All Chapters of بعد الخيانة... وجدت حبي الحقيقي: Chapter 261 - Chapter 270

300 Chapters

الفصل261

كنتُ جالسةً على الأريكة، وكدتُ أقفز فزعًا: "لينا! اخرسي!" ارتبك سُهيل لحظة، وتقلّبت نظرته بيني وبين لينا، ثم خطٌّ من ابتسامة عند طرف فمه وقال وهو ينظر إليّ: "تقريبًا منذ أن انتشلتْني من النهر..." "ياااه!" حدّقت لينا بعينين واسعتين وقد بلغ ذهولها مداه، ثم استدارت ببطءٍ نحوي: "جيهان! ماذا سمعتُ للتوّ؟ أشعر فجأةً أنّ فارس كان صاحبَ فضلٍ عليكِ! لو كنتِ قد أحببتِ غيره ست سنوات، لربما تزوّجتِ الآن وربما أنجبتِ أيضًا! وإلا فكيف كنتِ ستصلين إلى السيّد سُهيل!" تقدّم سُهيل إلى غرفة الجلوس، وبينما لينا تواصل دهشتها، التفت إليّ؛ كان بريقُ عينيه عميقًا دافئًا، وملامحه متحفّظةً وفيها خفرٌ واضح. نعم، رأيتُ الخفر صريحًا بين حاجبيه الوسيمين — كأنّ كلام لينا أوقعه في حرجٍ لطيف حتى احمرّ وجهه. أزيزٌ في أذنيّ وخفقانٌ في صدري؛ تتردّد في رأسي عبارته "حين انتشلتْني من النهر"، ولا أعرف بمَ أردّ. أيعني هذا أنه أحبّني منذ كنا في سنّ المراهقة؟ قد نكون صغارًا، لكن "الحبّ المبكّر" يحدث في تلك السنوات، وغالبًا ما يكون أنقى وأشدّ رسوخًا. وراح ذهني يجمّع خيوطًا قديمة: ليلة المشاوي البحرية حين اعترف بأن له "بدْر
Read more

الفصل262

قلتُ وأنا أخشى أن يركع ليساعدني في انتعال الحذاء: "لا لا، لا حاجة، سألبس هذا." كانت حذائي المنزليّ ناعمًا ومريحًا، كما أنّ خلعه أثناء العلاج سهل. قال: "همم، ما دمنا سنركب السيارة، فلا بأس." أمسكني من ذراعي وفتح الباب باليد الأخرى، يذكّرني بلطف أن أنتبه لخطواتي وأمشي على مهل. لا يفعل هذا صديقٌ عادي، ولا صديقٌ من الجنس الآخر؛ عنايته الصبورة الدافئة تتجاوز كلّ كلام. ورغم أنّي لم أُصرّح بعلاقتنا، إلا أنّ أفعاله في الأيام الأخيرة أبلغُ من أيّ تصريح. أنا فقط أعاند بلساني؛ أمّا في داخلي فأعلم أنّي لن أستطيع الهرب. ركبنا السيارة وبقينا صامتين، ولمّا مدّ سُهيل يده وأمسك بيدي التفتُّ إلى النافذة ولم أسحبها منه. وما إن تخيّلتُ أنه أحبّني منذ صباه حتى غلا الفرحُ والحياء في صدري كينابيع دافئة. وخطر لي: لو كنتُ حقًّا تزوّجتُ فارسًا، لبقي سُهيل يُحبّ ولا ينال، أكان سيكون عمرَه كلّه هكذا؟ كم يبدو هذا مُؤلمًا. كما قالت لينا، صار فارسُ من عجيب المقادير "صاحبَ فضل"، شغل سنيني الطويلة حتى انتظرتُ من هو خيرٌ منه. آهٍ يا قدر… ما أعجب أسراره. وصلنا المستشفى، وخلال الوخز ظلّ خوفي شديدًا. لكن بعد
Read more

