All Chapters of بعد رحيلي شابَ شعره في ليلة: Chapter 291 - Chapter 300

300 Chapters

الفصل 0291

ما إن أنهت سكرتيرة ياسمين القراءة، حتى انهمرت دموعها.غير أن حزنها لم يلامس الرجل الذي فقد ذاكرته.لم يكن يرى شيئا، ولا يذكر شيئا؛ يعيش في عالمه الخاص، عالم لا يعرف نهارا ولا ليلا، سوى وجود رجل واحد يرافقه… مهار.وفي الليل، كان هدير المد يعصف بجانب النهر الأزرق، تضرب أمواجه الضفاف بقوة.ولم يستطع سهيل النوم على غير عادته.نهض في الظلام، وقال بصوت خافت: "عمي مهار…"فجلس مهار فورا: "هل تشعر بألم؟ هل تريد الماء؟"هز سهيل رأسه، وقال بصوت منخفض: "هل ارتفع المد الليلة؟ صوت الماء وهو يضرب الشاطئ… يخنقني. عمي مهار… هل يمكن أن تأخذني لأرى النهر؟"لم يكن يرى شيئا، لكنه أراد الخروج…وإلا سيظل قلبه مضطربا.فلبى مهار رغبته، وساعده على ارتداء ثيابه، ثم ألبسه معطفا أسود.وغادرا الكوخ آخر الليل، يمسك مهار بيد مصباحا، وبالأخرى يسند سهيل، يمشيان بخطوات غير ثابتة نحو ضفة النهر.وعند الضفة، كان بعض الطلاب يقيمون حفلة نار، تتوهج ألسنة الضوء فتصبغ السماء بلون أحمر.وكانت هناك أغنيات… عذبة ومؤثرة.أمال سهيل رأسه، يصغي.ثم تابع السير مع مهار إلى أن وصلا إلى مشارف النهر الأزرق.قال مهار وهو يلتفت إليه برفق: "ا
Read more

الفصل 0292

لم يجرؤ أحد على إخبار ورد بالحقيقة.كان ناصر يكتفي بكلمات لتهدئتها، ومعه نادر وزوجته يساعدان بالمواساة، أما سلام فلم ينطق بكلمة واحدة.ومحام عماد، بصفته محاميا، استحال أن يكشف شيئا.إلا السيدة بديعة، فقد انهارت باكية، وصاحت: "ورد… اعتبري أن سهيل قد رحل! ربي أطفالك الثلاثة جيدا… سهيل قالها بلسانه: إن صادفت رجلا مناسبا في المستقبل، فارتبطي به… لا تنتظريه!"وانهمرت دموع السيدة بديعة بلا توقف—فورد لن تنتظر سهيل بعد اليوم؛ تلك الكتلة الدموية في دماغه أشبه بقنبلة موقوتة، ولا أحد قادر على إنقاذه!أراد ناصر أن يزجر زوجته، لكنه لم يستطع قساوة قلب تمنعه من التعاطف.وبعد لحظة صمت ثقيلة، قالت ورد: "حسنا." ثم انحنت ووقعت على الوثائق الرسمية.وكان توقيع سهيل مسبقا على الورق، بخطه الواثق القوي.كانت تشعر أنها تراه من خلال خطه… فمرت أصابعها على اسمه برقة، وفي عينيها ظلال من الأسى وذكريات كثيرة.هكذا… غاب سهيل عن حياتها.الشهرة والمال، السلطة والأسهم، وحتى أطفاله الثلاثة— سلمهم لها جميعا.أما هو… فأين ذهب؟رفعت ورد رأسها تحبس دموعها، ثم انحنت بسرعة توقع اسمها، حتى كادت رأس القلم يخترق الورقة البيضاء.
Read more

