الفصل 14

تولى صبري زمام الأمور بعد وفاة هاني، وكان قد دعا بعض القادة للاجتماع في ملهى (سهر الليالي).

وعندما سمع من أحد رجاله أن أحدهم يثير المشاكل في الملهى، قرر الحضور بنفسه لإلقاء نظرة.

كان قلقًا من عدم وجود فرصة ليظهر هيبته، والآن وقد جائته الفرصة لإثبات نفسه، كان في قمة سعادته.

اصفر وجه مريم فجأة، صبري؟ لماذا أتى؟ هذا ابن هاني بالتبني؟

مما لا شك فيه أنه سيحل محل هاني بعد وفاته!

لم تكن تعتقد أبدًا أن هذا الشخص سيظهر، والآن وقد ظهر، ازدادت الأمور تعقيدًا.

"من هو الحقير الذي..."

وقعت عينا صبري على آدم، وفجأة، تسمّر في مكانه وتلاشت الفرحة من قلبه.

السيد آ...آ...آدم؟

تجمد الدم في عروقه وأصبح وجهه شاحبًا كالأموات.

كان على وشك أن ينعته (السيد آدم) وينحني له احترامًا، لكنه تذكر ما قاله آدم بعد مقتل هاني، وأن من المفترض أنهم لا يعرفون بعضهم.

"أخي صبري! خذ لي حقي من هذا الفتى الذي لم يعطك أي اعتبار، عليك أن تلقنه درسًا"

شعر صبري بوخزٍ في رأسه، وتمنى لو استطاع أن يبرح يوسف ضربًا، ياله من وغد! هل يريد أن ينتهي به الحال كهاني؟

لم يعرف صبري ما يتعين عليه فعله، وفجأة، وقعت عيناه على مريم الواقفة بجوار آدم، فخطرت بباله فكرة.

تقدم مباشرةً وركل يوسف بقوة، ثم قال: "من سمح لك بالإساءة لحضرتك المديرة مريم؟ ألا تعرف أنها شخصية مرموقة في مدينتنا؟"

"أنى لتافهٍ مثلك أن يجرؤ على التفكير بها؟ أتعتقد أنك ترقى لمستواها؟"

"أنا آسف يا أخي صبري، لقد أخطأت"

قال صبري بغضبٍ شديد: "يا لوقاحتك! أيها الرجال، ابرحوه ضربًا!"

كانت مريم ومروان في حالة من الصدمة، خاصةً مروان الذي لم يفهم منذ متى أصبحت مريم بتلك القوة.

لدرجة أن السيد صبري المشهور بنفسه يعاملها بهذا القدر من الاحترام!

انحنى صبري وقال: "حضرة المديرة، موظفونا ليسو على دراية كاملة بالوضع، نرجو ألا تأخذي تلك المشكلة على محمل الجد"

كانت مريم في حالة من الدهشة، وقالت: "لا بأس، شكرًا لتواضعك يا سيد صبري"

لم يجرؤ صبري على النظر لآدم، وقال لمريم: "حساب الليلة سيكون عليّ، وفي المستقبل يمكنك المجيء للأماكن التي أديرها في أي وقتٍ تشائين، وسيكون كل ما تطلبيه على حسابي كذلك"

"حسنًا..." كانت مريم في حالة من الذهول، فما هذا الذي يحدث؟

"أعتذر لك، لكن لدي عمل يجب أن أنجزه، لذلك لن أزعجك أكثر من هذا يا حضرة المديرة"

لم يرغب صبري في البقاء هنا للحظة واحدة أخرى، فصرخ بالحشد ليتفرقوا، ثم أسرع بالصعود لأعلى.

قال مروان بحماس: "أختي مريم! أنت مذهلة"

قالت مريم وهي لا تصدق الأمر بعد: "حقًا؟"

قال آدم في تلك اللحظة: "صبري هذا يهابني، لذا لا داعي للقلق بشأنه مستقبلًا"

ذعرت مريم فجأة، واستدارت على الفور لنهره قائلةً: "توقف عن هذا الهراء! ماذا إن سمعك السيد صبري وعاد لينتقم؟ سنكون وقتها في ورطة"

قال آدم ممتعضًا: "أنا أتحدث بجدية!"

ضحكت مريم مستهزئةً وقالت: "أنت مجرد فلاح لا يعرف أحدٌ أصلك، فكيف يمكن للسيد صبري أن يعرفك؟ أنت فقط تحاول التباهي"

...

لم يعد آدم يعبأ بالجدال، إن شائت فلتصدق وإن لم تشأ فلها.

لم ينطق مروان بكلمة، بل كان مستغرقًا في التفكير.

لم تعد لدى مريم رغبة بالاحتفال، فطلبت من مروان المغادرة، بينما عادت هي إلى المنزل مع أدم.

وما إن وصلت المنزل حتى ناداها والدها للمكتب.

قال ياسر بجدية: "سمعت أنه تم تخصيص شركة الأسهم الدولية لمجموعة النمر في اتفاقٍ غير معلن"

قالت مريم بدهشة: "وماذا سنفعل الآن؟ هل ذهب كل مجهودنا سدى؟"

هز ياسر رأسه قائلًا: "ما زال أمامنا فرصة، سمعت أن العجوز هشام من العاصمة الإدارية الجديدة سيقيم حفل عيد ميلاده هنا بعد غد، وتواصل جدك مع السيد جميل لمساعدتنا في الحصول على دعوة لحضورها"

أعربت مريم عن قلقها قائلةً: "هل سيساعدنا السيد جميل حقًا؟"

أجاب ياسر: "لقد أعطانا كلمته، لذا من المفترض أن يوفي بها"

شعر الأب وابنته بالإحباط، وحين عادت مريم لغرفتها ورأت آدم نائمًا على الأرض، ازدادت غضبًا.

في اليوم التالي، حضر آدم إلى الشركة، وكان مروان يعامله باحترامٍ أكبر من ذي قبل، حتى أنه لم يكفّ عن مناداته (أخي آدم) باستمرار.

وبعد انتهاء العمل، ركب كالمعتاد في سيارة مريم ووالدها، وكان الاثنان في مزاجٍ سعيد، كما لو تلقيا نبأً سارًا.

وفور وصولهم للمنزل، اصطحب الأب وابنته السيد فاروق لغرفة المكتب.

قال ياسر: "أبي، لقد حصلنا على دعواتٍ لعيد ميلاد السيد هشام"

قال الجد بسعادة: "حقًا؟ يبدو أن السيد جميل لم ينسَ المعروف الذي قدمته له فيما مضى"

قالت مريم بفرح: "غدًا سنذهب لعيد ميلاد السيد هشام، وسيتسنى لنا حينها الحديث معه"

قال السيد فاروق بأسى: "نعم، لكن من المؤسف أن لدينا أربعة دعواتٍ فقط"، ثم تنهد لأنه أراد اصطحاب آدم معهم.

قالت مريم عابسةً: "جدي! لما تفكر به دائمًا؟ إنه من غير اللائق أن يحضر أمثاله هذه المناسبات المهمة"

قال الجد: وما الغير لائق بهذا؟ آدم شخصٌ ممتاز"

لم تكن مريم في مزاجٍ للجدال، فذهبت مباشرةً لغرفتها.