LOGIN"تعبير؟" ارتفع آخر صوت جليل قليلا، وبدا على شفتيه ابتسامة غامضة، لكن نظرته الحادة كانت مثبتة على وجه سليم، وكأنه ينتظر ما سيقوله بعد ذلك.اختنق سليم بكلمات جليل التي قلبت الموقف عليه، فتحول وجهه إلى أقصى درجات الكآبة.لم يتوقع أن يكون جليل بهذا الوضوح، لا يترك له أي مساحة لحفظ ماء الوجه، ولم يتوقع أن يجاهر بالدفاع عن ورد حتى وإن أدى الأمر إلى القطيعة معه.قال سليم محاولا الحفاظ على رباطة جأشه: "السيد جليل يبالغ، فما حدث بالأمس في المنتجع لم يكن سوى سوء تفاهم.""سوء تفاهم؟" بدا أن جليل سمع نكتة ساخرة، فارتسمت على شفتيه ابتسامة استهزاء، بينما ازداد بصره برودة: "أتسمي افتراءك العلني على حبيبتي ورد، وإهانتك لكرامتها، سوء تفاهم؟""سوء التفاهم الذي تتحدث عنه يا سيد سليم، ثمنه باهظ جدا." كان صوت جليل لا يزال هادئا، لكن ضغط كلماته كان كجبل يطبق على صدر سليم.ازداد وجه سليم اسودادا، وهو يدرك أن جليل يجبره على الاعتذار. لكن.. هذا هو سيلم!أن يعتذر لورد؟مستحيل!"السيد جليل، تعلم أن مجال الأعمال لا يخلو من الاحتكاكات، فلماذا كل هذا التدقيق؟" حاول سليم تغيير مجرى الحديث، هاربا من الاعتذار.لكن جلي
"السيد جليل، وأنت في هذا العمر الصغير، وقد حققت مثل هذه الإنجازات في عالم الأعمال، إنه أمر يدعو للإعجاب حقا.""لا أدري، إلى أي مجال تنتمي عائلة السيد جليل في أعمالها التجارية؟"رفع جليل فنجان الشاي بهدوء، ورشف منه رشفة صغيرة، وبدا مظهره متماسكا."عائلتي مجرد تجار عاديين، ولا نملك مؤسسات ذات حجم يذكر، فلا داعي لأن يضحك السيد سليم من بساطتنا."."أوه؟ حقا؟" رفع سليم حاجبيه متسائلا، ونبرته تحمل لمسة من التفحص" على حد علمي، يبدو أن العلاقة بين السيد جليل ومجموعة الفخم جيدة؟"ابتسم جليل وهو يضع فنجانه جانبا."مجموعة الفخم عملاق تجاري، ومن ذا الذي لا يتمنى أن يحافظ على علاقة طيبة معهم؟""شخصيا، كنت دائما أتابع تطور مجموعة الفخم عن كثب، وأتمنى أن تسنح الفرصة يوما للتعاون معهم."ظل سليم يثبت نظره في عيني جليل، محاولا أن يلتقط من ملامحه أي بادرة ارتباك."هل هو مجرد اهتمام ورغبة في التعاون؟" قال سليم بنبرة تحمل إيحاء خفيا: "سمعت أن لك نفوذا ملحوظا داخل مجموعة الفخم."لكن جليل بقي هادئ الملامح، وصوته لا يشي بأي اضطراب."السيد سليم يمزح لا أكثر، فأنا مجرد رجل أعمال عادي، فأي نفوذ يمكن أن يكون لي؟"
كان ينظر إلى ورد وهي تزداد ثقة بنفسها وتحقق نجاحا تلو الآخر، فشعر في داخله بمزيج من الارتياح والحنين.ارتياحه كان لأنها أخيرا تخلصت من ظلال الماضي، وأصبحت أقوى وأكثر إشراقا.أما حنينه فكان لأنه لا يزال يخفي حقيقته، وهذا الإخفاء أشبه بحاجز غير مرئي يفصل بينهما.في مجموعة عائلة عباس، كان سليم يقطب جبينه بشدة.بدت التناقضات في شخصية جليل كغيمة ضبابية، فهو يظهر كرجل أعمال ناجح عادي.لكن قدرته على تحريك الرأي العام بسهولة، ونفوذه داخل مجموعة الفخم، أمر غير منطقي.فإن لم يكن هو، فمن الذي يقف خلف ورد إذن؟ كيف له أن يراقب أخبارها عن كثب، ثم لا يعرف القوى التي تسندها؟كلما فكر سليم شعر أن الأمور لا تسير على نحو صحيح، فقرر أن يختبر جليل بنفسه، والتقط هاتفه واتصل به.سرعان ما أجيب الاتصال، وجاءه صوت جليل الدافئ: "مساء الخير، السيد سليم."كبح سليم ضيقه، وحاول أن يجعل صوته هادئا."مساء الخير يا سيد جليل، أنا سليم.""أعتذر عن الإزعاج، لكنني أود لقاءك لنتحادث قليلا، هل لديك وقت؟"جاء صوت جليل كما هو، هادئا لا يحمل أي انفعال."دعوة من السيد سليم شرف كبير، عم تريد أن نتحدث؟"توقف سليم لحظة قبل أن يتابع
