All Chapters of بعد عودة حبيبة اللعوب القديمة، كشفت الوريثة المدللة عن وجهها الحقيقي: Chapter 361 - Chapter 370

506 Chapters

الفصل361

حدّق الجد من عائلة درويش بنظرة ثاقبة وجادة.بعد صمتٍ وجيز، تكلّم ببطء، وسرد لهم بإيجاز نقاط الخلاف القديمة بين جاسم ووالد أبو زيد وابنه، مُلخّصاً فصول الخصومة بصوتٍ هادئ.كضباط تحقيقٍ محترفين، كانوا قد سمعوا من قبل عن نماذج قصص كبار العائلات، لكن حين يسمعون أسراراً من فم أحد أصحاب النفوذ أنفسهم، لا بد أن يتأثروا قليلاً. سرعان ما استعادت المجموعة رباطة جأشها، وأخذوا يقبضون أقلامهم ويدوّنون ملاحظات مهمة.في ختام حديثه قال الجد بصوت ثقيل: "وجهة نظري تتوافق مع نوال — أعتقد أن حنين هي المشتبه بها الأبرز."أومأ الحاضرون برؤوسهم موافقين.تقدّم الضابط أنور باحترام وقال: "سنبذل كل ما في وسعنا للوصول إلى الحقيقة."أوحت ملامح الجد بالحزن وهو يفكّر في ابنه على فراش الموت؛ ثم همس بضعف: "أقدر تعبكم. بسرعة أرجوكم — أعيدوا لي الحق، على الأقل دعوا جاسم يعرف من الذي أذاه قبل أن يرحل بسلام."ردّوا جميعاً بوقارٍ: "فهمنا، سنعمل على ذلك."ثم قال حمدي ببرودٍ متجمّد لكنه حاسم: "سأوفّر كل الدعم اللازم لفريقكم."مكثت روان في وحدة العناية المركزة ثلاثَة أيام.في اليوم الرابع قال الأطباء إنه يمكن زيارتها: وقت الز
Read more

الفصل362

وقف حمدي خارج الباب يستمع لبعض الوقت، وفي النهاية لم يدخل.كان الجو غائماً قاتماً، وهطلت أمطار خفيفة متواصلة.تقدّم حمدي إلى مدخل المستشفى، رفع عينيه نحو السماء المكفهرة الثقيلة، شارد الذهن.لقد أدرك أن علاقته مع روان ربما لن يكون لها مستقبل أبداً.أما والده جاسم درويش، فلم يتجاوز الثانية والخمسين من عمره، وهو الآن على وشك الرحيل عن الدنيا.حين كان في الخامسة من عمره، انكشف أمر الابن غير الشرعي لجاسم، فاندلعت الخلافات بين والديه، وكانت أمه تطلب الطلاق مراراً. لكن تحت ضغط كبار العائلتين، لم يحدث الطلاق في النهاية.كان حمدي في الخامسة، قد بدأ يعي الأمور.تلك الذكريات المؤلمة ترسخت في أعماقه.لا يزال يتذكر بوضوح كل ما عانته أمه، ويتذكرها وهي تبكي وحدها في غرفتها، ويتذكر شجارات والديه المتكررة، ويتذكر نظرات النفور في عيني والده.كان يعرف أن جاسم لم يكن يحب أمه، ولا حتى يحبه هو.نشأ حمدي بلا دفء أبوي، والعلاقة بينه وبين جاسم كانت دائماً باردة بعيدة.كان يظن أنه إذا مات والده فلن يحزن عليه.لكن حين أتى هذا اليوم، اكتشف أنه غير قادر على البقاء غير مبالٍ.وفي تلك اللحظة، مرّ رجل في منتصف العمر
Read more

