Share

الفصل 4

Author: حِبر الودّ

"يا خالتي، هذا مستشفى، وفي بنك الدم كل الفصائل متوفّرة، ولا داعي لأن يُسحب دمي تحديدًا. "قالت نادين بصوت بارد.

وبدت الحيرة على وجه سلمى: "لكن..."

لم تلتفت إليها نادين، بل نظرت نحو الرجل الواقف جانبًا: "يا نبيل، قد وضعتُ استقالتي على مكتبك، وجهّزت كل أغراضي، عندما تجد وقتًا، عد إلى المكتب ووقّعها. "

تقطّب نبيل حاجبيه: "أي استقالة؟"

"يا ابنتي! "صرخت سلمى بانزعاج: "أنتِ منزعجة منّي؟ لم أقصد شيئًا!"

اكتفت نادين بابتسامة خفيفة: "يا خالة، ارتاحي جيدًا. لا تزال هناك أمور يجب أن أرتبها، سأغادر الآن."

استدارت وغادرت، دون أن تلتفت لوجوههم.

وما إن دخلت المصعد واقترب الباب من الإغلاق حتى امتدت يد قوية تمنع إغلاقه.

انفتح الباب ببطء، فإذا بملامح نبيل الداكنة تقابل عينيها.

نادرًا ما رأت نادين أي انفعال في عينيه.

كانت المرة الوحيدة هي عندما أمسكه أهل القرية وطرحوه أرضًا...تلك النظرة لن تنساها طوال حياتها.

"لماذا الاستقالة؟" دخَل نبيل المصعد وهو يُحدق فيها بعينين متّقدتين.

"بسبب حفل الزفاف اليوم؟ أم مسألة نقل الدم؟"

ثم أمسك يدها: "اعتذرتُ لكِ عن موضوع الزفاف. وبخصوص نقل الدم، قلت لكِ إني سأبحث عن شخص آخر ولن أضغط عليك. من فضلكِ لا تُثيري ضجة، حسنًا؟"

كادت تضحك...إثارة الضجة؟

هذا صحيح.

هي لم لم تُثير أي ضجة معه قط.

ومهما تعرّضت للظلم كانت تتحمل كل جرح وحدها.

في بدايات تأسيس مكتبهم، تسبب طبعه المتصلّب في إزعاج الكثير من العملاء، وكانت هي من يتولى دائمًا تهدئة الأمور وترتيب الفوضى التي يتركها خلفه. حتى إنها أتلفت معدتها بشرب الكحول بسبب ضغط العمل.

ورغم سنوات من العلاج، ظل ألم المعدة يعود من حين لآخر.

"نبيل، لقد تعبت."

خلال هذه السنوات الخمس، تقدمت نحوه تسعًا وتسعين خطوة.

ولو أنه تقدّم خطوة واحدة فقط، لكان كل شيء مختلفًا.

لقد ظنّت أنها تستطيع أن تكون ذلك الشخص المميز.

لقد كانت حمقاء.

بما يكفي لتظن أن ما تبذله من جهد، وما تمنحه بقلبها كاملًا، يمكن أن يكون كافيًا ليجعلَه يحبّها.

والآن، بعد كل ما نزفته، كانت قد تعبت بالفعل.

ولم تعد تريد الركض خلفه.

"إذا كنتِ متعبة، خذي إجازة سنوية. " قالها نبيل وهو يقطّب حاجبيه.

شعرت نادين بفراغ داخلي.

"نبيل، نحن..."

وقبل أن تنطق نادين بكلمة "الانفصال"، اهتزّ هاتف نبيل فجأة. وما إن فتح الخط، حتى دوّى في الأذن صوت سلمى المتهدّج بالبكاء: "يا نبيل، الأمر سيّئ، تعرضت هالة لإغماء مفاجئ، تعال بسرعة! "

تغيرت ملامح نبيل: "حسنًا، أنا قادم الآن."

وما إن أغلق الهاتف، حتى التفت غريزياً نحو نادين قائلاً: "اذهبي إلى شقتي وانتظريني هناك. لديّ ما أقوله لكِ. سآتي إليكِ فور انتهائي من العمل. "

ولم ينتظر ردًا منها، وغادر دون أن يلتفت...

كما يفعل دائمًا عندما يتعلق الأمر بهالة أشرف.

وقفت نادين في مكانها وأخذت نفسًا عميقًا.

أغلق باب المصعد مجددًا، ولم يبق سوى انعكاس وجهها الشاحب في الجدران العاكسة.

هي أساسًا كانت تنوي بالفعل الذهاب إلى شقة نبيل لجمع أغراضها.

