Share

الفصل 3

Author: قطة برائحة البطيخ
أسرع رفيق لالتقاط مريام، بينما غادرت نور دون حتى نظرة خاطفة.

مجرد رؤية هذين الاثنين كان كافيًا ليثير غثيانها.

بينما كانت تغادر، سمعت زئير كرم خلفها: "نور! عودي حالًا! ما قصة ذلك الرجل الذي تحدثت عنه؟"

ها هو ذا، أبوها الحنون لا يهتم إلا بتصيد أخطائها.

لقد أخبرته أن مريام ورفيق كانا يتعانقان كالحيوانات، غير أن أذنيه كانتا كالصمّاء.

لكنها اعتادت على ذلك.

منذ أن دخلت زوجة أبيها وابنتها مريام هذا البيت قبل خمس سنوات، لم يعد لها مكان هنا.

لو لم تكن تخشى على ممتلكات أمها من عبث هؤلاء، لما عادت إلى هذا المنزل أبدًا.

بعد أن هدأت من روعها، وصلت إلى الشركة حيث كانت سهيلة تنتظرها بلهفة: "نور! ممثل العميل وصل بالفعل، الرئيس التنفيذي نفسه حضر! يبدو أنهم يولون هذا التعاون أهمية كبيرة."

"إنه يصر على التفاوض معكِ شخصيًا، تشجعي! رحلتي إلى أوروبا الشهر القادم تعتمد عليكِ!"

عندما دخلت نور قاعة الاجتماعات، وقعت عيناها فورًا على الرجل الجالس بالمقابل.

عادةً ما تكون جريئة وحاسمة في العمل، لكنها للمرة الأولى ترددت في خطواتها.

لم تتخيل أبدًا أن يكون القادم هو مالك.

نهض بوجهٍ جليديٍ خالٍ من التعابير، مدّ يده بهدوء: "سيدة نور، سمعنا الكثير عنكِ."

صوته وطريقة كلامه كانا كما لو أنه لم يقضِ الليلة الماضية معها في السرير!

استجمعت نور أفكارها، ضبطت تعابير وجهها وسحبت يدها بمهنية: "زيارة السيد مالك تشرفنا جميعًا."

بعد تبادل المجاملات التجارية المعتادة، جلست مقابل مالك وبدأت عرض التخطيط: "هذه المرة نخطط لاعتماد موضوع العودة إلى الطبيعة، مما يمكن أن يبرز تميز شركتكم عن المنتجات المماثلة..."

نور في وضعية العمل كانت مختلفة تمامًا، وجهها الصغير يبدو جادًا للغاية.

كانت أصلًا ذات جمال آسر، بملامح بارزة ونابضة بالحياة، خاصة تلك الشامة الخمرية القرمزية عند زاوية عينها التي جعلتها كأنها جنية ساحرة قادرة على سلب الأرواح.

لكن نظرات مالك كانت تتجول بلا خجل على صدرها المتموج، بينما تذكر كيف خلع عنها هذه الملابس البارحة.

أصابعه الطويلة كانت تنقر على طاولة الاجتماعات اللامعة بإيقاع متكرر، بينما كان هو بأكمله يبدو أرستقراطيًا مسترخيًا.

"سيد مالك؟"

نادته نور بنعومة: "سيد مالك؟"، مما أيقظه من شروده.

سألته: "ما رأيك في هذا المخطط؟"

رفع عينيه نحوها: "الفكرة جيدة، لكن التنفيذ لم يصل إلى التوقعات."

نظر مالك إلى ساعته ثم أضاف: "لدي اجتماع آخر الآن، عدّلي المخطط ولنحدد موعدًا آخر."

برودته مع تلك العيون الضيقة الشبيهة بعيون الطاووس جعلته يبدو بلا أدنى مشاعر.

أهكذا يتصرف الرجال بعد إشباع رغباتهم؟!

مالك بالفعل صعب الإرضاء كما تتناقل الأقاويل.

شاهدته نور وهو يغادر الشركة بينما كانت تمسك بالتقرير بيدها.

اقتربت سهيلة منها متسائلة: "كيف سارت الأمور؟"

لمست نور أنفها برفق: "سنعدل المخطط مرة أخرى."

ظهر الإحباط بوضوح على وجه سهيلة: "إذا لم نحصل على هذه الصفقة، فشركتنا الصغيرة..."

