Share

الفصل 311

Author: سفينة الحلم
اتكأت نيرة على ذراعها لتنهض. كانت وجنتاها باردتين؛ فقد جاءت إلى المستشفى مرتدية بيجامة وردية خفيفة ذات أكمام طويلة وسروال طويل. بحث باهر عن ثوب يلقيه على كتفيها.

لكن لم يكن في الغرفة سوى البطانية الثقيلة التي تغطي جسده.

فخلع باهر قميص بيجامته السوداء ووضعه على كتفيها.

ثم استلقى على جانبه، وكان لا يزال يشعر ببعض الألم في معدته، فقبض بيده على بطنه وانتظر ريثما يهدأ الألم، لكنه لما نظر إليها وهي نائمة، زال عنه العطش والألم أيضًا.

كان يمد يده بين الحين والآخر، يزيح خصلات شعرها المتدلية على خدها، برفقٍ خلف أذنها.

كانت تبدو هادئة مطيعة وهي نائمة.

تتنفس بسلاسة هدوء.

ورموشها الطويلة ترتجف بخفة بين الحين والآخر.

سقطت خصلة صغيرة على خدها مرة أخرى، فمد باهر يده ليزيحها إلى الخلف، ففتحت نيرة عينيها.

كانت الشمس قد أشرقت.

دعكت نيرة رقبتها المتألمة من التعب، ونظرت إلى باهر وهو مستلق على سرير المستشفى، ثم جلست فسقط القميص عن كتفيها.

كانت بيجامتها حريرية ملساء، وملابس باهر كذلك.

لذا عندما جلست، انزلق عنها قميص البيجامة الرجالية.

مدت نيرة يدها –بحركة لا إرادية- لالتقاطه.

ثم تجمدت لوهلة، ونظرت مرة أخرى إ
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • ضباب حالم   الفصل 325

    لمست جبينه مجددًا وهي تُبعده.فشعرت وكأن حرارته مرتفعة قليلًا، لكنها لم تكن حارّة بشكل مفرط.أرادت أن تعيد لمس جبينه لتتأكد، لكن فجأة فتح باهر عينيه.لم ينم طوال الليل، وعندما استيقظت نيرة، كان يعرف ذلك، فقط لم يكن فتح عينيه بعد.كان صداع خفيف يعتصر رأسه، وعيناه متورمتين قليلًا من التعب.فعرف أنه مصاب بحمى خفيفة، فوفقًا للعلاج المعتاد، لم يكن موعد خروجه من المستشفى قد حان بعد، خاصةً وأنه استحم بماء بارد الليلة الماضية.نظر إلى نيرة، وابتسامة خفيفة ارتسمت في أعماق عينيه.قبل أن تتفوه بأي كلمة، همس بصوت خشن قليلًا من خشونة الصباح، وشفتاه تلمسان أذنها برفق، "أنا طبيب جاهل…"نهضت نيرة، متجاهلة إياه.جسده ملكه، فليفعل ما يشاء.ذهبت إلى الحمام لتغتسل، وعندما نظرت إلى انعكاسها في المرآة، شعرت بعلامات الليلة الماضية على صدرها، لتعلم أن ما حدث لم يكن حلمًا.أجرت مكالمة قصيرة مع ابنتها.قالت سوسو إن العم كرم جاء صباحًا ليحضر لها الإفطار، وهو الآن عند الباب بانتظارها للذهاب إلى المدرسة.فطلبت نيرة من سوسو أن تعطي الهاتف لكرم.وسألته، "المساعد كرم، كيف عدت إلى مدينة الذهب بهذه السرعة؟ هل انتهى الع

