Share

الفصل 227

Author: سيد أحمد
عادت سارة إلى المنزل والغضب يشتعل في صدرها، وما إن فتحت الحاسوب حتى سارعت إلى تفقد أداة التتبع، تلك التي أهدتها للسكرتيرات الخمس.

كان أربعة منهن في شقق الفردوس، وسارة تعرف جيدًا أن هذه الشقق مخصصة للموظفين رفيعي المستوى.

أما عن منى فكانت في أحد الحانات، ما يتماشى تمامًا مع صورتها، فنهارًا سكرتيرة رفيعة، وليلاً ملكة الحفلات.

لكن جهاز التتبع الذي وضعته على مكتب هدير، كان تحركه معقدًا، إذ دار في معظم أنحاء المنطقة، قبل أن يستقر أخيرًا عند مركز معالجة النفايات.

وضعت سارة يدها على جبينها، لقد كانت متأكدة أنّ في أمر هدير ما يثير الشك.

من ذا الذي يرفض المال؟ الدبوس الذي أهدته لها لم يمض عليه وقت حتى رمته في سلة المهملات.

كانت تتساءل في نفسها كيف تسير التحقيقات التي يُجريها جلال، فاتصلت بالرقم الخاص به.

"عذرًا، الهاتف المطلوب مغلق حاليًا".

ساورها شعور غير مريح، هل من الممكن أن يكون قد وقع له مكروه؟

لكنها ما لبثت أن بددت تلك الهواجس، فبما أنها لم ترَ وجهه أبدًا طيلة الفترة التي عرفته فيها، فمستحيل أن يعرف أحد هويته الحقيقية.

ثم إنه دائمًا يحمل سلاحًا، ولديه القدرة على حماية نفسه.

ربما أوقف هاتف
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 854

    كان الجميع في الدائرة يعرف أن الابن الثاني لعائلة حكيم اشتهر بالطيش واللهو، ومع ثراء عائلة حكيم الفاحش، فإن إصراره على المزايدة لم يكن أمرًا مستغربًا.أما أحمد فلم يكن يرغب أبدًا في الاصطدام بعائلة حكيم ، إذ إن أكثر ما يرهقه هو كبير تلك العائلة العجوز.في القاعة لم يبقَ سوى الابن الثاني يواصل المزايدة، حتى ارتفع مبلغ كشف القناع إلى أربعين مليونًا.حتى عمار شعر أن الأمر مبالغ فيه، فازداد غضبًا وقال بانفعال: "من هو الأحمق الذي يجرؤ على مجاراتي؟"اقترب منه أحد رجاله وقال: "سيدي، لقد تحققنا لكن هوية الرجل غامضة للغاية، لا نعرف من يكون، لكن كلما رفعتَ السعر رفعه هو الآخر على الفور، يبدو أنه عازم على الفوز، برأيي لِم لا نتوقف هنا ونحتفظ بقوتنا للجولات القادمة؟"قهقه عمار ساخرًا وقال: "حسنًا، سأدعها صفقة مجانية، لنرَ إن كانت هذه المرأة تستحق أربعين مليونًا، ولعلّ ذلك الأحمق يموت غيظًا."أُغلق المزاد أخيرًا على مبلغ أربعين مليونًا، وأصابت الدهشة الجميع، إذ أرادوا معرفة من ذلك الأحمق الذي ينفق ثروة طائلة مقابل قبلة واحدة.بل إن بعضهم جلسوا يتشفّون، متسائلين إن كان قادرا أصلًا على دفع المال، لك

