LOGIN"آنسة فوفو، اصبري واحتسبي، فجدك بالتأكيد لا يرضى أن يراك حزينة."نزلت فادية إلى الأسفل، ولما مرت بجانب رئيس الخدم لم يتمالك نفسه وواساها بكلمات رقيقة.توقفت فادية في مكانها.لا يريد أن يراها حزينة...جدها فقد حياته بسببها، لأن ليان طعنته، ولأن كل ذلك كان مرتبطا بها.كله بسببها!الحزن المكبوت في صدرها انفجر أخيرا، فارتفع صوت بكائها في أرجاء القاعة، حتى رئيس الخدم وبقية خدم عائلة الهاشمي تأثروا وشاركوا بالبكاء.غطى صوت البكاء في القاعة على صراخ سلمى في الخارج.وللحظة قصيرة، تسلل شيء من الحزن إلى قلب سلمى، لكنها سرعان ما تجمدت مشاعرها، وأطلقت ضحكة ساخرة: "ما أبرعها في التمثيل!"فحفيدة لم يعترف بها إلا منذ فترة قصيرة، تظن أن دموعها ستمنحها نصيبا من ميراث عائلة الهاشمي؟ مجرد وهم سخيف.سلمى عقدت العزم، لن تدع فادية تنال أي منفعة."فادية، لا تظني أن دموعك ستجلب لك شيئا من إرث عائلة الهاشمي، فليس لك فيه أي نصيب!"صرخت سلمى نحو القاعة.دخل صوتها إلى آذان كل من بداخلها.تجهم وجه مالك.امرأته مالك، كيف يمكن أن تفكر يوما في ميراث عائلة الهاشمي؟!"رائد..."فتح مالك فمه ليأمر رجاله بإخراج تلك المرأة
فادية رأت حلما طويلا.في الحلم، كان الشيخ الهاشمي جالسا على المقعد الخشبي في الحديقة حيث التقيا أول مرة، وفي يده قطعة الحلوى نفسها التي أحضرها يوم تعارفا، وهو يبتسم ويلوح لها بيده."فوفو، تعالي… اقتربي…"اقتربت فادية بفرح، لكن ما إن بقيت على بعد خطوة منه، حتى نهض فجأة من على المقعد وأدار ظهره وابتعد شيئا فشيئا."جدي…"أرادت اللحاق به، لكن قدميها كأنهما عالقتان في الأرض، مهما حاولت لم تستطع أن تخطو خطوة واحدة للأمام.كادت تبكي من شدة القلق.صرخت تناديه "جدي"، والخوف ينهش قلبها، كأنها إن فقدته الآن فلن تراه أبدا بعدها."جدي، لا تذهب، أرجوك لا تتركني." نادت فادية بصوت مرتجف.وأخيرا، توقف الشيخ الهاشمي.استدار ببطء نحوها، وابتسم كأنه يهمس لها بشيء.لكن مهما حاولت فادية أن تصغي، لم تستطع أن تفهم ما يقوله.وبينما قلبها يتخبط قلقا، لم تر إلا يده تلوح لها في النهاية، وكأنه يودعها الوداع الأخير، قبل أن يختفي في وهج ضوء ساطع.استيقظت فادية من جديد، لتجد نفسها على سرير غرفتها، والوسادة مبتلة بالدموع.لم تفتح عينيها بعد، لكن مشهد الحلم تكرر في رأسها، ثم سرعان ما حل مكانه المشهد الأشد إيلاما: جدها
مات...ماذا يعني هذا؟تقريبا بلا وعي، تفجرت الكلمات من فم سلمى: "بما أن ليان لم تكن الحفيدة الحقيقية للشيخ الهاشمي، فذلك الوصية السابقة باطلة، ويجب أن يعاد تقسيم ممتلكات عائلة الهاشمي!"فبعد رحيل الشيخ الهاشمي، أصبحت هي أكبر كبار العائلة!وفي هذا الموقف، لا بد من استباق الآخرين.لكن ما إن أنهت كلماتها، حتى التفت الجميع نحوها، وكانت نظرات يوسف حادة كالسيف.رغم أن سلمى شعرت بالارتباك، إلا أنها تظاهرت بالقوة وقالت: "أنا لم أخطئ، فثروة عائلة الهاشمي الضخمة هذه يجب أن تدار كما ينبغي...""أمي، توقفي عن الكلام!"لم يسمح لها علاء بأن تكمل، فقاطعها بصوت صارم.لطالما كان يعرف أن أمه تطمع في ثروة العائلة، لكن هذه اللحظة جعلته يدرك تماما أن عينيها لا ترى إلا المال.فبينما الجميع غارق في الحزن على رحيل الجد،هي... لا تفكر إلا في الميراث!خوفا من أن تنطق بما هو أفظع، فيستفز يوسف وفادية، أمسك علاء بمعصمها وسحبها بقوة نحو الخارج."ماذا تفعل؟ علاء، أتركني!"غضبت سلمى جدا، حاولت أن تفلت، لكن لم تستطع مجاراة قوته.وبينما يجرها إلى الباب، جاء صوت يوسف من خلفهم ببرود:"وصية جدي ما زالت سارية المفعول!"تجهم
