All Chapters of بعد الخيانة... وجدت حبي الحقيقي: Chapter 221 - Chapter 230

300 Chapters

الفصل221

لم يشرب سُهيل كثيرًا، وكان وعيه صافيًا، غير أنّ وجهه احمرّ قليلاً، وكانت عيناه تلمعان على نحوٍ يختلف عمّا تعوّدته. قال وهو يلتفت إليّ وقد بدأ الحضور يتفرّقون تباعًا، بعضهم غادر وآخرون ذهبوا للدردشة مع زملائهم: "هل ستبقين للدردشة مع الزملاء؟" حدّقت فيه وقلبي يخفق باضطراب: "أغراضي ما زالت في مكاني الأول، عليّ أن أعود إليها." قال: "حسنًا، اذهبي. لديّ أمرٌ بسيط، وسأتواصل معكِ حين نغادر." أكدتُ مرة أخرى: "إن كنتَ مشغولًا، أستطيع العودة وحدي، لا حاجة لأن تُكلّف نفسك بإيصالي." قال: "لستُ مشغولًا، كل ما في الأمر مجرد دردشة مع زملاء قدامى." ثم حدّق في عينيّ بتلك العينين الداكنتين اللامعتين، وارتسمت على شفتيه انحناءة خفيفة: "ماذا؟ أتخشين أن أفقد رشدي بعد الشراب؟" سخنت وجنتاي فورًا وهززتُ رأسي مسرعة: "لا، أعلم أنك لستَ من هذا النوع." زاد ابتسامته، وثبّت عينيه عليّ بإمعان آسر. قال: "لا تثقي بالرجال كثيرًا؛ حتى مَن يبدو منهم نبيلًا لا ينبغي الوثوق به تمامًا." "…" حدّقتُ فيه عاجزةً عن الكلام. ماذا يقصد؟ أيعني أنّه قد يستغل الشراب ليفعل شيئًا ما؟ فهل أذهب معه إذن أم لا؟ تلعثمت أفكاري لحظ
Read more

الفصل222

خرجتُ أنا وسلمى من قاعة الحفل، فصفعتنا ريحٌ باردةٌ حادّة فارتجفنا معًا. كانت الثلوج التي هطلت قبل أيام عابرةً، قد انقشعت سريعًا وبقي الصقيع قاسيًا صباحًا ومساءً. كانت سلمى ترتدي ثيابًا خفيفة، ترتعش من البرد، فالتفتت تسألني: "كيف ستعودين؟" "أنا…" ما إن فتحتُ فمي حتى خرج رجل من جانب الصالة الرياضية ونادى: "جيهان." تطلّعنا كلتانا فرأيناه، كان فارس. يا لإلحاحه الذي لا ينتهي! اقترب منّا بينما تفوح منه رائحة الخمر. ومنذ صرتُ أشمّها عليه أشعر بنفورٍ غريزي. صحيحٌ أنه لم يَعُد يعنيني، لكن ما بذلتُه لإنقاذه في تلك السنوات يجعلني ما زلت أغضب كلما تذكّرت. قال موضحًا: "سيارتي عند بوابة الجامعة، سأوصلكما. سلمى، في أي فندق تنزلين؟" نظرتْ إليّ سلمى، ثم أجابته: "لا داعي، سنذهب إلى مكانٍ نُكمل فيه الحديث." فقلتُ موافقةً: "فلنمشِ." مضينا تحت أضواء الطريق، وفارس يتبعنا. قال بصوتٍ مرتفع من خلفنا: "جيهان، أما يُحرّك فيكِ شيءٌ رجوعُنا إلى الجامعة، إلى حيث بدأت قصّتنا؟ اليوم طوّفتُ بكل ركنٍ يحمل ذكرى لنا: المكتبة، والغابة الصغيرة، والبحيرة، و..." قاطعته وقد ضاق صدري: "ألا يُقرفك ما تفعل يا فارس
Read more

