All Chapters of بعد رحيلي شابَ شعره في ليلة: Chapter 221 - Chapter 230

300 Chapters

الفصل 0221

في القماط، استفاقت بهيجة.كانت بشرتها ناصعة البياض، ولها عينان جميلتان لامعتان واضحتان، مع وجه طويل ضيق وغمازتين على الخدين، وقد كان شكلها تشبه شكل سهيل كثيرا.كل أب يميل إلى تدليل ابنته الصغيرة.فما بالك وهذا الطفلة لها عينان سوداوان لامعتان غاية في الجمال، تحدقان بوالدها؛ وطفلة تقترب من إكمال شهرها يمكنها أن تميز الوجوه، وقد بدت شديدة الفضول، تحدق بثبات نحو سهيل.كان الرجل يحدق فيها باهتمام، وقلبه ممتلئ بالحنان، وحين أخذ هذه الطفلة من حضن ورد وضمها إلى صدره، شعر وكأن شيئا ما يسد حلقه.كانت هذه الطفلة خفيفة للغاية، طرية للغاية.لم يستطع سهيل منع نفسه من خفض رأسه ولصق خده بخد بهيجة؛ كانت رائحتها تفوح بحليب طيب، تلك الرائحة الخاصة بالمواليد الإناث، ورائحتها جعلته يشعر بسعادة غامرة.اغرورقت عينا سهيل بالدموع، وكاد يفقد رباطة جأشه——اتضح له أن هذا… هو طعم السعادة.وفي الجوار، مسحت سكرتيرة ياسمين دموعها خلسة. فعلى الرغم من أنها مجرد موظفة في الشركة، إلا أنها على مر هذه السنين كونت مشاعر معينة تجاه رئيسها؛ كم كانت تأمل أن تستمر هذه اللحظة السعيدة إلى الأبد.ذكرته بخفوت: "الصباح بارد، اصعد ب
Read more

الفصل 0222

تحسس سهيل علبة السجائر ثم تراجع، وزفر بخفة قائلا: "إلا في أشد الضرورات لا يمكن تسليم الأمور لشركة بالوكالة؛ كم من الشركات التي تبلغ قيمتها السوقية عشرات المليارات من الدولارات نهبت على يد تلك السوسة القارضة. ثم إن أولئك المساهمين لن يوافقوا أصلا."لم تقل سكرتيرة ياسمين شيئا، ولم تجد إلا أن تحزن في سرها على حال رئيسها.خفض سهيل صوته فجأة وسأل بضع كلمات، فأجابته سكرتيرة ياسمين بخفوت: "لا توجد أي حالة خاصة."ورغم عدم وجود أي طارئ، كان سهيل يذهب كل ليلة ليرى أيمن، يكلمه عبر الحاضنة، وليست هذه الليلة استثناء.أما بهيجة، فقد رتب سهيل أمرها بطبيعة الحال.فبهيجة ابنته الصلبية، وربما لن يتمكن من مرافقتها أثناء نموها، لكنه يريد حمايتها مدى الحياة بلا هموم، وأن تعيش سعيدة، تفعل ما تحب، فكل ما يريده هو أن تكون فرحة.لم يكن متوقعا على الإطلاق أن بهيجة بعد أن كبرت أصبحت الأكثر جهدا بين الجيل الثاني من الأثرياء.في المكتب، جلس سهيل خلف الطاولة، واتصل بناصر، ليثنيه عن رغبته هو وزوجته في القدوم للزيارة، وطلب منهما أن يؤجلاها لليوم الأخير، ليريا حفيدتهما.وبعد أن أنهى سهيل المكالمة، طرق أحد الخدم الباب
Read more

