جمالها السابق كانطاغيًا لم يكن يتناغم مع مَن حولها.

أما الآن بهذه الهيئة، جعلت حتى النادل الذي يصبّ لها الخمر يحمرّ وجهه.

ابتسمت لين، وقالت: "نورا، بعد انفصالك عن سامي، هل تنوين حقًا العودة لعائلة الهاشمي لتخلفي والدتك؟"

"من يخسر عليه أن يرضى بالنتيجة."

ارتشفت نورا جرعة من الخمر، وردّت بهدوء.

كانت والدتها امرأة قوية، ومنذ وفاة والدها، اندلعت صراعات داخل شركة الهاشمي، وتحملت الأم العبء وحدها.

كانت كارما أختها الكبرى ضعيفة البنية.

بينما نورا تحب الحرية، فلم تُجبرها والدتها، بل منحتها فرصة الاختيار.

ومن هنا نشأ ذلك الرهان.

وهي مستعدة لتقبل الهزيمة، فهي ليست محطمة لتلك الدرجة.

لكن لين لم تعقب على هذا الأمر.

"عائلة الهاشمي لديها تقليد: لا يحق لك تولي المنصب قبل الزواج، هل اختارت لك والدتك أحدًا؟"

"لا."

كانت نورا تفهم والدتها جيدًا.

رغم قوتها، إلا أنها لم تكن صارمة جدًا في اختيار شريك حياتها، ومعارضتها السابقة كانت بسبب التنافس بين العائلتين.

قالت لين: "نورا، حتى لو خسرتِ، فوالدتك لن تجبرك على شيء. ثم إن الرجال كُثُر، وإن لم تجدي أحدًا مناسبًا، يمكنني أن أعرّفك على ابن خالتي."

كان فادي ابن خالتها معروفًا ببروده وتحفظه، زاهداً وبارد الطباع، لكن ملامحة الجذابة كانت لافتة النظر.

حين كانت نورا صغيرة، رأت فيه ملاكًا متجسدًا.

أعجبت به لفترة قصيرة في صغرها، ثم سرعان ما انتهى هذا الإعجاب.

ومنذ ذلك الحين، لم تلتقِ به مجددًا، إلا في ذكريات عابرة.

ظنّت نورا أن لين تمزح.

لكن حين تجاوزت برودة الكحول حلقها، شعرت بطعم مرير في فمها.

قبل انتهاء السهرة، كانت خطوات الاثنتين متعثرة بعض الشيء.

قالت لين وقد ارتسمت علي وجهها ملامح غريبة: " قال ابن خالتي إنه سيأتي ليصطحبنا."

ومع أن قلبها امتلأ بالدهشة، إلا أنها لم تُظهرها.

فهي لم تكن على علاقة وثيقة بابن خالتها، بل إنهما نادرًا ما تحدثا، لذا استغربت حين أرسل يسألها إن كانت برفقة نورا، بل وعرض أن يصطحبهما بنفسه.

اعتبرته مجرد شعور لحظي بالاهتمام، ولم تفكر كثيرًا.

وبعد دقائق، توقفت سيارة مايباخ فاخرة أمام الباب.

انخفض زجاج النافذة، وظهر وجه رجل بملامح ساحرة وباردة، وسيم إلى حد لا يُوصف، ببشرة بيضاء كالخزف، وهيئة نبيلة.

تحت ضوء القمر، بدا وجهه متألقًا، كأنه ليس من هذا العالم.

قال بصوت منخفض، عميق، ومثير:

"اصعدي."

قال بصوت منخفض، عميق، ومثير.

نظر فادي إلى لين، ثم استقرّت نظراته على نورا.

اصطدمت نظراتهما، وفجأة تسارع نبض قلب نورا دون إنذار.

