Share

الفصل 250

Author: سيد أحمد
لم تكن سارة قادرةً على فهم طريقة تفكير السيدة نور، فقبل سنوات، حين تركتها وسافرت إلى الخارج، لم تلتفت خلفها.

الآن وقد عادت، ألم يكن أولى بها أن تحاول تعويض ابنتها عمّا مضى؟

ما فعلته اليوم لا يُدمّر سمعتها فحسب، بل يسيء إليها كامرأة وأم، فلأجل من تفعل كل هذا؟

تجمدت السيدة نور لحظة، ثم ازدادت حدةً وعدوانية، وقالت: "سارة، ألم أعلّمكِ منذ زمن أن تعيشي بشرف ونقاء؟ كيف تفعلين مثل هذه الأمور، ألا تخافين أن تُعاقبي من ربك على أفعالك هذه؟"

كانت أصابع سارة المشدودة في راحتها قد بدأت تُدمى، ومع ذلك، ردّت بنبرة ثابتة: "ولماذا أخاف؟ التي تخاف حقًا هي، وليس أنا..."

لكنها لم تُكمل، إذ انقطع صوتها حين دوى صوت رجولي بارد: "السيدة نور، المدير التنفيذي يدعوكما للصعود من أجل الحديث."

كان الأمر قد وصل إلى مكتب الرئيس التنفيذي، وكان محمود واقفًا باحترامٍ بجانبهن، يقودهما إلي المكتب.

ظلّت سارة مطرقة الرأس تحدق في ظهر السيدة نور، لم يتغير كثيرًا عن الصورة العالقة في ذاكرتها.

لكن كل ما شعرت به تجاهها في تلك اللحظة كان في قمة السخرية، لو كانت تعرف أن أمها ستصبح على هذه الشاكلة، هل كانت ستحمل في قلبها كل تلك الت
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter
Comments (6)
goodnovel comment avatar
BATOUL _WBAE AJ
بيديقوا الخلق شو مملين
goodnovel comment avatar
رحيق الامل
كلامك صحيح اتفق معك
goodnovel comment avatar
Dolly Khalaf
ياريت لو تنتهي القصة لان هنالك اطالة غير مبررة
VIEW ALL COMMENTS

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 640

    تقع عائلة أحمد في ضاحية مدينة الجنوب، هناك حيث الجبال خضراء والمياه صافية، والطيور تزقزق والزهور تعبق بعطرها، فالطريق بأكمله مغطى بالنباتات من كل جانب.قبل قليل فقط، لا بد أنّ مطرًا قد هطل، فقد تبخر الماء من على الطريق، بينما بقي الهواء مشبعًا برائحة النباتات بعد المطر.أضواء المدينة هنا لها طابع خاص، فبعضها يتدلى كسلاسل من النجوم من بين الأشجار الشاهقة.وفي أماكن أخرى تأخذ أشكال الفطر والقرع، أو حيوانات صغيرة، أو مصابيح صغيرة كأنها تعود إلى كائنات خيالية.لا يبدو المكان مدينةً بقدر ما يشبه عالمًا آخر من الأساطير دخل إليه البشر على غير قصد.حين وصلوا إلى بيت عائلة أحمد كان الوقت قد بلغ الثامنة مساءً.المكان فسيح للغاية، تحيط به الحدائق من كل الجهات، وفي الليل لا يتضح المشهد تمامًا، غير أنّ ملامح الأشجار والزهور المشذبة على جانبي الطريق تبدو غامضة.كانت رائحة الأزهار تملأ الأجواء، وحين مرت السيارة ارتجّت العصافير على جانب الطريق وارتفعت في السماء.الفيلا بدت مهيبة، تنبض بالضياء من كل صوب، وتحمل طابع هذه المدينة الفريد.وقفت سارة تتأمل من بعيد، فهذه الفيلا أكبر من بيت زواجهما بعشرات المر

