Share

الفصل 7

Author: برعم زنجبيل
ذهبت لينة إلى المستشفى لتفقد حالة المريض، وحين علم أهل المريض بأنها الجرّاحة التي أجرت العملية، كادوا ينحنون لها امتنانًا.

لكنها والطاقم الطبي أسرعوا بإيقافهم، وساعدوهم على الوقوف، وقالت: "ماذا تفعلون؟ إنقاذ الأرواح هو واجبنا."

قالت أم المريض المسنة وهي تبكي، وقد اختلطت دموع الحزن على المأساة بالفرح بنجاة ابنها: "لولاك لمات ابني بالفعل منذ وقتٍ طويل، لقد منحته أملًا بالحياة، أنا حقًا ممتنة لك."

كانوا قد اعتادوا على مشاهد الموت والحياة كأطباء، إلا أن إنقاذ حياةٍ من بين مخالب الموت يعد نعمةً عظيمة.

وقد تجاوز المريض الآن مرحلة الخطر بعد العملية، ولم يظهر عليه أي مضاعفات لاحقة مما يعد من حسن حظه بعد هذه المعاناة الطويلة.

ساندت لينة المرأة العجوز، وواستها ببعض الكلمات، ثم أعطتها بعض التعليمات قبل أن تغادر الجناح مع الطاقم الطبي.

عندما عادت إلى المكتب، تلقت فجأة اتصالًا من والدها السيد أحمد جابر.

أجابت على المكالمة بعد لحظةٍ من التردد.

"أيمكنك يا لينة أن تعودي مع عامر إلى المنزل لبعض الوقت؟"

استطاعت لينة تخمين ما يريده، فتجهم وجهها وهي تقول: "إذا كان لديك ما تريد قوله، فلتخبرني به."

"ما هذا الذي تقولينه؟ ألا يحق لنا أن نطلب منكما العودة إلى المنزل حتى لو لم يكن هناك أمر طارئ؟ يجب أن تعودا بعد الظهيرة."

أنهى الطرف الآخر المكالمة قبل أن تتمكن لينة من الرفض.

...

كان عامر في اجتماعٍ بالشركة حين تلقى رسالة سارة: (ماجد في الروضة الآن يا عامر، أشكرك، فلولاك لما تمكّن ماجد من الدراسة.)

ألقى نظرة عليها، ثم نقر على الشاشة بإصبعه مجيبًا بكلمتين: (لا بأس.)

وقعت عيناه على دردشة لينة بمجرد أن فتح تطبيق الواتساب.

ولاحظ أن آخر رسالة بينهما كانت في الثامن من الشهر الماضي.

كانت تسأله عما إن كان سيزورها في نهاية الأسبوع.

لكنه لم يجبها.

وحتى الآن، لم ترسل له أي رسالة أخرى.

كم هي صبورة!

بعد الظهيرة.

ترددت لينة كثيرًا أمام باب عائلة جابر قبل أن تدخل أخيرًا، وعندما رأتها أمها ناهد العلي، استقبلتها بابتسامةٍ قائلة: "لقد عدت يا لينة!"

ثم أطلت خارج الباب مجددًا.

وبدت خيبة الأمل على وجهها.

لاحظت لينة ذلك بالفعل، فقالت بلا مبالاة: "لا داعي لإلقاء نظرة، فقد عدت بمفردي."

بهتت ابتسامة ناهد بعض الشيء حين سمعت ذلك.

نزل السيد أحمد، وحين لم يرَ عامر، بدا على وجهه الاستياء قائلًا: "ألم أطلب منك إحضار عامر؟"

"إنه مشغول."

"ماذا تعنين بكونه مشغول؟ إنه زوجك! أي نوع من الأزواج لا يتصالحان بعد الشجار؟ ألا يمكنك حتى إقناع زوجك بالعودة إلى المنزل لتناول العشاء؟ يا لك من عاجزة!"

شعرت لينة بارتجاف قلبها.

لم يكن هناك من يستطيع فهمها واستيعاب أمرها.

