Share

الفصل 7

Author: حِبر الودّ

ساد الصمت في المكتب فور انتهاء نبيل من كلماته.

كان يحدق في نادين بنظرة ثاقبة، وكأنه على يقين من أنها ستنحني وتعتذر بمجرد سماع تهديده.

خلال السنوات الخمس الماضية، وبغض النظر عما حدث، كانت دائمًا تتراجع وتسامحه دون قيد أو شرط.

كان يراهن على أنها لن تستقيل حقًا.

قد يرحل الجميع، إلا نادين.

هي لن تفعل.

مستحيل أن تفعل ذلك.

ومع ذلك، لم يحدث ما توقعه. بل وقفت بهدوء، وارتسمت على شفتيها ابتسامة باهتة للغاية.

"لقد فكرت جيدًا." وضعت نادين خطاب الاستقالة على المكتب، وصوتها هادئ لا يحمل أي اضطراب:

"أيها المحامي نبيل، إذا لم يكن لديك أي شيء آخر، سأذهب الآن."

بعد أن قالت ذلك، لم تنظر حتى إلى نبيل مرة أخرى، واستدارت متجهة نحو باب المكتب.

كانت حركتها حاسمة وسريعة، خالية من أي تردد أو أسف.

تجمّد نبيل في مكانه.

لقد وضع في اعتباره احتمالات لا حصر لها، لكن هذا الاحتمال لم يكن من بينها.

ألا ينبغي لها أن تتوسل إليه؟

ألا ينبغي لها أن تفزع وتشرح أنها كانت مجرد نوبة غضب؟

ألا ينبغي لها أن تلين وتراضيه، كما فعلت في مرات لا حصر لها من قبل بمجرد أن يغضب؟

"نادين!"

عندما رأى يدها تمسك بمقبض الباب، فخرج صوتُه حادًا مشوبًا بالعجلة… وبشيء من الذعر الذي لم ينتبه هو نفسه لوجوده.

ظن أنها ستتوقف، أو على الأقل ستلتفت.

لكنها لم تفعل.

لم تتوقف حركة نادين على الإطلاق، وسحبت الباب بمهارة.

في الخارج، تعثر فخر الذي كان يتنصت ملتصقًا بالباب، وكاد يسقط، ووجهه يغمره الإحراج: "آه... ذلك، كنت سأدخل الآن لأبحث عن نبيل..."

مرت نظرة نادين فوقه، وأومأت له برأسها كتحية، ثم مرت بجانبه، ولم تتوقف، وتوجهت مباشرة نحو مكان عملها.

كان ظهرها رقيقًا، لكنه ثابت… يحمل حسمًا غير مسبوق.

تجمد نبيل في مكانه، وهو يراها تغادر بلا أي تردد، شعر أن قلبه قد اعتُصر بقبضة قوية. وعادت إليه تلك المشاعر الغريبة من الاختناق تتدفق مرة أخرى، وأكثر حدة من أي وقت سابق.

حك فخر رأسه بحرج، ونظر إلى نادين، ثم إلى نبيل الذي بدا وجهه أكثر قتامة من أي وقت، وحاول تخفيف الأجواء: "ها، نبيل، كنت أخطط للبحث عنك..."

"اخرس!" قاطعه نبيل بحدة، وصدره يرتفع ويهبط بشدة.

لم يفقد هدوءه بهذه الطريقة من قبل.

عندما رأى فخر أن وجهه متغير، سارع بإغلاق باب المكتب، ليحجب النظرات المتفحصة من الخارج، ثم سارع خطاه نحوه: "نبيل، ألا يمكنك التحدث معها بلطف؟ ألا تعرف شخصية نادين؟ إذا غادرت حقًا، فهل سيظل مكتب المحاماة هذا قادرًا على العمل؟"

نظر إليه نبيل ببرود، وخرج صوته متصلبًا يحمل دفاعًا لم يشعر به من قبل: "ألم تسمع للتو؟ هي التي أصرت على الاستقالة!"

ذهل فخر تمامًا، وكاد يجد الأمر سخيفًا.

الاستقالة؟

ما هذه الدعابة السخيفة؟

نادين هي آخر شخص قد يرحل.

كيف يمكن أن تتحمل ترك نبيل الصاوي؟

في مكتب المحاماة بأكمله، يمكن للجميع أن يستقيلوا، باستثناء نادين!