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 639

    في المرة السابقة حين استيقظت سارة من غيبوبتها، سألت سؤالًا مشابهًا، يومها بدت كحملٍ ضال، تتكلم بصوت خافتٍ يحمل شيئًا من المظلوميّة.لا يشبهها الآن في شيء، وهي تفيض ثقةً وبريقًا في كل حركةٍ ونظرة، عضّت شفتها قليلًا ثم قالت بنبرة خفيفة: "لا بأس إن لم يعجبك الأمر، فأنا لست مضطرّة للزواج منها أصلًا."وما إن أنهت كلامها حتى خطت بخطواتٍ واثقة خارج المطعم، أما أحمد فقد ظلّ يحدّق بظهرها المشرق المتحرّر وهو يغادر، وقد غرق في صمتٍ عميق.أدرك حينها أنّه حين تفقد المرأة ثِقَل الأمومة والروابط العائلية، تصبح حرّةً على نحوٍ يثير الدهشة.ولعلّ النوم الكافي على متن الطائرة قد منح سارة شيئًا من الانتعاش، إذ وصلت إلى المكان الجديد وهي في مزاجٍ رائق، حتى خطواتها غدت خفيفة مرحة.تقدّمت في الممرات تقفز كطفلةٍ صغيرة، مختلفة تمامًا عن تلك التي عاشت العام الماضي غارقةً في الكآبة والذبول.وأمام بعض المتاجر التي تبيع الهدايا المحلية، كانت تشير إلى أحمد ليبتاع شيئًا من الحلوى أو الطعام التقليدي.ومع مرور الوقت واقتراب المساء، كان الحارس مدحت يتضايق بصمت، لا يجرؤ أن يظهر غضبه.متسائلًا عمّا يجول في خاطر هذه السيد

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 638

    بعد رحلة طيران طويلة استغرقت أكثر من عشر ساعات، هبطت الطائرة أخيرًا بسلام في المطار.خلعت سارة قناع النوم، وتمددت قليلًا لتخفيف تيبّس أطرافها.كانت دولة الغرب تقع في نصف الكرة الآخر، لذلك كان الطقس فيها على العكس تمامًا من مدينة الشمال.في تلك اللحظة كانت الثلوج تتساقط بغزارة في مدينة الشمال، بينما العاصمة المدينة الجنوبية في دولة الغرب غارقة في دفء الربيع، حيث يهب نسيم البحر محمّلًا بالهواء النقي المنعش.بمجرد أن نزلت من الطائرة، شعرت سارة بنسمة لطيفة تداعب وجهها.كان في انتظارهم عند ممر كبارالزوار رجلٌا بملابس عمل سوداء، كان يُدعى مدحت، انحنى قليلًا وقال باحترام: "سيدي، حمدًا لله على سلامتكم."ثم وقعت عيناه على سارة، أخذ يتفحّصها من أعلى إلى أسفل بنظرة بطيئة، ثم تكلّم ببرود: "آنسة سارة، لقد أتعبتِ نفسكِ."سارة لم تفُتها تلك النظرة المتفحّصة، وبفطرتها كإمرأة أيقنت أنّ هذا الرجل لا يحمل وُدًّا لها.لكنها لم تحاول تبرير شيء أو الرد، بل اكتفت بابتسامة خفيفة وإيماءة رأس سريعة كتحية، ثم مضت للأمام أولًا.غير أنّ نظرات أحمد ما لبثت أن اشتدّت برودًا وحدّة، ليلقي مدحت بنظرة حادة كالسيف وقال:

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 637

    صمتت سارة، والمستقبل في عينيها بدا غائمًا كبحر بلا شواطئ، لا تعرف له اتجاهًا.شعرت وكأنها راهبة عجوز في معبد قديم، قد تخلّت عن شهوات الدنيا كلها، لا حب فيها ولا كراهية.حين قال لها أحمد إنه يريدها أن تدرس الطب، ثم وافقته.لم يكن للأمر وقع خاص في نفسها، فالطب أو التجارة أو أي طريق آخر، كله سيّان عندها.أحمد، الذي لم يحصل على جواب واضح منها، لم يغضب، بل اقترب وهمس عند أذنها، وهو يمس شحمة أذنها بعاطفة عميقة: "حبيبتي سارة، أنا لست مثلك، في عيني وقلبي، وفي الماضي والحاضر والمستقبل، كلها أنتِ".بعد أن رتّب بعض شؤونه، طبع قبلة خفيفة على جبينها، ثم غادر بخطوات واثقة أنيقة.أما سارة فقد جلست وهي تضم بين ذراعيها قطتها شمس، تتابع رحيله بلا ملامح على وجهها، وقلبها ساكن كالبحر الميت، بلا موج.لم تكن ترفض أحمد، لكنها لم تكن تحبه كثيرًا أيضًا.بدأت تعدّ الأيام استعدادًا لمغادرة مدينة الشمال.فلم يعد هناك ما يستحق أن تبقى من أجله.في الأيام القليلة المتبقية، كان أحمد يخرج مع الفجر، لكنه يعود مساءً دائمًا ليتناول معها العشاء.بعد الطعام يجلسان لمشاهدة فيلم، والزهور على الطاولة كانت تتبدل كل يوم، أما خا