  • ضباب حالم   الفصل 324

    غطّت نيرة وجهها بالغطاء.لم يكن الغطاء الصيفي الخفيف خانقًا في البداية، ومكيف الهواء البارد ينساب بهدوء في الغرفة، لكن مع مرور الوقت، ظهرت طبقة خفيفة من العرق على جبينها الناعم والناصع.سحبت الغطاء برفق، لتواجه عينيه السوداوين الداكنتين، احتضنها الرجل، من خلال الغطاء الرقيق، محاصرًا إياها بين ذراعيه.شعرت نيرة بقشعريرة تسري في عمودها الفقري من شدة تلك النظرات المكشوفة والملتهبة.همست بصوت خافت، "اليوم، لا يمكن."فأجابها باهر، وهو يدعم جسده بيديه، واضعًا كفّه على جانب شعيراتها الطويلة، "حسنًا… لنؤجّلها إلى ليلة زفافنا."انحنى، وقبّل شحمة أذنها الصغيرة والندية، وكأن شغفه يروي عطشه، فتدفّقت دماؤها إلى وجهها بسرعة البرق، وانتشرت حرارة تصعق نصف وجهها.لم يكن يتوقع حساسية نيرة إلى هذا الحد؛ وجهها تغيّر لونه كالحرباء.عُدل عن قبلة الأسنان بخفوت، وتركها لتستعيد وعيها، وعاد ليحتضنها فقط، مغمض العينين، تنفسه الهادئ يلامس وجهها."نامي…" قال بصوت منخفض ومليء بالحنان.تحت الغطاء، كانت أصابع نيرة تتلمس خاتمها، وتستشعر بريق الماس وملمسه الغريب بين أصابعها، تذكّر نفسها مرارًا أنها على أعتاب الزواج من

  • ضباب حالم   الفصل 323

    في تلك الليلة، كان الاثنان نائمين على السرير، بكامل ملابسهما.سألت نيرة بصوت خافت كيف حُفظت شجرة الكرز.أجابها باهر أن قرية آل المحمدي قد هُدمت كلها آنذاك، لكن تلك الشجرة العتيقة نجت. اقتُلعت جذورها، وكانت متشابكةً امتدت عقودًا في أرض الدار. جذعها سميك وقوي، ولأن قلعها بدا إهدارًا، اقترح بعض العمال بيعها، فهي تساوي مئات الدولارات على الأقل.ربما هو القدر وحده.فالشجرة دارت بين أيدٍ كثيرة، وفي النهاية اشتراها هو.يوم اشتراها، كانت جذورها متعبة، فاستعان ببستانيا يعتني بها، ثم اشترى هذا البيت ليجمعهما معًا.التفت نحوها، وضمّ نيرة إلى صدره.انهمر صوته الرقيق فوق جبينها مع كل قبلة، "إن رغبتِ أن نبقى في مدينة الذهب، سنبقى. وإن أردتِ العودة، سنأخذ جدتكِ معنا."تلك الليلة لم يغمض له جفنا.كان ينتظر الفجر… ومع ذلك يخشاه.يريد أن يطيل حضنها، فإن غيّرت رأيها صباحًا، فليته يمدّد هذه الليلة إلى ما لا نهاية.استدارت نيرة، وولّت ظهرها له.فعانقها من الخلف، فبديا كملعقتين متعانقتين.ناما على فراش واحد، تحت غطاء صيفي خفيف، والصمت يملأ المكان، إلا نفَس المكيّف.وإلى جانب ذلك، شيء آخر.لم تكن نيرة نائمة.

  • ضباب حالم   الفصل 322

    تلفتت نيّرة حولها، فتذكرت عبارة "تحت الإزالة" المكتوبة بحروف كبيرة على الجدار أمام بيتها الذي نشأت فيه، وتذكرت تلك الحفّارة وهي تُطيح بالجدار، مُحوِّلة المكان إلى أرض مستوية يتصاعد منها الغبار في الهواء كغيوم كثيفة.كانت شجرة الكرز التي زُرعت منذ نعومة أظافرها في الفناء.كانت تُثمر كل عام.وقد اقتلعت الحفّارة هذه الشجرة من جذورها، فكيف عادت كما كانت؟ يمكن إعادة كل شيء في الفناء...لكن هذه الشجرة، كيف يمكن أن تعود كما كانت في طفولتها تمامًا؟وحتى لو عادت الشجرة، فلن تكون كما كانت عليه في طفولتها.دارت نيّرة حول الشجرة فلاحظت النقش المحفور عليها.ثم تذكرت حين كانت تلهو وتحب التسلق لقطف الكرز.حينها، حفرت اسمها على الشجرة باستعمال سكين صغير.وكان اسمها آنذاك "صافي"، ولكن نظرًا لطول اسمها، كتبته بخط صغير، وعندما علم جدها بما فعلت، وبّخها قائلًا إن الشجرة كائن حي لا يجوز نقش الحروف عليها، عندها بكت صفاء وراحت تتحسس الشجرة وتعتذر لها.ومع مرور الوقت، تحول النقش -بفعل الرياح والشمس وعوامل التعرية- إلى ندب على لحاء الشجرة، ومع ذلك ظل من الممكن تمييزه.في تلك اللحظة، مرّرت نيّرة أصابعها بلطف على