"ولماذا تحدثت بحدة هكذا إذاً؟ (فلن تعودي أبدًا) أنت تهدد من بالضبط؟ إن نادين غاضبة مؤقتًا، ألن تنتهي الأمور إذا راضيتَها؟ لماذا تجعل الأمور متوترة إلى هذا الحد؟"

"قلت لك اخرس!" فك نبيل ربطة عنقه بعصبية، لكنه وجد أن شعور الاختناق لم يخف.

لأول مرة، استطاع تمييز شيء لم يواجهه من قبل: الهلع.

لماذا؟

ألم يجد نادين دائمًا صاخبة ومزعجة؟

ألم يكن يريد دائمًا أن تتوقف عن التشبث به؟

الآن وقد حققت رغبته، لماذا يشعر وكأنه... لا يستطيع التنفس؟

...

في مكان العمل.

نظرت نادين إلى هذا المكان الذي رافقها لعدد لا يحصى من الأيام والليالي، وشعرت بهدوء غير عادي.

فتحت الدرج، وكان مليئًا بأشياء صغيرة.

تذكرة سينما باهتة قليلاً، كانت لأول موعد بينهما، رغم أنه أمضى الفيلم كله يعمل على هاتفه.

علامة مرجعية معدنية أهداها لها بلا اهتمام، قائلاً إنها هدية من عميل.

علبة شوكولاتة ذائبة، كانت واحدة من الهدايا الموحّدة التي اشتراها مساعده لكل الموظفات في عيد الحب.

وقطعة حلوى منسية،، أخرجها بعبوس من جيبه وأعطاها لها عندما عانت من آلام في المعدة وانخفاض في سكر الدم منذ زمن بعيد.

كل واحدة من هذه الأشياء كانت بمثابة كنز بالنسبة لها، احتفظت بها بعناية.

الآن، بدت سخيفة فحسب.

ابتسمت نادين بتهكم، وأخذت كل ما في الدرج وألقته كله في سلة المهملات.

دوي صوت خشخشة خفيف، كان مرتفعًا بما يكفي ليجعل المكتب كله يحدّق بصمت.

شاهدها الزملاء بصمت، ولم يجرؤ أحد على الكلام.

وضعت نادين آخر ممتلكاتها الشخصية في صندوق ورقي وحملت الصندوق، ونظرت حولها في هذا المكان الذي كرست له جهوداً لا حصر لها.

شهادات التقدير المعلقة على الحائط التي حصل عليها مكتب المحاماة، فقد شاركت في معظم القضايا.

والنباتات الخضراء في كل مكان عمل، اختارتها واعتنت بها بعناية.

حتى آلة القهوة في غرفة الاستراحة، اختارتها وفقًا لأذواق الجميع.

لقد حمل هذا المكان خمس سنوات من شبابها وحبها، والآن...حان وقت الوداع.

لم تتردد على الإطلاق، استدارت وغادرت، وسرعان ما اختفى ظهرها عند مدخل المصعد.

أُغلق باب المصعد ببطء، عازلاً كل النظرات التي كانت تلاحقها.

...

في مكتب المدير العام.

كان نبيل يقف أمام النافذة الممتدة من الأرض حتى السقف، وظهره منتصب ولكنه متيبس.

كان من الواضح أنه يتعامل مع بريد إلكتروني عاجل، لكن نظراته ظلت تتجه نحو باب المكتب، ولم يتمكن من التركيز على الإطلاق.

شعر بأن شيئًا ثقيلًا فوق صدره، لدرجة أنها كانت تخنقه.

تنهد فخر واقترب منه: "نبيل، لقد أفسدت الأمور هذه المرة حقًا، أليس كذلك؟ أرى أن نادين جادة هذه المرة."

عبس نبيل بحدة وابتسم بتهكم ليخفي قلقه الداخلي: "إنها مجرد نوبة غضب! كيف يمكن أن تتركني حقًا؟"

تابع فخر: "الماضي ماضٍ، هذا حفل زفاف يا أخي!"

عجز فخر عن الكلام: "أي امرأة تتحمل أن تُترك وحيدة في حفل زفافها؟ والطريقة التي حزمت بها أغراضها للتو، لم تكن مزحة. لقد تخلت عن كل شيء، وكأنها قطعت كل صلة بك."

ضغط نبيل على شفتيه، وومضت في ذهنه عينا نادين الهادئتان الخاليتان من الاضطراب، وأصبح شعور الذعر في قلبه أكثر وضوحًا.