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 636

    حققت مجموعة عائلة أحمد انتصارًا باهرًا، فارتفعت أسعار أسهمها في ليلة واحدة بسرعة مذهلة، وامتلأت أعمالها في مختلف القطاعات.في سلاسل المتاجر، كان الزبائن يقفون منذ الفجر أمام الأبواب بانتظار فتحها، أما محالّ المجوهرات والملابس وحتى العقارات والبثوث المباشرة عبر الإنترنت، التي لم يكن يتجاوز عدد مشاهديها سابقًا عشرات الآلاف، فقد امتلأت شاشاتها اليوم بالمتابعين الذين يطالبون بعرض المزيد من المنتجات.لقد تحولت المسألة إلى حالة من التسوق الجارف بدافع الولاء.خصوصًا أولئك المتهكمين خلف الشاشات، بعدما عرفوا أن الزوجين قد دُفِعا إلى هذا الحد، وأن سارة كادت أن تفقد جمالها بسببه، وأن مجموعة أحمد كادت تنهار، تدفّق الناس تلقائيًا إلى جميع المتاجر والمؤسسات التابعة للمجموعة دعمًا لهم.منذ طفولته، لم يكن أحمد يعاني يومًا من قلة المال، فقد عرف الجميع أن عائلة أحمد ثرية، لكن لم يكن أحدًا يملك تصورًا حقيقيًا لمدى تلك الثروة.وحده أحمد يعرف أن الثروة المتراكمة منذ أجيال في عائلته تعادل مئات المرات قيمة مجموعة أحمد الحالية.لقد امتدت استثمارات العائلة لتشمل قطاعات لا حصر لها حول العالم، منها ما هو معلن لل

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 635

    ما إن خرجت تلك الكلمات من فم أحمد، حتى شعر حنفي وكأنه سقط في جليد متجمد، ارتسمت على وجهه علامات الصدمة وعدم التصديق.قال مرتجفًا: "ماذا قلت يا سيد أحمد… ماذا قلتَ للتو؟"في هذه اللحظة، دخل خالد حاملًا وعاءً ضخمًا بكل حذر، وقد ارتدى قفازات واقية خشية أن يُصاب.فقال أحمد ببرود: "أنا رجل عادل، بعد قليل سأصُبّ عليك بعضًا منه عن طريق الخطأ، إن استطعت أن تتفاداه فهذا حُسن حظك ومهارتك، أما إن أصابك فلا تلومنّ إلا نفسك، ولا تقل إنني أستقوي عليك."ارتجفت عينا حنفي وقد ارتسم فيهما الخوف، فهو يعرف أن جسده قد جُرح بالفعل بسكين أحمد، وإن لامس الجرح قليل من هذا الأسيد فالعواقب معروفة.سقط على ركبتيه وهو يتوسل بجنون، يضرب رأسه بالأرض مرارًا دون توقف وكأن حياته لا تساوي شيئًا.ثم قال مرددًا: "سيد أحمد، لقد كنت مخطئًا، صدقني لقد أخطأتُ، هذا الأسيد قاتل، إن سكبته عليّ فهو موت محقق!"ركله أحمد بقوة بعيدًا عنه، ثم اعتدل واقفًا، ينظر إليه بعينين جامدتين، وصوته يخرج ببطء من بين أسنانه."إذن تعرف أنه يقتل، ومع ذلك لم تتردد لحظة في أن تسكبه على امرأة؟ أتعلم ما هو الأثمن عند المرأة؟ وجهها، ملامحها، أنوثتها، فإ

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status