حملها سمير بسهولة، وهمس قائلًا: "بما أنك لا تطيعيني، فلم يعد أمامي سوى هذه الطريقة".انزعجت نور وقالت بحدة: "هل أنت لصّ؟ تُجبرني على ما لا أريد!""ذلك خير من أن تتصرفي وفق مشاعركِ الشخصية!"سألته: "ومتى تصرَّفت وفق مشاعري الشخصية؟"أجابها سمير بنظراتٍ عميقة وصوتٍ هادئ: "ألم تنسي ما حدث في المرة الماضية؟ كدتِ تفقدين الطفل بسبب الإرهاق، واليوم أشغلتكِ قضية شهد، أليس كذلك؟"عند سماعها ذلك، خفضت نور جفنيها قليلًا، وبدأت تهدأ من انفعالها، ثم قالت: "وما علاقة كل هذا بركوبي سيارة أجرة إلى المنزل؟"كان قد اقترب بها من السيارة حاملًا إياها، وما إن أنزلها، حتى حدّق في عينيها وقال: "ماذا لو شعرتِ بألم في بطنكِ في الطريق؟ ألم يكن يؤلمك قبل قليل؟ كيف لي أن أطمئن وأنا أتركك تعودين وحدك؟"كشفت كلماته عن قلق صادق تجاهها.اتضح لها أنه لا يزال يذكر.صمتت نور وشدّت شفتيها دون أن ترد.شعرت بقلقه واهتمامه، لكنها خافت أن يكون مجرد وهم من طرف واحد.فما فعله بها سابقًا لا يزال محفورًا في قلبها، ولن تنسى ما عانته لمجرد لحظة حنان عابرة.ومع ذلك فكان يهتم بها، ردّت: "ما حدث قبل قليل كان لأنك جذبتني، جسدي بخير، و
"لابد أن المديرون في شركة الترفيه يركضون مذعورين الآن، وأنت، كمالكٍ لها، لا تزال تملك وقتًا للمجيء إليّ؟"ثبّت سمير نظره العميق عليها، كلّ سخريتها واستهزائها لم تغب عن عينيه.لكنه قال بهدوء: "ليست سوى شركة ترفيه، أتظنين حقًا أنني أهتم بها؟"رفعت نور رأسها، وحدّقت إليه من جديد، لم ترَ في عينيه إلا القلق عليها.وكأنما يقول إن شركة الترفيه التي أنشأها لا تُقارن بها شيئًا.أليست تلك الشركة التي أسّسها لأجل شهد؟فهل يعني هذا ضمنًا أن نور أهمّ بكثير من شهد؟هدَّأت نور مشاعرها، كيف لهذه الفكرة أن تخطر لها حتَّى؟الرابط الذي يجمع بين شهد وسمير يبدو أكثر إقناعًا."لا أعلم، ولا داعي لأن تشرح أكثر." اختارت نور التهرُّب، قالت وهي تنظر نحو سيارة أجرة توقفت أمامها: "سأعود إلى المنزل، تراجع قليلًا".تقدّمت نور من أمامه بخطىً سريعة، تريد أن تركب سيارة الأجرة.فامتدّت يد سمير فجأة وأمسكت بها.كانت تمشي بسرعة، فحين جذبها، التوى خصرها."آخ!"عبست لا إراديًّا، ووضعت يدها على بطنها، وقد شعرت بانقباض مفاجئ فيه.رأى سمير ذلك، فأرخى قبضته فورًا، وثبتت عيناه على بطنها، وقال: "هل يوجعك بطنك؟"لم تستطع نور أن تت
اُقتيدت أميرة جرًّا وسحبًا، وتلاشى صوتها تدريجيًا.وجهت مريم أنظارها نحو نور وعائشة، وقالت: "أنقذتما سمعة محطة تلفاز النجوم، الفضل لكما".خجلت عائشة، إذ كانت هذه أوَّل مرَّة تتلقَّى فيها ثناءً من رئيسة التحرير."يا رئيسة التحرير، نحن كشفنا الحقيقة فقط، ما دمنا لم نُلحِق ضررًا بالقناة، فهذا يكفينا."نظرت مريم إليهما، وأزالت بقولها بعضًا من قلقهما: "تذكّرا جيدًا، مهمتنا كصحفيين هي السعي وراء الحقيقة، وما فعلتماه كان صائبًا".حصلن على الاعتراف والتقدير من مريم.ثبتت أنظارها على نور، وقالت: "يمكنني أن أرى أنك كتبتِ هذا التقرير بجدٍ واهتمام".كان لدى نور نوايا الخاصة."أديت فقط واجبي كصحفية."أعربت مريم عن إعجابها، فقالت: "تمتلكين قلمًا مميزًا، وحسًا مهنيًا عاليًا، واصلي، فبإمكانك أن تحققي مستقبلًا باهرًا".ردّت نور بأدب: "شكرًا لكِ، يا رئيسة التحرير".ما إن غادرت مريم، حتى عمّ الفرح القسم بأسره.زالت عنهم أخيرًا لعنة الظلم.وفي وسط فرحتهم، شكروا نور وعائشة بحرارة، أحسوا أنهم تخلََّصوا أخيرًا من الاضطهاد.في تلك اللحظة، علم سمير أثناء فراغه بانكشاف أمر صمم شهد.ومتى كان الأمر صادرًا عن محطة