"شكرا لك اليوم، حبيبي." التفتت ورد نحو جليل وقالت بصدق: "لو لم تكن معي، لما عرفت كيف أنهي الأمر.""لكن تصرف سليم اليوم بهذه الفوضوية، كان حقا مخزيا." لم تستطع ورد حين تذكرت هيستيريته في المنتجع إلا أن تهز رأسها بيأس ونفور.تغير بصر جليل إلى البرود، وقال بنبرة هادئة: "لا تعيري له أي اهتمام، إنه لا يفعل سوى أن يغار لأنك تعيشين أفضل منه الآن.""أعلم ذلك." أجابت ورد بصوت منخفض، نبرتها ثابتة وواثقة: "لن أدعه يؤثر علي مجددا."عند عودتها إلى الشركة، سرعان ما انغمست ورد بكامل طاقتها في العمل.كان مشروع التعاون مع مجموعة الفخم يجري على قدم وساق، وكان عليها أن تكرس نفسها لضمان تقدمه بسلاسة.بعد فترة من التحقيق، اكتشف سليم أن لجليل عدة مشاريع تجارية ناجحة فعلا، لكنه لم يجد أي دلائل على امتلاكه سلطة مطلقة أو أنه يمكن أن يكون "السند" الذي تعتمد عليه ورد.الأمر الذي زاد حيرته.التقت ورد وجليل بقيادات مجموعة الفخم لحسم تفاصيل اتفاقية التعاون.عقد الاجتماع في مقر مجموعة الفخم الرئيسي، حيث وصل ورد وجليل مبكرين.كانت قاعة الاجتماعات واسعة ومضيئة، أنيقة وراقية، تجسد قوة هذه الشركة العملاقة وعمقها.دخلت و
تنفست ورد بعمق، وعيناها حادتان كسيفين، تحدقان مباشرة في سليم، وأعلنت بكلمات واضحة وقاطعة: "سليم، أقولها لك اليوم، أنا لا أحتاج إلى صدقة من أحد، ولا إلى أن أبيع نفسي لأجل النجاح!""سأعتمد على قدرتي وحدها، وأقف شامخة على القمة بكرامة!"كان جليل يحدق بورد، وعيناه تغمران بالشفقة والإعجاب.لقد رأى ما تخفيه خلف مظهرها القوي من هشاشة، كما رأى استقلاليتها وشجاعتها في الحب والكره، تلك الصفات المميزة التي تتحلى بها.مشاعره تجاه ورد، في تلك اللحظة، ازدادت عمقا ورسوخا.شعر موظفو المنتجع وبقية الضيوف بصدمة مما رأوه أمام أعينهم.أخذوا يتجمعون، يتهامسون مشيرين بأصابعهم نحو سليم وورد، فغدت الأجواء مشحونة بالحرج والتوتر.لم ترغب ورد في الاستمرار بالجدال مع سليم أمام الناس.التفتت نحو جليل وقالت بصوت خافت: "حبيبي، هيا نرحل."أومأ جليل برفق، وأمسك يد ورد بقوة وهدوء، ثم اصطحبها مبتعدا عن المكان.غادر سليم المنتجع وهو يغلي غضبا، وحين عاد إلى الفيلا لم ينطفئ شيء من نيرانه المشتعلة في صدره.كل كلمة نطقتها ورد هناك، وكل تعبير على وجهها، ظل يعاد عرضه في ذهنه بلا توقف.خصوصا جملتها الأخيرة: "سأعتمد على قدرتي وح
"التعلق بأصحاب النفوذ، هذا حقا أسلوبك الدنيء!"ارتفع صوت سليم عاليا حتى كاد يدوي في أرجاء الحديقة كلها، فاجتذب أنظار الجميع إليه.الهدوء المترف الذي غلف المنتجع تمزق بصرخة سليم، وغمر الجو توتر خانق.شحب وجه ورد فجأة، لم تتوقع أن يهينها سليم علنا بهذا الشكل.خصوصا أمام جليل، وأمام نزلاء المنتجع الآخرين، كانت كلماته كسكاكين تمزق كرامتها.شعور بالحرج والغضب والمهانة اجتاحها دفعة واحدة، وارتجف جسدها بينما تشددت أناملها.أحس جليل بارتجافها، فانعصر قلبه ألما، واشتعل غضبه معها.تقدم خطوة ليقف كحاجز أمامها، ونظراته الحادة كالسيف اتجهت نحو سليم."سليم، احترم نفسك!" قال جليل بصوت عميق وحازم يحمل قوة لا جدال فيها."شرف حبيبتي ليس ساحة لمزاعمك الباطلة!""عليك أن تسحب كلماتك فورا، وأن تعتذر لها!" قال جليل بنبرة هادئة لكنها مشحونة بالقوة، معلنا دعمه وثقته الكاملة بها.رؤية جليل وهو يدافع عن ورد بهذه الحدة أججت نيران الغيرة في صدر سليم أكثر.فتيقن أن جليل هو السند الذي يقف وراءها، وهو سبب إذلاله."أعتذر؟!" ضحك سليم ضحكة غاضبة كأنها سخرية من العالم، "من تظن نفسك يا جليل؟ بأي حق تعظني؟""أنتم الاثنان م