  • ضباب حالم   الفصل 321

    وخاصة بالنسبة لشخص ذي ملامح باردة مثله.ظهرت على باهر ملامح الشعور بالبرودة، وهذا غريب في هذا الصيف الخانق.كأنّه أدرك جواب نيرة، وفي غضون ثوانٍ قليلة، كاد قلبه أن يتمزق. راح يوسوس لنفسه آلاف المرات ليُقنعه بنسيان الأمر.قال: "توقف على جانب الطريق من فضلك يا عم أمين."جنح السائق إلى الرصيف وخفّف السرعة.نزل باهر وتوجّه إلى جانب السيارة، وفتح الباب، كانت مفاصل أصابعه بارزة وهو يمسك بمقبض الباب بإحكام، وثمة ابتسامة تتسلل إلى زوايا شفتيه.قال بنبرة خفيفة تخفي ألمًا لا يعرف مصدره: "هل أنتِ متأكدة أنك لا تريدين الزواج مني؟ ادخلي الآن لتسجيل عقد الزواج، وحتى لو انفصلنا غدًا، فستحصلين على نصف ثروتي."لم تنزل نيرة، بل جلست داخل السيارة وهي تنظر إليه بعينين صافيتين.كانت تمسك العملة المعدنية بكفّها، وبدأ العرق يظهر على جبهتها، وكان باهر يقف في الخارج تكسو الشمس الحارقة وجهه الشاحب ببعض الحمرة.فبدا على وجهه مزيج من الضوء والظل.كان يرتدي قميصًا أبيض، فوضع يده على سقف السيارة وفتح الباب باليد الأخرى، وانحنى لينظر إليها.بدا وكأنه يريد منها النزول، لكنه في الوقت نفسه كان يحجز طريقها بجسده.قالت ن

  • ضباب حالم   الفصل 320

    يوم الاثنين.كانت سيارة مايباخ سوداء اللون تدور حول مبنى سجلّ الأحوال المدنية في مدينة الذهب، تسير دورة بعد أخرى، ببطء شديد… لكن دون أن تتوقف.في الداخل، وبعد عددٍ لا يُحصى من الدورات، رفع السائق نظره غريزيًّا إلى المرآة.كان السيد باهر جالسًا في الخلف، ببدلته الداكنة، وقامته المستقيمة، وهيبته التي لا تخطئها العين.وإلى جواره جلست امرأة.ترتدي قميصًا أزرق بسيطًا، هادئة ونقية الملامح، يكتنفها سكون جميل.منذ أن صعدت السيارة، لم تنطق بكلمة.السائق، وهو من أهل المدينة، ويعمل لدى مدير الفرع المحلي لمجموعة الدالي في مدينة الذهب، وكان يقود السيارة مؤقتًا للسيد باهر. كان أيضًا فطنًا، يعلم أنه لا يجب أن يتدخل في أمور لا ينبغي له، ولا حتى أن يفكر في أمور لا ينبغي له. وكان يعرف جيدًا أن في بيوت الكبار، لا زواج بلا مصلحة، ولا خطوة بلا حساب. ومع ذلك، جاء باهر إلى سجلّ الأحوال المدنية ومعه امرأة…!كانت سيارة المايباخ تدور حول الشارع الرئيسي أمام المبنى، حلقة بعد حلقة.أما نيرة، فقد كانت تحدّق عبر النافذة…حتى أنها أحصت أشجار الجنكة المصطفة على جانبي الطريق خارج نافذة السيارة.ضغطت المرأة على كفّها،

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status