Continue to read this book for free
Scan code to download App
Comments (2)
goodnovel comment avatar
Djzairia Waftakhir
Magnifique
goodnovel comment avatar
Djzairia Waftakhir
Magnifique
VIEW ALL COMMENTS

Latest chapter

  • حينما ساعدت العاشق الخائن في استعادة حبيبته القديمة، أعلنت الآنسة نورا ارتباطها بشخصٍ آخر   الفصل 300

    قاطعت نورا كلام كريم ببرود: "لم آت اليوم لأتحدث معك عن هذه الأمور، وأنت تعرف ذلك."أراد كريم أن يغيّر الموضوع لكن هدف نورا كان واضحًا فلم تمنحه أي فرصة.اضطرّ كريم أن يعترف بالحقيقة."نورا، أردت فقط أن أصلح علاقتي بك، فما الخطأ في ذلك؟"شعرت نورا بالعجز عن الكلام بعد سماع ذلك."ماذا تقصد بلا خطأ؟ هل تظن أنك بلا ذنب؟"أجاب كريم بثقة: "وأي خطأٍ عندي؟"سعى كريم وراء من أحب وفعل ذلك لمصلحته فقط.كل إنسان يخطط لنفسه، فأين الخطأ؟لم يخطئ كريم شيئًا!ازداد كريم ثقة بعدما فكر في ذلك.لم تعرف نورا ماذا تقول حين رأته هكذا.كان هذا الرجل ميؤوسًا منه، فكيف يبقى واثقًا حتى الآن؟"ولماذا أصلح علاقتي بك؟"تجمد كريم في مكانه أمام نظرة نورا الساخرة ولم يعرف ماذا يقول.ماذا يعني لماذا؟تفاجأ كريم لحظة ثم أدرك بسرعة أن نورا تخشى كارما."نورا، أعرف قلقك، لا تخافي ولا تفكري كثيرًا، دعي الأمر لي."ارتبكت نورا بعد سماع ذلك، فما معنى أن تدع الأمر له؟ضاعت نورا في حيرتها ولم تستوعب للحظة."لم أعد أفهم كلامك أكثر فأكثر."شعرت نورا أنها فهمت مقصده لكنها لم تجرؤ أن تفكر في ذلك الاتجاه.فبينهما كارما على أي حال.ظ

  • حينما ساعدت العاشق الخائن في استعادة حبيبته القديمة، أعلنت الآنسة نورا ارتباطها بشخصٍ آخر   الفصل 299

    في مطعم الفرحة.حجز كريم غرفة خاصة وزيّن نفسه اليوم خصيصًا.كان كريم وسيمًا أصلًا، فبدت ملامحه البارزة أكثر دقة.بدا كريم أكثر عناية من المعتاد.لاحظت نورا ذلك حين وصلت.أرادت نورا أن تغادر بعد أن التقت نظرات كريم الموحية.تصرف كريم لم يكن طبيعيًا.ندمت نورا في سرّها لأنها جاءت وحدها إلى هذا الموعد.تلألأت عينا كريم حين رأى نورا."نورا، لقد جئتِ!"ظهر الفرح في نبرة كريم فسمعته نورا بوضوح.قالت بعدم الارتياح: "نعم، لماذا طلبت أن أجيء؟""لنتناول طعامًا."أراد كريم أن يمسك يد نورا، لكنها تراجعت بسرعة وحدّقت فيه بنظرة تحذير."ماذا تريد؟"تنحنح كريم محرجًا: "لا شيء، أردت فقط أن تجدي مقعدك.""سأفعل ذلك بنفسي."مشت نورا مباشرة إلى داخل الغرفة بعد أن قالت ذلك.لو لم ترغب في معرفة مقصده، لما جاءت أصلًا.كان هذا إضاعة للوقت حقًا.استعاد كريم هدوءه وحاول أن يخفف الجو: "لماذا كل هذا التوتر؟ نحن فقط نتناول طعامًا، وقد فعلنا ذلك من قبل.""قلت بنفسك إنه كان في السابق، هل هذا يُقارن؟"ذبلت ابتسامة كريم قليلًا.لم يتوقع كريم ألا تمنحه نورا أي فرصة وأن تتحدث بهذه القسوة والوضوح.هل يستمر بعد ذلك؟تردد ك

