لطالما غدت المناصب والجاه غبارا تذروه الرياح، ولم يبق في القلب اليوم سوى عبء المسؤولية.أخرج سهيل من درج مكتبه علبة سجائر، فمزق غلافها واستل منها سيجارة عض عليها برفق، وحين أشعلها ارتجفت أصابعه، غير أنه لم يعر ذلك أي اهتمام، بل جذب نفسا عميقا وقاسيا وهو يمسك السيجارة بين شفتيه.تراقص دخان خفيف رقيق الخيوط من حوله، فصبغ عينيه العميقتين بمسحة من العتمة.وما إن صدر صرير باب المكتب يفتح حتى انتفض الرجل غاضبا مذعورا وقال: "من هناك؟"وكانت سكرتيرة ياسمين هي من دخلت، فنظرت إلى سهيل وهمست: "أنا."ارتخى جسد سهيل واستند إلى ظهر الكرسي، وتمتم بتنهيدة منخفضة: "أنت… في هذا الوقت المتأخر، ما الذي جاء بك؟"تقدمت سكرتيرة ياسمين ورتبت مكتب سهيل قائلة: "لم أنته من شؤون الشركة إلا الآن، وقلقت عليك فجئت لأتأكد من أنك بخير، وها أنا أراك ما زلت غارقا في العمل."وحين لامست أناملها ذلك الدفتر الصغير، انفلتت مشاعرها دفعة واحدة.لم تجرؤ على النظر إلى ما كتب فيه، فأغلقته بلطف.ثم ترددت لحظة قبل أن تنصحه قائلة: "لا يمكنكم الاستمرار بهذا الإجهاد! طبيب هلال قال إن عليكم أن تنالوا قسطا من الراحة، أما هذا العمل ليلا
Read more