Share

الفصل6

Penulis: البطلة المشاغبة
ارتدت سلوى فوق فستانها الأبيض الطويل سترة رمادية، وسحبت الأكمام حتى المعصمين، لتتأكد أن تلك الندوب قد اختفت تمامًا.

رنّ جرس الباب فجأة، فهرعت سلوى لفتحه.

وقف سامي بثيابه البيضاء عند الباب، وكانت أشعة الشمس تسطع من خلفه، لكنها لم تستطع أن تجاوز جسده للدخول إلى المنزل.

كان أشبه بجدار محكم لا ينفذ منه الضوء.

قبل قليل حين جاء تامر لرؤيتها، شعرت سلوى للحظة أن سماء مدينة البحر زرقاء بشكل غير مألوف.

أما الآن فقد عادت رمادية.

سأل سامي بصوت هادئ، بينما تتجول عيناه داخل المنزل: "هل انتهيتِ من تجهيز نفسك؟"

تراجعت سلوى خطوة إلى الخلف دون وعي، ثم أومأت برأسها.

عقّد سامي حاجبيه وهو يتأمل طبقات ثيابها الكثيفة: "الطقس اليوم شديد الحرارة، ارتداؤكِ لكل هذه الملابس سيجعلكِ تتعبين."

أجابت سلوى بصوت يكاد لا يُسمع: "اعتدتُ ذلك."

قال سامي: "حسنًا، فلنذهب." ثم تنحّى قليلًا ليترك لها الطريق.

مرّت سلوى بجانبه بحذر شديد، تخشى أي احتكاك جسدي مهما كان بسيطًا.

التقط سامي رائحة النعناع الباردة تنبعث منها.

لم يكن عطرها.

كان أقرب إلى عطر رجالي.

وعندما تذكّر صوت الرجل على الهاتف قبل قليل، انقبضت أصابعه حول مقبض الباب بلا إرادة.

كانت سلوى قد ركبت السيارة، فأغلق سامي الباب خلفها.

لكن مع صوت "طق" خفيف عند إغلاق الباب، ارتجفت كتفا سلوى فجأة.

كانت أصابعها تقبض على طرف فستانها بإحكام، ويبدو عليها القلق لثوانٍ.

وحين رأى سامي حالتها تلك، سحب يده عن مقبض الباب بارتباك واضح.

صعد إلى السيارة من الجهة الأخرى، وبعد أن ربط حزام الأمان التفت إليها.

"سلوى… أخبري أخاكِ، هل حدث لكِ شيء وأنتِ في الخارج؟"

هزّت سلوى رأسها، وسقط جزء من شعرها ليغطي نصف وجهها: "لا… كل شيء كان جيدًا."

كان صوتها كأنه قادم من مكان بعيد، خفيفًا لا يحمل وزنًا.

وبعد هذا السؤال والجواب، ساد الصمت داخل السيارة.

لم يطرح سامي أي سؤال آخر، وأدار المحرك.

في الحقيقة، أدرك سامي أن سلوى تتجنّبه، ليس جسديًا فحسب، بل نفسيًا أيضًا.

في الحقيقة قبل حادثة الثانوية، كانت سلوى كثيرة الكلام.

رغم أنها كانت قد بدأت تقع تحت تنمّر شهد ، فإنها كانت لا تزال تبتسم بمجرد رؤية سامي، وتحدّثه مطولًا عن كل شيء.

وكان سامي يستمع بصمت، يردّ أحيانًا بـ"ممم".

وبدون أن يدركا متى، صار هذا النوع من الحوار الأحادي شكلًا من أشكال التفاهم، بل أصبح عادة.

أما الآن… فلم يتبق إلا الصمت.

قال سامي فجأة: "لقد تغيّرتِ كثيرًا."

كانت أصابع سلوى تتحسس الندبّة على معصمها بلا وعي، ورغم القماش كانت تشعر بكل نتوءاتها: "أخي، الناس جميعًا يتغيرون."

قال سامي: "كنتِ كثيرة الكلام سابقًا."