بما أن الأمر كذلك، قررت أن تُجري معه حديثًا صريحًا وشفافًا...فلينتهِ كل شيء اليوم

...

تقع شقة نبيل في طابق علوي ضمن مجمع سكني فاخر قرب مكتب المحاماة.

عندما ثبتت نادين علاقتها به، طلبت مفتاح الشقة دون خجل، وكانت تأتي لمساعدته في ترتيب المنزل والطهي كلما سنحت لها الفرصة.

لم يكن منزله بقدر ما كان منزلها هي.

لم يكن لدى نبيل أي متطلبات خاصة ببيئة المعيشة، لذا رتبت نادين كل شيء في المنزل بنفسها... فمن لون الستائر إلى طراز الأريكة، ومن أدوات المطبخ إلى النباتات الخضراء في الشرفة، كل تفصيل يعكس جهدها.

أحضرت الصناديق وبدأت تجمع أغراضها.

لكن الأمر كان أصعب مما تخيّلت.

كل غرض يحمل ذكرى… وكل تخلّي كان طعنة جديدة.

وعندما فتحت درج الطاولة وسحبت ألبوم الصور، تقلّص حاجباها بلا إرادة.

جلست على الأرض تقلب الصفحات.

كانت تبتسم في الصورة بسعادة غامرة، وعيناها تفيضان حبًا.

أغلقت الألبوم دون أي تعبير، وألقته جانبًا.

وبسبب كثرة الأغراض، لمّا انتهت نادين من ترتيب كل شيء، كانت الشمس قد غربت، وتسلل ضوءها البرتقالي المحمر إلى الغرفة عبر النوافذ، مُلقيًا هالة ساحرة على كل شيء.

تراصّت الصناديق عند الباب.

خمس سنوات من الحب، تبيّن في النهاية أنّ صندوقًا واحدًا يكفي لحملها.

طلبت سيارة لنقل أغراضها، وبعد أن عادت إلى شقتها، لم يكن نبيل قد ظهر بعد.

ربما لكثرة ما حدث اليوم، شعرت بوخز في معدتها.

وتذكّرت أنها لم تأكل شيئًا منذ الظهيرة.

فسارعت إلى المطبخ لتعدّ لنفسها طبقا من المعكرونة، لكن الألم اشتدّ بدل أن يهدأ .

لم يكن ألمًا مألوفًا، بل طعنات حادة تمتد من معدتها حتى أسفل البطن من الجهة اليمنى.

بحثت عن الدواء في خزانة الإسعافات.

ورغم معاناتها من ألم مزمن في المعدة، كانت تخفي الأمر عن نبيل كي لا يشعر بالذنب. وكان يحتفظ هنا ببعض أدوية المعدة، لكن بكمية قليلة.

ركعت على أرضية غرفة الجلوس، وبدأت تبحث في خزانة الإسعافات، لكنها لم تجد زجاجة دوائها المألوفة.

اشتد الألم عليها بشكل متزايد، وشعرت بموجة من الغثيان، وبدأت الرؤية تظلم أمام عينيها.

تماسكت نادين بصعوبة وحاولت الوقوف لصب كوب ماء ساخن، لكنها كادت أن تسقط أرضا.

اتكأت على الجدار، وتوجهت ببطء نحو المطبخ، وسكبت لنفسها كوب ماء فاتر وشربته، لكن حالتها لم تتحسن على الإطلاق.

شعرت بالعرق البارد يغطي ظهرها من شدة الألم، والتوت على الأرض، وبدأ وعيها يتلاشى.

تغلبت على الألم واتصلت برقم الطوارئ، قائلة: "مرحباً، هنا... "

لكن بمجرد أن تم الاتصال، جاء صوت هالة من سماعة الهاتف: "نادين، ما الذي يجعلك تتصلين مجددًا؟ ألم تقولي إنكِ ستستقيلين؟ كنت أعلم أنك تمارسين الحيل! "

عند هذه اللحظة، أدركت نادين أنها أخطأت في الاتصال، فـنبيل كان هو الشخص الذي تم تعيينه دائمًا كجهة اتصال الطوارئ لديها.

لكن لم يكن لديها متسع من الوقت للجدال مع هالة، فمعدتها تحترق وكأنها التهمت جمرًا، سألت: "أين نبيل؟"

أجابت هالة بنبرة متعجرفة: "جاءتني دورتي الشهرية، معدتي تؤلمني، ذهب نبيل ليشتري لي شراب الزنجبيل..."

وقبل أن تكمل كلامها، كانت نادين قد أغلقت الخط بالفعل.

يُفترض أن سبتمبر هو أحر شهر في السَّنة.