ثم ألقت نظرة على نور: "لم لا تلجئي إلى والدك؟ بالتأكيد لديه أعمال يمكن أن..."

"كلا، لا تتحدثي عن ذلك، سأحصل على هذه الصفقة حتمًا."

بعد التخرج، أرادها كرم أن تعمل في شركة العائلة، لكن مريام كانت ستذهب أيضًا، رفضت نور فكرة الذهاب والعودة معها يوميًا.

طلبت من كرم إيجاد مكان آخر لمريام، لكنه انهال عليها بوابل من الشتائم، واتهمها بأنها عديمة الرحمة ولا تحمل مشاعر أخوة.

وأي أخت هذه؟!

إنها مجرد ابنة عاهرة!

باندفاع من الغضب، أسست شركتها الخاصة للإعلانات، وتحدت بأنها لن تقبل أي مساعدة من كرم.

وبعد الأحداث الأخيرة، أصبح اللجوء إليه مستحيلًا.

شددت قبضتها على ملفها، وحدقت في الاتجاه الذي غادر فيه مالك، عازمة على النجاح.

بكل الوسائل، يجب أن تحصل على هذه الصفقة منه.

التفتت نحو مكتبها: "أخبروا الجميع بالحضور للاجتماع."

استمر العمل حتى المساء، أضاءت الأنوار خارج النافذة الزجاجية الكبيرة، وبينما كانت تدلك رقبتها، رن هاتفها.

ظهر اسم حسن على الشاشة. رفعت السماعة: "نعم، هل هناك خطب؟"

خرج صوت رجل مستهتر من الجهاز: "يا نور، لدي صديق يبحث عن خدمات إعلانية، تعالي لنحتسي كأسًا."

امتنعت عن الرفض، فشركتها الناشئة بحاجة ماسة للعملاء.

وافقت بسرعة وأغلقت المكالمة، ثم ارتدت بدلة من خزانة ملابسها في المكتب، ملابس الأمس لم تعد مناسبة.

حسن صديق طفولتها، وهو من أولاد الأغنياء الطائشين.

حفلاته دائمًا ما تكون في النوادي الليلية، لذا ارتدَت فستانًا أحمرَ من المخمل بحمالاتٍ رفيعة يناسب المكان، ولأن الجو كان باردًا أضافت معطفًا فوقه قبل التوجُّه إلى العنوان الذي أرسله.

Continue to read this book for free
Scan code to download App
Comments (1)
goodnovel comment avatar
عبير حسين
تتتتتالبببب
VIEW ALL COMMENTS

Latest chapter

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 600

    غلب الجبن على نور في النهاية.تحت نظرات مالك، لم تصمد أكثر من خمس ثوان.سكتت قليلًا، ثم نهضت تحت نظرات مالك الباردة.ربما بسبب الحمل، وبعد يوم كامل دون طعام، كانت يداها ترتعشان عند النهوض.وكادت تسقط مرة أخرى.لاحظ مالك حركتها وتمتم بسخرية.بعد صمت قصير، قالت نور: "ليس لدي شهية للأكل."بمجرد أن انتهت من الكلام، سخر مالك."أماذا، تخططين لقتل نفسكِ جوعًا، أم لقتل الجنين في بطنكِ جوعًا؟"بعد أن قال ذلك، مد ساقيه الطويلتين وجلس أمام طاولة الطعام.ورفع أصابعه الطويلة وطرق على الطاولة بلا مبالاة: "تعالي."نبرة صوته كانت باردة، تخلو من الدفء.ولما لم تتحرك نور بعد، ضيق مالك عينيه أكثر، وكأن صبره قد نفد."إما أن تأتي، أو سآتي أنا."هذه المرة، حملت نبرة صوته تهديدًا.لم تستطع نور الحفاظ على جرأتها أمام مالك سوى بضع ثوان.إذا أغضبته حقًا، لا تعرف ما الذي قد يحدث.لذلك فكرت قليلًا، ثم نزلت من السرير وجلست عند طاولة الطعام."كلي."رفع مالك ذقنه قليلًا، وأشار إلى العشاء الذي أحضرته الخادمة للتو.كان جالسًا هناك، حتى أن وجهه لم يظهر أي تعابير إضافية.لكن نبرة صوته جعلت من المستحيل مقاومته.أدركت نور