الفصل 0293

تحدق بهيجة في الثلج المتساقط خارج المنزل، وفي غمرة شرودها خيل إليها أن سيارة سوداء ستدخل إلى ساحة الحديقة.وأن والدها سيترجل منها، حاملا بيده حزمة من الألعاب النارية الصغيرة، اشتراها خصيصا لها ولأيمن.كيف يمكن أن يكون والدها قد مات؟فهو لم يحمل أختها الصغيرة بعد… لا يمكن أن يموت. لكنها تنتظر… وتنتظر… كل يوم تجلس عند النافذة، ولا يعود والدها أبدا.وامتلأت عينا بهيجة بالدموع، ثم ارتمت في حضن ورد باكية."ماما… هل سيعود بابا؟"وفي ضوء المصباح الخافت، ضمت ورد بهيجة إلى صدرها، وألصقت خدها بخد الصغيرة وقالت بهدوء: "بابا سيعود بالتأكيد… ربما عندما تدخلين المدرسة الابتدائية، أو عندما تكبرين وتتزوجين…"وكانت الطفلة ذات الخمس سنوات تشعر في أعماقها بأن هناك شيئا غير طبيعي.استندت بهيجة إلى صدر أمها طويلا، ثم همست بصوت صغير: "سأبقى دائما معك."فامتلأ قلب ورد برطوبة من الحزن والحنان.وفي عمق الليل، بعدما نام الأطفال، وقفت ورد أمام النافذة تنظر إلى البياض الممتد على الأرض.سهيل… أين أنت؟……هطلت الثلوج طوال الليل.وفي صباح اليوم التالي، لم يذب الجليد بالكامل بعد، وبقيت المدينة كلها مغطاة ببياض كثيف.
Read more

الفصل 0294

وبعد أن نظرت ورد إلى العرض، لم تبد أي رضا: "هذا المنتج يعتمد على العاطفة في تسويقه، ومع ذلك يجب أن يبدو بمظهر جذاب عند البيع. شكله الحالي قبيح جدا، ولا يمتلك أي قدرة على المنافسة في سوق المنتجات الراقية. على المسؤول عن التصميم أن يعيد النظر جيدا."وأكد مدير المنتج أنهم سيعملون على تحسينه فورا.لكن سكرتيرة المدير— طالبة جامعية جديدة ترغب بإثبات نفسها— قاطعت فجأة بحماس: "في المخزن… هناك نموذج آخر، مصنوع بإتقان أكبر. هل تودين رؤيته، سيدة ورد؟"فالتفت إليها المدير يوبخها: "نحن في اجتماع! من سمح لك بالكلام؟"فارتبكت السكرتيرة وسكتت تماما.لكن ورد كانت بالفعل مهتمة بالمشروع، فنهضت قائلة: "سأذهب إلى المخزن وأرى النموذج بنفسي."أراد مدير المنتج منعها… لكنه لم يجرؤ.وبعد خمس دقائق، وصلت المجموعة إلى المخزن. وسارعت السكرتيرة، التي أرادت الاستعراض، إلى رفع قطعة قماش سوداء عن أحد النماذج— فانكشف أمام ورد روبوت مجسم بالحجم الطبيعي، وحين رأته… ارتج قلبها بشدة.—— كان سهيل.شبيها به إلى حد يصعق الروح.الملامح، لون البشرة، وحتى التعبير في العينين… كل شيء مطابق. نظرة العيون السوداء العميقة… كأن سهيل ال
Read more

الفصل 0295

في ليلة رأس السنة القمرية الجديدة، وبعد أول ثلوج الشتاء، انقشعت الغيوم وصفا الجو.وعلى جانبي الطريق السريع، كانت الثلوج تثقل قمم الجبال وأغصان الصنوبر، وتكسو الدنيا بلون أبيض قارس.تجمد معظم النهر الأزرق بفعل البرد، ولم يبق إلا بقع تمسها الشمس، تضرب أمواجها الخفيفة ضفاف النهر، فتلمع كالذهب المتناثر.اندفعت سيارة سوداء فاخرة مسرعة نحو النهر الأزرق.جلست ورد في المقعد الخلفي، تحدق عبر النافذة، وأنفها محمر من البكاء والبرد.وعند الظهيرة، تحت شمس مشرقة، توقفت السيارة ببطء عند ضفة نهر الأزرق، حيث يقع منتجع صغير.كان المكان مهجورا في الشتاء… ساكنا وباردا.ولم يكن هناك سوى كوخ واحد، يتصاعد الدخان من مدخنته— علامة على أن أحدهم يشعل المدفأة في الداخل.طلبت ورد من السائق أن يتوجه إلى هناك، فتوقفت السيارة أمام الكوخ مباشرة.وما إن توقفت، حتى فتحت الباب بصعوبة؛ فأصابعها ترتجف بشدة، وعضلاتها متصلبة من الخوف والبكاء. ترجلت بخطى متعاثرة… ولم تنتظر لحظة، بل دفعت باب الكوخ بقوة.كان الكوخ دافئا ومضيئا، ونار الموقد تشتعل بهدوء.ورجل بثياب سوداء يجلس على الأريكة، مستدير الظهر. يظهر الشعر الأسود المهذب، ت
Read more

