الفصل 2

عندما التقطت المسبحة البوذية، شعرت بشيءٍ غريب على سطح الخرزات.

تحت ضوءٍ خافتٍ، تمعنت جيدًا لأكتشف أن كل خرزة منقوش عليها كلمة.

"هناء."

في هذه اللحظة، انطفأ الأمل في قلبي تمامًا.

...

في صباح اليوم التالي، قلت لجاسم: "لنذهب معًا إلى عائلة جلال."

تجمدت تعابيره للحظة، لكنه سرعان ما استعاد هدوئه وقال: "حسنًا، سنذهب لنقدم الهدية ثم نعود."

كنت أعرف أنه لا يرغب في ذهابي، خوفًا من إزعاج هناء.

لكنني أردت فقط رؤية عائلتي للمرة الأخيرة.

ففي الغد، سأكون مستعدة للمغادرة.

عند وصولنا إلى منزل عائلة جلال، كان المكان يعج بالضيوف يحتفلون بالخبرين السارين: "حمل هناء، ومشاركتها في المعرض الدولي للفنون."

وسط الحشد، كانت هناء محطّ الأنظار، والجميع يثني على لوحتها المقدمة للمسابقة، ويؤكدون فوزها بالجائزة الكبرى.

وذكروا أن اللوحة قد زُينت بإهداء من الخطّاطة مراد، مما جعلها تحفة فريدة.

عندما دخلت، تغير تعبير وجهها للحظة، لكنها سرعان ما استعادت اتزانها.

قالت بتعبير ملائكي وصوتٍ مليءٍ بالسخرية: "أختي جاءت أيضًا؟ ألديك وقت فراغ إلى هذا الحد؟"

تجاهلت استفزازها، ووقعت عيناي على اللوحة المعروضة.

كان عملًا أعرفه جيدًا لدرجة الألم.

لوحة أنجزتها منذ سنوات واحتفظت بها في مكان خاص، لم أعرضها أبدًا.

كيف وصلت إلى هنا؟ كيف أصبحت عملها المقدم للمسابقة؟

نظرت إليّ هناء بنظرة ساخرة، ثم اقتربت وقالت بنبرة ناعمة مشبعة بالتحدي: "أتحبين هذه اللوحة كثيرًا يا أختي؟"

ألقيت عليها نظرة باردة، وقبل أن أتمكن من الرد، صرخت فجأة: "لا!"

لم أتمكن حتى من التفاعل، قبل أن ترتمي للخلف متظاهرة بالألم وهي تمسك ببطنها.

تحول المكان إلى فوضى عارمة: "ماذا حدث؟"

"إنها حامل، كيف تجرؤين على دفعها؟!"

"أحضروا الطبيب فورًا!"

وسط هذه الفوضى، سمعت صوتًا مليئًا بالقلق ينادي: "هناء!"

قد لا يميزه الآخرون، لكنني تعرفت عليه فورًا.

كان صوت جاسم.

كانت الشفقة في عينيه واضحة لدرجة مزقت آخر خيوط الأمل في قلبي.

عندما لاحظ أنني رأيته، استعاد رباطة جأشه بسرعة.

نظر إليّ وقال بنبرة لطيفة لكنها تحمل توبيخًا خفيًا: "بغض النظر عن الظروف، هي حامل الآن، لم يكن عليكِ دفعها!"

في تلك اللحظة، وصل خبر تأهل اللوحة للنهائي وإمكانية فوزها بالجائزة الذهبية.

ظهر على وجهه فرح لم أره طوال السنوات الخمس الماضية.

سألته بهدوء: "كيف تكون لوحة هناء مطابقة للوحتي؟"

تصلب للحظة، ثم قال محاولًا تبرئتها: "ربما صدفة، أو تشابه في الأسلوب..."

ضحكت ساخرة دون تعليق.

تلك اللوحة كانت محفوظة في معرضي الخاص، ومفتاحه بحوزة قلّة فقط.

بالإضافة إلى الإهداء عليها.

رغم استخدامه اسمًا مستعارًا "مراد"، لكن الخط كان مطابقًا تمامًا لخطه في كتاباته البوذية.

كيف وصلت اللوحة إلى هنا؟ ومن فعل هذا؟ الجواب واضح.

كانت هذه اللوحة هدية أعددتها لذكرى زواجنا الخامس.

أدركت الآن أن زواجنا نفسه كان خدعة، واللوحة أصبحت بلا معنى.

ابتسمت، ابتسامة جافةٌ لا تحمل أيَّ مشاعر.