جميع فصول : الفصل -الفصل 770

911 فصول

الفصل761

ما إن أنهى سمير حديثه، حتى أغلق الهاتف. قبض على جهازه بتردد، لكنه في النهاية لم يستطع أن يمنع نفسه من الاتصال بنور. لكن في الجهة الأخرى، ومع سير المركبة، لم يكن هناك أي إشارة عند نور. فما إن اتصل سمير على الرقم حتى جاءه صوت نسائي آلي: "مرحبًا، الرقم الذي تحاول الاتصال به خارج نطاق الخدمة، يرجى المحاولة لاحقًا..."فهذه المنطقة ساحة حرب، والوضع شديد الفوضى. إن أرخوا حذرهم قليلًا، قد يجعلهم هذا في مرمى النيران. كيف تجرأت نور على القدوم إلى هنا؟قال له طارق، وهو واقف بجانبه بعد أن سمع المكالمة ورأى ملامحه القلقة: "لا تقلق يا قائد سمير، سأمرّر الأمر للرجال، وليبذلوا كل جهد للبحث عن زوجتك. وسنعلمك مباشرة أول ما يأتينا خبر. عليك الآن أن تستريح قليلًا، وإلا فلن نتمكن من التنسيق مع الآخرين، ولن ينجز العمل".سمير القزعلي رجل لا يعرف الارتباك. لم يره طارق طوال الوقت الذي رافقه فيه في حالٍ كهذه إلا حين يكون الأمر متعلقًا بنور. كان واضحًا أنه يوليها اهتمامًا بالغًا. قال بلهجة حاسمة: "يجب أن تجدوها في أسرع وقت".فكّر أن يذهب بنفسه ليبحث عنها، لكن لا يمكنه مغادرة المكان، فوجوده هنا ضروري للتن
اقرأ المزيد

الفصل762

كانت الصحراء التي وقفت فيها نور ومن معها ممتدة إلى ما لا نهاية، لا يُرى طرف لها.والسائق الذي قرر الخروج لطلب المساعدة، لم يعرف أحد كم سيغيب حتى يعود.أما الجِمال، فهي أفضل وسيلة للتنقل في الصحراء.وخطر فجأة ببال نور خاطر، لكن قبل أن تنطق، رفعت المرأة التي ترافقهم يدها فجأة وبدأت تلوّح وتصيح، وطفلها يقلدها في حركاتها.قالت جولي مترجمة: "إنها تنادي عليهم".صمتت نور ولم تُجب.وما هي إلا لحظات حتى وصل جمع من الرجال على ظهور الجمال، واقتربوا منهم.قامت تلك المرأة بحركاتٍ بيدها، ثم أشارت نحو نور. أحسَّت نور بنظرات أولئك الرجال، كانوا في الأول يتفحَّصونها، ثم تحولت نظراتهم شيئًا فشيئًا إلى الريبة.دار بينها وبينهم حديث استمر لدقيقة أو اثنتين، ثم أسرعت نحو نور، متهللة، وبدأت تتحدث باندفاع.ترجمت جولي في الحال: "آنسة نور، هؤلاء من نفس قبيلتها، يمكننا أن نمتطي الجمال لنخرج من الصحراء.""حسنًا."فهذا ما كانت تريده أصلًا.الخروج من الصحراء، العثور على مأوى، ثم متابعة الطريق نحو قبيلة العزبي.لكن السائق، الذي لم يغادر بعد، سمع كل ما قيل. فقال: "تعطل السيارة ليس بيدي، لكن إن قررتن الرحيل على الجم
اقرأ المزيد

الفصل763

تناولت عزة القارورة، أمسكت وجنتي نور بكلتا يديها وسكبت السائل الأسود في فمها."كح...كح!"سعلت نور بعنف، كان طعمه لاذعًا، أحرق أنفها وحلْقها حتى استفاقت تمامًا، لكنها بلا طاقة، لا تقوى إلا على الاستناد إلى سنام الجمل.نادتها عزة، بعد أن رأتها عديمة الحيوية، محاولة أن تختبر وعيها: "نور، هل أنتِ بخير؟ هل تسمعينني؟"أجابت نور بخفوت: "....نعم". كانت حيَّة، لكن بلا حولٍ ولا قوَّة.أحست أنها كسمكةٍ تحتضر.خشيت عزة أن تسقط نور عن ظهر الجمل، فأحاطت خصرها بذراعها طوال الطريق.لكن مع مرور الوقت، بدأت عزة نفسها تفقد تماسكها.اضطرت إلى شرب بعضٍ من ذلك الشراب الأسود الداكن أيضًا، وكان مذاقه أشد وطأة مما تخيّلت، حتى داهمها الدوار بدورها.لم تعرف كم مضى من الوقت، لكنها شعرت بالدوار أيضًا في النهاية، بينما كانت جولي وتلك المرأة تتابعان رعايتهما حتى خرجن جميعًا من الصحراء.خرجن من الصحراء، ليدخلن إلى أرضٍ قاحلة. حيث يشتد الفارق بين حرّ النهار وبرد الليل.ما إن ترجّلن عن الجمال حتى أشعلوا نارًا، وأقاموا خيمة.كان لديهم شيء من الطعام، لكن الماء نفد تمامًا.جلست نور بجوار النار، تستعيد الدفء الذي ضاع من ج
اقرأ المزيد

