لم تعترض يارا هذه المرة، فأومأت برأسها موافقةً، "حسنًا."في الحقيقة، كلام أخيها بلال كان صحيحًا، لو لم تكن قد تهاونت، لما تعرّض طفلها لهذا الموقف.أضاف بلال، "لقد استفسرت من الشرطة، وأكدوا أن حادث السير هذا دبّره شاهين.لم يُصب أي طفل آخر، بل استهدف كيان تحديدًا.كما اعترف بأن المُحرّضة الحقيقية هي سارة، وهي الآن في مركز الشرطة، ولم يتحرّك جدي لمساعدتها.""مَنْ هذه النجسة؟! سأقتلها بيدي!" انفجر كايل غضبًا.نظر إليه بلال في برود، "هي الآن من عائلة نبيل، هل ما زلت مصممًا على قتلها؟"علق كايل في مكانه فجأة، رغم أنه حديث العهد بالمدينة، إلا أنه يعرف جيدًا مكانة العائلات الثلاث الكبرى في العاصمة.كيف له بمفرده أن يواجه عائلة نبيل المتجذرة؟ أليس هذا انتحارًا؟تراجع بخجل، ثم قال بتلعثم، "آه... حسنًا! ، الانسحاب تكتيك وليس هزيمة دعونا نخطط أولًا... نخطط ههه."بينما برقت في عيني يارا نظرة قاتمة، سارة...قللت من شراسة هذه المرأة حقًا!لم تكتفِ بمحاولة الإيقاع بسامر، بل الآن تحاول استخدام الآخرين للتخلص من كيان!رفعت يارا رأسها بنظرة جليدية نحو بلال، "أخي، أريد الذهاب إلى مركز الشرطة."صمت بلال ل
بعد صمت طويل، لم تستطع يارا التحمل أكثر، "هل يزين وجهي ما يستحق هذا التحديق؟"جلس طارق على الكرسي خلفه، ساقاه متشابكتان بوضعية تنم عن الأناقة والنبل."لنتحدث عن شؤوننا."تجنبت يارا نظراته، "ليس بيننا ما يستحق الحديث.""حقًا؟" سأل بتمهل، "إذن اشرحي لي، لماذا قلتِ إني سأندم؟""الكلام في لحظات الغضب لا يعبر عن الحقيقة."ظل وجه طارق هادئًا، وكأنه توقع ألا تبوح بالحقيقة."إن كنتِ لا ترغبين في الشرح فلن أجبرك، لكنكِ بالتأكيد تعرفين أمر سامر؟"واجهته بنظرة مباشرة، "ماذا تقصد؟""سامر هو ابننا."قررت ألا تدور في حلقة مفرغة، "وما المشكلة في ذلك؟""لذلك قررت ألا يزورك سامر مجددًا." نطق كل كلمة بوضوح.صُدمت، "لماذا تمنعني من رؤيته؟""هل تعتقدين أنكِ تستحقين أن تكوني أمه؟" سخر ببرود.بدلًا من الغضب، ضحكت بسخرية، "أهذا مزاح؟ الطفل ملك لك وحدك؟ إنه ابني أيضًا!ليس لك أي حق قانوني في منعي من رؤيته! حتى القوانين تمنحني حق الزيارة!""تعلمين أن سامر ابنكِ." قال طارق بسخرية، "ولكنك مع ذلك قسمتِ حنان الأم الذي كان يجب أن يكون من حظه وحده، على اثنين من الأبناء غير الشرعيين!؟"أبناء غير شرعيين؟!توقفت أنفاس
"وهل هذا شأنك؟!" ردت يارا بشراسة، "طارق، بأي حق تمنعني من رؤية ابني؟!""لو مات كيان، لن أسامحك طوال حياتي!! أنت من وقفت متفرجًا! أنت من كان قاسيًا ولم ينقذه!"بينما كان غضب طارق يتصاعد على وجهه، تقدمت شريفة بقلق محاولة تتهدئة يارا، "يارا، اهدئي، سأريكِ كيان الآن، حسنًا؟"وبسرعة، أخرجت هاتفها واتصلت بشادي عبر الفيديو.وبعد لحظات، ظهر وجه شادي على الشاشة، "ما الأمر؟"قالت شريفة، "شادي، وجه الكاميرا نحو كيان، لتراه يار ... آه؟!"قبل أن تكمل، انتزعت يارا الهاتف بيد مرتعشة.حدقت في الشاشة بتركيز مميت.عندما وجه شادي الكاميرا نحو سرير المستشفى، حيث كان كيان مستلقيًا بهدوء.انهمرت دموعها فجأة كالسيل.كيان لم يمت...لا ضمادات تغطي جسده، ولا أنابيب طبية.فقط إبرة صغيرة مثبتة في ظهر يده الصغيرة.سألت يارا بصوت متهدج، "ما الذي أصاب كيان...؟""حُقن بكمية كبيرة من المخدر، لذا ما زال فاقدًا للوعي"، أوضحت شريفة بتنهد.بدأ قلب يارا المضطرب يهدأ تدريجيًا، وأنزلت الهاتف ببطء وسألت، "إذن من الذي سقط؟""كان دمية محشوة بالرمل، ترتدي ملابس كيان، أما الدماء فكانت دماء دجاج..." قالت شريفة موضحة.في تلك اللحظة