الفصل263

"الزيارة والدعاء يمكن أن يسكنا في القلب. حين تُشفين نذهب سويًّا لزيارتها." قال سُهيل مواسيًا، وثبّت نظره في عينيّ، ثم أضاف متعمّدًا: "سأرافقكِ.""ترافقني؟" دهشتُ لحظة، ثم فهمتُ قصده. يريد "لقاء الأهل". لكنني لم أوافق له رسميًا بعد. سارعتُ لتجاوز الموضوع: "حين أتعافى نتحدّث، وقد لا تكون متفرّغًا حينها."ابتسم ولم يعلّق؛ واضح أنه أدرك مراوغتي.انتهت جلسة الوخز، وقارب الوقت الواحدة ظهرًا. وفي السيارة قال: "حركتكِ صعبة، لن نتغدّى خارجًا. طلبتُ طعامًا ليصل إلى منزلكِ مباشرة." هو دائمًا يفكّر في التفاصيل الصغيرة، فيجعل من حوله يشعرون باحترامٍ وراحةٍ بالغين.عدنا إلى السكن، ونزل سُهيل يرافقني إلى الأعلى. وما إن فُتح باب المصعد حتى رأيتُ خالتي وجدّتي في الردهة. التفتت خالتي إلى صوت المصعد، وأشرق وجهها: "يا جيهان، عدتِ! يبدو أن العنوان صحيح."منذ انتقلتُ من الفيلا إلى هنا لم تأتِ جدّتي من قبل، أمّا خالتي فمرّةً واحدة. قلتُ مذهولةً وأنا أجرّ ساقَيّ: "جدّتي، خالتي، لماذا لم تُخبِراني قبل أن تأتيَا؟" أسرعت خالتي تُسنِدني، وقالت بأسى: "قالت جدّتكِ لو أخبرناكِ لقلتِ: لا بأس لا بأس، ومنعتِنا من
Read more

الفصل264

نظرتُ إليه بعينين متوسّلتين، وفي ملامحي اعتذارٌ خفيّ، ثم تردّدتُ لحظةً وقلتُ أستبقيه: "أنتَ لم تأكل بعد، وبطنك فارغ—" وقبل أن أتمّ، رنّ المصعد وانفتح الباب، وخرج شابٌّ أنيقٌ يحمل حافظة طعام. قال باحترام: "السيّد سُهيل، هذا غداءُكم الذي طلبتموه." ورفع الحافظة إليه. مددتُ يدي لآخذها، فسبقني سُهيل خشية أن أثقل على ركبتيّ، وتناولها قائلًا: "شكرًا لك، أحسنت." قال الشاب: "لا شكر على واجب." ثم عاد إلى المصعد. نظرتُ إلى سُهيل وقلتُ مرةً أخرى: "كُلْ أولًا ثم اذهب." ابتسم بخفوتٍ ونبرةٍ دافئة: "يكفيني أنّكِ قلتِها. ظننتُكِ ما إن ترَيْن الكبار حتى تتمنّين أن أختفي فورًا." حدّقتُ في بسمته التي تمسّها سخريةٌ خفيفة، وشعرتُ بالحرج؛ فقد راودتني تلك الفكرة حقًا. قال وهو يساندني: "سأحملُها إلى الداخل، اجلسي أنتِ." ودخلنا غرفة الجلوس معًا. سألت خالتي باستفهام: "ألم تتناولا الغداء بعد؟" قلتُ: "لا، ذهبتُ إلى العلاج بعد العاشرة بقليل، وعدتُ للتو." وضع سُهيل الحافظة على طاولة الطعام، ثم التفت إلى جدّتي وخالتي بأدب: "يا جدّتي، يا خالتي، ابقيا مع جيهان، وسأستأذن الآن." مكانته رفيعة، ومع ذلك لا يتكبّ
Read more

الفصل265

"خالتي... لا تفتحي هذا الموضوع." كنتُ سأقاطع، لكن سُهيل سبقني وقال: "خالتي، أنا أسعى لخطبة جيهان، لكنها لم توافق بعد. وهذه الأيام أتيحت لي فرصةُ رعايتها لأنها مصابة." "..." تجمّدتُ مكاني كأن النار تلفحني. في نصف يومٍ عشتُ صراحةَ لينا المباشرة، وها أنا أواجه اعترافَ سُهيل الشجاع. لم يستأذنني أحدهما؛ تقدّما بلا تردّد، غير مكترثَين إن كنتُ أحتمل الموقف أم لا. وتلقّت خالتي وجدّتي الصدمة معي؛ لم تَتوقّعا جرأته ووضوحه، فبقيتا مذهولتَين بلا ردّ. ابتسم سُهيل بهدوء: "عذرًا إن أفزعَكما كلامي، لكنني جادّ. جيهان أنقذت حياتي منذ صغرنا، بل مرّتَين. أردتُ شكرَها وجهًا لوجه، لكنني تأخّرتُ فضاعت الفرصة. ثم جاءت إلى مدينة قرناج للدراسة في جامعة التفوق، فالتقيتُها مجددًا..." وهنا التفتَ إليّ، وعلى طرف فمه ابتسامةٌ مكبوحة: "لكنني لم أتقدّم لأعرّفها بنفسي، وكانت قد نسيتني أصلًا، أمّا أنا فبقي الأمر في قلبي." احمرّ وجهي، ورأسي يطنّ، بين قلقٍ وارتباكٍ وفرحٍ جارف. كانت خالتي صاحبةَ المبادرة، لكنها خسرت أمام سلاحٍ لا يُهزَم: الصدق. جوابُ سُهيل كان دافئًا مهذّبًا صادقًا من القلب؛ أربك خالتي وجدّتي حتى
Read more