حاول أن يتذكر آخر مرة غضبت فيها نادين حقًا، لكنه وجد في ذاكرته أنها كانت دائمًا تسامحه بسرعة، بغض النظر عما فعله.

"إنها لن تغضب مني حقًا..." كان وكأنه يقنع فخر، أو ربما يقنع نفسه: "يمكن للجميع أن يتركني، لكن نادين لن تفعل..."

قلب فخرعينيه: "كان ذلك في الماضي! قلب المرء ليس من الحجر، وبعد أن تُرهقها بهذه الطريقة مراراً وتكرارًا، يبرد أي قلب دافئ! اسمعني، اذهب الآن واشترِ لها هدية، واعتذر بصدق. ربما لا يزال هناك أمل."

صمت نبيل.

الاعتذار؟ لم يفعل شيئًا كهذا من قبل.

علاوة على ذلك، ماذا أشتري؟

فرك حاجبيه بعصبية: "لا أعرف ماذا أشتري، اذهب واشترِ لي أنت."

فخر: "نبيل الصاوي! يجب أن تشتري هذا بنفسك لتُظهر صدقك... أنت..."

لكن قبل أن يكمل كلامه، رن هاتف نبيل فجأة.

رفع يده على الفور مشيرًا إلى فخر أن يصمت، ورد على المكالمة، وعادت نبرته على الفور إلى هدوئه المعتاد: "مرحبًا، السيد فوزي..."

نظر فخر إليه، وهز رأسه في حيرة.

ألقى نظرة سريعة على النافذة، وشاهد نادين وهي تخرج من المبنى حاملة الصندوق الورقي، واندفع قوامها النحيف دون تردد في حشد المارة بالشارع، وسرعان ما اختفى.

شعر فخر بالصدمة في قلبه.

لسبب ما، كان لديه فجأة شعور قوي بأن نادين قد لا تعود هذه المرة أبدًا.

داخل المكتب، كان نبيل لا يزال يتحدث مع العميل عبر الهاتف، وصوته هادئ وواثق، وكأن الذعر الذي شعر به قبل قليل لم يحدث قط.

لكن فخر لاحظ أن يده الأخرى كانت تقبض وتنبسط بشكل لا إرادي...
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • وهبتُه لحبيبة طفولته، فوجدني قمرَه الوحيد   الفصل 30

    تقدم نبيل خطوة، وقال بصوت مبحوح للغاية: "نادين... لقد وجدتكِ أخيرًا."رفعت نادين عينيها أخيرًا، ونظرت إليه مباشرة.كانت عيناها صافيتين، لكنهما خاليتان من أي اضطراب.نظر نبيل إليها أيضًا.كانت الفتاة التي أمامه لا تزال هي المرأة الجميلة التي يتذكرها. ولو أنها ابتسمت وتحدثت إليه بعينين تلمعان، لظنّ حتمًا أن هذا الشهر وأكثر لم يكن سوى حلم طويل بالنسبة له."المحامي نبيل،" بدأت تتحدث بصوت ثابت لا يحمل أيّ انفعال: "هل تبحث عني لأمر ما؟"كانت كلمتي "المحامي نبيل"، بمثابة إبرتين باردتين، غُرست بعمق في قلب نبيل.كانت في السابق، تناديه دائمًا باسمه الكامل "نبيل الصاوي" في الحياة الخاصة، تناديه عندما تكون غاضبة، وعندما تكون سعيدة، وتناديه بنبرة ناعمة في لحظات دلعها النادرة...وكانت تناديه بـ"المحامي نبيل" فقط أثناء العمل لتجنب الريبة."أنا..." توقفت آلاف الكلمات في حلقه، تحرَّك تفاحة آدم، وفي النهاية لم يستطع إخراج سوى بضع كلمات جافة: "نادين، لقد بحثت عنكِ طويلاً..."أراد أن يمسك معصم نادين لا شعوريًا.تجنّبت نادين يده على الفور تقريبًا، وقالت: "ماذا تريد مني؟ لقد انفصلنا بالفعل."ارتعش وجه نبيل

