Share

الفصل 5

Author: برعم زنجبيل
امتعض وجه عامر، وعندما كاد يترك سارة، أمسكت به سارة قائلة: "عامر، ما زلت أشعر بتوعك، هل يمكن أن ترافقني لأخذ الدواء؟"

عقد حاجبيه، وأشاح بنظره حين اختفت لينة، ثم أومأ بهدوء.

رافق عامر سارة إلى الصيدلية لأخذ الدواء، واستدارت سارة لتنظر إليه، ورأته شارد الذهن، فابتسمت واقتربت قائلةً: "ماجد يريد الالتحاق بروضة أطفال خاصة يا عامر، لكن ليس لديه سجل مدني، كنت أفكر فيما إذا كان يمكن نقل ماجد مؤقتًا ليحمل اسمك..."

خوفًا من أن يرفض، أضافت سارة: "لا تقلق، إنه أمر مؤقت فقط، ولن يعلم به أحد على الإطلاق."

ثبت عامر نظره عليها.

لم تجرؤ سارة على تفادي نظرته، لكنها قبضت على يديها خفيةً: "عامر، هل... أنت مستاء؟"

قال عامر دون أن يغير تعبير وجهه: "ليس من اللائق أن انسبه إليّ. يمكنني جعل والدتي تتبناه كابنٍ بالتبني لها".

ابن عائلة خليفة بالتبني...

ألن يجعله هذا من نفس جيل عامر؟

إذا أصبح ابنها "أخاه الأصغر" اسميًا، فما موقفها هي كوالدته؟

ثبت نظره عليها، وازدادت عيناه عمقًا وهو يقول: "ألا ترغبين بذلك؟"

لم تجرؤ سارة على إظهار ما يجول في خاطرها، فقالت: "لا... دبر الأمر كما تراه مناسبًا."

همهم بخفوت، ولم يضف المزيد.

قبضت سارة يدها بقوة.

شعرت بالاستياء.

لكن بعد التفكير، وجدت أن هذا الأمر لا يمكن استعجاله.

ما دامت سارة قد أدخلت ابنها إلى عائلة خليفة، وكسبت ود كبار العائلة، فلن تشغل بالها بشأن عدم قدرتها على تحقيق مرادها.

...

لم يعد عامر طوال الليل.

في السابق، كانت لينة تترك النور مضاءً في انتظاره، لكنها لم تعد تفعل ذلك الآن.

وذلك لأن عودته من عدمها لم تعد مهمة.

كانت لينة في طريقها إلى المستشفى، لكنها صادفت سارة وابنها في الطابق السفلي.

كانت على وشك تجاوزهما، لكن سارة نادتها قائلةً: "يا دكتورة لينة!"

توقفت لينة واستدارت مجيبةً: "هل هناك خطبٌ ما؟"

"يا دكتورة لينة، هل... تكرهيني؟" كانت سارة تطالعها.

لم أكن أكرهها، ولكن لم يكن هناك داعي من حبها.

لم أكن أعرفها جيدًا.

"يا آنسة سارة، أنتِ تبالغين بالتفكير."

اقتربت منها سارة مصطحبةً ابنها: "حسنًا، ما دام الأمر كذلك. بالمناسبة، ألست ذاهبة إلى المستشفى؟ أنا أيضًا سأذهب إلى المستشفى بعد إيصال ابني."

"بما أن طريقنا واحد، فسأطلب من عامر أن يوصلك معنا."

تغير تعبير لينة قليلاً.

إذن، لم يعد إلى المنزل طوال الليل لأنه كان عند سارة.

لم يتم الطلاق بعد.

وها هو متعجل جدًا لعلاقة تجمعه بسارة.

قالت بنبرة مثقلة: "لا داعي، لدي سيارتي الخاصة."

أمسكت سارة بيدها قائلةً: "لا داعي للتكلف، فنحن من نفس المستشفى، وسيأتي عامر قريبًا."

كتمت لينة موجة الغضب التي اجتاحت قلبها بصمت.

تساءلت ما إذا كانت سارة تفعل ذلك عن قصد، وما إذا كانت تعرف بالفعل علاقتها بعامر، ولذلك كانت تتباهى بنفسها أمامها فحسب.