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 853

    كانت رغدة تريد فقط أن ترى أحمد وهو يفقد أعصابه، فهي تدرك أنه في أعماقه لا يريد لوجه سارة أن ينكشف أمام عيون الرجال الآخرين.إن لم يدفع المال، فسيكون هناك من سيدفعه، ولهذا فإن الخطوة الأولى، أي رسوم كشف القناع، لا بد أن يدفعها هو.العشرة ملايين لم تكن إلا الحد الأدنى، وكانت أيضًا فرصة لرغدة لاختبار مدى قوة أحمد المالية.فإن أخرج هذا المبلغ، فلن يحصل إلا على قبلة واحدة فقط، بينما "حق الاستعمال" بعد ذلك ليس رقمًا هينًا، فبماذا سيدخل المزاد لاحقًا؟أما لو ادّخر المال ليستعد للمزايدة القادمة، فهذا يعني أن سارة ستُجبر على أن يقبّلها رجل آخر.بغضّ النظر عن خياره، فقد عقدت رغدة عزمها على إذلاله.لكنها، مهما حسبت، غاب عنها أمر واحد، وهو أن أحمد، منذ أن وُلد، ربما كان يعاني من قلة الحب، لكنه قطعًا لم يعرف يومًا معنى قلة المال.فعائلة أحمد تحمل إرثًا تجاريًا عريقًا عمره قرن كامل، يضاف إليه موهبته الفطرية في التجارة منذ صغره، هذا فضلًا عن قوة عائلة السيدة صابر لناريمان في الخارج، إذ تُعد من كبريات العائلات هناك.لم يكن ينظر إلى من حضروا نظرة تقدير، بل رأى أنهم جميعًا لا يساوون شيئًا أمامه.بالطبع

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 852

    تنفّس أحمد بعمق، محاولًا إجبار نفسه على الهدوء.كانت الأم وابنتها ترتديان ثوبين طويلين بلون فضي، فخمَين، عتيقين وأنيقين.وتزيّنهما سلاسل حديدية فضية، فزاد ذلك من غرابة الجمال فيهما.أما وجه مارية فكان مكشوفًا تمامًا، وحين ظهرت تلك الملامح البريئة على الشاشة العملاقة، أسرَت أنظار الكثيرين.لم يسلم قلب أحد من سحر وجهها الملائكي.كانت عيناها الواسعتان صافيتين، بلا أثر لأي دواء.وتزيّنت رأسها بحُليّ من الكريستال والريش، مما منحها هيئة أميرة من أرض بعيدة.كانت تحدّق ببراءة في محيطها، لا تدرك ما الذي يجري، لم تبكِ، بل وقفت متسائلة كغزالة صغيرة ضلّت طريقها ودخلت عرين الذئاب.شفتاها الورديتان تفتحتا قليلًا، وقد قرأ أحمد حركة شفتيها عبر الشاشة.قالت: "أمي، العم حسني".كانت أصابع أحمد قد لامست سلاحه، وفي تلك اللحظة تمنى لو استطاع أن يخرجه فورًا ليُسقط رغدة قتيلة.أما الآخرون فقد ضجّوا دهشة، فقد كانت تلك الصغيرة فاتنة الجمال.حتى إنّ بعضهم راح يتهيّأ لتجديد مقتنياته، فيما الأشدّ انحرافًا خطّط لشرائها وتربيتها أعوامًا، علّها تغدو لاحقًا غنيمة مثالية. وهناك من توقّع أن تكون الأم أكثر جمالًا من ابن

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 851

    كانت أصابع أحمد تنغرز بقوة في مسندي الكرسي، فمنذ أن فقد أثر سارة، ظل قلبه مثقلًا بالقلق، يخشى أن يلحقوا الأذى بها أو بطفلتهما.ورغم علمه أن هناك قاعدة صارمة تفرض إبقاء "البضاعة" نظيفة قبل بيعها، إلا أن قلقه لم يهدأ.حين سمع المذيع يعلن عن أول معروضة في المزاد، تسارع خفقان قلبه، وما إن رآها لا علاقة لها بسارة حتى تنفّس بارتياح.اتضح أن ظنونه صحيحة، فرغدة ستجعل سارة آخر ما يُعرض.قبض على مسندي الكرسي حتى ابيضّت مفاصله.ومع مرور الوقت، كان الحاضرون يدركون أن هناك "بضاعة نادرة" ستُعرض في النهاية، ولهذا لم يظهر الحماس الكبير على ما سبق، بل تركزت الأبصار كلها على الخاتمة المرتقبة.في تلك الأثناء، قدّم مسعد كوب ماء إلى أحمد مرات عديدة، لكنه لم يشرب من الكوب رشفة ولو لمرة.حتى جاء دور العرض الأخير، فظهرت رغدة بنفسها.ارتدت فستانًا أحمر ضيقًا، وانتعلت حذاءً عالي الكعب، وخطت نحو وسط المسرح بخطوات واثقة.أثار قوامها المتمايل أنظار الرجال، حتى أن بعضهم أطلق صفيرًا صاخبًا.كانت ترتدي قناعًا يغطي ملامحها الشريرة.ابتسمت وقالت: "انتظرتم طويلاً، أظنكم جميعًا قد بلغ بكم الشوق ذروته، وحان الوقت لنكشف عن