الفصل 0223

لقد اتفقا على أن يكونا زوجين لثلاثة أيام فقط.لكن سهيل كان منشغلا على الدوام، فحين يكون في الفيلا، يقضي معظم وقته في المكتب يعالج شؤون العمل.وفي الليل، كان نادرا ما يبيت في الفيلا.فكل ليلة، كان يخرج ثم يعود قبل الخامسة فجرا، وبعد أن يستحم، يضم بهيجة إلى صدره لينام معها، ويهمس لها بأغاني الأطفال.وفي هذه الأيام الثلاثة القصيرة، منح سهيل كل لحظة من وقته لمرافقة الصغيرة، لا يفرق بين ليل ونهار.وحين تكبر بهيجة، ستبقى في ذاكرتها الطفولية دفء وجود أبيها.وجاءت الليلة الأخيرة.عاد سهيل منهكا كما هو دائما، جلس في السيارة بتعب شديد، ثم تحسس علبة السجائر، فانتزع سيجارة بأصابعه الطويلة وأشعلها، وراح ينفث منها وهو يرتجف، لم ينه منها إلا نصفها.فكل مرة يزور أيمن… يشعر وكأنها الزيارة الأخيرة.لقد استدعى أفضل الأطباء في العالم لإنقاذ أيمن، لكنه يعلم جيدا كم يعاني؛ فالرضيع الصغير الذي يرقد في الحاضنة يكاد يتشبث بالحياة يوما بعد يوم، يتأرجح بين الموت والبقاء.نصحه الأطباء بألا يجبر الأمور على ما لا يحتمل، لكن سهيل لم يستطع.طفله أيمن… لا يستحق أن يمحى من هذا العالم.لم يكن يعلم إلى متى سيتمسك، لكنه ك
Read more

الفصل 0224

كان يحمل بهيجة، وعلى خلاف مظهره البارد المعتاد، كان يلاعب حفيدته.كانت بهيجة في حضنه تبتسم ابتسامة خفيفة، وتظهر صفين صغيرين من لثتيها اللطيفتين.كان ناصر يسب في قلبه زوجته، يسبها لأنها بلا حظ؛ فالحفيدة كم هي جميلة!اقترب الوقت، ولم تأت السيدة بديعة، ولم يكن مناسبا أن يطلب ناصر من ورد الانتظار أكثر، فحين أعاد لها الطفلة بحسرة، قال: "والدة سهيل تصير فوضوية حين ترى الناس، ولا أدري أين تاهت الآن."اكتفت ورد بابتسامة خفيفة.فهي علاقتها بالسيدة بديعة ليست جيدة، فلا تبالي.ومع اقتراب الفراق، أراد ناصر أن ينصحها، وأن يطلب من ورد أن تعطي سهيل فرصة أخرى، لكن الكلام وصل إلى شفتيه… ثم ابتلعه، ولم يقله.—— لقد صار الخشب قاربا، ولا رجوع عنه.……في تمام العاشرة، دفع سهيل الباب ودخل.كان مرتديا بزة فاخرة مصنوعة يدويا، وكأنه ذاهب إلى حفلة، وكل ذلك فقط ليظهر أفضل هيئة أمام ورد وأمام ابنته الصغيرة، ولم يخطر بباله أن هذا اليوم هو أكمل يوم في حياته.ومهما كان الاشتياق… فالفراق لا مفر منه.ضم سهيل ابنته الصغيرة، قبلها مرارا، ولصق خده بخدها مرارا.لم يحتمل ناصر، فمسح دموعه خفية.قالت زوجة نادر بخفة: "لننطلق،
Read more

الفصل 0225

في الساعة الثانية بعد الظهر، عادت السيدة بديعة إلى قصر عائلة عباس بهيئة شعثاء خفية.كان هادئا جدا… هادئا جدا.وفي ذلك القصر الكبير، بدا وكأنه خال تماما، لا يوجد شخص واحد.أمسكت السيدة بديعة أحد الخدم وسألته: "هل عاد السيد؟"ذهل الخادم قليلا، ثم لما رأى أنها هي، سقطت دموعها بلا إرادة، وقالت متحشرجة: "يا سيدة بديعة، اذهبي بسرعة إلى المستشفى! فقد تعرض السيد الثاني لحادث سيارة، وسحقت إحدى ذراعيه تماما، ولا نعرف إن كان يمكن إنقاذها، وهو الآن في غرفة العمليات."جمدت السيدة بديعة مكانها.ولم تلتفت إلى حالتها الرثة، واندفعت إلى المستشفى؛ وكان الممر أمام غرفة العمليات مكتظا بالأقارب والأصدقاء، سوادا واحدا، وكل الوجوه متوترة، خصوصا ناصر، الذي بدا منهارا بالكامل.تقدمت السيدة بديعة بشعر منكوش وخطوات متعثرة، وأمسكت ذراع زوجها وسألته بصوت مرتجف: "أين سهيل؟ أين سهيل؟ يا ناصر قل لي، أين سهيل؟!"لم يتكلم ناصر، بل ظل يتراجع.وقال نادر من جانبه بألم شديد: "يا زوجة أخي، لقد أخطأت خطأ كبيرا! السيارة التي صدمت سهيل هي سيارة من بيوتنا، ومن فعل ذلك تعرفينه جيدا."اسود وجه السيدة بديعة كالموت.وتمتمت قائلة: "
Read more