سحبت يدها بقوة قائلة: "قلت لكِ ألّا داعي لذلك."

فجأة، سقطت سارة على الأرض.

عندما رأى ماجد والدته تُدفع، تقدم ودفع لينة قائلًا: "أيتها المرأة الشريرة، كيف تجرؤين على دفع والدتي!"

سقط هاتف لينة على الأرض.

ولم يكتفِ ماجد بذلك، بل داس عليه بقوة عدة مرات.

"أليس لديك ذرة من الأدب!" قامت لينة بإبعاد ماجد، فسقط على الأرض وأخذ يبكي بصوت عالٍ.

رأى عامر هذا المشهد، فأوقف سيارته جانبًا ونزل منها، وخطا بخطوات واسعة نحوهم مناديًا: "لينة!"

في خضم الموقف، لم يهتم حتى بالقلق من معرفة سارة بعلاقتهما، وناداها باسمها مباشرة.

"أبي! هذه المرأة الشريرة دفعتني!"

كان ماجد يبكي بشدة، ويشعر بظلم عظيم.

استدارت سارة لتفحص إصابات ماجد بوجهٍ منزعج، وقالت: "يا دكتورة لينة، إذا كان لديك أي مشكلة، يمكنك توجيهها لي، لا داعي للاعتداء على طفل!"

تنفست لينة بعمقٍ وصرت على أسنانها قائلة: "لماذا لم تذكري يا آنسة سارة أي شيءٍ عن تعمده دعس هاتفي؟"

تجنبت سارة النظر إليها قائلةً: "ماجد... لم يكن يقصد ذلك!"

"قد يكون الدعس مرة واحدة غير مقصود، ولكن الدعس عدة مرات يسمى تعمدًا!"

"لينة."

اشتعلت عينا عامر غضبًا.

Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 30

    حدقت في الرسالة على شاشة هاتفها، وترددت للحظة قبل أن تقرر عدم الرد.ثم اتصل بها.شعرت بالارتباك بسبب كلمة "زوجي" التي ظهرت على الشاشة عند تلقيها الاتصال، لم تكن قد غيَّرت اسمه.لم يكن عامر الذي تعرفه ليتصل بها من تلقاء نفسه أبدًا.لم تعرف من متى بدأ الأمر، ولكنه أصبح الآن لا يكتفِ بمراسلتها، بل يقوم بالاتصال بها أيضًا؟رفعت لينة الهاتف إلى أذنها بتردد، وبدا صوتها مليئًا بالجفاء وهي تقول: "ما الأمر يا عامر؟"سمعت صوت قداحة من الطرف الآخر، بدا أنه يدخن، وكان صوته منخفض وممزوج بالكسل وهو يقول: "ألم تري رسالتي التي أطلب منك فيها الحضور إلى موقف السيارات؟""بما أن الآنسة سارة هنا، إذا كنت بحاجة إلى أي شيء، تحدث إليها." كانت لينة على وشك إنهاء المكالمة، حين ضحك بسخرية وقال ببرود: "هل اعتمادك على عمر الحسن جعلك بتلك الجرأة؟"قالت بعبوس: "ماذا تعني؟""المعنى واضح." قال وهو يتكئ على باب سيارته، ويعبث بالقداحة بنفس اليد التي يمسك بها السيجارة: "صبرِي له حدود."أنهت لينة المكالمة دون أن تضيف كلمة.دخلت موقف السيارات تحت الأرض، ووقعت عيناها فورًا على وجه عامر الوسيم والمنحوت.نفس المثالية المعتادة