شعرت نادين وكأن الهواء البارد يتسابق للدخول إلى رئتيها بسبب انخفاض درجة تكييف الغرفة، مما مما جعل معدتها تتقلب بشدة.

قبضت على صدرها، لكنها لم تعد تدري ما إذا كان قلبها أم معدتها هو الذي يتألم أكثر.

سرعان ما تغلغل العرق البارد في ظهرها.

جاهدت لترى شاشة الهاتف بوضوح، واتصلت أخيرًا بالطوارئ: "مرحبًا... الشقة ١٢٠١، المبنى ٣، مجمع الخريف... ألم معدة حاد... "

وبعد أن أنهت المكالمة، كادت نادين تفقد أنفاسها من شدة الألم.

وقبل أن تفقد وعيها تمامًا، سمعت وقع أقدام تدفع الباب بعنف، وأصواتًا مضطربة حولها.

عندما فتحت عينيها مرة أخرى، رأت طبيبًا يرتدي معطفاً أبيض يتحرك أمامها.

"ألم ارتدادي في الجزء السفلي الأيمن من البطن، إنها حالة التهاب الزائدة الدودية الحاد، يجب إجراء عملية جراحية فورًا. "

لقد تبين أنه ليس ألمًا في المعدة، بل التهاب في الزائدة الدودية.

"تحتاج المريضة إلى عملية جراحية عاجلة، نحتاج توقيع أحد أفراد الأسرة! "

لم تستطع نادين التحدث من شدة الألم، وعندما رأت الممرضة تركض نحوها طالبة رقم هاتف عائلتها، لم يسعها إلا أن تسأل: "هل يمكنني التوقيع بنفسي؟"

سألت الممرضة بدهشة: "أليس لديكِ أي أقارب؟"

"لا. "لقد غادرت وحدها إلى مدينة الزهرة لتشق طريقها وراء نبيل، وقطعت علاقتها بأسرتها لكي تكون معه.

في مدينة الزهرة، ليس لديها أي قريب سوى نبيل.

نظرت إليها الممرضة ببعض الشفقة، ثم مدت لها استمارة الموافقة على العملية: "إذًا وقّعي هنا. "

تناولت نادين القلم وهي تقاوم الألم.

وتذكرت فجأة المرة التي أُصيب فيها نبيل بالتهاب الزائدة الدودية قبل خمس سنوات، حينها، كانت هي أيضًا من وقعت على الاستمارة.

كانت نفس استمارة الموافقة على العملية.

في ذلك الوقت، كانت تبكي وهي تقرأ الورقة مرارًا خوفًا عليه .

بل ظلت بجوار سريره لمدة ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ...

أما الآن... فهي وحيدة تمامًا.

Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • وهبتُه لحبيبة طفولته، فوجدني قمرَه الوحيد   الفصل 30

    تقدم نبيل خطوة، وقال بصوت مبحوح للغاية: "نادين... لقد وجدتكِ أخيرًا."رفعت نادين عينيها أخيرًا، ونظرت إليه مباشرة.كانت عيناها صافيتين، لكنهما خاليتان من أي اضطراب.نظر نبيل إليها أيضًا.كانت الفتاة التي أمامه لا تزال هي المرأة الجميلة التي يتذكرها. ولو أنها ابتسمت وتحدثت إليه بعينين تلمعان، لظنّ حتمًا أن هذا الشهر وأكثر لم يكن سوى حلم طويل بالنسبة له."المحامي نبيل،" بدأت تتحدث بصوت ثابت لا يحمل أيّ انفعال: "هل تبحث عني لأمر ما؟"كانت كلمتي "المحامي نبيل"، بمثابة إبرتين باردتين، غُرست بعمق في قلب نبيل.كانت في السابق، تناديه دائمًا باسمه الكامل "نبيل الصاوي" في الحياة الخاصة، تناديه عندما تكون غاضبة، وعندما تكون سعيدة، وتناديه بنبرة ناعمة في لحظات دلعها النادرة...وكانت تناديه بـ"المحامي نبيل" فقط أثناء العمل لتجنب الريبة."أنا..." توقفت آلاف الكلمات في حلقه، تحرَّك تفاحة آدم، وفي النهاية لم يستطع إخراج سوى بضع كلمات جافة: "نادين، لقد بحثت عنكِ طويلاً..."أراد أن يمسك معصم نادين لا شعوريًا.تجنّبت نادين يده على الفور تقريبًا، وقالت: "ماذا تريد مني؟ لقد انفصلنا بالفعل."ارتعش وجه نبيل