الفصل 0226

مرت لحظة، ومضت ثلاث سنوات.في شهر سبتمبر، أصفرت أوراق الخريف.في حفلة ما، التقى سهيل وورد لغير موعد.لم يكن يعلم أنها عادت، ففي التواصل الذي لا يتعدى كلمات مبعوثة، نادرا ما كانت تفصح عن تحركها. كل ما يعرفه سهيل هو أن ثلاث سنواتها في دولة روماتيكية إلا من العناية ببهيجة، فقد كانت تتعمق في الرسم.في قاعة الحفل، كانت الأضواء ساطعة، تبرز جمال ملامح سهيل التي لا تضاهى.غير أن بذلته المنسقة كانت ملقاة على كتفيه، تحجب ذراعه المعاقة التي أصابها الضرر في تلك المرة.مضت ثلاث سنوات، ولم تعد تلك الذراع والكف تقدر إلا على حركات بسيطة.تدرب سهيل شيئا فشيئا على استخدام يده اليسرى.كان يحمل كأس شمبانيا، ومن وراء الزحام، كان يحدق بهدوء في المرأة التي يشتاق إليها.كانت ورد ترتدي فستانا مطرزا بزخرف خفية، أبرز قامتها الممشوقة، وشعرها الأسود مرفوع، يظهر رقبتها البيضاء الناعمة، ولم تلبس إلا قرطي لؤلؤ، وعليها هالة أنوثة ناضجة.وربما كان نظره حارا جدا،فبعد لحظة، نظرت إليه ورد.وبدت عليها الدهشة واضحة، ولعلها لم تتوقع مصادفته، فأرادت صرف بصرها ثم رأت أن ذلك متكلف جدا، فابتسمت له بلطف من وراء الزحام.وبعد هذه
Read more

الفصل 0227

أغلقت ورد صنبور الماء ورفعت عينيها لتلتقي بعيني سهيل في المرآة وقالت بصوت بارد جدا: "حياتي الخاصة، ما علاقتها بك؟"تحركت تفاحة آدم لدى سهيل قليلا: "نعم، نعم لا علاقة لها بي!"استدارت ورد وغادرت.مرا بمحاذاة بعضهما، وتحركت ذراع سهيل اليمنى المختبئة تحت البذلة حركة طفيفة جدا، لكنه لم يفعل أي شيء في النهاية، وتركها ترحل هكذا فقط.نظر الى نفسه في المرآة، وابتسم بسخرية.سهيل، بم تعيدها إليك؟ذراعك الممزقة التي جمعت أجزاءها، والتي لا تقدر حتى على حمل كأس ماء بثبات، بأي حق تطلب من امرأة في كامل شبابها أن تبقى إلى جانبك، وتتحمل معك نظرات الناس الغريبة؟سهيل، أمام ورد كل تلك الخيارات، فلماذا تكون أنت!……عند دخول الليل، تقدمت سيارة سكن متنقلة سوداء ببطء نحو قصر البلاتين.توقفت السيارة، فدار السائق إلى الخلف وفتح الباب: "سيدي، وصلنا إلى المنزل."كان داخل السيارة مظلما، وجلس سهيل في المقعد الخلفي، ما زال غارقا في ألم الذكريات، وحين سمع الكلام انتفض فجأة، ثم مد ساقيه الطويلتين ونزل من السيارة.وما إن دخل إلى الردهة حتى تقدمت إليه خادمة المنزل وقالت بصوت منخفض: "حاولت تهدئته طويلا، وأيمن لا يريد ال
Read more

الفصل 0228

كان مزاج سهيل معتما جدا.في هذه الثلاث سنوات، تخيل آلاف المرات لقاؤه من جديد مع ورد، لكن لم تكن هناك مرة واحدة تخيل فيها أن يكون لديها رجل جديد، وفي اللحظة التي رأى فيها فخام، أصبح كل مال الدنيا ثانويا، فمجرد أن ذاك الرجل سليم الأطراف يجعله أفضل من سهيل.مع إنه قادر على الاعتماد على نفسه، إلا أنه حين يخلع ثيابه، تكون أحدى ذراعيه منهارة تماما.والمرأة حين تضاجعه، ربما لا تجرؤ حتى على فتح عينيها.وان كانت تلك المرأة هي ورد، فلن يستطيع سهيل تحمل نظرة صدمتها، فهو يفضل أن يبقى في صورتها رجلا كاملا.نظرت السيدة بديعة الى ملامحه، فقلبها يتألم وضميرها يجلدها، متى كان ابنها يشعر بالدونية او بالاحتقار لنفسه؟لقد كان في وقت من الأوقات مفعما بالثقة والحيوية.غير أن مهما زاد الندم فلن ينفع، فذراع سهيل الممزقة كانت ثمن حماقتها، وحتى أنه لا يجرؤ الآن أن يلاحق المرأة التي يحبها أو يسعى لسعادته، فأسرة من أربعة أفراد تمزقت تماما.غادرت السيدة بديعة بحزن، وتركت عند رحيلها صورة.وبعد وقت طويل، التقط سهيل تلك الصورة.صافية، ابنة لأحدى المجموعات المتوسطة والصغيرة، وتعمل معلمة جامعية.ملامحها هادئة طيبة، ونظ
Read more