الفصل363

تدفقت أشعة الضوء من السقف إلى الأسفل.حدّق أبو زيد في حمدي بعينين باردتين قاسيتين.قال بسخرية: "يا لها من زيارة نادرة... كيف يشرّفنا سيد عائلة درويش بزيارته إلى السجن؟"كان رأس أبو زيد وذراعه ملفوفين بالشاش؛ ففي يوم محاولة اغتيال حمدي، حين قرر أن يأخذه معه إلى الهلاك، أصيب أبو زيد بجروح خطيرة.منذ أن بدأ الخائن في صف حمدي يسرّب له الأخبار، كان أبو زيد يعرف أن نهايته قد اقتربت.انتهت ولاية غسان، والشعب قد ضاق ذرعاً به، ومن المستحيل تقريباً أن يُعاد انتخابه رئيساً للوزراء.أما وردة، فعند وصولها إلى السلطة ستتكاتف مع قوى متعددة للإجهاز عليه.فور أن وصله الخبر، بدأ أبو زيد يخطط لتزييف موته والهرب سرّاً إلى دولة الشمال، ليواجه حمدي بمصير "الموت معاً".حاول رامي إقناعه بالعيش، أن يختفي باسم جديد ويكمل ما تبقى من حياته بعيداً عن الأضواء.لكن أبو زيد ضحك بازدراء، وقال بعينين ساخرتين: "هل أبدو أنا أبو زيد جبانًا ومتخاذلاً؟"ثم أضاف: "بما أن حمدي يريد موتي... فسآخذه معي إلى القبر."لقد تطور نفوذ أبو زيد بسرعة خلال هذه السنوات بفضل سند قوي اسمه غسان.كان يمارس تجارته في الظلام، مخالفاً للقوانين،
Read more

الفصل364

سمع اثنان من حراس السجن بأذنيهما اعتراف أبو زيد بأنه هو من حرّض حنين على وضع السم.وليس هذا فحسب، بل إن لقاء حمدي مع أبو زيد كان كاملاً تحت مراقبة الشرطة.وبما أن أبو زيد موقوف باعتباره متهماً جنائياً، فقد اعترف بنفسه بتحريض حنين، وهذا الاعتراف يدخل في باب "إقرار المتهم" ويُعتبر دليلاً جنائياً، الأمر الذي سهّل على الشرطة مهمّة التحقيق كثيراً.وفي الوقت نفسه، كلّف حمدي رجاله بمساعدة الشرطة، فكشفوا أن أحد الخدم في بيت عائلة درويش القديم قد شاهد بعينيه حنين وهي تضع شيئاً في شوربة الأعشاب الخاصة بجاسم درويش.لكن ذلك الخادم، اتّباعاً لمبدأ "الباب اللي يجيك منه الريح سدّه واستريح"، فضّل أن يلتزم الصمت.والآن بعد انكشاف الأمر، وحين سُئلت حنين من قِبل الشرطة –وقد كانت قد قطعت علاقتها بعائلة درويش منذ زمن– اعترفت بكل شيء من دون مواربة.وصل الخبر إلى السيدة الكبيرة من آل درويش، فغضبت حتى أخذت تضرب صدرها وتنوح:"يا ويلتي! أي ذنب هذا! كنت أظنها ضلّت الطريق مؤقتاً تحت تأثير الأشرار، وكنت أظن أن جوهرها ليس سيئاً... لم أتخيل أبداً أن تجرؤ على تسميم والدها بالتبني!"وانهمرت الدموع من عينيها الغائمتين.
Read more

الفصل365

"أنتِ... أنتِ أنتِ..." كادت السيدة الكبيرة من عائلة درويش أن تختنق غضباً، ولم تستطع أن تلتقط أنفاسها.وفي تلك اللحظة، دوّى صوت طرق على الباب.كان وقت الطعام، لا بد أنها الخادمة جاءت لتسلم الوجبة.تماسكت نوال وقالت بهدوء: "ادخلي."دخلت الخادمة وهي تحمل وعاءً حرارياً، ورفعت الطاولة الصغيرة، ثم بدأت تفرغ الطعام: "سيّدتي، هذه شوربة الشفاء، تركتها على النار خمس ساعات بهدوء حتى نضجت... تفضلي جربيها."صرخت السيدة الكبيرة بغضب: "خذيها بعيداً! لا أريدها!"لكن كلماتها وُجِّهت إلى الخادمة، بينما كانت عيناها مشتعلة بالغضب تحدّقان في نوال.ابتسمت نوال بسخرية خفيفة، وحملت حقيبتها واستدارت خارجة.جاء رفيع لزيارة روان، ترافقه لطيفة.وحين فتحا باب غرفة المستشفى، فوجئا بالجو المليء بالناس.فقد جاءت ريم مع نيرمين منذ دقائق قليلة.وكانت نيرمين تضحك وهي تلوّح بحقيبة هيرميس براقة أمام روان قائلة: "يا حبيبتي، هذه الحقيبة جلبتها خصيصاً من خارج لكِ، لا تباع هنا أبداً. الحقيبة تعالج كل داء! خذيها، وستشفين بسرعة."أما ريم، فوقفت بجانبها وهي تحمل علبة "كارتييه" صغيرة، وقالت بابتسامة: "رورو، هذا سوار جلبته لكِ."ا
Read more