ولا حتى عائلتها.

لم يسألها حتى عن السبب، بل بدأ يوبخها على الفور، ولم يتغير شيئًا طوال الست سنوات الماضية.

تذكرت كيف كان والداها في قمة سعادتهما حين تزوجت من عامر خليفة، ولم يهمهما مقدار مهرها في ذلك الحين.

ورغم أن عائلة جابر كانت أصغر وأقل ثراءً من عائلة خليفة، إلا أنها كانت لا تزال ميسورة الحال مقارنةً بعائلات الطبقة المتوسطة، ظنت في بداية الأمر أن والديها فرحان بصدقٍ لسعادتها.

لكن بعد زواجها، بدأ كلٌ منهما يضغط عليها لطلب المال من عامر مستغلين كونها زوجته، ففي البداية، كان الأمر مجرد طلب المال لشراء فيلا أكبر، وسيارة لأخيها الأصغر، أما فيما بعد، كان أبوها يذهب لعامر لتعويض ما خسره في تجارته.

كان ابنهما أكثر أهمية في نظرهما.

أما هي، فكانت مجرد مصدر أموالٍ لارتباطها بعائلةٍ ثرية.

قالت لينة بهدوءٍ شديد بعد أن استعادت رباطة جأشها: "أنا آسفة جدًا، فأنا سأتطلق منه."

بمجرد أن سمع والدها كلمة الطلاق، شحب وجهه وصفعها على وجهها.

Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 30

    حدقت في الرسالة على شاشة هاتفها، وترددت للحظة قبل أن تقرر عدم الرد.ثم اتصل بها.شعرت بالارتباك بسبب كلمة "زوجي" التي ظهرت على الشاشة عند تلقيها الاتصال، لم تكن قد غيَّرت اسمه.لم يكن عامر الذي تعرفه ليتصل بها من تلقاء نفسه أبدًا.لم تعرف من متى بدأ الأمر، ولكنه أصبح الآن لا يكتفِ بمراسلتها، بل يقوم بالاتصال بها أيضًا؟رفعت لينة الهاتف إلى أذنها بتردد، وبدا صوتها مليئًا بالجفاء وهي تقول: "ما الأمر يا عامر؟"سمعت صوت قداحة من الطرف الآخر، بدا أنه يدخن، وكان صوته منخفض وممزوج بالكسل وهو يقول: "ألم تري رسالتي التي أطلب منك فيها الحضور إلى موقف السيارات؟""بما أن الآنسة سارة هنا، إذا كنت بحاجة إلى أي شيء، تحدث إليها." كانت لينة على وشك إنهاء المكالمة، حين ضحك بسخرية وقال ببرود: "هل اعتمادك على عمر الحسن جعلك بتلك الجرأة؟"قالت بعبوس: "ماذا تعني؟""المعنى واضح." قال وهو يتكئ على باب سيارته، ويعبث بالقداحة بنفس اليد التي يمسك بها السيجارة: "صبرِي له حدود."أنهت لينة المكالمة دون أن تضيف كلمة.دخلت موقف السيارات تحت الأرض، ووقعت عيناها فورًا على وجه عامر الوسيم والمنحوت.نفس المثالية المعتادة