الفصل223

رميتُ بهذه الكلمات ودخلتُ السيارة. وتبعتني سلمى، فصعدت وجلست إلى جانبي. ولإفساح المكان لنا، انتقل سُهيل إلى الجهة الأخرى من الباب، فابتعد قليلًا عن فارس الواقف خارجًا، لكنه انحنى قليلًا ونبّه بنبرة هادئة موجّهة إلى الخارج: "يا سيد فارس، يسّرْ على الناس يُيسَّر عليك، لا تُقْدِمْ على حماقة تندم عليها."أوقعني كلامه في الدهشة؛ كان يُلمِّح لفارس، بل يهدّده ومع ذلك قاله بلُطف وهدوء بالغين.فتحت سلمى فمها بدهشةٍ ممزوجةٍ بالسرور، والتفتت إليّ بعينين متسائلتين. أما أنا فأطبقتُ شفتَيّ واخترتُ الصمت.كانت السيارة فسيحةً، تكفينا نحن الثلاثة براحة، وسلمى على عكس أخت سُهيل لم تتعمّد التضييق عليّ. ومع هذا، فوجودي ملاصقةً لسُهيل وهيبة حضوره اللافتة شدّا أوتار أعصابي، حتى أنفاسي صارت محسوبة.تابعت سيارةُ "الراية الحمراء" الرباعيةُ الدفع طريقَها نحو بوابة الحرم. وخفض سُهيل صوته يسألني: "هل وصلَكِ حكمُ الطلاق؟"اهتزّت أذناي من وقع السؤال، فالتفتُّ إليه: "نعم، أمس وصلني."قال: "وهل سيستأنف؟"قلتُ بثبات: "لا أعرف، لكنني لن أدعه يستأنف."استغربت سلمى وسألت: "لماذا؟ أمعكِ ورقة ضغطٍ عليهم؟"ولأن تهديدي قبل ق
Read more

الفصل224

كان سُهيل طوال الطريق مغمض العينين يستجمّ، حتى إذا توقفت السيارة فتح عينيه وجلس معتدلًا قليلًا. تخطّت سلمى نظري ونظرت إليه، وقالت بأدب: "شكرًا يا الأستاذ سُهيل، إذا سنحت فرصة لاحقًا أُقيم لك وليمة." قلتُ في نفسي: مثل هذه الفرصة أخشى ألّا تتاح. فـسلمى تعمل خارج مدينة قرناج، ونادرًا ما تعود. لكن سُهيل ابتسم بأناقة وقال: "ستتاح الفرصة حتمًا." فهمت سلمى مغزى كلامه على الفور، ورمقتني بنظرة مازحة، ثم فتحت الباب ونزلت: "إلى اللقاء إذن." "باي." لوّحتُ لها بيدي، وحين هبطت تحرّك جسدي لا إراديًا قليلًا نحو جهتها. ثبت سُهيل نظره عليّ وابتسم بطرف شفتيه. احمرّ وجهي ونظرتُ إليه: "ممَّ تضحك؟" كان طويل القامة ممدود الأطراف، رفع ذراعه وأسندها إلى مسند المقعد فامتدّت حتى وصلت إلى ناحية مقعدي. قال مسترخيًا: "فَلِمَ الهروب إذن؟" لمحتُ ذراعه، فاشتعلت حرارة وجنتَيّ. ماذا يقصد؟ أيعانقني؟ ثم إنّ السائق يجلس أمامنا، وبحسب طبعه وسلوكه ظننتُ أنه لن يفعل. غير أنني أخطأتُ الظن. ما زال يحدّق بي من دون أن يطرف، ثم تنهّد متعبًا قليلًا: "أشعر بدوار خفيف… لست مرتاحًا." فزعتُ في سري ونظرتُ إليه بقلق: "أو
Read more

الفصل225

كان حُبّي له، في هذا الليل الساكن، كسيارةٍ منطلقةٍ على عَجَلة، تفلتُ من السيطرة. لم أتخيّل قط أنّه بعد تلك الضربة العاطفيّة الثقيلة الموجعة، سأُلقي بقلبي بهذه السرعة في حُضن رجلٍ آخر. ولو كان ذلك اندفاعَ فراشةٍ إلى نار، فأنا أرضاه حلوًا سلسًا. غير أنّ الأسفَ كلَّه أنّه آسرُ البهاء والكمال، عصيٌّ على الخلل، يُغرقني حبًّا لا فكاكَ منه، ويجعلني في الوقت نفسه أجبُنُ عن المواجهة. حدّقتُ فيه واجمةً، ولا أدري كم مضى، حتى اخترق سكون المقصورة صوتٌ ندِيٌّ منخفض: "نبضُ قلبِك سريع." ارتجَّ جسدي وعدتُ إلى وعيي، وثبّتُّ بصري عليه، فرأيتُ عينَيْه قد فُتِحتا. "أيقظتَ؟" خفق قلبي واضطرب، وحرّكتُ كتفًا خَدِرًا. "همم." اعتدل جالسًا، ثم جمعني بذراعه الأخرى وعانقني مباشرة. انقبض قلبي، كأنّه لم يحتضن جسدي بل روحي. اختلط نَفَسي، وحدّقتُ فيه بذعرٍ ظاهر. لكنّه لم يُقابل نظراتي، بل أسند رأسه من جديد في نقرة كتفي. "مم…" تنفّس راضيًا، وأغمض جفنَيْه ثانية، وقال همسًا: "هكذا مريح…" تخشّبتُ في مكاني لا أتحرّك، وكتمتُ أنفاسي في البدء. ويبدو أنّه شعر بذلك، إذ داعبتْ أنفاسُه عنقي، وهمس مبتسمًا: "غبيّة، تنفّ
Read more