القاعة غارقة في الفوضى.لم يخطر ببال ليان أن الطعنة التي وجهتها لفادية، سيقف الشيخ الهاشمي بنفسه ليتلقاها عنها.سقط الشيخ الهاشمي بضعف في حضن فادية، فجمد المشهد ليان لبرهة، وقبل أن تستوعب ما جرى، باغتها أحدهم بركلة قوية أطاحت بها بعيدا.ارتطم جسدها بالأرض بصوت عظام متخلخلة، فبدت كقطعة مهملة في زاوية القاعة، ملامحها مشوهة من شدة الألم.لكن لم يلتفت إليها أحد.الجميع التفوا حول الشيخ الهاشمي، قلقون، خائفون…حدقت ليان مذهولة بما يحدث أمامها، وفجأة بدا وكأنها استيقظت من غفلة.لقد أفسدت كل شيء تماما، وتحت أنظار الجميع أصابت الشيخ الهاشمي مجددا، وإن أصابه مكروه، فمجرد يوسف وحده لن يتركها وشأنها!لم يعد في رأسها سوى فكرة واحدة:الهرب…وسط هذه الفوضى، هذه فرصتها!لم يلحظ أحد كيف سحبت جسدها المتألم بصمت، وتسللت خارجة.“ف… فوفو…” خرج صوت الشيخ الهاشمي ضعيفا، وهو يحدق بها وكأن في صدره آلاف الكلمات يريد أن يقولها.لكن جسده لم يعد يحتمل.“جدي، أنا هنا… أنا معك، الطبيب قادم حالا…” تشبثت فادية بيده بقوة، قلبها يتقطع من الرعب والارتباك، لم تشعر يوما بهذا العجز.في ذهنها يتكرر المشهد الذي وقف فيه أمامه
أيتركها ترحل هكذا؟أصيب الجميع بالدهشة من قرار الشيخ الهاشمي."جدي..." كانت جنى أول من اعترض، "لقد كادت أن تقتلك، لا يمكن أن نتركها ترحل هكذا!""صحيح يا أبي، لا يمكن أن نسمح لها بالذهاب!" أضافت سلمى مؤيدة.وسط أصوات الاعتراض، استعادت ليان وعيها أخيرا.ترحل؟"لن أرحل!" ارتجفت نظرات ليان، "ما زلت أريد أن أرث عائلة الهاشمي، لن أرحل!"إن رحلت الآن، فلن يتبقى لها شيء على الإطلاق!ملامحها كانت مليئة بالهوس، مما أثار النفور، أين كان الخطأ؟بدأت ليان تستعيد في ذهنها ما حدث، وفجأة بدت وكأنها تذكرت شيئا، استدارت بعينين مليئتين بالشر نحو فادية: "أنت..."إنها فادية!لا شك أنها فادية!لم تكن تعرف ما الذي فعلته فادية، لكنها أيقنت أن خططها جميعا انتهت بهذا الشكل بسببها!ألقت بكل كراهيتها وحقدها على فادية دفعة واحدة.وفي اللحظة نفسها التي انفجرت فيها الكراهية بداخلها، اندفعت ليان بجنون نحو فادية.لا أحد يعلم من أين أمسكت بشوكة، لكنها وجهتها مباشرة نحو عين فادية، تريد أن تدمرها، تريد أن ترى كيف ستفسد خططها بعد ذلك.بل أرادت أن ترى، إن شوهت وجهها، فبأي شيء ستسحر الراسني الثالث!ومع هذا التفكير، ازدادت ج
كان على ورقة تقرير الفحص مكتوب بوضوح اسما ليان والـسيد كامل الهاشمي، أما النتيجة…"لا توجد أي صلة دم! ها…" ابتسمت سلمى باستهزاء، وهي تقلب بين يديها نتيجتين واضحتين، متسائلة في نفسها: كيف ستتمكن ليان من التهرب الآن؟وقع صوت السخرية في أذن ليان، فثبتت بصرها على التقرير الملقى أرضا.الأسماء والكلمات الحاسمة التي عليه جعلتها تحاول الهروب بنظرها، لكنها أينما التفتت لم تر سوى التقرير يملأ المكان."ليان… كامل الهاشمي…""لا توجد أي صلة دم…"لا مهرب!كل كلمة كانت كالمسمار تخز عينيها وتؤلم رأسها، فيما شفتاها تهمهمان بلا توقف:"لا… ليس هكذا…""هذا كله كذب، هذا غير صحيح! أنا ابنة ربى الخالدي، أنا من دم عائلة الهاشمي…"ارتفع صوتها شيئا فشيئا، حتى مع وجود الأدلة أمامها، رفضت الاعتراف بالحقيقة.تذبذب بصرها، وملامحها ازدادت جنونا، حتى غمر القاعة كلها صدى صراخها المليء بالمرارة.نظرات الحاضرين ازدادت اشمئزازا من حالتها.أما جنى، فشعرت بنشوة الانتصار.لن تترك ليان وشأنها، فإذا فقدت الأخيرة حماية لقب "حفيدة عائلة الهاشمي"، فإن القضاء عليها سيكون أسهل بكثير.قالت جنى بشماتة: "بما أنها ليست من دم عائلة اله






