Share

الفصل 515

Author: سيد أحمد
لم تنتظر الضوضاء أن تصل إلى الباب، إذ فُتح من الداخل قبل أن تُطرق.

وقفت سارة عند العتبة، ببطنها المنتفخ، تتأمل وجه الرجل الذي كان نصفه محمرًا، بينما اندفع خلفه حارس آخر.

رجال أحمد جميعهم يشبهونه طبعًا وخلقًا، باردون، قليلون الكلام، متحفظون في تصرفاتهم.

لم يكونوا يومًا ممن يثيرون المتاعب أو يتغطرسون مستندين إلى نفوذهم، بل إن واجبهم الوحيد هو حماية سارة، لذا كانوا دومًا يتحلون بالصبر ويتجنبون لفت الأنظار.

ومع ذلك، الطرف الآخر لم يكن مستعدًا للكف عن استفزازه، بل تمادى حتى تجرأ على مدّ يده.

ما وقعت عليه عينا سارة هو وجه غريب لم تألفه من قبل، وبحسب لهجتها، بدت تلك المرأة غريبة عن مدينة الشمال، جسدها متخم بالماركات الفاخرة، تمشي وكأنها معرض متنقل.

وقبل أن تنبس سارة ببنت شفة، نظرت إليها المرأة من أعلى إلى أسفل، إلى أن استقر بصرها على بطنها المنتفخ، ثم قالت بسخرية: "ظننتها شخصية مهمة، فإذا بها مجرد حبلى ضخمة!"

مدّت يدها إلى حقيبة يدها، التي لا تقل قيمتها عن مليونًا، وأخرجت منها رزمة من النقود، ناولتها إليها قائلة: "أعجبتني هذه الغرفة، اتركيها لي."

كانت الرزمة ممتلئة بالأوراق النقدية، تُقدّر بث
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 520

    حين سمع السيد مصطفى عبارة "جثة امرأة"، ارتجفت يده على الفور، ووجهه الذي كان شاحبًا في الأصل ازداد بياضًا حتى كاد يشبه وجوه الموتى.قالت الشاهدة: "أأنتِ متأكدة؟"فأجابت بثقة: "بلى، أقراطها كانت كبيرة ولافتة، جميلة للغاية، أما ثيابها فكانت من ماركة معروفة، وعلى إصبعها كانت تضع خاتمًا من الياقوت الأزرق النادر، من فئة القطع النادرة والمقتنيات الفاخرة."نظرت سارة إلى ملامح السيد مصطفى التي ازدادت سوءًا بسرعة، فسارعت إلى تهدئته: "سيدي، ربما تكون تلك المجوهرات قد انتقلت إلى يد امرأة أخرى، ليس بالضرورة أن تكون أختك، قد لا يكون الأمر بهذا السوء."إلا أن السيد مصطفى لم يُعر كلامها انتباهًا، ظل يحدق في شاشة هاتفه، رأسه منخفض، كأن صوتها لم يصل إليه قط.رأت سارة أطراف أصابعه ترتجف بلا توقف، وهو يمرر أصبعه بجنون على الشاشة، إلى أن توقف أخيرًا عند صورة معينة.قال بصوت مضطرب: "هل تقصدين هذا الخاتم؟"ظهرت الخاتم في الصورة بوضوح، ياقوته الأزرق الصافي يلمع بلون السماء، وصنعته الفاخرة تنطق بالأناقة والرقي.أجابت: "هو بعينه، حين رأيت تلك الجثة، كانت قد مكثت في الماء طويلًا، ملامحها لم تعد واضحة، كنت أشفق ع

