جاء بعض أقارب الجدة رانيا من مدينة الأفق إلى العاصمة لزيارتها.وفي الصباح، ما إن أنهت ياسمين اجتماعها، حتى اتصلت بها الجدة لتطلب منها أن تنضم إليهم لتناول الغداء.وقفت ياسمين أمام المصعد تنتظر، وفي تلك اللحظة، كان المدير العام الجديد لشركة النخبة، السيد سامي رياض، يسير نحو المصعد برفقة مالك وشادي.حين لمحها، بادر سامي بتحيتها قائلًا: "سيدة ياسمين."أومأت له برأسها دون أن تتكلم.لم يكن سامي متأكدًا ما إن كانت ياسمين ومالك يعرفان بعضهما. لكنه يعلم أنه خلال الأيام الماضية التي كان فيها مالك يزور شركة النخبة للتفاوض على التعاون، لم يسبق أن التقت به ياسمين.ولما رأى أنها لم تبادر بالتحية عند رؤيته، ظن أنها لا تعرفه، فبادر قائلًا: "سيدة ياسمين، هذا هو السيد مالك، رئيس مجموعة فريد."ثم التفت إلى مالك وقال: "وهذه السيدة ياسمين، من قسم التطوير بشركتنا."ردت ياسمين دون أن تنظر إليه: "أعرفه."أما مالك، فقد رمقها بنظرة، ثم قال مخاطبًا سامي بابتسامة: "لا داعي للتعريف، فنحن نعرف بعضنا جيدًا."توقف سامي فجأة، ونظر إلى كلٍ منهما على التوالي.أنتم تعرفون بعضكم جيدًا؟عذرًالم يبدُ عليهما ذلك أبدًا.لم
قال مالك مجددًا: "ما رأيك أن نتناول الغداء سويًا؟ سأقوم بدعوتك."لم يكن هيثم يرغب في مشاركته الطعام، فقال: "أشكرك على لطفك يا سيد مالك، لكنني أشعر ببعض الإرهاق اليوم، ولا أرغب في الخروج، سأذهب إلى الكافيتريا لتناول شيء بسيط، يمكنك أن تتابع طريقك."ابتسم مالك قائلًا: "تناول الطعام في الكافيتريا بالفعل أكثر راحة وسهولة، وإن لم يكن لديك مانع، هل تأذن لي بمرافقتك؟""..."سكت هيثم: وبعد دقائق قليلة، ظهروا جميعًا في كافيتريا شركة النخبة.هيثم هو مدير الشركة، بالإضافة إلى أنه هو ومالك يتمتعان بملامح جذابة، فما إن ظهرا، حتى جذبا أنظار العديد من الموظفين.كانت ياسمين تتناول الطعام في تلك اللحظة.وكان جواد يجلس مقابلها.كانا يتحدثان في أمرٍ ما، ولم تكن قد انتبهت لوجود هيثم بعد.لكن حين سمعت أحد الموظفين يحييه قائلًا: "مرحبًا يا سيد هيثم"، فرفعت نظرها تلقائيًا، لتكتشف أن مالك قد دخل الكافيتريا أيضًا، ولم يكن وحده، بل برفقة هيثم وشادي.رفع جواد نظره أيضًا فور سماعه.وحين التقت أعينهم جميعًا، لمحهم كل من هيثم ومالك وشادي.رأى مالك أن ياسمين تتناول الطعام برفقة جواد، ويبدو أن العلاقة بينهما وثيقة، إ
لم تُعره ياسمين أي اهتمام، فلم يتابع مالك الحديث معها.خرج جواد من الجهة الأخرى من موقف السيارات، وعندما رأى ياسمين، اتجه نحوها.قال: "صباح الخير."أومأت ياسمين برأسها: "صباح الخير."توقف جواد قليلًا، ثم التفت وألقى تحية باردة على مالك: "صباح الخير."ابتسم مالك: "صباح النور."كان مالك قد جاء اليوم إلى شركة النخبة من أجل مناقشة التعاون.وياسمين، كونها من الشخصيات المهمة في الشركة، فمن المفترض أن تستقبل الطرف الزائر بحفاوة حين يأتون لزيارة الشركة.لكن بعد أن حيّا جواد كلاً من ياسمين ومالك، لاحظ أن ياسمين لم تلتفت إلى مالك إطلاقًا، بل واصلت السير للأمام دون أن تُبدي أي نية لاستقباله.هل كان هذا الموقف منها تجاه مالك بسبب علاقته مع ريم؟عند هذه الفكرة، التفت جواد وألقى نظرة على مالك.رغم أن ياسمين قد عاملته بهذه الطريقة، فإن وجه مالك لم يُظهر أي علامات انزعاج على الإطلاق.ولم يقل جواد شيئًا آخر.دخل الأربعة المصعد في صمت.وفي المصعد، وقف جواد إلى جانب ياسمين.كانت ياسمين ترتدي حذاء بكعب عالي، ووضعت مساحيق تجميل خفيفة، لكنها كانت جميلة ونظيفة كعادتها.ظل جواد يحدق في جانب وجهها الجميل، وكأن