الفصل266

"لم أعد أحتمل، فدفعتُ بسرعةٍ بوعاء الحساء أمامه وقطعتُ الحديث قائلة: "كُلْ، اشرب الحساء، ودَعْنا من هذا الكلام"." "يا جدّتي، وخالتي، كفّا عن الأسئلة؛ أنا أعرف ما أريده، وسأفكّر مليًّا قبل أن أقرّر." كنتُ أريد فقط أن ننهي الطعام. فهمت خالتي أنّها وجدّتي معًا ليستا نِدًّا لسُهيل، فنزلت عن السجال قائلة: "صحيح، كُلا قبل أن يبرد الطعام." "آه..." نظرتُ إلى سُهيل ونفّستُ سرًا، ثم طأطأتُ رأسي أرتشف الحساء. رمقني هو أيضًا، وفي عينيه ابتسامةٌ هادئة، بلا أثرٍ لحرجٍ أو توتّر. منشؤه وما خبرَه من المواقف الكبيرة جعلاه واثقًا راسخًا هادئًا، يمسك بزمام الأمور. يكاد لا شيء يخرجه عن اتّزانه. بعد الطعام همَّ سُهيل بالانصراف. هممتُ أن أنهض لأشيّعه، فألحق يده بي وقال: "اجلسي بهدوء، وارتاحي ظهرًا في الفراش، تذكّري كلام الطبيب ولا تتظاهري بالقوة." عضضتُ شفتي ونظرتُ إليه شاكرة: "شكرًا لك اليوم." قال بخفوتٍ ودود: "أتقولين ذلك لي؟" التفتُّ نحو الأريكة: "جدّتي، خالتي، السيّد سُهيل سيغادر." فقامت خالتي تودّعه: "سيّد سُهيل، فضلك كبير في اليومين الماضيين. هذه البنت لا تخبرنا إلا بالسارّ، لم نعلم حتى أ
Read more

الفصل267

قلتُ: "يا جدّتي، أفهم قصدكِ، وهذا هو قلقي أيضًا، لذا لم أوافق له حتى الآن." أجيبكِ، لكن في رأسي يتردّد كلامُ سُهيل: أن أكون أنانيةً قليلًا لأعيش أسعد. وتغييرُ الطبع عسير. أهلي بين فاجرٍ لا يخجل كـ نزار، وبين طيّبٍ حتى العظم كجدّتي. أُغري نفسي بأن أتمتّع الآن وأؤجّل الحساب، ثم أفزَع: ماذا لو آل الأمر في النهاية إلى أذى مَن يراني جوهرةً؟ سأحمل الذنب عمري كلّه. قالت جدّتي: "إذا كانت الأبوابُ غيرَ متكافئة فالعقبات كثيرة. وقد جرّبتِ مرّةً وتعلّمتِ أن القلوب تتبدّل." أعرف. تخشى أن يكون حبّ سُهيل وهجًا مؤقّتًا؛ كلّما تعلّقتُ أكثر كان الفراقُ أوجع. وأنا؟ أعرف ذلك، ومع هذا لا أستطيع إيقاف انهيار أسواري واحدةً تلو أخرى.في الغد جاءت يارا لزيارتي، وجلبت معها ملفات للتوقيع. قالت: "أخت جيهان، بعد أن أخذكِ السيّد سُهيل تلك الليلة، كنّا عائدين أنا والسيّد رائد، فسألني عن هوية السيّد سُهيل، وسأل عن علاقتكما..." رفعتُ رأسي عن الأوراق: "وماذا قلتِ؟" قالت: "ارتبكتُ أولًا... ثم قلتُ: السيّد سُهيل كان عميلنا، والآن هو صديقٌ لكِ." ثم تردّدت: "هل جوابي مناسب؟" ابتسمتُ وأنا أتابع المراجعة: "مناسب.
Read more