انقبض قلب سلوى بقوة.

نعم، مهما كانت تتألم، كانت قادرة على الابتسام بمجرد رؤيته.

وكانت تظن أن مشاعرها مخفية بإحكام، وأن تساهل سامي تجاهها كان مميزًا.

بدا أن سامي يريد مواصلة الحديث، لكنه التزم الصمت في النهاية.

دخلت السيارة طريق فيلا عائلة رياض، وشعرت سلوى بأنفاسها تتسارع.

خمس سنوات، مضت خمس سنوات منذ آخر مرة كانت هنا.

في ذلك الوقت، أرسلها والد سامي ووالدته إلى الخارج بحجة الدراسة، لكنها كانت أقرب للنفي.

"والداي لا يزالان في الشركة، سيعودان قريبًا، سننتظرهم معًا."

دار سامي حول مقدمة السيارة ليفتح لها الباب، لكنها كانت قد فتحت الباب ونزلت بنفسها.

توقف سامي في مكانه لحظة، دون أن يقول شيئًا.

في الماضي، كانت سلوى مستقلة مع الجميع إلا معه، فقد كانت تعتمد عليه لدرجة أنها تنتظر دائمًا أن يفتح الباب لها.

سارت باتجاه الفيلا، والحديقة كما هي، وشجرة الكرز التي كانت تختبئ أسفلها للقراءة أصبحت أطول.

"غرفتك بقيت كما هي، هل تريدين إلقاء نظرة عليها؟"

هزّت سلوى رأسها: "لا داعي."

وأضافت في سرّها: فهي لن تعود للعيش هنا مجددًا.

توقّف سامي قليلًا، لكنه لم يقل شيئًا.

ابتعدت سلوى.

خرج الخادم من الفيلا وقال باحترام: "سيدي، الهدايا التي أعددناها للآنسة وُضعت في غرفتها."

أومأ سامي: "حسنًا."

"لماذا… لم تذهب لرؤيتها؟"

توقف سامي قليلاً، وخفض نظره بخيبة أمل واضحة: "أصبحت طباعها غريبة، ولا أعرف ما الذي تعلّمته هناك."

كانت سلوى تتجول في أرجاء الحديقة، فقد اعتبرت هذا المكان يومًا بيتها الحقيقي، بل بيتها الوحيد.

لكن… بعد خمس سنوات، أصبحت معتادة على منزل تعيش فيه وحدها.

وكانت تعرف أيضًا، أن هذا ما كان ينبغي لها منذ البداية.

"سلوى."

توقفت سلوى فجأة، واستدارت، لترى نجلاء تقف قريباً، وعيناها محمرتان.

كان فؤاد يقف إلى جوارها، يبتسم لها بلطف.

"أبي… أمي."

قالتها سلوى بنبرة مترددة.

لم تكن تعرف إن كانا لا يزالان يحبانها، خاصة أن أسرارها المؤلمة قد انكشفت لهما.

وقفت في مكانها، غير متأكدة إن كان عليها الاقتراب.

لكن نجلاء فاجأتها وأسرعت نحوها، وضمّتها بقوة إلى صدرها.

كان صوتها يرتجف: "طفلتي… لقد عانيت كثيرًا طوال هذه السنوات."

وما إن سمعت سلوى هذه الكلمات، حتى انفجرت دموعها.

"أنا… آسفة…"

قالت نجلاء وهي تمسح دموعها: "طفلتي الحمقاء، لماذا تعتذرين. عودتكِ إلى البيت تكفي."

وضع فؤاد يده على رأسها وقال: "نعم، سلوى أصبحت أنحف كثيرًا."

وارتمت سلوى بين أحضانهما، والدموع تتدفق بلا توقف.

لن يحدث ذلك مجددًا، لن تحب الرجل الخطأ مرة أخرى.

من الآن وصاعدًا… سيكون سامي بمثابة شقيقها الحقيقي فحسب.

لقد تعلمت الدرس جيدًا، ولن تسمح لنفسها بغير ذلك.