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 29

    عجزت سارة عن الرد على ذلك التعليق، واحمر وجهها غضبًا.ماذا تعني تلك السافلة؟كيف تجرؤ على السخرية منها؟سمعت سارة حركة في الممر، فسرعان ما أعادت الهاتف إلى مكانه وابتعدت جانبًا.دخل عامر وندى الشامي المكتب.نظر عامر إليها، وقال وحاجباه مقطبان قليلًا: "هل خرجت من المستشفى؟""نعم. قال الطبيب إن حالتي ليست خطيرة، ويكفي أن أرتاح لبضعة أيام." اقتربت سارة منه، ولاحظت أنه يجلس على مكتبه وهاتفه في يده، فسرعان ما غيرت الموضوع قائلةً: "لم يرك ماجد منذ فترة، هل ترغب في تناول الغداء معًا يا عامر؟"لم يفتح سجل مكالماته، بل اكتفى بإلقاء نظرة على دردشة مجموعة العمل الداخلية للشركة قبل أن يهمس: "حسنًا."أشرق وجه سارة بالسعادة.في هذه الأثناء، بعد أن أنهت المكالمة بوقت قصير، توجهت لينة إلى المطعم لمقابلة عمر حسن.عندما رأت أنه ينتظرها على الطاولة، أسرعت في خطاها قائلةً: "آسفة، أرجو أني لم أجعلك تنتظر طويلًا.""لم أنتظر سوى بضع دقائق، لا تقلقي." وضع عمر فنجان الشاي على الطاولة، وأرسل مقطع الفيديو المُعاد استرجاعه من كاميرا المراقبة إلى هاتفها قائلًا: "لحسن الحظ، لم يكن من حذفه محترفًا. وإلا، لاستغرقت اس

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 28

    جلس عامر ببطء على كرسي المرافقة، وعقد ساقاه الطويلتان. كان طويل القامة، عريض المنكبين، وقامته الممشوقة تبرز بشكل أنيق في أي نوع يرتديه من الملابس، فكان يفيض وسامةً وهيبةً، بوجهٍ نضر كالأحجار الكريمة.كان الفتى الأكثر شعبية في الجامعة، فارس أحلام جميع الفتيات في الحرم الجامعي. أما في الخفاء، فقد دلّل سارة لثلاث سنوات، وكاد أن يتزوجها.كلما فكرت سارة في هذا الأمر، ازداد اضطرابها.وكذلك شعورها بالندم!"ما الذي حدث في مأدبة العشاء بالضبط؟"تجمدت سارة للحظة، فلم تكن تتوقع أن هذا أول ما سيسأله، فأخذت تتصنع البكاء وهي تقول: " كان إهمالًا مني، لقد أخطأت في رقم الغرفة، ولهذا تعرضت لينة للخطر. لذلك مهما فعلت بي، فسأقبله."بدت تعبيرات وجه عامر معقدة بعض الشيء، ولم يردّ عليها.وكلما طال صمته، ازداد القلق في قلب سارة."عامر، ألا تصدقني؟""أصدقك." قال بعد لحظة صمتٍ قصيرة: "لا تبالغي في التفكير بالأمر."تنفست سارة الصعداء حين سمعت إجابته، ثم مالت بجسدها نحوه محاولة الاتكاء عليه، وقالت: "إذن بشأن هذا الأمر..."لكن في تلك اللحظة، نهض عامر واقفًا وقال: "سأتدبر هذا الأمر."اضطرت إلى التراجع بسرعة، وكادت

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 27

    "لقد أرسلتني للترفيه عن الرجال، وخدعتني لأدخل غرفة خاصة تابعة لأشخاصٍ آخرين، وحتى أنك جعلتهم يجبرونني على شرب الكحول وتخديري." سخرت لينة ببرود: "أساليبك مروعة حقًا أيتها المديرة سارة."تهامست الممرضات القريبات فيما بينهن بغير تصديق.تغيرت تعابير وجه سارة قليلًا وهي تقول: "لم أفعل ذلك!""يا لينة، يمكن للمسؤولين الحكوميين الذين كانوا بانتظارك بالأمس أن يشهدوا بعدم حضورك...""ذلك لأن تفاصيل الغرفة الخاصة التي أعطيتني إياها كانت خاطئة!""أنا حقاً لم أفعل..."أخرجت لينة هاتفها، وأرتها الرسائل التي أرسلتها الليلة الماضية، وقالت: "هل أطلب من الموظفين الحكوميين التحقق من ذلك؟"تجمدت سارة فجأة في مكانها.لقد نسيت ذلك تمامًا!توجهت عيناها نحو شخص معين، وبرد فعل سريع، أمسكت يد لينة ورفعتها لتضرب وجهها قائلةً: "يا لينة، لقد أسأت فهمي حقًا! أعترف بذلك، كان الأمر بسبب إهمالي إذ أخطأت في رقم الغرفة. اضربيني! لقد عرضتك للخطر. أنا أستحق غضبك!"حاولت لينة سحب يدها، لكن سارة سقطت على الدرج المجاور في تلك اللحظة بالذات.صدم هذا المشهد لينة وكذلك الممرضات الحاضرات."يا دكتورة لينة، ماذا تفعلين؟"شهد المدير