الفصل226

"شش..." احمرّ وجهي خجلًا واشتدّ توتري، فسارعتُ إلى مقاطعته: "سأتدبّر الأمر، ثِق بي." هزّ رأسه موافقًا، وقد لمعت ملامحه الوسيمة العميقة بانفعالٍ خافت: "حسنًا، أُصدّقك، وسأنتظرك." "همم." "الجو بارد في الخارج، اصعدي بسرعة إلى الأعلى، وإن حدث شيء فاتصلي بي." "حسنًا." أومأتُ وتراجعتُ خطوة، ثم أوصيتُه: "عُد إلى بيتك سريعًا واسترح مبكرًا، لا تُجهد نفسك، فالصحة رأس مال الإنسان." "همم، سمعًا وطاعة." "إذًا... باي." "باي..." كنتُ ألتفتُ إليه كل خطوتين، حتى دخلتُ البوّابة وركبتُ المصعد، وهو ما يزال واقفًا هناك. ولمّا صعدتُ ودخلتُ شقّتي، نظرتُ من الشرفة إلى الأسفل. كانت سيارته ما تزال متوقفةً تحت المبنى، لكن بسبب الزاوية لم أستطع رؤيته. أسندتُ ظهري إلى درابزين الشرفة وتنهدتُ بهدوء، وأخذتُ أستعيد مشاهد السيارة واحدًا تلو الآخر؛ قلبي كلّه كأنّه يطفو على صفحة بحر، يعلو ويهبط وتتموّج به الخفقات. بعد قليل نهضتُ وأطللتُ ثانيةً، فإذا بالسيارة تتحرّك مبتعدةً. ذلك الجسد الأسود الضخم يوغل في عتمة الليل رقراقًا، ثم يغيب عند أقصى مدى البصر. جمعتُ شتات قلبي المضطرب، وعدتُ إلى غرفتي، أستعين بالعمل
Read more

الفصل227

ما الأمر، أَفارس على شفير الهلاك؟ ألم يشارك البارحة في احتفالات الذكرى المئوية للجامعة، متحمسًا مزهوًّا، بل وجاء يلاحقني؟ كيف انهار فجأة؟ بعد الصدمة عاد إليّ رشدي، وفكّرتُ أنّ موته لا علاقة له بي أصلًا، فقلت بهدوء: "لستُ طبيبة، فكيف أنقذ أحدًا؟ ثم إنني طلّقتُه، ولا صلة بيننا بعد الآن." قالت ليلى وقد انقلبت لهجتها عن شتائم الأمس إلى رجاءٍ ذليل: "جيهان، أنتِ قادرةٌ على إنقاذه. هو الآن يحتاج إلى نقل دم، ومخزون الدم من زمرة RH السالبة غير كافٍ، وحتى لو بحثنا عن غيرك فلن نلحق، وحدكِ… أنتِ من يستطيع إنقاذه!" لكن قلبي كان باردًا كالجليد. تحوّلهم في معاملتي لا لشيء إلا لكونهم اكتشفوا أن لي "قيمة استعمال"، وأنني مجرد آلة لضخّ الدم. قلت: "طالما أنكم أنجبتموه، فلا بدّ أن لديكم في العائلة من يشاركه فصيلة الدم. لا داعي لطلب معونتي." قالت: "والده وعمّته تبرّعا بالدم قبل أيام، ولا يمكن سحب المزيد الآن… لو كان عندي حلّ آخر لما لجأتُ إليك." "تبرّعوا من قبل؟" فهمتُ عندها: يبدو أنّ حالة فارس كانت قد ساءت يوم أُغمي عليه في المحكمة ونُقل، على الأرجح، إلى المستشفى. لكن إن كان الأمر كذلك، فلماذا يُ
Read more