انهمرت دموع يارا فجأة كالسيل، "كيان، هل هذا أنت حقًا؟؟"لم تستطع تصديق أن ابنها يقف أمامها سالمًا معافى.فهي تتذكر جيدًا كيف سقط من الأعلى."ماما"، ظهرت على وجه كيان الصغير تعابير الاستياء، "عم تتحدثين؟ بالطبع هذا أنا!"بعد هذا التأكيد، أسرعت يارا بمسح دموعها."لا شيء يا كيان، كنت أهذي، سآتي إليك الآن.""أسرعي يا ماما."أومأت يارا بقوة وبدأت تمشي نحو ابنها.لكن بعد فترة، لاحظت أنها لا تستطيع الاقتراب منه!رفعت رأسها بذعر، "كيان...""ماما، أنت بطيئة جدًا، أسرعي أسرعي!"أخذت يارا نفسًا عميقًا وحاولت الركض نحوه.لكن كلما تقدّمت، ابتعد عنها أكثر."ماما..." امتلأت عينا كيان السوداويان بخيبة الأمل، "ماما، لماذا لم تأتي بعد؟""أنا قادمة!" ردت يارا، "لا تتحرك، انتظرني.""ماما... تأخّر الوقت..."بدأ صوت كيان يخفت شيئًا فشيئًا، حتى اختفى تمامًا."كيان؟!""كيان!!!"في غرفة المستشفى.صرخت يارا فجأة ونهضت من السرير بفزع.كانت ترتجف، وجهها شاحب كالموت وتتنفس بصعوبة شديدة.وقد أيقظت صرختها شريفة التي كانت نائمة على الأريكة.نهضت شريفة بسرعة واقتربت منها بقلق، "يارا؟ استيقظتِ؟ هل رأيتِ كابوسًا؟"مع سم
ذُهلت يارا، "ماذا تقصد؟ هل تعتقد أنني أخدعك؟!""أو ليس هذا صحيحًا؟!" رد طارق بسؤال استنكاري.فجأة، وبقوة لم تعرف مصدرها، تمكنت يارا من تحرير يدها من قبضته.نظرت إليه بعينيها اللوزيتين المليئتين بخيبة الأمل قائلةً ببرودة، "طارق! تذكر كلماتك اليوم!سيأتي يوم تندم فيه ندمًا شديدًا على تصرفاتك وكلامك اليوم!!"بعد أن قالت ذلك، صعدت إلى السيارة بسرعة وأدارت المحرك متجهةً نحو المبنى المنخفض.أمسكت شريفة برهف التي لم تتوقف عن البكاء، ونظرت إلى رئيسها الواقف بوجه مكفهرٍ بنظرة ممتلئة بالازدراء،" سيد طارق، لقد جرحت قلب يارا حقًا هذه المرة، وأنا أيضًا صُدمت من كلامك."ثم التفتت لتراقب سيارة يارا بقلق.من بعيد، أطلق شادي تنهيدةً ثقيلة وتقدم قائلًا، "طارق، تصرفها لم يكن يبدو كتمثيل."ظل طارق ينظر ببرود إلى الجسم الصغير المتدلي في الهواء، ثم قال بسخرية، "لا أعتقد أن الأدلة التي تحققت منها بنفسي قد تكون مزيفة."عند المبنى المنخفض.وضعت يارا مفتاح السيارة على الطاولة داخل المبنى، ثم قامت بتحويل مبلغ مليوني دولار إلى حساب شاهين.بعد الانتهاء من تنفيذ تعليماته، اتصلت به على الفور، "لقد استلمت المال، ابتع
حدّق طارق في شادي بغضب.أشار شادي ببراءة، "أنا فقط أقول الحقيقة."عضّ طارق على أسنانه، فهو لم يكن أعمى عن حالة يارا الهستيرية للتو.بعد تفكير عميق، قرر أخيرًا أن يحمل سامر وينطلق معه نحو الميناء.تبعهم شادي على الفور.بعد عشرين دقيقة.ما إن غادرت يارا السيارة عند الميناء، حتى تلقّت مكالمة من شاهين، "أتريدين الموت؟! أحضرتِ معكِ كل هذا العدد؟!"ارتجفت يارا، "أنا وحدي، من أين أتيتَ بهذا الكلام؟""هناك سيّارتان سوداوتان وصلتا للتو، كيف تفسّرين هذا؟!"التفتت يارا لترى سيّارتي طارق وشادي تقتربان.كيف وصلوا إلى هنا؟بسرعة شرحت، "إنه والد الطفل، ليسوا شرطة!""حسنًا! لكن إن كانت هناك خديعة، سأقطع الحبل الآن!" هدّد شاهين بوحشية.حبل؟!أسرعت يارا برفع رأسها نحو السماء.وفجأة، رأت جسمًا صغيرًا يتأرجح مع الريح على أعلى رافعة في الميناء!تحته أرصفة خرسانية، على ارتفاع عشرات الأمتار!ارتعشت ساقا يارا وفقدتا قوتهما، فسقطت على الأرض بقوة.انهمر العرق البارد من جسدها كله وهي تصرخ، "شاهين! أنزل ابني! أتوسل إليك!!"كان صوتها يرتجف لا إراديًا.نظرت شريفة التي نزلت من السيارة توًا حيث تشير يارا، وصرخت فورًا