الفصل366

في تلك اللحظة، دفعت حبيبة الباب وهي تحمل وعاء الطعام الحراري.وعندما وقعت عيناها على المسبحة في يد رفيع، توقفت نظراتها فجأة.لقد تعرفت عليها فوراً.تلك المسبحة المصنوعة من خشب الزيتون المقدس من مسجد النور لا تُنال إلا بجهد عظيم. كان يُقال إنها صُنعت من شجرة نمت في باحة المسجد الذي يُعتقد أنه مكان مبارك منذ قرون.تذكرت أنه حين مرضت عبير – والدة روان – مرضاً شديداً، كان محمود قد ذهب بنفسه إلى المسجد ليطلب لها مثل هذه المسبحة المباركة، طالباً من الله الشفاء ببركة الدعاء بها.لكن للأسف، لم يُكتب لروحها النجاة في النهاية.ارتعشت أهداب حبيبة، وشعرت بوجع غامر في قلبها.نادته بصوت فيه تردّد: "يا رفيع..." ثم حدّقت إليه بدهشة، "هل جلبت هذه المسبحة بنفسك من ذلك المسجد؟"ظلت عيناها معلّقتين على المسبحة، كأنها لا تنظر إليها بل تنظر عبرها إلى الماضي.أجاب رفيع وهو يثبت نظره العميق على روان: "نعم، ودعوت لها فيها بكل إخلاص."ازدادت دهشة حبيبة، وبعد لحظات استعادت وعيها.وكانت نظراتها لرفيع قد تغيرت، صارت أكثر عمقاً.لقد رأته من قبل حين جاء مع لطيفة لزيارة بيت الشمري.ومنذ ذلك الحين، كان لديها شعور بأن
Read more

الفصل367

كانت قضية التسميم هذه واضحةُ الوقائع، والأدلة قاطعة وكافية.أبو زيد هو المحرّض، وحنين هي المنفذة.رفعت النيابة العامة ضدهما دعوى بتهمة القتل العمد.وفي الوقت نفسه، سلّم حمدي للشرطة الأدلة التي بحوزته حول جرائم أخرى ارتكبها أبو زيد في دولة الشمال، فقررت النيابة ضمّها كلها في الدعوى.وقدّمت النيابة عند رفع الدعوى توصية بالحكم: الإعدام الفوري.أنهى حمدي المكالمة الهاتفية، ثم استدار.على الطاولة أمام جاسم درويش كانت وجبة الطعام لم تُمسّ.سأل جاسم بصوت واهن: "هل كان الأمر يتعلق بمقاضاة أبو زيد وحنين؟"أجاب حمدي ببرود: "نعم.""وماذا قالت الشرطة؟"قال حمدي بصوت هادئ رتيب: "التسميم يُعتبر قتلاً عمداً. وإضافة إلى ذلك، فإن أبو زيد متورط في جرائم أخرى: الخطف، وتشكيل تنظيم ذي طابع عصابي، وحيازة أسلحة غير مشروعة، وغيرها. والنيابة أوصت بالإعدام الفوري. أما حنين، فمحاولتها للقتل ستُدمج مع العقوبة السابقة، والأرجح أن الحكم سيكون السجن المؤبد."أطرق جاسم رأسه وصمت.ألقى حمدي عليه نظرة عابرة من دون أن يتكلم.بعد فترة تردّد جاسم، ثم قال بصوت خافت: "أريد أن أرى أبا زيد."ارتجف قلب حمدي، وغشّت البرودة عيني
Read more