الفصل764

عند العد في المكان، تبين أن هناك على الأقل أكثر من عشرة ذئاب برية.ولولا البنادق التي بين أيدي الرجال، لكانوا هذه الليلة جثثًا في بطون الذئاب.غير أنّ هؤلاء الناس...كيف يمكن وصفهم؟طعامهم غير طعامهم، عقيدتهم مختلفة، وتجاربهم في الحياة غريبة عليهم.فقد شرعوا مباشرة بسلخ جلود الذئاب، ثم علقوها على النار يشوونها.قدّمت المرأة ساق ذئب إلى نور، لكنها لوّحت بيدها رافضة.لم تستطع أكلها.وأنفاسها لا تفوح إلا برائحة دماء الذئاب...مدّت عزة إليها بما تبقّى في يدها من خبزٍ، ومعه سائل الأشجار الأسود الذي سقتهنّ المرأة منه.وما إن شمَّته نور، حتى استفاقت قليلًا.أخرجت هاتفها تحاول فيه، لكن لم يكن فيه إشارة واحدة.سيقضون هذه الليلة هنا، وغدًا عليهم أن يقطعوا ثلاث ساعات قبل أن يبلغوا المنطقة المأهولة، ولا تزال قبيلة العزبي بعيدة.متى تراها ستلتقي بلاشين وسمير؟ضمّت ذراعيها إلى جسدها، ورفعت بصرها إلى السماء.حيث النجوم والقمر منعكسان بصفاء على قبة السماء.وفي الوقت نفسه. كان سمير مثلها عابس الوجه.التقى بمن كان ينبغي أن يلتقيهم، وتسلم المهمة الجديدة، لكن لا طارق ولا حسين تمكّنا من الوصول إلى نور.كل
اقرأ المزيد

الفصل765

غير أنّ سمير بدا حاسمًا، وقال: "هذه إصابة طفيفة لا تعيقني"."حسنًا، سأرتّب الأمر فورًا".كان يعرف أن قلب سمير مشغولٌ بنور، طالما بقيت مفقودة فلن يهدأ له بال، ولن يغمض له جفن.وهكذا، قرروا أن ينطلقوا ليلًا نحو قبيلة العزبي...…لم تستطع نور أن تنام.ومع انقضاء نصف الليل واشتداد البرد، أخذ الناس يتساقطون في النوم واحدًا تلو الآخر، والنار لا يمكن أن تبقى مشتعلة طول الوقت، فاضطرت نور إلى التسلل داخل الخيمة.لم تنم عزة بدورها، ولذا، رغم أن نور حاولت أن تتحرك بأقصى درجات الهدوء، فقد التقطت أذنها الصوت الخافت."نامي يا نور، فما زال أمامنا طريق طويل، وضمان قدرة الجسد أهم شيء. ثم إنك سمعتِ تسجيل لاشين، أليس كذلك؟"تفاجأت نور: "وأنتِ، لِمَ لم تنامي بعد؟"فعزَّة أمامها طريقٌ طويلٌ ايضًا، بل إنها تبذل جهدًا مضاعفًا عنها.فهل سهر عزة يعني أنها لديها ما يشغلها أيضًا؟ردّت عزة: "كيف أنام وأنتِ لم تنامي؟ ثم إني يجب عليّ أن أسهر لأحرسك إن نمتِ. نور، صدقيني، أفهم ما تشعرين به. لكن بما أننا وصلنا إلى هنا، عليكِ أن تصوني قواك"."أعرف ذلك."كانت نور مثقلة الأفكار.كانت تعلم كل هذا، لكن....كيف تشرح الأمر؟ ك
اقرأ المزيد