  • وهبتُه لحبيبة طفولته، فوجدني قمرَه الوحيد   الفصل 29

    أخيرًا، ساد الهدوء.اتكأت نادين على ظهر الكرسي، ودلكت صدغيها.وبينما كانت تحاول تهدئة نفسها والعودة إلى العمل، انبعث فجأة من خارج المكتب صوت صراخ راشد المبالغ فيه."يا مديرة! يا مديرة! تعالي وشاهدي مَن جاء!"انزعجت نادين من صراخه، وظنت أنه جلب عميلاً مهمًا غير متوقع، فجمعت ما تبقّى لها من طاقة بصعوبة، ونهضت لتفتح باب المكتب.في تلك اللحظة، خارج باب المكتب--ابتعد راشد بابتسامة حماسية، ليظهر الرجل الذي كان يقف خلفه فجأة في مرمى بصرها.لقد كان... نبيل.بدا أكثر نحافة، فازدادت حدة خط فكه، وكان طرفا سترته مفتوحين قليلاً، بدت ياقة قميصه مرتّب ولكن يشوبها شيء من الفوضى.تجمد تعبير نادين على الفور، شدّت قبضتها على مقبض الباب، وتدفقت الدماء في لحظة واحدة إلى أطرافها وجسدها كله، فشعرت بدوار غريب إلى حدّ لا يصدّق.توقف العالم عن الحركة في تلك اللحظة.تلاشت جميع الأصوات، ولم يبق سوى صوت دقات قلبها التي خرجت عن السيطرة فجأة.دقة.دقة.تقرع طبلة أذنها.كان راشد لا يزال يتحدث بكلمات متقطعة ومتحمسة من الجانب: "مديرتي! إنه المحامي نبيل! مثلي الأعلى..."بدا صوته وكأنه يأتي من مكان بعيد جدًا، غامضًا وغي

  • وهبتُه لحبيبة طفولته، فوجدني قمرَه الوحيد   الفصل 28

    "نادين..."جاء صوت سلمى وفيه شيء من التحفّظ، لكن كلماتها بدت بوضوح محاولة للتظاهر بالاسترخاء: "يا ابنتي، لماذا رحلتِ هكذا دون أن تقولي شيئًا؟ لم تُخبِريني حتى قبل أن ترحلي...متى ستعودين؟ أشتاق إليك..."هذه الأسئلة المفاجئة المتتالية جعلت نادين تشعر ببعض الغرابة.خلال السنوات الخمس الماضية، رغم اعتراف سلمى بها كحبيبة نبيل، إلا أن موقفها ظل دائمًا متحفظًا، بل مشوبًا بعض الانتقاد، ولم يسبق لها أن أظهرت مثل هذا الدفء على الإطلاق.حتى عدم انتقادها لعيوبها، كان يعتبر لطفًا في نظر نادين.لو أنها سمعت هذه الكلمات قبل شهر، لكانت تأثّرت حتى البكاء.أما الآن.فإنها لا تشعر سوى بالسخرية فحسب."أنا بخير، شكرًا لاهتمامكِ يا خالة." كان صوت نادين باردًا ومهذبًا. " تفضّلي وقولي ما لديكِ مباشرة."تجمّد وجه سلمى لحظة، فلم تكن تتوقّع أنّها بعدما خفّضت من شأنها إلى هذا الحدّ، لن تلقى أي تجاوب. فشعرت بالحرج في تلك اللحظة، وبردت نبرتها شيئًا فشيئًا."نبيل هكذا طبعه، عنيد ولا يُحسن الكلامألستِ تعرفينه منذ اليوم الأول؟ فلماذا تتعاملين معه بهذه الحدة؟ ؟ وسمعتُ أنكِ بِعت بيتك أيضًا؟ هذا تصرّف متهوّر جدًّا ولا د