  • وهبتُه لحبيبة طفولته، فوجدني قمرَه الوحيد   الفصل 29

    أخيرًا، ساد الهدوء.اتكأت نادين على ظهر الكرسي، ودلكت صدغيها.وبينما كانت تحاول تهدئة نفسها والعودة إلى العمل، انبعث فجأة من خارج المكتب صوت صراخ راشد المبالغ فيه."يا مديرة! يا مديرة! تعالي وشاهدي مَن جاء!"انزعجت نادين من صراخه، وظنت أنه جلب عميلاً مهمًا غير متوقع، فجمعت ما تبقّى لها من طاقة بصعوبة، ونهضت لتفتح باب المكتب.في تلك اللحظة، خارج باب المكتب--ابتعد راشد بابتسامة حماسية، ليظهر الرجل الذي كان يقف خلفه فجأة في مرمى بصرها.لقد كان... نبيل.بدا أكثر نحافة، فازدادت حدة خط فكه، وكان طرفا سترته مفتوحين قليلاً، بدت ياقة قميصه مرتّب ولكن يشوبها شيء من الفوضى.تجمد تعبير نادين على الفور، شدّت قبضتها على مقبض الباب، وتدفقت الدماء في لحظة واحدة إلى أطرافها وجسدها كله، فشعرت بدوار غريب إلى حدّ لا يصدّق.توقف العالم عن الحركة في تلك اللحظة.تلاشت جميع الأصوات، ولم يبق سوى صوت دقات قلبها التي خرجت عن السيطرة فجأة.دقة.دقة.تقرع طبلة أذنها.كان راشد لا يزال يتحدث بكلمات متقطعة ومتحمسة من الجانب: "مديرتي! إنه المحامي نبيل! مثلي الأعلى..."بدا صوته وكأنه يأتي من مكان بعيد جدًا، غامضًا وغي

  • وهبتُه لحبيبة طفولته، فوجدني قمرَه الوحيد   الفصل 28

    "نادين..."جاء صوت سلمى وفيه شيء من التحفّظ، لكن كلماتها بدت بوضوح محاولة للتظاهر بالاسترخاء: "يا ابنتي، لماذا رحلتِ هكذا دون أن تقولي شيئًا؟ لم تُخبِريني حتى قبل أن ترحلي...متى ستعودين؟ أشتاق إليك..."هذه الأسئلة المفاجئة المتتالية جعلت نادين تشعر ببعض الغرابة.خلال السنوات الخمس الماضية، رغم اعتراف سلمى بها كحبيبة نبيل، إلا أن موقفها ظل دائمًا متحفظًا، بل مشوبًا بعض الانتقاد، ولم يسبق لها أن أظهرت مثل هذا الدفء على الإطلاق.حتى عدم انتقادها لعيوبها، كان يعتبر لطفًا في نظر نادين.لو أنها سمعت هذه الكلمات قبل شهر، لكانت تأثّرت حتى البكاء.أما الآن.فإنها لا تشعر سوى بالسخرية فحسب."أنا بخير، شكرًا لاهتمامكِ يا خالة." كان صوت نادين باردًا ومهذبًا. " تفضّلي وقولي ما لديكِ مباشرة."تجمّد وجه سلمى لحظة، فلم تكن تتوقّع أنّها بعدما خفّضت من شأنها إلى هذا الحدّ، لن تلقى أي تجاوب. فشعرت بالحرج في تلك اللحظة، وبردت نبرتها شيئًا فشيئًا."نبيل هكذا طبعه، عنيد ولا يُحسن الكلامألستِ تعرفينه منذ اليوم الأول؟ فلماذا تتعاملين معه بهذه الحدة؟ ؟ وسمعتُ أنكِ بِعت بيتك أيضًا؟ هذا تصرّف متهوّر جدًّا ولا د

  • وهبتُه لحبيبة طفولته، فوجدني قمرَه الوحيد   الفصل 27

    لم يكن فخر يصدّق أبدًا أن الأم وابنتها قد صحا ضميرهما فجأة...ربما كان لحادث السيارة الذي وقع في ذلك العام خفايا أخرى."تلك الحقيرة نادين لا تُقارن بي على الإطلاق؟!" صرخت هالة وكأنها قطة داس أحدهم على ذيلها. "أنا من نشأت معه منذ الطفولة! سيعرف نبيل عاجلاً أم آجلاً من هي المرأة المناسبة له حقًا!""مناسبة؟" سخر فخر وقال ببرود: "مناسبة للمشاحنات اليومية؟ أم مناسبة لمحاولة الانتحار في يوم زفاف شخص آخر؟"ارتعشت شفتا هالة غضبًا: "أنت... ما هذا الهراء الذي تقوله.""أنا أقول الهراء؟" كانت نظرة فخر جليدية: "هالة، حافظي على ما تبقى من كرامتك. هل حقًا لا تفهمين لماذا يتجنبك نبيل؟ تسامحه معك سابقًا كان بفضل إنقاذ والدتك لحياته، والآن بعدما غادرت نادين، لقد أضعتِ كل ما تبقى من هذا الفضل بتصرفاتك. لا تُهيني نفسك أكثر."اخترقت هذه الكلمات قلب هالة كأنها سكاكين حادة.ارتعش جسدها بالكامل من الغضب، وأشارت إلى فخر، تردّد كلمة "أنت..." لبعض الوقت دون أن تستطيع إخراج عبارة سباب كاملة.ماذا يعرف فخر أصلاً؟علاقتها بنبيل هي علاقة نشأت منذ الطفولة!هي ونبيل فقط ينتميان إلى العالم نفسه، أمّا نادين، فلا تفهم

