ابتسمت شهد وقالت: "في الحقيقة ليس سرًا كبيرًا، فقد اعترف سمير من قبل بزواجه، لكنه لا يريد أن يعرف الناس من هي زوجته"."هل تعرفينها؟" أجابت شهد: أعرفها، لكن سمير منعني من الإفصاح، فزواجهما سرّي، ولأنه مضى عليه زمن طويل، طبيعي ألا يرغب في كشف هوية تلك المرأة"."حسنًا، لدي عمل الآن، لن أطيل الحديث معكِ، وحين أتفرغ سأدعوكِ يا منار إلى فنجان شاي." قالت شهد ذلك، ثم ركبت سيارتها الخاصة.أمعنت منار في التفكير وحيدةً لوقت طويل.وقبل أن تصعد شهد إلى السيارة، ألقت عليها نظرة خاطفة، وارتسمت عند طرف شفتيها ابتسامة ساخرة.قالت مساعدتها سارة التي لم تفهم سبب تصرفها هكذا: "ألن تعلني ملكيتك لسمير الآن يا أخت شهد؟ لو عرف الآخرون أنكِ حبيبة السيد سمير، لارتدعوا جميعًا وانسحبوا!"فلو كان الأمر سابقًا، لما تحدثت شهد بهذا الشكل.لكنها رأت اهتمام منار الواضح والغريب بسمير، وأدركت أن الأمر مختلف.فهي قالت إنها درست معه، ومع ذلك لم تمكث في المدرسة طويلًا، ولا تزال تحمل له هذا الانطباع العميق.لا بدّ أن شيئًا قد حدث بينهما.قالت شهد: "منار لم تشاهد مسلسلاتي".دهشت المساعدة: "ماذا؟ وكيف عرفت؟"ارتسمت عند شفتي ش
"كيف عرفتِ؟ ألم تقولي من قبل إن بينك وبين شركة القزعلي تعاونًا؟ هل يُعقل أن سمير من أخبرك بنفسه؟"رمقت منار شهد وهي تقترب، وأيقنت أنها جميلة فعلًا، من ذلك النوع الذي يُناسب دور الحبيبة التي لا يُمكن نسيانها.لكنها تذكّرت أنها سألت سمير بنفسها قديمًا، فأكد أنه لا يحب أحدًا.فسقطت بذلك شائعة حبهما منذ أيام الثانوية.أخفت منار مشاعرها، وفتحت باب السيارة.وبينما شهد تمر بجوار السيارة، سمعَت صوت الباب، فالتفتت غريزيًا قبل أن تعود بنظرها للأمام.نادتها منار: "آنسة شهد!"توقفت شهد، ثم استدارت نحوها.وإذ رأت أنها فتاة، قلّ حذرها كثيرًا.فمكانتها تغيّرت الآن، ولتكسب ودّ الجمهور كان عليها أن تهتم بالجميع، وتكون قريبةً منهم.فابتسمت تلقائيًا وقالت: "مرحبًا".قالت منار بحماس ظاهر: "آنسة شهد، لم أتوقع أن ألتقي بك هنا، أنا من معجباتك، شاهدت مسلسلك، كان رائعًا، أنتِ أبهى من سيرينا نفسها!"كانت قد بحثت عنها قبل قليل، فمع أنها لم تشاهد أعمالها من قبل، فقد تصفحت بعض المعلومات السريعة على الإنترنت.أطرب هذا المديح شهد.إذ لطالما اعتبرت سيرينا منافستها اللدودة.وسعت دائمًا للتفوّق عليها.خصوصًا وأن سيرينا
تجمدت نور تمامًا في مكانها.متى أصبح سمير بهذا الفراغ ليشاهد فيلمًا معها؟تزوجته منذ زمن طويل، وما كلّف نفسه يومًا عناء تناول عشاءٍ منفرد معها أو مشاهدة فيلم.وهذه من الأمور التي يفعلها العشاق عادة.عاد سمير يسألها إذ يسألها صامته: "لِمَ لا تتكلمين؟ لقد طلبت من صلاح أن يحجز لنا مطعمًا بالفعل، نتعشى، ثم نشاهد فيلمًا، ثم نعود إلى البيت".سألته نور بريبة: "لمَ تريد تناول العشاء ومشاهد فيلمٍ معي فجأة؟ هل ثمّة مناسبة مهمّة؟"فهي ما اعتادت إلا أن تشكّ في كل ما يبدو خارج المألوف.خصوصًا حين يتعلق الأمر بعلاقتها بسمير.ولأنها طلبت الطلاق مؤخرًا، وجمّدت مشاعرها نحوه، أراد سمير أن يفعل ما يعوّضها، لربَّما غيَّرت رأيها بشأن الطلاق، قال لها: "مجرد رغبة صافية في تناول العشاء معك، لنذهب معًا حين يحين الوقت".أنهى كلامه، ورفع كوب القهوة التي أعدتها نور، رشف رشفةً خفيفة، ثم شعر بشيء غير مألوف: "هل غيّرتِ نوع القهوة؟"لم يُعطها فرصتها للتفسير قبل أن يسألها، فعادت تقول: "النوع الذي اعتدت عليه نفد، فاستبدلته بآخر، وحين تصل البِضاعة سأشتريه لك، تحمّل قليلًا"."لا بأس." وشرب على غير عادته رشفتين إضافيتين.