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 599

    أدركت نور الحقيقة تمامًا.لقد تم حبسها حقًا.ماذا ينوي مالك فعله؟!هل يريد حقًا الاحتفاظ بالطفل في بطنها؟بمجرد ظهور هذا التفكير، رفضته على الفور.مستحيل.حتى لو وافق مالك، فلن توافق كل عائلة العلايلي."أين هو؟ أريد رؤيته."رفعت نور رأسها نحو الحارس.هز الحارس رأسه: "لا نعرف مكان السيد مالك."اكتفى بهذا الرد.لم يكن أمامها إلا العودة إلى الغرفة بصمت.عندما رأت الخادمة أنها أدركت الوضع، تنفست الصعداء، كانت تخشى حقًا أن تثور نور.ابتسمت لنور: "لا داعي للقلق يا سيدة نور.""قال سيد مالك قبل مغادرته أن نعتني بكِ جيدًا.""إذا كان لديكِ أي طلبات، يمكنكِ إخباري مباشرة."كان كلامها لطيفًا.لكن نور لا تزال تضحك بسخرية.بغض النظر عن مدى جمال الكلام، لا يمكن تغيير حقيقة أنها تحت الإقامة الجبرية."إذن تناولي طعامكِ أولًا، سأذهب الآن.""إذا كان هناك أي طعام ترغبين فيه في المساء، يمكنكِ إخباري أيضًا."لم ترد نور، فتوقفت الخادمة قليلًا، ثم استدارت وتركت الغرفة.في لحظة، لم يتبق في الغرفة سوى نور وحدها.التفتت نحو صينية الطعام الموضوعة على الطاولة، لكنها لم تشعر بأي شهية للأكل.جلست على السرير في صمت.

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 598

    "ماذا تريد مني أن أقول؟""أيجب أن أتبع الإجراءات المعتادة؟ أخبرك عن الحمل، ثم تمنحني مئات الآلاف إلى ملايين الدولارات.""ثم أتخلص من الجنين، أليس كذلك؟" رفعت نور رأسها، تتحدث بثقة.مثل هذه الأمور شائعة في دائرتهم.والنتيجة النهائية هي دائمًا أخذ المال والمغادرة.لم ترد الوصول إلى هذه النقطة، بل كانت ترغب فقط في الحفاظ على كرامتها للمرة الأخيرة، أليس هذا حقها؟حدق مالك فيها غاضبًا، لو كانت النظرات تقتل، لكانت نور قد لاقت حتفها عدة مرات الآن.عضت على شفتيها الرقيقتين: "أنا فقط أحاول إنقاذ ما تبقى من كرامتي.""دعنا..." ثم توقفت، متذكرة كلمات مالك على قمة الجبل.لم تجرؤ على قول ما تبقى.أرادت أن تقول: دعنا نفترق بسلام.في الأصل، كان بإمكانها الانتظار حتى يمل مالك ويطلب ذلك.لكن الآن هناك حنين بجانب مالك.علاقتها بمالك قد تجاوزت حدودها، ولم ترد الانخراط في هذه العلاقة الثلاثية المضحكة."ماذا عن دعنا؟ استمري."طلب مالك منها المواصلة.ابتلعت ريقها، ورفعت نظرها لمواجهة مالك.همهم الرجل، وحرك يده الكبيرة من ذقنها إلى الأسفل.مرورًا ببشرتها الناعمة البيضاء.تراجعت نور إلى الوراء، ونظرتها إلى مال

