الفصل6

لأوّل مرّة، وجدت نورا صعوبة في تصديق أن الرجل الواقف أمامها، هو نفسه من واساها مرارًا عندما فقدت بصرها مؤقتًا.

ذلك الزلزال حينها… كان سامي من أنقذها، وظل بجانبها يُهدئ من روعها حتى وصول فرق الإنقاذ. لذلك، تعلّق قلبها به طويلًا.

لكنها لم تتخيّل قط أن الرجل الذي رافقها ذلك اليوم، قد يكون يومًا بهذا القدر من التفاهة وبهذه القسوة.

"آنسة نورا، الفتاة يجب أن تقدر نفسها. تمادِيكِ في التعلّق لا يعود عليكِ بأي فائدة."

نظرت إليها مريم بأسى، وكأنها تتسامح مع حبيبة سابقة لا تزال تلاحق حبيبها الحالي.

كانت نورا على وشك توضيح موقفها، لكن فجأة، اقترب أحدهم من المدير وهمس له بشيء.

تغيّر وجه المدير، ثم التفت إلى سامي.

"نعتذر يا أستاذ سامي، تم سحب الدعوة الخاصة بعضويتكم من قِبل المدير. لم تعُد من أعضاء مطعمنا، ونرجو مغادرتكم."

سحب الدعوة؟

هذا المطعم معروف بسمعته الرفيعة، وصاحبه مشهور بغموضه وتكتمه.

تبدّل تعبير سامي، لكنه حاول التماسك وسأل: "ما معنى هذا؟"

أجاب المدير بأدب، وهو يشير إلى الباب: "نعتذر، هذا قرار من الإدارة، ونرجو منكما المغادرة."

توقفت نورا للحظة، ثم ابتسمت بخفة، وعيناها تراقبان انفعالات سامي المتقلّبة.

رمقها سامي بنظرة حانقة، عض على أسنانه، لكنه لم يجرؤ على إثارة مشكلة، فخرج مصطحبًا نورا معه.

بعد مغادرتهما، قالت مريم وقد احمرّت عيناها قليلًا: "سامي، أيمكن أن تكون الآنسة نورا وراء ما حدث؟"

هز سامي رأسه بضيق: "مستحيل، نورا ليست بتلك القدرة."

"لكن أليس صاحب هذا المطعم ثريًا؟ ربما اقتربت منه بدافع الانتقام، فهي تبدو وكأنها تغيّرت كثيرًا."

تذكّر سامي مظهر نورا الليلة. بالفعل، كانت شخصًا مختلفًا تمامًا. حتى هيبتها باتت طاغية.

"في أحلامها." تمتم سامي "بمكانتها هذه، لن يتعامل معها الآخرون إلا كوسيلة للهو فقط. لا تهتمي بها."

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتي مريم، ثم تبعته وغادرا.

في الجهة الأخرى.

كانت نورا قد أنهت جلسة التعارف منذ وقت.

ما زالت تفكر في المشهد السابق، وفي هوية مالك المطعم الغامض.

فجأة، ظهر فادي من بعيد، يقترب منها بخطوات ثابتة.

تفاجأت للحظة: "ما هذه المصادفة؟ أهلًا فادي."

تجاهلت تلك الليلة المربكة، وحيّته بلطف.

لكن نظرته كانت باردة وثابتة، وسأل بنبرة منخفضة: "جئتِ لتعارف رسمي؟"

أومأت برأسها.

هذا الموضوع أصبح معروفًا في دوائرهم.

ولم يكن مفاجئًا أنه قد علم.

"بناءً على رغبة والدتك؟" سأل، بنظرة غامضة لا يمكن قراءتها. ترددت نورا للحظة ثم رفعت رأسها، غير واثقة من قصده.

عندها، قال فجأة: "صدفة غريبة. عائلتي تضغط عليّ أيضًا للزواج. فماذا تقولين، نورا؟ هل تتزوّجينني؟"

"صدفة غريبة. عائلتي تضغط عليّ أيضًا للزواج. فماذا تقولين، نورا؟ هل تتزوّجينني؟"

صوته كان منخفضًا، عميقًا، ويثير الاضطراب.

خفق قلبها بعنف.

لم تكن تتوقع أن يبادر ويعرض عليها الزواج.

"هل يمكنني أن أعرف السبب؟" سألت بتردد، "إن كان بسبب تلك الليلة، فلا داعي، على الأقل، كنت ماهرًا بما فيه الكفاية، وأنا أيضاً استمتعت."

في النهاية، كان الأمر برضاهما معًا.

وهي كانت من بدأت، وهي من انبهرت بجاذبيته.

"إن كنت تبحثين عن سبب…" قال وهو يعبث بخرز السبحة البوذية في يده، "فربما مصلحة متبادلة؟ أنتِ صديقة لين، وأنا أثق بذوقها."