تلقَّت ليلى الأوامر، وقالت: "حسنًا".حدق سمير بنور بوجهٍ متجهم، وقال: "لم أعتد شرب القهوة من إعداد الآخرين".توقفت ليلى عن السير.قالت نور: "ألم تسمع ما قالته الآنسة شهد؟ لا تربي الشركة العاطلين، إذا لم تعجبك القهوة من إعداد ليلى، فماذا يمكنها أن تفعل غير ذلك؟"كانت كلماتها لاذعة وحادة.شهقت تالين وليلى في آن واحد بدهشة من كلامها.كان هذا المشهد غير مألوف.فقد رافقت تالين نور لأشهر، ورغم هدوئها وبرودها، إلا أنها كانت لطيفة مع الناس، ولا تكاد تتفوه بكلمة أمام السيد سمير.كانت حريصة على مراعاة الجميع.فكيف تتحدث معه بنبرة كهذه؟لم تجرؤا على التنفس بصوت عالٍ حتَّى، ووقفتا هادئتين.أصبح عينا سمير أعمق، وازداد ضيقه، وقال: "ألست أنتِ من اخترتها؟"أطبقت نور شفتيها، وقالت: "نعم، أنا من اختارتها، وواجبٌ علي أن أعلمها، هل تسمح لي بذلك، يا سيد سمير؟"لم يكن سمير في حاجة إلى سكرتيرة جديدة، بل كانت مجرد حجة ليبقي نور بجانبه.واجهت نور الجميع اليوم، حتى سمير، لكنه لم يشأ مجادلتها في هذا الشأن، فقال: "إن شئتِ تعليمها، فافعلي ذلك، لكني اليوم أريد القهوة التي تعدِّينها أنتِ!"أنهى كلامه، ودخل مكتبه، لم
أصاب كلام نور كرامة شهد؛ فذلك يعني أن مسلسلاتها لا تحتاج إلى تفكير.أرادت في الأصل أن تتفاخر بإنجازاتها، فقد نجحت كمغنية، وازدادت شهرتها كممثلة.لكن نور أهانتها.كتمت غيظها وأرادت أن تردّ عليها.إلا أنّ وجود سمير أجبرها على كبح جماح نفسها.قالت وهي تتوجه إلى النافذة وتنظر إلى لوحة الإعلان على المبنى المقابل: "أظن أن ملصقي الإعلاني هناك جميل جدًا، أليس كذلك يا نور؟"ثم ابتسمت بسخرية، لم تعرف أن مكان المكتب يتيح لنور أن تراه بهذا الوضوح.لا بد ان رؤيتها لإعلانها كل يوم تضايقها.لم تلتفت نور وقالت ببرود: "آنسة شهد، أمامي عمل كثير، هل لديكِ أمر آخر؟"لم تردّ الانجرار إلى حديثها، فكل ما في الأمر أن شهد تريد التباهي بنفسها، وهي لا تهتم بذلك.اقتربت شهد من مكتبها وقالت: "لا، أعرفك منذ زمن وأحببت أن أتحدث معك قليلًا، وسمعت أنكِ تفكرين في الاستقالة. هل تبحثين عن عمل؟"ثم نظرت إلى سمير متابعةً: "سمير، إذا استقالت نور، أستطيع أن أضمها كمساعدة لي، خبرتها كبيرة ولن تجد صعوبة."لم يُسر كلٌّ من نور وسمير لسماعهما لهذا الكلام.خاصة سمير، فهو لا يريد أن تترك نور الشركة، وكره أن تفتح شهد هذا الموضوع، فع
بما أنه تم تصويرهم من قبل الصحافة، لم يعد بالإمكان تبرير الأمر.رأت نور الفيديو فصمتت ولم تُبدِ رأيًا، فما بين شهد وذلك الممثل ليس مهمًا.لكن اهتمام سمير وغضبه، أهي غيرة؟قررت نور ألا تتدخل بما يفعلونه في المكتب، ولا في غضب سمير؛ فذلك لن يجلب لها سوى العناء.أخذت تُهوّن على نفسها وتحاول ألا تنساق وراء أفكارها.بدأت تالين وليلى تتناقشان، بعد كل ما فعله سمير من أجل شهد، أي علاقة تربطهما بالضبط؟انفتح باب المكتب، وهذه المرة خرجت شهد بنفسها. فسكتت تالين وليلى على الفور."سمير، ليس بيني وبينه شيء، كل ذلك من تلفيقات المصوّرين، لن أدع مثل هذا يحدث ثانيةً، أرجوك لا تغضب." قالتها بصوت متهدج تحاول به استرضاءه.زمّت تالين شفتيها بسخرية، تمثيلها ماكرٌ ومتقن.اتسمت ملامح سمير بالصرامة، وظهرت في عينيه نظرة ثقيلة وهو يقول ببرود: "هذه المرة فقط، لا أريد أن أرى مثل هذه الأخبار مجددًا.""سآخذ حذري." ثم أكملت تشرح: "أنت تعرف أنني جديدة، ولا أفهم قواعد الوسط بعد، سأحافظ على مسافة مع الممثلين الذكور من الآن فصاعدًا."ردّ عليها ببرود: "حسنًا."سمعت نور كل شيء من حوارهما.كما قالت ليلى بالضبط، لم يكن سمير ر