الفصل268

أنا أُقدّر قدرةَ السيد رائد في العمل، لكن التقدير يبقى تقديرًا لا أكثر. إن دخلتْ المشاعرُ على الخط وصارت علاقتنا محرجة، فسيكون الأمر مزعجًا. لذلك أتمنّى من قلبي أن تكون حاسّة يارا هذه المرّة مخطئة.قالت: "ولِمَ لا يعجب بكِ؟ أنتِ رائعة، وكثيرون في الشركة يعدّونكِ قدوةً ملهمة. ثم إن السيّد سُهيل، بكل ما لديه، وقع تحت سحركِ—فمن الطبيعي أن يُعجب بكِ السيّد رائد أيضًا." قلتُ: "شكرًا على المديح، لكن الإطراء مهما علا لن يزيد المكافآت." ثم ناولتُها الملفات الموقّعة. "هذا الأسبوع لن أذهب إلى الشركة. بخصوص عرض الأزياء، أخبري السيّد رائد، وبعد اعتماد الخطة أرسليها لي نسخةً إلكترونية." قالت: "حاضر. اعتني بنفسكِ يا أخت جيهان، سأمضي الآن." "همم."بعد خروج يارا، راجعتُ في ذهني تصرّفاتِ السيّد رائد معي، ولم أصل إلى نتيجةٍ قاطعة. لكنّ أمرًا واحدًا محسوم: سأحاول لاحقًا تجنّبَ الانفراد به قدر الإمكان. أنا فعلًا أقدّر أنني استقطبتُ مديرًا متمرسًا كهذا، وأرجو أن يخدمني سنواتٍ لأتفرّغ للتصميم، من غير أن أُشغل بإدارة الشركة.في وقتٍ لاحق اتصل بي المحامي ليذكّرني بأن الاستئناف بعد يومين. الاستئناف.
Read more

الفصل269

توقّفَ ضحكي فجأة وقلتُ: "هذا الطريق اخترتَه بنفسك." سكت لحظةً، ثم جاء صوته منهزمًا تمامًا: "كفى… حتى إن لم أقتنع، فلن أغيّر النتيجة… قلبكِ أقسى مما ظننتُ، وهذا حقًا ما لم أتوقّعه." صمتُّ ولم أردّ. هو الذي آذاني أولًا ودفعني إلى الزاوية بلا مهرب، ثم الآن يلومني على القسوة. قال أخيرًا بنبرة الخاسر: "سأسحب الاستئناف، وتقبلين تسويةً خارج المحكمة. هكذا ننهي الأمر." لكنني شعرتُ بعدم الرضا: لِمَ يظلّ هو من يقود كل شيء، وأنا أكتفي بالتلقّي؟ فقلتُ ببرود: "سواءٌ سحبتَ الاستئناف أم لا، أنا لن أقبل تسويةً خارج المحكمة. يا فارس، على الإنسان أن يدفع ثمن خطئه، وإلا فلن يتعلّم أبدًا." قال متوتّرًا: "ماذا؟ أنتِ… لماذا تفعلين هذا؟ جُمانة دفعت ثمنَ ما فعلتْ، أتريدين دفعها إلى الموت؟" قلت: "لم أدفع أحدًا إلى شيء. أنا فقط أدافع عن نفسي." لو تهاونتُ هذه المرّة، فماذا سيمنعه في المرّة القادمة من أساليبَ أقذر لإذلالي؟ ما دمتُ الآن صاحبةَ اليد العليا فسأستخدمها، ليُدفَع الثمن، وليتعلّموا، ولا يجرؤوا على الاقتراب مجددًا. أضفتُ: "المحامي أخبرني أن القضية على وشك دخول مرحلةَ الادّعاء العام. سمعتُ أنكم ا
Read more

الفصل270

اتّصل بي سُهيل صباحًا: "أمتأكّدة أنّكِ لا تريدينني أن أوصلكِ؟ ساقاكِ ما زالتا تؤلمانكِ عند المشي." كنتُ قد أخبرتُه بالأمس، حتى لا يأتي ولا يجدني فيتهمني بأني لم أبلّغه مسبقًا. قلتُ: "لا داعي، في مثل هذه الجلسات الأفضل أن تبقى بعيدًا. استدعيتُ صديقاتي، سيرافقنني." قال: "حسنًا، أنتظر خبركِ." "همم." ما إن أغلقت الهاتف حتى رنّ الجرس؛ وصلت لينا ويارا. جلبتا كرسيًا متحركًا وقالتا إن هذا أيسر عليّ. كانت المرة الأولى التي أُدفَع فيها على كرسيٍّ متحرك؛ إحساسٌ غريب. لكن ما لم أتوقّعه أن يظهر فارس أيضًا على كرسيٍّ متحرّك! يبدو أن مرضه اشتدّ فعلًا. حين تلاقت نظراتنا لم أشعر إلا بالعبث والسخرية؛ لا شفقةَ ولا ألمًا لأجله. أمّا هو ففوجئ أوّلًا، ثم بدا عليه القلق: "جيهان، ما بقدمَيكِ؟ هل أُصبتِ؟" ابتسمتُ: "جرحٌ سطحي، لا بأس، شكرًا على السؤال." دخلنا المحكمة، ولمّا رأى القاضيُ الخصمَين كلاهما على كرسيٍّ متحرك بدتْ عليه الدهشة وسألنا بلطفٍ عن الحال. ومن جواب فارس فهمتُ أنه أنهى البارحةَ دورةَ علاج، وجسده ضعيف، والطبيب عارض خروجه، لكنه أصرّ على الحضور، فجلس على كرسي. اقترب محاميّ وهمس: "به
Read more
PREV
1
...
252627282930
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status