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 26

    توقفت لينة فجأة وقبضت على كفيها.وحين رأى عامر أنها لم تستدر، ضحك بسخريةٍ وسد طريقها قائلًا: "إذا كنتِ تأملين في الحصول على مساعدة السيد عمر، فهذا غير ممكن. لا يمكن لعائلة الحسن التدخل في شؤوني."انهارت مشاعر لينة، وبالكاد استطاعت أن تقول بصوتٍ مبحوحٍ ومختنق: "يا عامر خليفة، ماذا تريد بحق السماء؟"ألقى عامر معطف عمر في سلة المهملات، وخلع سترته، وسار مباشرة نحوها.لم يكن لدى لينة الوقت الكافي للرد.في اللحظة التالية، غطاها بمعطفه.طوّق عامر كتفيها بذراعه، ورغم مقاومتها الطفيفة، إلى أنه أرشدها بالقوة إلى السيارة.نظرت لها ندى من مقعد السائق، وأومأت برأسها تحيةً لها قائلةً: "أهلًا يا آنسة لينة."شعرت لينة بدوار لا إرادي، فأشاحت بنظرها بسرعة إلى النافذة، ونظرت منها بعينين شاردتين.نظر إليها عامر، وأشار لندى بأن تقود.عندما وصلوا إلى مبنى مجمع السلام، نزلت لينة على الفور وأسرعت تجاه المبنى.ظل عامر جالسًا، وقال لندى: "تحققي من حادثة الليلة."أومأت ندى برأسها.عادت لينة إلى رشدها ببطء حين دخلت المنزل، وحينها فقط أدركت أن معطفه ما زال على كتفيها.نزعت المعطف ورمته على الأرض دون اكتراث، ثم أسر

  • لم يلين قلبه طوال ست سنوات من الزواج، لكن الرئيس الحقير أحبني مجددًا حين تركته   الفصل 25

    اتكأ رجل طويل القامة وذو بنية قوية على مقدمة السيارة، واضعًا سيجارة بين شفتيه. كان الضباب الأبيض الممزوج بالزرقة يحجب ملامحه، بينما تفحصت عيناه العميقتان الثاقبتان بسرعة معطف الرجل الملفوف حول كتفيها بتعبيرٍ غامض.نظر عمر غريزيًا إلى لينة قبل أن يوجه نظره إلى عامر: "هل ينتظر عامر أحدًا؟"ينتظر أحدًا...لم تعد سارة في المستشفى، فمن قد ينتظر؟هل يكون بانتظارها؟خطرت هذه الفكر في ذهن لينة، لكنها رفضتها باعتبارها فكرة سخيفة!أمال عامر رأسه للخلف، وهو ينفث الدخان، ثم ألقى عقب السيجارة على الأرض، وسحقه بقدمه. كانت نظرته، التي أصبحت الآن مشوبة بلمحة من التهديد، مثبتة على عمر وهو يقول: "السيد الشاب عمر، هل تحب التدخل في شؤون الآخرين لهذه الدرجة؟"التدخل في شؤون الآخرين...أصابت الكلمات الأربع قلب لينة، وشحب لون شفتيها. هل كان مخطط سارة ضدها الليلة من تدبيره حقًا؟شعرت ببرودة في أعماقها حين أدركت هذا، وجمدت أطرافها.لاحظ عمر انزعاج لينة، فحدق بعامر مضيقًا عينيه: "هل إنقاذ فتاة في محنة يعد تدخلًا؟"عقد عامر حاجبيه.وعندما كان عمر على وشك التحدث، أمسكت لينة بذراعه فجأة، وقالت بصوتٍ ضعيف: "يا عمر

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status