  • حينما ساعدت العاشق الخائن في استعادة حبيبته القديمة، أعلنت الآنسة نورا ارتباطها بشخصٍ آخر   الفصل 298

    كان أي شخص عادي سيفعل ردًا منذ وقت طويل.انتقل كريم من الخوف في البداية إلى الهدوء التام.فكر كريم أن يجد وقتًا ليدعو نورا للخروج.فهذا كان فرصة جيدة في النهاية.بما أن سامي لم ينجح، أراد كريم أن يستغل الفرصة ويدخل منها.أراد كريم أن يكسب نورا حين تكون في فترة صعودها المهني.أراد كريم أن يحصل على المال والمرأة معًا فلا يبقى ضعيفًا في بيته.أما أمره مع كارما فكان لمواجهة والديه فقط.شدّ كريم قبضته على المقود وأدرك بوضوح ما أراد.كان المال أمرًا، لكن لا بد له أن يملكها هي أيضًا فيما بعد.تخيل كريم وجه نورا الجميل البديع فاضطرب قلبه.تفوقت نورا في جمالها على كارما بأشواط.استغرب كريم كيف أن نورا كانت أدق ملامح وأكثر ذكاء رغم أنهما من أم واحدة.لكن ذلك كله لم يكن مهمًا، بل الأهم أنه يستطيع أن ينال نورا.أرسل كريم رسالة إلى نورا بعد أن فكر بذلك.دعاها أن تلتقيه في اليوم التالي في مطعم الفرحة ليتناول معها طعامًا.رأت نورا الرسالة وهي تتحدث مع جون عن تفاصيل المشروع.لم تهتم نورا بالمحتوى أولًا، لكنها نشطت حين عرفت أنه من كريم.لماذا أرسل رسالة في هذا الوقت؟شعرت نورا بالفضول ولم تعرف هل كان ك

  • حينما ساعدت العاشق الخائن في استعادة حبيبته القديمة، أعلنت الآنسة نورا ارتباطها بشخصٍ آخر   الفصل 297

    لم تتوقع نورا أن يكتفي فادي باحتضانها بهدوء من غير أن يفعل شيئًا.فكرت نورا في ذلك وشعرت بخيبة أمل غريبة لا تدري سببها.هزّت نورا رأسها محاولة أن تطرد هذه الفكرة الغريبة.استيقظت نورا مرة أخرى فوجدت فادي ما زال نائمًا هذه المرة.أغمض فادي عينيه وبدت ملامحه هادئة في نومه.غابت قسوته المعتادة وزاد وجهه رقة.رفعت نورا يدها لترسم ملامحه، من حاجبيه العميقين إلى أنفه البارز ثم إلى شفتيه الرقيقتين.طابقت كل ملامح فادي ذوقها تمامًا.اضطرت نورا أن تعترف أن فادي ينشر رجولته حتى وهو نائم دائمًا.شعرت نورا في قلبها بغيرة خفيفة ولم تعرف أي ضعف منحه القدر لهذا الرجل.مررت نورا أصابعها الطويلة بخفة على وجه فادي لترسم ملامحه.ظنت نورا أن فادي غارق في نومه ففعلت ذلك بلا خوف.لكن يدَين كبيرتين أمسكتا يدها فجأة."جميل؟"تبع ذلك صوت فادي العميق المليء بالإغراء وفيه أثر الكسل بعد النوم.ارتبكت نورا لأنها ضُبطت أمامه فلم تعرف كيف تجيب."جميل... جميل."تفاجأ فادي بجواب نورا بعد أن كان يريد فقط مداعبتها، ثم ارتسمت ابتسامة على شفتيه شيئًا فشيئًا."يكفي أن أكون جميلًا، فأنا ملكك يا نورا."احمر وجه نورا فجأة بعد