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 29

    عجزت سارة عن الرد على ذلك التعليق، واحمر وجهها غضبًا.ماذا تعني تلك السافلة؟كيف تجرؤ على السخرية منها؟سمعت سارة حركة في الممر، فسرعان ما أعادت الهاتف إلى مكانه وابتعدت جانبًا.دخل عامر وندى الشامي المكتب.نظر عامر إليها، وقال وحاجباه مقطبان قليلًا: "هل خرجت من المستشفى؟""نعم. قال الطبيب إن حالتي ليست خطيرة، ويكفي أن أرتاح لبضعة أيام." اقتربت سارة منه، ولاحظت أنه يجلس على مكتبه وهاتفه في يده، فسرعان ما غيرت الموضوع قائلةً: "لم يرك ماجد منذ فترة، هل ترغب في تناول الغداء معًا يا عامر؟"لم يفتح سجل مكالماته، بل اكتفى بإلقاء نظرة على دردشة مجموعة العمل الداخلية للشركة قبل أن يهمس: "حسنًا."أشرق وجه سارة بالسعادة.في هذه الأثناء، بعد أن أنهت المكالمة بوقت قصير، توجهت لينة إلى المطعم لمقابلة عمر حسن.عندما رأت أنه ينتظرها على الطاولة، أسرعت في خطاها قائلةً: "آسفة، أرجو أني لم أجعلك تنتظر طويلًا.""لم أنتظر سوى بضع دقائق، لا تقلقي." وضع عمر فنجان الشاي على الطاولة، وأرسل مقطع الفيديو المُعاد استرجاعه من كاميرا المراقبة إلى هاتفها قائلًا: "لحسن الحظ، لم يكن من حذفه محترفًا. وإلا، لاستغرقت اس

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 28

    جلس عامر ببطء على كرسي المرافقة، وعقد ساقاه الطويلتان. كان طويل القامة، عريض المنكبين، وقامته الممشوقة تبرز بشكل أنيق في أي نوع يرتديه من الملابس، فكان يفيض وسامةً وهيبةً، بوجهٍ نضر كالأحجار الكريمة.كان الفتى الأكثر شعبية في الجامعة، فارس أحلام جميع الفتيات في الحرم الجامعي. أما في الخفاء، فقد دلّل سارة لثلاث سنوات، وكاد أن يتزوجها.كلما فكرت سارة في هذا الأمر، ازداد اضطرابها.وكذلك شعورها بالندم!"ما الذي حدث في مأدبة العشاء بالضبط؟"تجمدت سارة للحظة، فلم تكن تتوقع أن هذا أول ما سيسأله، فأخذت تتصنع البكاء وهي تقول: " كان إهمالًا مني، لقد أخطأت في رقم الغرفة، ولهذا تعرضت لينة للخطر. لذلك مهما فعلت بي، فسأقبله."بدت تعبيرات وجه عامر معقدة بعض الشيء، ولم يردّ عليها.وكلما طال صمته، ازداد القلق في قلب سارة."عامر، ألا تصدقني؟""أصدقك." قال بعد لحظة صمتٍ قصيرة: "لا تبالغي في التفكير بالأمر."تنفست سارة الصعداء حين سمعت إجابته، ثم مالت بجسدها نحوه محاولة الاتكاء عليه، وقالت: "إذن بشأن هذا الأمر..."لكن في تلك اللحظة، نهض عامر واقفًا وقال: "سأتدبر هذا الأمر."اضطرت إلى التراجع بسرعة، وكادت

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 27

    "لقد أرسلتني للترفيه عن الرجال، وخدعتني لأدخل غرفة خاصة تابعة لأشخاصٍ آخرين، وحتى أنك جعلتهم يجبرونني على شرب الكحول وتخديري." سخرت لينة ببرود: "أساليبك مروعة حقًا أيتها المديرة سارة."تهامست الممرضات القريبات فيما بينهن بغير تصديق.تغيرت تعابير وجه سارة قليلًا وهي تقول: "لم أفعل ذلك!""يا لينة، يمكن للمسؤولين الحكوميين الذين كانوا بانتظارك بالأمس أن يشهدوا بعدم حضورك...""ذلك لأن تفاصيل الغرفة الخاصة التي أعطيتني إياها كانت خاطئة!""أنا حقاً لم أفعل..."أخرجت لينة هاتفها، وأرتها الرسائل التي أرسلتها الليلة الماضية، وقالت: "هل أطلب من الموظفين الحكوميين التحقق من ذلك؟"تجمدت سارة فجأة في مكانها.لقد نسيت ذلك تمامًا!توجهت عيناها نحو شخص معين، وبرد فعل سريع، أمسكت يد لينة ورفعتها لتضرب وجهها قائلةً: "يا لينة، لقد أسأت فهمي حقًا! أعترف بذلك، كان الأمر بسبب إهمالي إذ أخطأت في رقم الغرفة. اضربيني! لقد عرضتك للخطر. أنا أستحق غضبك!"حاولت لينة سحب يدها، لكن سارة سقطت على الدرج المجاور في تلك اللحظة بالذات.صدم هذا المشهد لينة وكذلك الممرضات الحاضرات."يا دكتورة لينة، ماذا تفعلين؟"شهد المدير