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 519

    "سارة، إلى أين تذهبين؟" سارع أحمد للحاق بها.أما نادية، فرفعت حاجبًا وغمغمت بازدراء: "هل فقدت هذه المرأة صوابها؟"ركضت سارة بخطى مسرعة نحو الغرفة المجاورة، ثم قالت بلهفة: "أريد رؤية السيد مصطفى."ولأن مكرم، مساعد السيد مصطفى، كان يعرفها، لم يعترض طريقها، بل فتح الباب فورًا، لتندفع إلى الداخل بخطوات متوترة.كان السيد مصطفى جالسًا بهدوء على أريكة جلدية، ملامحه ساكنة، وما إن سمع الحركة حتى رفع رأسه ونظر نحوها."مضى وقت طويل يا سارة، لم نلتقِ منذ زمن."لكن سارة لم تعر تحيته اهتمامًا، وسألته مباشرة دون مقدمات: "سيدي، هل هذه القلادة تعود إلى شقيقتك؟"أومأ السيد مصطفى برأسه وقال: "نعم، سمعت أن هذه المعروضات تضم أشياء تعود لها، فجئت بنفسي على أمل أن أجد أثرًا يقودني إليها، وإن لم أجدها، فلا أقل من أن أمنع هدية عيد ميلادها من أن تنتهي بين أيدي الغرباء."تأكدت شكوك سارة، فكما خمنت تمامًا، تلك الجثة المجهولة التي عُثر عليها، هي ذاتها الفتاة التي ظل السيد مصطفى يبحث عنها طويلًا.نظرت إلى وجهه الشاحب المرهق، ولم تطق أن تصارحه بالحقيقة القاسية التي أثقلت قلبها."سارة، ماذا هناك؟ هل أردتِ قول شيء ما؟

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 518

    خفق قلب سارة فجأة بشدة، فهذا هو الوتر الحساس الوحيد لدى أحمد، وهي لم تنسَ أبدًا كيف تمكنت من الحفاظ على طفليها آنذاك.إن فقدَ أحمد صوابه مرة أخرى، فلن تحتمل العواقب هذه المرة.رمق أحمد نادية بنظرة حادة وقال ببرود: "اصمتي."شمخت نادية بأنفها وقالت: "إن لم تستمع إليّ، فلا بد أن تُخدع ثانيةً بهذه المرأة." لكنها لم تكن غبية، فأدركت أن استفزاز أحمد الآن ليس في صالحها، فتراجعت.ظهر المعروض الجديد في المزاد، وكان عقد ألماس بتصميم الوردة.صُمِّم هذا العقد على يد المصمم الشهير "نيكو" بنفسه، وهو ضمن سلسلة تحمل طابع الورود.عرضت الشاشة الكبيرة بوضوح بريق العقد من زوايا متعددة، وأبرزت تفاصيل تصميمه الدقيقة، في تلك اللحظة، فتحت سارة عينيها على اتساعهما، بعدما كانت تغالب النعاس طوال الوقت.نادراً ما يرى أحمد اهتمامها بأي حلي أو زينة، فسارع يسألها: "أيعجبكِ؟"فصفعته سارة بكفها على فمه وهمست: "اصمت، لا تتكلم، أريد أن أستمع إلى الشرح."أحمد: "....."أما نادية ففتحت عينيها من الذهول، غير مصدقة كم هو مدللٌ لتلك المطلقة!واصل المقدم شرح تفاصيل العقد وتاريخه.فقد صممه "نيكو" بعد جهد كبير وقدّمه كهدية لذك

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 517

    صُدمت نادية أشد الصدمة، لم تكن تدري أن أحمد قد تزوج من امرأة كهذه!يوم زفافه تأخرت طائرتها، لكنها لحقت برؤية الأخبار التي تحدثت عن هروبه من الزفاف لأجل امرأة، إلا أن تلك الأخبار لم تنشر صورة سارة على الإطلاق.كم يبدو الأمر مصادفةً بشكل لا يُصدق!كانت تعابير وجه نادية في غاية التلون، لا تزال غارقة في وقع كلمة "زوجة ابن خالها".التفت أحمد نحو الحضور، وقال بصوته البارد: "انتهى الأمر، انصرفوا".كلمة واحدة منه كانت كافية لتفريق الجميع، لم يجرؤ أحد على التحديق أكثر من ذلك.أُغلقت الأبواب، فهذه المسألة تخص العائلة، وما يجب أن يُحلّ في الداخل يُبقى في الداخل.صفعت نادية مرتين، وخدّاها قد احمرّا، لكنها ما زالت تشعر بالمرارة، قالت: "ابن خالي، هل تزوجتَ حقًا هذه المرأة؟ ماذا عن فيفي؟! لقد كانت تنتظرك طوال الوقت! حين علمت بنيتك الزواج من صفاء، حزنت حتى دخلت المستشفى، وإن...".فيفي؟ها هو يظهر اسم جديد لا تعرفه سارة.لكن الحقيقة أنها لم تعد تهتم بماضي أحمد المليء بالنساء.قاطعها أحمد بنبرة شديدة البرود: "نادية، قلتُ لكِ اعتذري من زوجة ابن خالك!"كانت نادية تخاف من هذا القريب البارد منذ صغرها، ورغم