  • حينما ساعدت العاشق الخائن في استعادة حبيبته القديمة، أعلنت الآنسة نورا ارتباطها بشخصٍ آخر   الفصل 296

    أومأ فادي برأسه قليلًا، فعرف مجموعة عمر الصغيرة طبعًا."وماذا بعد؟"اتسعت عينا نورا وازداد شكها في داخلها أكثر.من يكون هذا الرجل في الحقيقة؟لم تعرف نورا ماذا تقول بعدما سمعت سؤال فادي العكسي."لا شيء، سأذهب لأنام الآن."حاولت نورا أن تفلت من قبضة فادي وهي تقول ذلك.تقلصت حدقة فادي، فبعد كل هذا الحديث، كيف ما زالت تريد أن تذهب لتنام في غرفة الضيوف؟"نورا، ابقي هنا معي، ممكن؟"حملت عينا فادي مسحة من البراءة والرجاء.لم يُظهر فادي هذا الوجه إلا أمام نورا.كان فادي حاسمًا صارمًا في الشركة دائمًا.لكن أمام نورا وحدها كان يبدو بريئًا هكذا.واحمر وجه نورا الصغير حين رأت تلك الملامح الفاتنة.كيف لرجل يحمل هذا الوجه الساحر أن يقول مثل هذا الكلام الممنوع؟رأى فادي ترددها فزاد إصرارًا: "حقًا، نورا، أحتاج إليكِ، ابقي بجانبي، ممكن؟""حسنًا..."سمعت نورا صوتها يخرج بلا مبدأ.وعندما أفاقت رأت بريق الفرح يعبر في عيني فادي.رأت نورا ذلك المشهد فلم يعد بوسعها أن تندم.وظلت نورا تندم في قلبها لأنها قالت تلك الكلمة بلا تحكم حتى الآن.كانت قادرة على الرفض، لكنها أمام وجه فادي لم تستطع أن تقول كلمة رفض.ر

  • حينما ساعدت العاشق الخائن في استعادة حبيبته القديمة، أعلنت الآنسة نورا ارتباطها بشخصٍ آخر   الفصل 295

    لم تُعر نورا الأمر اهتمامًا: "هذه حريتي.""حتى لو تزوجت، فلا بد أن أبقى نفسي."غيّر فادي الموضوع فجأة: "نورا، أنا لا أفهم ما الخطأ الذي ارتكبته؟""لماذا تتعاملين معي دائمًا بهذه القسوة؟ هل يمكن أن نتحدث بهدوء؟"لم يرد فادي أن يواصل الشجار مع نورا بعد كل هذا الوقت.كانت شهادة زواجهما حقيقية فعلاً بعد كل شيء. لم يتحمل فادي أن سامي ضايق نورا مرة أخرى اليوم أيضًا.لم تعرف نورا ماذا تقول حين سمعت "نتحدث بهدوء".لم تعرف نورا بماذا تجيب."لا يوجد ما نتحدث عنه الآن."أحبت نورا هذا الوضع واعتادت هذه الطمأنينة الآن.لذلك لم ترَ نورا ما يستحق الحديث في نظرها حقًا.فكرت نورا قليلًا ثم قالت: "لنُبقِ الأمور كما هي الآن، فهذا جيد ولا حاجة إلى تغيير.""هل الأمر ما زال بسبب ندى؟"تواصل فادي مع إبراهيم لكن جوابه كان أن أخته كبرت ولم يعد قادرًا على التحكم بها الآن.رفضت ندى أن ترحل في النهاية.وقع فادي في حيرة ولم يعرف ما يفعل بعدها.كانت صداقة فادي مع إبراهيم قديمة جدًا ولم يكن ممكنًا أن تتغير بسرعة.لم يرد فادي أن يضعه في موقف صعب أيضًا.لكن بقاء ندى هنا منع فادي ونورا من العودة إلى ما كانا عليه من قب

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status