الفصل 0229

سهيل لم يكن يضع أيوب في عينه قط، ومع ذلك كان ينظر إلى ورد، بينما كانت كلماته موجهة إلى أيوب: "مع مرور الوقت، أذواق الناس تتغير دائما، ألم تتغير أنت أيضا؟"اشتد غضب أيوب حتى عض على أسنانه.غضبت سكرتيرة ليلي وضحكت في الوقت نفسه، فلو كان الأمر يتعلق بالمشاكسة اللسانية، فكيف يمكن لأيوب أن يكون ندا لسهيل؟ فسحبته بسرعة، ولوحت لورد وهي تقول: "سنغادر أولا، تحدثا أنتما بارتياح."……نظرت ورد الى رحيلهما، وابتسمت بضعف.نظر إليها سهيل: "كنت أظن أن أول شخص تقابلينه بعد عودتك للبلد سيكون سليمان."ورد: "لقد تناولت الطعام مع سليمان و سارة قبل يومين فقط."سهيل: ……وبعد مدة قصيرة، قال بصوت خافت: "ولماذا لم تخبريني؟ ولماذا لم تدعيني لتناول الطعام معكما؟"رفعت ورد عينيها والتقت بنظر سهيل للحظة، ولما تأكدت أنه لا يمزح، ابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت: "سهيل، ما الضرورة بعد الآن لأن نجلس معا ونتناول الطعام؟ الجدة رحلت، أيمن رحل، وكل الحب والكره قد مضى عليه ثلاث سنوات، وكل واحد منا بدأ حياة جديدة، وأنت حتى بدأت مواعيد الزواج، فلا تقل مثل تلك الكلمات الزائفة العاطفية، لنكن طبيعيين، حسنا؟"بل إنها مدحته قليلا: "الف
Read more

الفصل 0230

روضة الألوان المبهجة، هي أرقى روضة في مدينة عاصمة.الرسوم السنوية تبلغ عشرين ألف دولار.الأطفال الذين يدرسون هنا، إما من عائلات غنية أو ذات نفوذ، ولا يستطيع أحد أن يجرؤ على إزعاج أحد.وصلت ورد الى الروضة، ووجدت مكتب المديرة، وفي داخله طفلان صغيران، أحدهما ابنة فخام نقاوة، والآخر فتى صغير الحجم جدا.كان حجمه صغيرا، وبشرته بيضاء نظيفة، وجميلا جدا.وبجانب الجمال، شعرت ورد أنه مألوف لها، وكأنها رأته في مكان ما، وكان هذا الفتى بمجرد أن رآها، يحدق إليها مباشرة، وكأنه يريد أن يركض إليها ولكنه كان يكبح نفسه بقوة.لأن نقاوة احتضنتها، ورفعت الطفلة الصغيرة رأسها إليها بدموع وهي تدلل: "خالة."لمست ورد رأسها، لكنها لم تستطع منع نفسها من النظر مرة أخرى الى ذلك الفتى.التفتت نقاوة، ووضعت يديها على خصرها وقالت لأيمن: "هذه خالتي، وهي ستتزوج من أبي، وستصبح أمي!"وكلام الأطفال بلا قيود، فلم تعترض ورد، بل لمست رأس الصغيرة وقالت بلطف: "سمعت أنك تشاجرت مع زميلك، وجعلت زميلك يبكي، نقاوة، سنعتذر لزميلك، حسنا؟"طفلان بلا أم، تشاجرا من أجل بعض الغضب.وكان أيمن صغير القامة، فلم يستطع أن يغلب نقاوة، بل بكى أيضا.
Read more
PREV
1
...
2122232425
...
30
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status