الفصل 0296

وفي طريق العودة، جلس سهيل وورد في السيارة نفسها.أما ناصر وزوجته، فقد رغبا في مرافقتهم للاستمتاع بلحظة لم الشمل، لكن ورد أوقفتهم قبل أن يقتربا.نظرت إلى السيدة بديعة وقالت بهدوء حازم: "سكرتيرة ياسمين أخبرتك بالتأكيد… الليلة هناك حفل يجب أن تحضريه. السيد عادل هو الشخص الذي ترغب مجموعة عائلة عباس في كسبه الآن، وبما أنك تعرفين السيدة ناهد جيدا… فهذا الدور لا يمكن أن يؤديه غيرك."كانت السيدة بديعة تفهم القيمة والأهمية… لكنها كانت تتلهف لرؤية ابنها.لكن ورد كانت قوية… إلى حد تخشاه معه السيدة بديعة ولا تجرؤ على مخالفتها.ولم يستطع ناصر أن يمنع ضحكه المكتوم من الهروب.……أما مهار، فجمع الأمتعة وتابع ورد في طريق العودة.ووصلت سكرتيرة ياسمين مسرعة؛ وما إن رأت ورد تسند سهيل حتى سارعت لفتح باب السيارة: "سيدة ورد…"فنظرت إليها ورد مرة أخرى، وكررت السؤال بهدوء مربك: "يا ياسمين… هل أستطيع الوثوق بك؟"فرفعت ياسمين رأسها بثبات مصطنع: "سأظل مخلصة لك… دائما."ولم تصعب ورد عليها الأمر أكثر، بل ساعدت سهيل على الجلوس في السيارة، ثم صعد مهار وسلم ورد ملفاته الطبية قائلا: "الأسبوع الماضي، نظم الطبيب هلال اجت
Read more

الفصل 0297

كانت غرفة المعيشة دافئة ومعتدلة، وبالغة الراحة.خلع سهيل معطفه، وتحته كنزة رقيقة من صوف الكشمير الأسود، تظهر بملمسها الخفيف ملامح عضلات صدره، ومع كتفيه العريضتين، حتى وهو جالس بهدوء… كان مشهدا فاتنا.جلست بهيجة تحمل بين يديها كتاب حكايات الأطفال، تقرأ بصوت مشرق ومفعم بالعاطفة—[في قديم الزمان، كانت هناك أميرة تدعى بياض الثلج، وكان لها زوجة أب.][كانت زوجة الأب تغار من جمالها، فابتكرت حيلة، وقدمت لها تفاحة مسمومة، فسقطت بياض الثلج في نوم عميق لا تستيقظ منه إلا إن قبلها أمير يحبها بصدق.][وذات يوم، مر الأمير بالغابة…]……وحين أنهت القراءة، تلألأت النجوم في عيني بهيجة، ونظرت إلى سهيل متوقعة: "كنت تقرأها لي هكذا تماما من قبل… هل تتذكر الآن؟"لكن سهيل لم يستطع التذكر.ولبهيجة طرق كثيرة.ركضت نحو سرير الرضيعة، ثم— وبحماية الخادمة— حملت أمنية بحذر، وقربتها من أنف سهيل وهي تبتسم بفخر: "شمها! ريحتها حلوة صح؟ هذه أمنية… بنتك الجديدة من ماما. أنا كل يوم أغير لها سروالها الصغير، ولما تكبر لازم ترد لي الجميل! وإذا بقيت صغيرة، فأنا أقدر أقرأ لها القصص أيضا."كان على جسد أمنية ذلك العبق اللبني الدافئ
Read more