  • وهبتُه لحبيبة طفولته، فوجدني قمرَه الوحيد   الفصل 27

    لم يكن فخر يصدّق أبدًا أن الأم وابنتها قد صحا ضميرهما فجأة...ربما كان لحادث السيارة الذي وقع في ذلك العام خفايا أخرى."تلك الحقيرة نادين لا تُقارن بي على الإطلاق؟!" صرخت هالة وكأنها قطة داس أحدهم على ذيلها. "أنا من نشأت معه منذ الطفولة! سيعرف نبيل عاجلاً أم آجلاً من هي المرأة المناسبة له حقًا!""مناسبة؟" سخر فخر وقال ببرود: "مناسبة للمشاحنات اليومية؟ أم مناسبة لمحاولة الانتحار في يوم زفاف شخص آخر؟"ارتعشت شفتا هالة غضبًا: "أنت... ما هذا الهراء الذي تقوله.""أنا أقول الهراء؟" كانت نظرة فخر جليدية: "هالة، حافظي على ما تبقى من كرامتك. هل حقًا لا تفهمين لماذا يتجنبك نبيل؟ تسامحه معك سابقًا كان بفضل إنقاذ والدتك لحياته، والآن بعدما غادرت نادين، لقد أضعتِ كل ما تبقى من هذا الفضل بتصرفاتك. لا تُهيني نفسك أكثر."اخترقت هذه الكلمات قلب هالة كأنها سكاكين حادة.ارتعش جسدها بالكامل من الغضب، وأشارت إلى فخر، تردّد كلمة "أنت..." لبعض الوقت دون أن تستطيع إخراج عبارة سباب كاملة.ماذا يعرف فخر أصلاً؟علاقتها بنبيل هي علاقة نشأت منذ الطفولة!هي ونبيل فقط ينتميان إلى العالم نفسه، أمّا نادين، فلا تفهم

  • وهبتُه لحبيبة طفولته، فوجدني قمرَه الوحيد   الفصل 26

    حاولت هالة الاتصال به مرة أخرى، غير مستسلمة...(عذرًا، الرقم الذي طلبته...)"آه!" صرخت هالة غاضبة، وكادت أن تسقط وعاء الطعام الحراري الذي كانت تحمله.شدّت يديها بقوّة، وغرست أظافرها في راحتيها، وكان صدرها يرتفع ويهبط بعنف.تلك الحقيرة نادين، حتى بعد رحيلها، لا تدَع الناس يعيشون في سلام، كأن روحها الشريرة ما زالت تلاحقهم!لا، هذا غير مقبول!اليوم…لا بدّ لها أن تنتظر نبيل! "أحضري لي كوبًا من القهوة... " اتجهت مباشرة نحو الأريكة في منطقة الاستقبال وجلست متخذة وضع سيّدة المكان، وتحدثت بنبرة آمرة إلى موظفة الاستقبال: "أريدها مطحونة طازجة، بدون سكر أو حليب."عرفت موظفة الاستقبال هالة بالطبع؛ فقد كانت تأتي إلى المكتب باستمرار لرؤية المحامي نبيل، ويقال إنهما أصدقاء طفولة، والأهم من ذلك، أن المحامية نادين قد أُجبرت على الرحيل بسبب هذه المرأة!رغم شعورها بالاشمئزاز، إلا أنها لم تجرؤ على إغضابها، فاكتفت بالردّ بصوت خافت وذهبت للتحضير.مر الوقت دقيقة تلو الأخرى.شعرت هالة بالقلق وعدم الصبر، واستهلكت كوبًا تلو الآخر من القهوة، لكن ظل نبيل غائبًا.عندما كادت تفقد صبرها، انفتح باب المصعد مع رنين الج

  • وهبتُه لحبيبة طفولته، فوجدني قمرَه الوحيد   الفصل 25

    "غدًا... في التاسعة صباحًا؟" كاد معتز أن يفقد وعيه من الصدمة، إذ اسودّت الدنيا أمام عينيه لحظة.لدى القسم القانوني سبع أو ثماني قضايا رئيسية قيد المتابعة، وعشرات من قضايا الدفاع عن الحقوق العادية. كيف يمكن مراجعة كل هذه القضايا وتقديم تقارير مفصلة عنها في ليلة واحدة؟!هذا ببساطة جدول موتٍ بالإرهاق حتى الفجر!قال معتز محاولاً الاعتراض قليلاً: "سيد ماجد، أليس… أليس الوقت ضيّقًا بعض الشيء؟"رفع ماجد عينيه ونظر إليه، ولم يكن في نظراته أي دفء: "هل تواجه صعوبة؟"ابتلع معتز الكلمات على الفور، وشعر بقشعريرة تسري في فروة رأسه: "لا... لا! سننجز المهمة بالتأكيد!"كاد يبكي، وصرخ في داخله بجنون: من الذي أغضب هذا السيد الجليل مرة أخرى؟!لماذا هذا الجحيم المفاجئ من العمل الإضافي؟!لم يقل ماجد شيئا آخر، ونهض ورتب بدلته، ثم غادر غرفة الاجتماعات بخطوات ثابتة، تاركًا معتز ومجموعة من نخبة القسم القانوني خلفه، غارقين في موجة من العويل الصامت....مدينة الزهرة، الطريق السريع المؤدي إلى المطار.كان فخر يقود السيارة بسرعة جنونية في طريقه إلى المطار.نظر عبر المرآة إلى نبيل الجالس في المقعد الخلفي صامتًا بملام

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status