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 516

    وسط الحشود، التقت نظراتهما، وفي عيني سارة مرت مشاعر كثيرة متشابكة، لكنّها استقرّت في النهاية على الشعور بالذنب.لقد وعدت بتبرّعها بالكِلية، وكان السيد مصطفى قد خضع للتخدير، لكن في اللحظة الأخيرة اختطفها أحمد وأبعدها عن غرفة العمليات.رحلت فجأة دون أن تترك حتى كلمة اعتذار، وبعد عودتها تغيّر رقم هاتفها، فلم تتمكن من التواصل مع السيد مصطفى، وكلمة "آسفة" ظلّت حبيسة صدرها، لم تجد طريقها إليه قط.لم تكن تتوقع أن تلتقيه في هذا المكان، ألم يكن قد عاد إلى بلاده؟ ما الذي أعاده مجددًا إلى مدينة الشمال؟الندم أطبق على صدرها، أما السيد مصطفى، فعندما وقعت عيناه عليها، لم يُبدِ أي ردة فعل زائدة، بل اكتفى بابتسامة دافئة عند زاوية شفتيه، ثم أومأ لها برأسه تحيةً خفيفة.أما نادية، فما زالت تتبختر بتعالٍ، لكنّها سرعان ما أدركت أنّ سارة لم تُلقِ عليها ولو نظرة، بل كانت تنظر إلى شخص آخر، فاشتعل الغضب في قلبها أكثر.قالت بحدة: "أيتها الحامل، إلى مَن تنظرين؟ أما زلتِ لا تهدئين وأنتِ في هذا الحال؟ من هذا الذي تتبادلين معه النظرات؟"تقدّم عز بنظرات باردة وقال بتحذير جاف: "الرجاء أن تنتقي ألفاظكِ، يا آنسة."فقال

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 515

    لم تنتظر الضوضاء أن تصل إلى الباب، إذ فُتح من الداخل قبل أن تُطرق.وقفت سارة عند العتبة، ببطنها المنتفخ، تتأمل وجه الرجل الذي كان نصفه محمرًا، بينما اندفع خلفه حارس آخر.رجال أحمد جميعهم يشبهونه طبعًا وخلقًا، باردون، قليلون الكلام، متحفظون في تصرفاتهم.لم يكونوا يومًا ممن يثيرون المتاعب أو يتغطرسون مستندين إلى نفوذهم، بل إن واجبهم الوحيد هو حماية سارة، لذا كانوا دومًا يتحلون بالصبر ويتجنبون لفت الأنظار.ومع ذلك، الطرف الآخر لم يكن مستعدًا للكف عن استفزازه، بل تمادى حتى تجرأ على مدّ يده.ما وقعت عليه عينا سارة هو وجه غريب لم تألفه من قبل، وبحسب لهجتها، بدت تلك المرأة غريبة عن مدينة الشمال، جسدها متخم بالماركات الفاخرة، تمشي وكأنها معرض متنقل.وقبل أن تنبس سارة ببنت شفة، نظرت إليها المرأة من أعلى إلى أسفل، إلى أن استقر بصرها على بطنها المنتفخ، ثم قالت بسخرية: "ظننتها شخصية مهمة، فإذا بها مجرد حبلى ضخمة!"مدّت يدها إلى حقيبة يدها، التي لا تقل قيمتها عن مليونًا، وأخرجت منها رزمة من النقود، ناولتها إليها قائلة: "أعجبتني هذه الغرفة، اتركيها لي."كانت الرزمة ممتلئة بالأوراق النقدية، تُقدّر بث

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status