الفصل 0298

انتهى الحفل.عادت السيدة بديعة إلى المنزل في سيارتها.وما إن وصلت إلى منزلها حتى رمت حقيبة السهرة على الأريكة، وبدا عليها الشرود وكأن روحها غادرتها.سألتها زوجة نادر بقلق: "ما بالك يا أختي؟ ما الذي جرى؟"نظرت السيدة بديعة إليها، ثم إلى نادر وناصر، وفجأة غلبها الحزن، فانحنت على مسند الأريكة وانفجرت بالبكاء. وبين نحيبها قالت وهي تختنق بالعبرات: "كنت أريد الليلة أن أساعد ورد… لكنني تعرضت للمهانة أمام الناس، وفي النهاية هي التي أنقذتني. الآن فقط أدركت صعوبة إدارة العمل… وكم ندمت لأني لم أحسن معاملتها في الماضي."فشرعت زوجة نادر تواسيها بكلمات رقيقة.وأطلق ناصر ضحكة خفيفة وقال: "الآن فقط أدركت أن الطريق شاق؟ كم نصحتك من قبل ولم تستمعي، ولولا أن..."وحين وصلت كلمات اللوم إلى فمه ابتلعها ولم يتمها.فلا جدوى من الاسترسال.السيدة بديعة غارقة بدورها في تأنيب النفس، وقالت والدموع تترقرق في عينيها: "جدة عائلة نور صحتها متعبة، وأم ورد لا تملك وقتا لمساعدتها، وهي الآن بحاجة إلى شخص يمكن الاعتماد عليه. يا ناصر، سأجهز أمتعتي وأنتقل للعيش هناك؛ لأعتني بسهيل من جهة، وأرعى الأطفال من جهة أخرى."قال ناصر:
Read more

الفصل 0299

كانت ورد تسند يدها إلى سرير الطفلة، تتأمل ملامح أمنية الغافية ببراءة، وقالت بصوت خفيض: "هي مثل بهيجة، تشبه والدها كثيرا، أما أيمن فملامحه أقرب إلي."وما إن أنهت كلامها حتى التفتت نحو سهيل، وفي عينيها بريق تغشاه الدموع.وازداد الليل سكونا وعمقا.اغتسلت ورد، وبعد أن انتهت من روتين العناية البسيط، عادت إلى غرفة النوم.لم يترك في الغرفة سوى مصباح القراءة، وكان سهيل مستندا إلى الوسادة بقمصانه، وقد دفع سرير الطفلة على نحو عجيب إلى جانب السرير الكبير، يكفيه أن يمد يده ليصل إليه.ومن نظرة واحدة، أدركت ورد كم يحب أمنية، رغم أنه لم يصرح بذلك.رفعت الغطاء واندست في الفراش الدافئ، الذي احتفظ بحرارته لوجوده فيه، ثم وضعت رأسها عند خصره وصدره، دون أن تقول شيئا، فقط اكتفت بالاتكاء في حضنه.رجل وامرأة في عناق هادئ، وشعرها الأسود يختلط بثيابه.ومهما كانت ورد قوية، فإن القلق الطويل ينهك الروح، ولا بد لها من لحظة شفاء.ثم إنها لا تستطيع الجزم بأن مرض سهيل سيشفى، فقبل العثور على عمر لن يهدأ قلبها.خفض الرجل جفنيه وسأل: "هل كنا نحب بعضنا كثيرا من قبل؟"أجابت ورد بنبرة مؤكدة: "كثيرا! لو لم نكن كذلك، كيف كنا
Read more

الفصل 0300

سرعان ما دوى طرق خفيف على الباب، وجاء صوت الخادمة: "يا سيدتي، السيدة بديعة وصلت وهي تحمل أمتعتها."فهمت ورد الأمر على الفور.وقالت بهدوء: "علمت، سأنزل حالا."نهضت من بين ذراعي سهيل وقالت بلطف: "اذهب لتهتم بنفسك أولا، وسنتناول الفطور بعد قليل."ورافقته إلى غرفة الغسل، وعصرت له معجون الأسنان بنفسها، ثم بللت المنشفة ومررتها إليه.كان قد نبت على ذقنه زغب خفيف، فأخذت ورد ماكينة الحلاقة ونظفته بعناية، ثم مسحت وجهه بمنشفة دافئة. وقبل أن تضعها جانبا، قبض سهيل على يدها برفق وقال بصوت منخفض: "ليس عليك أن تقومي بكل شيء بنفسك… بإمكاننا أن ننام في غرفتين منفصلتين."رفعت ورد رأسها نحوه وسألت: "هل تشعر بالضغط؟"تردد للحظة ثم قال: "ليس ضغطا… فقط شيء من الغربة."تماما كما حدث في الصباح، حين شعر بحاجة جسدية لكنه كبحها بصمت.فهو يعلم أن زوجته امرأة قوية وناجحة، ذات جمال وجسد لا ينتقص منهما شيء، ومع ذلك لم يستطع أن يترك غريزته تقوده نحوها؛ كان في أعماقه حب لامرأة ما…ولا يعرف على وجه اليقين إن كانت تلك المرأة هي زوجته أم لا.ومادام الحب غائبا، فهو لا يريد أن يقيم علاقة معها، حتى وإن اشتعل الجسد رغبة.لكن
Read more
PREV
1
...
252627282930
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status