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 597

    أثارت الضوضاء غير الاعتيادية اهتمام المارّة.ولكن عندما رأوا الهيبة المرعبة التي يشع بها مالك، أصيبوا جميعًا بالصمت.دُفعت نور بخشونة إلى السيارة المتوقفة عند مدخل المستشفى.عندما همّت نور بالشكوى من الألم، رأت مالك يصعد إلى السيارة بوجه مكفهر.فأغلقت فمها بحكمة.مواجهة مالك في هذا الوقت تعني الخسارة بالتأكيد.أدار معاذ السيارة بفطنة.طوال الطريق، لم يتحدث مالك.ووجهه العابس كان كالسماء قبيل عاصفة ممطرة، تعج بالغيوم الداكنة.حاولت نور الابتعاد عنه قدر الإمكان، منكمشة بجسدها النحيل ملاصقةً للباب.طوال الطريق، لم يكن هناك سوى صوت الرياح خارج النافذة وأنفاس نور المرتعشة قليلًا.كان الجو داخل السيارة صامتًا بشكل مرعب.سارت السيارة بسرعة، وتوقفت أخيرًا في مرآب الفيلا التي كانت تقيم فيها سابقًا.بمجرد أن توقفت السيارة، سحب مالك نور بقوة نحو الفيلا."أطلق يدي، أطلقني!"كان سحب مالك مؤلمًا بعض الشيء لنور، فحاولت بجهد التحرر من قبضته.التفت مالك نحوها.نظراته كانت مخيفة للغاية، حتى نور، بكل بساطتها، استطاعت أن ترى أن مالك هذه المرة أكثر غضبًا من أي وقت مضى.أرهبتها هيبة مالك.بلعت ريقها بخفة، و

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 596

    من البداية إلى النهاية، لم تلقِ على مالك نظرة أخرى.أطلق مالك عليها نظرة باردة ثم قال فجأة: "لماذا أتيتِ إلى المستشفى؟"قبضت نور حاجبيها قليلًا.التفتت إليه: "هل يجب أن أقدم تفسيرًا لك يا سيد مالك عن سبب مجيئي إلى المستشفى؟""هل هذا المستشفى ملكًا لعائلتك؟"لو كان هذا في الماضي، لما تجرأت على التحدث مع مالك بهذه الطريقة.لكنها اليوم، لا تعرف من أين أتت الجرأة، فتحدثت بوقاحة.أطرقت حنين رأسها وومضت عيناها قليلًا.وعندما رفعت رأسها مرة أخرى، كان وجهها مليئًا بالابتسامات."يا نور، هذا المستشفى فيه بالفعل استثمارات لمالك."ثم رفعت رأسها ونظرت إلى مالك بنظرة خجولة.واحمرّ وجهها قليلًا."مالك استثمر بعض الأموال لتسهيل فحوصاتي وزياراتي للطبيب."عندما سمع مالك ذلك، نظر إليها.نظراته لم تكن باردة كما كانت عندما نظر إلى نور.شعرت نور وكأن شيئًا قد طعن قلبها.ثم ابتسمت وكأن شيئًا لم يكن: "إلى اللقاء."بعد أن قالت ذلك، لم تقل شيئًا آخر.استدارت على الفور وغادرت، فكل شيء خلفها جعلها لا تريد البقاء.لكن بمجرد خروجها من باب المستشفى، شعرت أن شيئًا ما ليس على ما يرام.هذا المستشفى به استثمارات من مالك

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 595

    مع إغلاق الباب، انزلقت نور ببطء على الأرض.لا تعرف كم من الوقت مر، حتى سمعت طرقًا على الباب مرة أخرى."سيدة نور، رأيت أن ذلك الشخص قد غادر، هل أنتِ بخير؟"شمّت نور أنفها: "لا بأس، نم باكرًا.""غدًا في الصباح يجب أن نعود إلى فيندور."…في صباح اليوم التالي، عادت نور إلى فيندور.بما أنها كانت عطلة نهاية الأسبوع، لم تعد إلى فيلا عائلة كرم، ولم تعد إلى مكان مالك.عادت إلى شقتها السابقة، ونامت نومًا عميقًا طوال اليوم.عندما اتصلت بها سهيلة، كانت لا تزال مستغرقة في النوم.عندما التقطت الهاتف، سمعت صوت سهيلة من الطرف الآخر."يا نور، أين أنتِ؟"فتحت نور عينيها، واكتشفت أن الغرفة أصبحت مظلمة تمامًا.لقد نامت طوال اليوم.نظفت حنجرتها، وجلست على السرير: "نائمة في المنزل.""نائمة؟" كان صوت سهيلة يحمل بعض الدهشة."ماذا حدث بينكِ وبين مالك؟""كنت في موعد مع عاصم، ورأيت مالك كان..."قبل أن تكمل كلامها، قاطعها نور مباشرة."لا تذكريه أمامي، فأنا وهو بالأصل لا تربطنا أي علاقة.""وأنا لست مهتمة البتة بمعرفة ما يفعله."ذهلت سهيلة عند سماع ذلك.عندما أرادت قول المزيد، كانت نور قد أنهت المكالمة بالفعل.تمتم

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status