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 26

    توقفت لينة فجأة وقبضت على كفيها.وحين رأى عامر أنها لم تستدر، ضحك بسخريةٍ وسد طريقها قائلًا: "إذا كنتِ تأملين في الحصول على مساعدة السيد عمر، فهذا غير ممكن. لا يمكن لعائلة الحسن التدخل في شؤوني."انهارت مشاعر لينة، وبالكاد استطاعت أن تقول بصوتٍ مبحوحٍ ومختنق: "يا عامر خليفة، ماذا تريد بحق السماء؟"ألقى عامر معطف عمر في سلة المهملات، وخلع سترته، وسار مباشرة نحوها.لم يكن لدى لينة الوقت الكافي للرد.في اللحظة التالية، غطاها بمعطفه.طوّق عامر كتفيها بذراعه، ورغم مقاومتها الطفيفة، إلى أنه أرشدها بالقوة إلى السيارة.نظرت لها ندى من مقعد السائق، وأومأت برأسها تحيةً لها قائلةً: "أهلًا يا آنسة لينة."شعرت لينة بدوار لا إرادي، فأشاحت بنظرها بسرعة إلى النافذة، ونظرت منها بعينين شاردتين.نظر إليها عامر، وأشار لندى بأن تقود.عندما وصلوا إلى مبنى مجمع السلام، نزلت لينة على الفور وأسرعت تجاه المبنى.ظل عامر جالسًا، وقال لندى: "تحققي من حادثة الليلة."أومأت ندى برأسها.عادت لينة إلى رشدها ببطء حين دخلت المنزل، وحينها فقط أدركت أن معطفه ما زال على كتفيها.نزعت المعطف ورمته على الأرض دون اكتراث، ثم أسر

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 25

    اتكأ رجل طويل القامة وذو بنية قوية على مقدمة السيارة، واضعًا سيجارة بين شفتيه. كان الضباب الأبيض الممزوج بالزرقة يحجب ملامحه، بينما تفحصت عيناه العميقتان الثاقبتان بسرعة معطف الرجل الملفوف حول كتفيها بتعبيرٍ غامض.نظر عمر غريزيًا إلى لينة قبل أن يوجه نظره إلى عامر: "هل ينتظر عامر أحدًا؟"ينتظر أحدًا...لم تعد سارة في المستشفى، فمن قد ينتظر؟هل يكون بانتظارها؟خطرت هذه الفكر في ذهن لينة، لكنها رفضتها باعتبارها فكرة سخيفة!أمال عامر رأسه للخلف، وهو ينفث الدخان، ثم ألقى عقب السيجارة على الأرض، وسحقه بقدمه. كانت نظرته، التي أصبحت الآن مشوبة بلمحة من التهديد، مثبتة على عمر وهو يقول: "السيد الشاب عمر، هل تحب التدخل في شؤون الآخرين لهذه الدرجة؟"التدخل في شؤون الآخرين...أصابت الكلمات الأربع قلب لينة، وشحب لون شفتيها. هل كان مخطط سارة ضدها الليلة من تدبيره حقًا؟شعرت ببرودة في أعماقها حين أدركت هذا، وجمدت أطرافها.لاحظ عمر انزعاج لينة، فحدق بعامر مضيقًا عينيه: "هل إنقاذ فتاة في محنة يعد تدخلًا؟"عقد عامر حاجبيه.وعندما كان عمر على وشك التحدث، أمسكت لينة بذراعه فجأة، وقالت بصوتٍ ضعيف: "يا عمر

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status