"حسنًا جدًا." قالت أميرة بسخرية باردة: "لنرَ من ستحميه، رئيسة التحرير!""توقفوا عن هذا الضجيج!"ظهرت مريم فجأة في الخلف، ووجهها غائم من الغضب.نظرت إلى مشهد الشجار أمامها، استياءها واضح من هذا الجدال العلني، وبدون أن يضعوا أدنى اعتبارٍ لوجود الزملاء.رأتها أميرة، فسارعت إلى الكلام: "رئيسة التحرير، جئتِ في الوقت المناسب، احكمي بيننا! لقد أفسدنَ خطتي، وأساءوا إلى سمعتي! كنت أوشك أن أحصل على مقابلة حصرية مع شهد، النجمة الصاعدة! لو نجحت، لكنا جنينا أرباحًا هائلة، لكن...""كفى!" قطعت مريم حديثها بجفاء، ونظرت إليها ببرود.لم تكمل أميرة كلامها، ونظرت إلى مريم، وبدت مرتبكة للحظة، ثم تمالكت نفسها قائلة: "أنا أقول الحقيقة، يا رئيسة التحرير".لكن مريم سألتها بحدَّة: "هل تعلمين ما الذي كنتِ تفعلينه؟ سمعة شهد الآن في الحضيض، أثارت أفعالها غضب الرأي العام، ومن المحتمل جدًا أن تُحظر! وأنتِ لا زلت تتحدثين عن مقابلتها؟ أليست تلك التقارير الملفقة من صنعك؟ تسببتِ في ضرر بالغ لسمعة المحطة، لأجل مصالحك الشخصية. هل تعلمين حجم العواقب؟"شحب وجه أميرة، وحاولت الشرح: "لا، لم يكن هذا قصدي من البداية، حاولت خدمة
لماذا شعرت نور بالحزن؟فكّرت قليلًا، لكنها لم تستطع أن تفهم السبب.فسألت عائشة: "كم نمت؟"فأجابتها: "نصف ساعة. نور، هل أنت مرهقة كثيرًا مؤخرًا؟ غفوتِ بمجرد أن أسندتِ رأسك على المكتب".ظنّت نور أن السبب قد يكون حملها، فقالت: "ربما لم أنم جيدًا البارحة".ظلت نظرات عائشة مشوبة بالقلق.لكنها تنفّست الصعداء حين تأكدت أن لا شيء خطير.كانت تحمل خبرًا سارًا أرادت أن تشاركها به، فقالت: "المقال الذي نشرناه حصل على تفاعل ضخم، خمني كم؟ أكثر من مليون!" كانت فقط تريد أن تخبرها، فأضافت بحماس: "الإنترنت كلّه يهاجم شهد، حتى أميرة لم تسلم! لقد نجحنا! أريد فقط أن أرى وجهها وهي تغلي من الغضب! هذه المرة، شوهت سمعة المحطة، وبالتأكيد لن يمرّ الأمر دون عقاب!"لكن نور، التي لم تنسَ أن هدفها الأساسي هو شهد، قالت بهدوء: "صحيح أننا حققنا شيئًا، لكن بما أن المحطة قد تضررت، فالإدارة العليا قد تحقق معنا، علينا أن نكون حذرات".قالت عائشة: "لا داعي للقلق. نحن استهدفنا شهد في تقريرنا، لا أميرة. هي من أخطأت، وعليها أن تتحمل العواقب، لا نحن، هي من لم تفكِّر في الأمر من جميع الجوانب، فتضررت بالصدفة، ثم إن المقال من نشرنا،
لم يُخفِ شيء...قالها بصراحة وهدوء.اندهشت شهد وصاحت بصدمة: "لماذا فعلت هذا؟ ألا تعرف ما الذي قد يسببه لي تصرفك هذا؟ طلبتُ منك أن تُبعد نور، فإن ماتت، سيمكننا نحن النجاة، لكن ماذا فعلتَ؟ دفعتَ بي نحو الجحيم! لماذا فعلت هذا؟"كانت الحمامات قد تناولت كل الخبز في يد حازم، فأخذ ينفض فتات الخبز عنه قائلًا: "ما بيننا لم يكن اتفاقًا. لجأتَ إليّ للمساعدة، لم تدفعي لي، ولم أطلب مالًا. أما نور، فقد عرضت عليّ المال مقابل معلوماتك، ولأجل المال، لم أستطع الرفض!"قالت شهد بحدَّة: "حازم! أنا لا أمزح! نحن في قارب واحد!"ابتسم حازم ببرود، ثم قال بهدوء: "أنا أعلم ما أفعل. وكنوع من التعويض، سأعيد لكِ سمعك".رأت شهد أن ما يقوله مضحك، فقالت: "لم أعد أفهمك! كنت أظنك مثلي، ساعدتني مرة، فظننت أنك ستبقى في صفي. لكنك بعت معلوماتي لنور. هل أنت من هذا النوع من الناس؟ أم أن بينكما ماضٍ لا أعرفه؟"ردّ حازم عليها: "بعض الأمور من الأفضل ألا تعرفيها، الفضول قتل القطة".ثم استدار نحوها وتابع: "لو لم تستطيعي التغلب على هذا الوضع، فلستِ بشهد التي أعرفها. أما أنا فسأفعل ما أريد، ما دمت مستمتعًا بذلك!"شعرت شهد أن هناك شيئً