  • وهبتُه لحبيبة طفولته، فوجدني قمرَه الوحيد   الفصل 26

    حاولت هالة الاتصال به مرة أخرى، غير مستسلمة...(عذرًا، الرقم الذي طلبته...)"آه!" صرخت هالة غاضبة، وكادت أن تسقط وعاء الطعام الحراري الذي كانت تحمله.شدّت يديها بقوّة، وغرست أظافرها في راحتيها، وكان صدرها يرتفع ويهبط بعنف.تلك الحقيرة نادين، حتى بعد رحيلها، لا تدَع الناس يعيشون في سلام، كأن روحها الشريرة ما زالت تلاحقهم!لا، هذا غير مقبول!اليوم…لا بدّ لها أن تنتظر نبيل! "أحضري لي كوبًا من القهوة... " اتجهت مباشرة نحو الأريكة في منطقة الاستقبال وجلست متخذة وضع سيّدة المكان، وتحدثت بنبرة آمرة إلى موظفة الاستقبال: "أريدها مطحونة طازجة، بدون سكر أو حليب."عرفت موظفة الاستقبال هالة بالطبع؛ فقد كانت تأتي إلى المكتب باستمرار لرؤية المحامي نبيل، ويقال إنهما أصدقاء طفولة، والأهم من ذلك، أن المحامية نادين قد أُجبرت على الرحيل بسبب هذه المرأة!رغم شعورها بالاشمئزاز، إلا أنها لم تجرؤ على إغضابها، فاكتفت بالردّ بصوت خافت وذهبت للتحضير.مر الوقت دقيقة تلو الأخرى.شعرت هالة بالقلق وعدم الصبر، واستهلكت كوبًا تلو الآخر من القهوة، لكن ظل نبيل غائبًا.عندما كادت تفقد صبرها، انفتح باب المصعد مع رنين الج

  • وهبتُه لحبيبة طفولته، فوجدني قمرَه الوحيد   الفصل 25

    "غدًا... في التاسعة صباحًا؟" كاد معتز أن يفقد وعيه من الصدمة، إذ اسودّت الدنيا أمام عينيه لحظة.لدى القسم القانوني سبع أو ثماني قضايا رئيسية قيد المتابعة، وعشرات من قضايا الدفاع عن الحقوق العادية. كيف يمكن مراجعة كل هذه القضايا وتقديم تقارير مفصلة عنها في ليلة واحدة؟!هذا ببساطة جدول موتٍ بالإرهاق حتى الفجر!قال معتز محاولاً الاعتراض قليلاً: "سيد ماجد، أليس… أليس الوقت ضيّقًا بعض الشيء؟"رفع ماجد عينيه ونظر إليه، ولم يكن في نظراته أي دفء: "هل تواجه صعوبة؟"ابتلع معتز الكلمات على الفور، وشعر بقشعريرة تسري في فروة رأسه: "لا... لا! سننجز المهمة بالتأكيد!"كاد يبكي، وصرخ في داخله بجنون: من الذي أغضب هذا السيد الجليل مرة أخرى؟!لماذا هذا الجحيم المفاجئ من العمل الإضافي؟!لم يقل ماجد شيئا آخر، ونهض ورتب بدلته، ثم غادر غرفة الاجتماعات بخطوات ثابتة، تاركًا معتز ومجموعة من نخبة القسم القانوني خلفه، غارقين في موجة من العويل الصامت....مدينة الزهرة، الطريق السريع المؤدي إلى المطار.كان فخر يقود السيارة بسرعة جنونية في طريقه إلى المطار.نظر عبر المرآة إلى نبيل الجالس في المقعد الخلفي صامتًا بملام

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status