الفصل228

ظهَر على شاشة السيارة اسمُ المتصل كما هو محفوظ، ولم يكن مفاجئًا أنه سُهيل. اشتعل قلبي فرحًا واندفع الأدرينالين إلى رأسي في لحظة. قلتُ وأنا أجيب بنبرة خرجت مخنوقة وبشيء من الدلع المصطنع: "ألو، ماذا هناك؟" قال سُهيل بصوته الهادئ الدافئ المعهود: "هل استيقظتِ؟ لماذا رددتِ بكلمة واحدة ثم اختفيتِ؟" قلت: "أنا أقود الآن، وزحام الصباح شديد، لا وقت عندي للهاتف." قال: "أها."استعصى كتمان ابتسامتي، وتذكّرتُ كيف احتواني الليلة الماضية في المقعد الخلفي كمن يحتاج إلى من يرعاه. ولمّا صمتَ بادرتُ أسأله: "اتّصالك في هذا الصباح الباكر لأيّ شيء؟" قال: "لا شيء، أردت فقط أن أخبرك أنني نمتُ جيدًا البارحة، واستيقظتُ اليوم بخير. خِفت أن تقلقي فأبلغتك." فوجئتُ. لا رابطة رسمية بيننا، وليس مضطرًا ليُطلعني على هذا. سخُن خدّي وتلعثمتُ قليلًا ثم تمتمتُ بنبرة فيها دلع معاتب: "ومن قال إنني قلقتُ عليك؟ لا تُجمّل لنفسك." قال مبتسمًا: "أحقًا لم تقلقي؟" قلت: "طبعًا لا، استيقظتُ باكرًا وهرعتُ إلى العمل، مشغولة حتى النخاع." صمتَ هناك. تصلّبت ابتسامتي، وأحسستُ أنني ربما تجاوزتُ الحد. فسارعتُ أستدرك: "على كل حال…
Read more

الفصل229

قلت: "السيد رائد، كيف حالك؟ اذهب إلى المستشفى فورًا." عبستُ وتقدّمت، ثم أمرتُ الموظفين بقربي: "اصحبوا السيد رائد إلى المستشفى." نهضَ السيد رائد، ونظر إليّ بقلق وسأل: "هل تستطيعين حلّ الأمر؟ سمعتُ أنها زوجة أبيك، فتردّدتُ في الاتصال بالشرطة …" قلت: "لا بأس، سأُبلغ أنا. أنت أسرع إلى المستشفى لمعالجة الجرح." قلت ذلك ورفعت هاتفي لأتصل بالشرطة. لكن سهى اندفعت نحوي وخطفت ذراعي كأنها أمسكت بقشّة نجاة: "جيهان! لا تتصلي بالشرطة! هادي صدمَ شخصًا بالسيارة وأُودِع التوقيف، إن دخلتُ أنا أيضًا فمن سيُخرجه؟" قلتُ ببرود: "هادي صدم إنسانًا، ما علاقتي أنا؟" قالت: "هو أخوكِ من الأب. تريدين التنصّل؟ اسألي القانون هل يوافق!" للمرّة النادرة بدت سهى أذكى قليلًا وهي تجادلني بالقانون. قلت: "لستُ محامية، كيف أُخرجه؟" قالت: "أنت قادرة، معك المال. لا أريد كثيرًا، فقط خمسة آلاف دولار؛ أهلُ المصاب يطلبون خمسة آلاف تعويضًا، وإذا دُفع المبلغ قبلوا بالتصالح خارج المحكمة." خمسة آلاف… إذًا يبدو أن الإصابة ليست خطيرة، والأرجح أنه لم يمت أحد. فهمتُ الصورة، وسحبتُ كرسيًا وجلستُ بهدوء: "خمسة آلاف ليست كثيرة، لكن
Read more

الفصل230

لم أشأ أن أُضيّع أنفاسي مع هذه المرأة، فقلت ما عندي ثم استدرتُ لأغادر. ركضت سهى خلفي من قاعة الاجتماعات: "جيهان… جيهان، إن لم تعطيني مالًا، أصدقيني سآتي كل يوم لأُحدث الفوضى في شركتك!" قلت: "افعلي ما تشائين، فكل يومٍ تُثيرين فيه الشغب، يقضيه ابنك خلف القضبان مزيدًا من العذاب." أصابت كلمتي مقتَلًا. توقفت سهى لحظةً وقد تجمّدت في مكانها، ثم صاحت نحوي: "أوافق! طالما أنك تعطينني اليوم خمسة آلاف دولار، سأعمل لديكِ وأردّ الدين!" لم أتوقف في سيري، وقلت لِـيارا بجانبي: "استدعي المحامي ليحرّر اتفاق قرض، لتوقّعه هي، ثم دعي مسؤولة قسم النظافة تنزل وتباشر إجراءات توظيفها. تذكّري: لا امتيازات إطلاقًا، والالتزام الصارم بنظام تقييم الشركة." قالت: "حاضر، سأنفّذ حالًا." عدتُ إلى مكتبي واتصلت بالموظف الذي اصطحب السيد رائد إلى المستشفى لأطمئنّ. وحين علمتُ أن جرحه يحتاج إلى غرز، استبدّ بي التأنيب، وفكّرت قليلًا ثم قررت أن أذهب لزيارته. فالرجل أُصيب بسبب أمرٍ عائلي يخصّني أنا. وفي الطريق إلى المستشفى، اتصلتُ لأعرف تفاصيل ما جرى. اتضح أن الجرح سبّبته فوضى سهى وهي تتشاجر، إذ قذفت ملفًا فأصابت جانب ا
Read more
PREV
1
...
2122232425
...
30
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status