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 850

    دخل أحمد مع جموع الناس إلى قاعة المزاد.وقبل أن يبدأ، سمع أصواتًا صاخبة يملؤها الحماس.قال أحدهم: "سمعت أنّ الليلة ستُعرض حسناء لا مثيل لها."وردّ آخر: "نعم، وصلتني الأخبار أيضًا، البضاعة الليلة ستكون ثمينة."ضحك ثالث قائلاً: "لقد مللنا الأيام الماضية، وقريبًا سنعود إلى اليابسة، أليس من الأفضل أن نغتنم الفرصة ونستمتع بمشهد كبير؟"كان كل رجل في القاعة يخفي وجهه خلف قناع.لكن تحت الأقنعة، ما إن تراها، إلا وجوه قبيحة ملوّثة.جلس أحمد للتوّ، حتى جاءه رجل إليه.وسأله: "السيد فايز؟"جلس أحمد واضعًا ساقًا فوق الأخرى، وأطلق هالة العظمة التي اعتاد عليها، ولم يكن له أي شبه بذلك الرجل الخاضع الوديع أمام سارة.قال بهدوء: "أنا"، في تلك اللحظة، كان الغضب المستعر في داخله كفيلًا بأن يُرهب حتى الأشباح.مدّ الرجل إليه رسالة.فتحها أحمد، وإذا بالخط نفسه الذي اعتاد أن يراه، وما إن قرأ ما فيها حتى انتفخت عروق يده، فظهر غضبه جليًا.كتب فيها: "زعيمتنا قالت، إن رفضتَ، فانتظر لترى كيف تتحوّل الأم وابنتها إلى ألعوبة بين يدي الآخرين."عبارة "ألعوبة بين يدي الآخرين" أصابت قلب أحمد كطعنة مسمومة.قبض على الورقة حت

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 849

    منذ القدم هناك مثل يقول، الفقير لا يجادل الغني، والغني لا يجادل صاحب السلطة.عائلة أحمد استطاعت أن تصمد لأكثر من مئة عام، ولم يكن ذلك بسبب التجارة وحدها، بل لأن خلفها سندًا من علٍ، ولولا ذلك الدعم ما كان لها أن تبلغ ما بلغته اليوم.حتى لو امتلك المرء ثروةً طائلة، فإن غياب هذا السند يجعله في النهاية لعبةً بين أيدي الآخرين.خطوة أحمد الأخيرة أضرّت بمصالح الكثيرين، وهددت مستقبله، وأعطت خصومه فرصةً للانقضاض عليه، ولم يكن هذا تصرفًا حكيماً.لكن ماذا بوسعه أن يفعل؟ زوجته وطفلاه في قبضة غيره، وكل طريق أمامه قد سُدّ.هذا الطريق، مهما بدا محفوفًا بالمخاطر، هو السبيل الوحيد لإنقاذ سارة.تنهد أحمد بعمق وقال: "لم يعد أمامي طريق للعودة."كان مسعد يختلف عن خالد ومحمود، فهو ظلٌّ خفيّ يتحرك في العتمة ليحل مشاكله، ونادرًا ما يظهر للعلن.وحين ظهر بنفسه، كان ذلك دليلًا على أن طريق أحمد قد غدا أكثر خطورة من أي وقت مضى.قال بصوت متهدج: "يا رئيسنا..."قاطعه أحمد بصرامة: "أبلغ كل الرجال على السفينة، أن يكونوا مستعدين لأسوأ الاحتمالات."جثا مسعد على ركبة واحدة وقال بلهجة حازمة: "أمرك."منذ أن خطا هذه الخطوة،

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status