الفصل766

استغرقت نور في نومٍ متقطّع، لكن فجأة تسلّل إلى أنفها عبق لحمٍ مشوي.فتحت عينيها فرأت أن السماء قد تلونت بلونٍ رماديّ باهت.نظرت إلى الوقت، ورأت أنها ما تزال الخامسة والنصف تقريبًا.احتضنت نور ذراعيها لا إراديًا عندما خرجت من الخيمة، بسبب فرق درجات الحرارة، وكان الجميع قد استيقظوا باكرًا.وأشارت المرأة إليها نحو النار المتقدة أمامها. حيث كان اللحم لا يزال يُشوَى.تقدّمت جولي تترجم لها: "أنتِ لم تأكلي البارحة شيئًا، كلي قليلًا الآن، فنحن على وشك الرحيل".لكن نور لم يكن لها أي شهية.والأدهى، أن القلق ظلّ ينهش في صدرها. لم يكن مقصدها العثور على لاشين وحسب، بل ربما كان لها علاقة ما بالمنظمة، وإلا فكيف لها أن تعرف حيل الحجرة السرية؟لعلها الناجية الوحيدة، النقية من بينهم.كان رد فعل إيهاب عندما رآها مريبًا، وكأنّه يرى فيها شخصًا آخر.شعرت أننها تحمل سرًّا جللًا.ولا يمكن أن يُكشف إلا بقدومها هي.ولهذا، بالرغم من أنها تعرف خطورة الأمر، إلا أنها إن تراجعت بخوف دون أن تواجهه، فستظل حياتها أسيرة الألغاز.وستكون في موقفٍ ضعيف إن أراد أحدٌ إيذائها.لذا ليس أمامها إلا أن تبادر بالهجوم بنفسها.الت
اقرأ المزيد

الفصل767

خشيت جولي أن يكون هناك خطر على نور، فتشبّثت بها بكل قوتها، وقالت: "آنسة نور، رأيتِ الوضع بنفسك، العودة الآن تعني الموت المحتم!"رفعت نور صوتها، وهي قلقة: "وماذا عن عزة؟"لكن جولي والمرأة من قبيلة العزبي تمسَّكتا بها أكثر. "الآنسة عزة ماهرة، لن يصيبها مكروه. ولست أنتِ وعزة وحدكما، بل نحن معكما، لو استمريتِ بعنادك، سنسقط جميعًا في ورطة!"كما توقَّعت بالضبط.كانوا يريدونها هي، لا عزة. هي لها قيمة بالنسبة لهم. وإلا فلمَ أرادوا القبض عليها؟ وحتى لو قبضوا عليها، فلن يقتلوها فورًا. بل ربما تستطيع دخول إلى داخل المنظمة.هذه فرصتها. تمامًا كما في الماضي.أما عزة، فكان الوضع مختلف معها. هي الآن متهمة بالخيانة، وقد تموت حقًا.قالت نور لهما: "اذهبا أولًا… لدي خطة".لو صحَّت توقعاتها، فهي تعرف كيف تتعامل مع هذ الأمر.في هذه اللحظة، لم يكن أمامها سوى المخاطرة.عندما رفضت نور المغادرة وأصرت على الدخول، شعرت جولي بالقلق الشديد، ولم تعد تهتم لأي شيء آخر، فهي لن تسمح لها بالرجوع على أي حال، لذا ضربت نور وأسقطتها مغشيًا عليه.ثم قامت جولي والمرأة بحمل نور بسرعة أسفل الدرج، وفي النهاية وصلن إلى الط
اقرأ المزيد

الفصل768

شعرت نور بأن الأرض بدأت تهتز تحت قدميها. فتمسكت بالشجرة القريبة منها، لكنها رأت السماء وقد احمرت كالدم."بوم بوم بوم!"سمعت صوت سيلٍ من طلقات نار. فالتفتت تلقائيًا نحو مصدر الصوت. فأصابها المشهد أمام عينيها بالذهول.كان هناك عدد كبير من الرجال يرتدون زيّ الجيش المموّه، يحملون بنادق طويلة ويطلقون النار على الناس، كل من يمرون بجانبه يسقط ملقى على الأرض، والدماء تتدفق بغزارة.عجزت نور عن الحركة.رأت هؤلاء الرجال يدخلون المنازل الصغيرة بخطوات واسعة، ويحملون أشياءً عند خروجهم. بل وأشعلوا النار في بعض المنازل.ذهلت نور. هؤلاء الناس بهذا الزي... إنهم جنود، والجنود لا يقتلون ولا ينهبون ولا يحرقون البيوت...في بلدها، وفي وعيها، كان الجنود دائمًا يحافظون على الوطن، مثل سمير، يطيعون الأوامر وينفذون التعليمات، ويضحون بأنفسهم من أجل إنقاذ الآخرين.رأت عَلَمًا يرفرف في الهواء. كان لونه أسود، وفيه جمجمة بيضاء، وتحت الجمجمة كان هناك ثعبان كوبرا ملتف.جعلتها هذه الصورة تشعر بالقشعريرة تسري في رأسها.سمعت صوت صياح: "انسحبوا!"فهمت نور هذه الكلمة العربية فورًا.وبعد ثوانٍ قليلة، صعد هؤلاء الرجال إل
اقرأ المزيد