الفصل368

"دم...!" كانت شفتا نيرمين ترتجفان، تتلعثم غير قادرة على إكمال جملة واحدة: "الكثير من الدماء... انتحار... قفز من المبنى..."احدهم انتحر قفزاً؟تجمدت روان من الدهشة."نيرمين!" في تلك اللحظة اندفع عباس إلى غرفة المستشفى، وحمل نيرمين بين ذراعيه بخوف شديد.كان وجهه ممتلئاً بالقلق، فاحتضنها وهمس بلطف ليطمئنها: "لا تخافي يا نيرمين، أنا هنا... لا تخافي."كانت نيرمين ترتجف بالكامل، قبضتاها ممسكتان بقوة بثياب عباس، ودموعها تسيل على وجهها الشاحب وقد أُرعبت حتى البكاء.شعرت روان بالذنب، ليتَها لم تدع نيرمين تخرج لترى ما يحدث.لا بد أنها شاهدت بأم عينيها المشهد المروّع للمنتحر.هذا سيترك جرحاً نفسياً عميقاً لا يُمحى.وبعد أن هدّأها قليلاً، التفت عباس إلى روان.لكن ما فاجأها أن ملامحه لم تكن أفضل حالاً من ملامح نيرمين.تنفس بعمق، ثم قال ببطء: "جاسم درويش انتحر قفزاً من المبنى... والجدة عائلة درويش الكبرى لم تحتمل الصدمة، فأُصيبت بنوبة قلبية وتوفيت على الفور..."اتسعت عينا روان من هول الصدمة.حين وصل خبر انتحار جاسم إلى حمدي، كان قد عاد إلى بيت عائلة درويش منذ وقت قصير.فبعد رفضه السماح لجاسم برؤية أ
Read more

الفصل369

تقلبت روان في سريرها طويلاً، ينهشها القلق.وأخيراً أخرجت هاتفها، وكتبت رسالة إلى حمدي:(البقاء لله)مضى وقت طويل ولم يأتِ أي رد.لم تعرف إن كان قد نام، أم أنه ما زال مشغولاً بشؤون عائلة درويش.زفرت روان تنهيدة ثقيلة، وشعرت بغصّة في صدرها.ورغم أنها لا تريد الاعتراف، إلا أنها تعرف جيداً في أعماقها أنها لم تستطع بعد أن تُخرج حمدي من قلبها.والآن، بعد أن أصاب عائلته ما أصابها، لا يسعها إلا أن تقلق عليه.فهو حتماً يعيش حزناً عظيماً.قرب الفجر بدأ يغلبها النعاس.وبينما هي نصف نائمة، أضاءت شاشة الهاتف.لقد ردّ حمدي أخيراً:(أنا بخير، نامي مبكراً وارتاحي)حدّقت روان بالرسالة، لكن القلق في قلبها لم يهدأ.كيف يكون بخير؟لقد فقد أباه جاسم درويش وجدته في وقت واحد.أرادت أن تكتب كلمات مواساة.فركت عينيها لتطرد النعاس، وبدأت تكتب... ثم حذفت.كتبت مرة أخرى... ثم حذفت كلمة كلمة.وفي النهاية، لم ترسل شيئاً.فأي كلمات يمكن أن تواسيه الآن؟ كلها ستبدو ضعيفة باهتة.غلبها النعاس أخيراً، أغمضت عينيها، والهاتف بين يديها.غفت، ورأت حلماً.رأت صبياً صغيراً ينظر بحزن وغيرة إلى والده وهو يحتضن صبياً آخر.اقتربت
Read more

الفصل370

"حمدي..." كان صوت روان خافتاً جداً، حتى ابتلعه هدير المطر الغزير.ومع ذلك، وكأنها كانت تخاطبه بروحها، التفت فجأة.نظر إليها عبر ستار المطر، عينيه تلتقيان بعينيها من بعيد.كانت هي واقفة في الرواق، وهو واقف في وسط العاصفة.كان المطر شديداً حتى إن ملامحه لم تكن واضحة.فتحت روان مظلتها، وهمّت بخطوات إلى المطر.لكن في تلك اللحظة، كأن زرّاً خفياً انضغط في قلب حمدي، فانطلق مسرعاً نحوها.كان طويل القامة، سريع الخطى، فلمّا خطت خطوتين فقط، كان قد وصل أمامها."جروحك لم تلتئم بعد، لا تتعرضي للمطر." قال بصوت مبحوح.مدّ يده وأمسك يدها التي لم تكن ممسكة بالمظلة، وسحبها إلى الرواق.كان ملمسه بارداً كالثلج.فارتجفت روان دون أن تشعر.أدرك حمدي ذلك، فأفلت يدها فوراً وقال بخفوت: "الليل بارد، والمطر غزير... عودي إلى الداخل."اختنق نَفَسها للحظة.يقال إن الحب والمرض لا يمكن إخفاؤهما.ها هو، رغم حزنه العميق، لا يزال أول ما يخطر بباله هو أن يحميها.امتلأ قلبها بمزيج من المشاعر، حلوة ومرة.كان الرواق مضاءً بمصباح وحيد، ضوءه باهت.وضعت روان المظلة بهدوء، وأسندتها إلى العمود الحجري.قالت بتردد: "أنت... لا تبقَ ف
Read more
PREV
1
...
3536373839
...
51
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status