ما إن اقترب حتى انتبه جواد إليه. فزمّ شفتيه بامتعاض، ونظرته إلى سليم امتلأت بالبرود والحدة.لكن سليم تصرّف وكأنه لم يرَ شيئًا، وواصل خطواته نحوهم دون أدنى تردد، ثم وقف أمام ياسمين، وسألها بهدوء: "عن ماذا كنتما تتحدثان؟"لم تلاحظ ياسمين التوتر الخفي بينهما، فأجابت: "عن أمور العمل."كونها قادرة على الحديث مع جواد بهذه الأريحية، يدل على أن جواد يتمتع بكفاءة مهنية عالية.بمعني آخر، بالمقارنة بسليم، لديها مواضيع مشتركة أكثر للتحدث مع جواد.بالإضافة إلى ذلك، أن جواد لا يزال يعمل حاليًا في مؤسسة النخبة وهذا يعني إن فرص لقائه بياسمين أكثر بكثير.حين فكر سليم في ذلك، خفتت ابتسامته قليلًا.كان على وشك أن يقول شيئًا، لكن هيثم حسن كان قد أتي إليهم.لاحظ وجود جواد وسليم بجوار ياسمين، بدا عليه بعض الاستغراب. لكنه لم يطل التفكير، بل قال: "أنتم جميعًا هنا."وما إن أنهى عبارته، حتى اقترب مالك برفقة ريم، فقال مالك: "أستاذ هيثم."أجابه هيثم بابتسامة باهتة: "هل من أمر يا أستاذ مالك؟"رد مالك قائلًا: "أردت التحدث معك بشأن مشروع ما، لا أدري إن كان يهمك."كانت شركة التكنولوجيا التابعة لمجموعة فريد، تعد من
لكن، لم يتحدث أيٌّ منهما لتوضيح الأمر.كانت ياسمين وهيثم يتحدثان مع بعض الأشخاص، ولم ينتبها لتبادل النظرات الذي وقع بين الآخرين.لم تكن ياسمين قد تناولت العشاء، وبعد الحديث لبعض الوقت، انسحبت من وسط الحضور، وتوجهت إلى ركن الطعام لتأكل شيئًا.لحق بها جواد وبادر بالتحدث إليها.كان هشام موجودًا بالقرب من ركن الطعام، وعندما رأى المشهد، بدا وكأنه لاحظ شيئًا غير متوقع، فتجمّد في مكانه للحظة، ثم تمتم: "تبًا"، واستدار عائدًا إلى حيث كان مالك فريد وريم، وقال لمالك: "هذا جواد، يبدو أنه وقع في حب بياسمين، النظرة التي ينظر بها إلي ياسمين... مم!"وعندما سمع مالك ذلك، نظر في الاتجاه الذي أشار إليه هشام، فرأى ياسمين تتحدث مع جواد.حينما نظر جواد إلي ياسمين وهو يحني رأسه قليلاً، كانت نظرته إليها بالفعل تحمل ذلك القدر من الرقة والحنان، كما ينظر الرجل إلى امرأة يكنّ لها مشاعر.بل إنه كان يتعامل معها بلطف بالغ، إذ أخذ منها الكوب الفارغ ووضعه جانبًا، ثم ناولها قطعة حلوى من الطبقة العليا، ووضعها في يدها بهدوء…حين رأى مالك رقة جواد واهتمامه البالغ تجاه ياسمين، رفع حاجبيه باهتمام واضح دون أن يعلق.أما ريم،
استمر سليم في تجاهلها.في تلك اللحظة، جاء أحدهم لتحيته.كان ذلك الشخص يعرف ياسمين وهيثم أيضًا.فبدأ الأربعة في الدردشة معًا.وجدت سلمى نفسها وحيدة في الجانب، دون أن يلقي أحدٌ لها بالًا، فازداد شعورها بالإحراج واضطرت إلى المغادرة بخزي.من الجهة الأخرى، نظر هشام نحو سليم وقال: "يبدو أن علاقة سليم بهم تتحسن أكثر فأكثر."والمقصود بكلمة"هم" هنا بالطبع ياسمين وهيثم.وكانت ريم توافقه الرأي.ففي النهاية، لو كانت علاقة سليم بهيثم مجرد تعاون عمل بحت، لكان يكفي تبادل التحيات والعبارات المهذبة في مثل هذه المناسبة.لكن سليم ظل يتحدث مع هيثم وياسمين لفترة طويلة.بدا أن سليم، هيثم وياسمين في طريقهم ليصبحوا أصدقاء.بالطبع، في نظرها، سبب تقارب سليم من هيثم هو أن هيثم يستحق صداقته حقًا.أما ياسمين فمجرد إضافة عرضية لا أكثر.عندما سمع مالك هذا، نظر أيضًا نحو ياسمين والمجموعة، لكنه لم يبدِ أي رد فعل.وسحبت ريم نظرها أيضًا، لتفاجأ بظهور جواد في قاعة الحفل.تبع مالك نظرتها ورأى جواد أيضًا.كان جواد يرتدي ملابس رسمية، وبدا أكثر برودة ووسامة من المعتاد.عندما التقت عيناه بنظرة ريم، رأى ريم ومالك أيضًا.عندما