الفصل769

لكن نظرات الشاب كانت مليئة بالحزن العميق، ومع كلماته، استطاعت نور أن تُحس بالألم في قلبه. كان الجميع يعيشون معًا بسلام، وفجأة، في لحظة واحدة، قُتل جميع أهل القرية، ولم يبقَ إلا هو وحده. ضغطت نور شفتيها، فتقدمت نحو الشاب وساعدته في جمع الجثث معًا. وفي الوقت نفسه، سألته: "لقد شاهدت كل ما حدث... هؤلاء الأشخاص ليسوا جنودًا، أليس كذلك؟ هل ارتكبت قريتكم شيئًا ما؟"لمحت لمحة من الغضب في عينيه، وقال: "هل تعتقدين أن الشيوخ والنساء والأطفال قادرون على فعل شيء؟ هؤلاء ليسوا جنودًا، هؤلاء أتباع فرعون!"عض الشاب على أسنانه بغضب، وانطلقت الكلمات من بين أسنانه. خرج الشباب في القرية للعمل لجني المال وكسب العيش، أو تم تجنيدهم من قبل الدولة، فلم يبقَ في القرية سوى الشيوخ والنساء والأطفال. أرادوا فقط العيش بسلام، أي ذنبٍ قد يكونوا قد ارتكبوه؟قالت نور متلعثمة: "آسفة..."، فقد كان تصورها عن الجيش دائمًا أنهم أشخاص منضبطون ونزيهون، لكن...كلمات الشاب قلبت كل شيء رأسًا على عقب. وأكثر من ذلك!ذكر الشاب مرة أخرى فرعون. أتباع فرعون يبحثون عنها، وفرعون يصنع السموم، وأتباعه يقتلون ويسلبون...سألها الشاب: "ا
اقرأ المزيد

الفصل770

رأت نور الشاب وهو يشد بقوة على تلك الراية ذات الصورة الغريبة. تقدمت نور نحوه وقالت: "جروح يدك خطيرة جدًا، لكنني لم أجد دواءً فعالًا، الآن لا يمكننا إلا تطهيرها باليود، وإلا قد تفقد يدك".أضافت: "وعلاوة على ذلك، انفجار غضبك على الراية لن ينفع بشيء".فالراية مجرد جماد. لمحت نور شيئًا من الحقد في عيني الشاب الذي قال: "سيأتي اليوم الذي سأقطع فيه رأس أتباع فرعون!"لقد قتل أتباع فرعون جدته وأخته وأخيه. كما أنهم أخذوا والده، والذي ما زال مصيره مجهولًا، كان يكره فرعون بشدة!قالت نور له: "أنا لا أحب فرعون أيضًا، لكن عليك أولًا أن تعتني بجسدك".نظر الشاب مستغربًا: "هل قتَل أتباع فرعون أصدقائك أو من تحبين أيضًا؟"أجابته نور: "لا… لكنه لم يقم بأي شيءٍ صالح، أفعاله أثرت على حياتي بطريقة ما".ضحك الشاب بسخرية: "هؤلاء لا يملكون أي إنسانية".كانت نور قد شهدت الكثير بالفعل، وكان هذا يقلب كل مفاهيمها رأسًا على عقب. لا يمكن أن تعمّ السلامة إلا إذا أُزيح فرعون. "أنت تعرف هذه المنطقة جيدًا، أليس كذلك؟ هل تعرف أين يتمركزون؟ هل تريد أن ترافقني؟ قد يكون هناك خطر، فكر جيدًا". وضعت نور اليود على يد الشاب،
اقرأ المزيد
السابق
1
...
7576777879
...
92
امسح الكود للقراءة على التطبيق
DMCA.com Protection Status