اقترب سامي وربّت على يد والدته وقال: "أنتم بهذا الشكل… ستخيفون سلوى."

ثم نظرت نجلاء إلى سلوى، وعقّدت حاجبيها: "لو لم يخبرنا سامي أنه رآكِ في لقاء زملاء، لما عرفنا أنك عدتِ، هل كنتِ تنوين إخفاء الأمر؟"

"أنا…"

لكن خطواتٍ شخص عند الباب قطعت حديثها.

التفت الجميع ينظرون.

كانت شهد واقفة عند المدخل، تحمل علبة هدايا فاخرة، مرتدية فستانًا أحمر قانيًا أنيقًا ومشرقًا.

ألقت شهد عليهم التحية بحرارة: "مرحبًا عمّي مرحبًا عمتي." ثم التفتت نحو سامي: "سامي، أحضرتُ معِي عشّ العصفور الذي تفضّله خالتي."

ابتسمت نجلاء فورًا، ثم قدّمت سلوى قائلة: "سلوى، هذه خطيبة أخيك، تمّت خطبتهما العام الماضي، وزواجهما سيكون نهاية هذا العام. تعالي للتعرف إليها."

انقبضت أصابع سامي، ثم نظر دون وعي إلى سلوى.

قالت سلوى بصوت هادئ غير معتاد: "لا داعي، لقد التقينا."

"التقيتما؟"

تجمّدت ابتسامة شهد، تخشى أن تفتح سلوى الماضي أمام والدي سامي.

لكنها لم تتوقع أن تقول سلوى فقط: "كنا زميلتين في الثانوية."

بدت والدة سامي متفاجئة: "أأنتما زميلتان؟ إذن ادخلا، سنتناول الطعام سويًا."

هنا فقط تنفست شهد الصعداء.

على المائدة، جلست سلوى في مواجهة سامي.

كانت تمضغ الطعام بلا روح، بلا طعم، وكأنها تمضع الشمع.

كانت نجلاء تملأ صحنها دون توقف، وتسألها عن حياتها في الخارج.

وكانت سلوى تجيب بهدوء، بينما تتجنب نظرة سامي طوال الوقت.

"سلوى، ما خططكِ بعد عودتك؟" سأل فؤاد.

وضعت سلوى شوكتها جانبًا وقالت: "تلقيت عرضًا من المقر الرئيسي لشركة تيدا للتصميم."

رفعت شهد حاجبًا وقالت بابتسامة ذات مغزى: " شركة تيدا مشهورة في التركيبات الفنية، سلوى هل حصلتِ على عرض مباشرة بعد التخرج؟"

مالت سلوى قليلًا وقالت: "نعم، هل اهتمامك الكبير يعني أنك تريدين الانضمام أيضًا؟"

قالت شهد: "لا، فهذا ليس تخصصي."

قالت سلوى: "ظننتُ اهتمامكِ يعني أنكِ لم تكتفي بمشاركتي الدراسة، بل تريدين مشاركتي العمل أيضًا."

تجمدّ وجه شهد، ولم تتوقع هذا الرد، فابتسمت بتوتر بينما تضغط على أسنانها.

لم تلاحظ نجلاء التوتر بينهما، بل قالت: "لكن سمعتُ أنّ مقرّ الشركة بعيد عن هنا؟"

أجابت سلوى: "إنه قريب من الفيلا التي اشتريتموها لي، سأعيش هناك."

قطّب سامي حاجبيه فجأة: "المنزل هنا واسع، فلماذا تعيشين بالخارج؟"

توقفت شهد ونجلاء، والتفتتا إليه في الوقت نفسه.

لم تتوقعا أن يكون رد فعله بهذه الحدة.

Lanjutkan membaca buku ini secara gratis
Pindai kode untuk mengunduh Aplikasi

Bab terbaru

  • حين يقبلني يخفق قلبي   الفصل30

    كان صوت سامي ونظرته باردين حدّ القسوة، فأصاب قلب سلوى بالألم.وعندما يشتد الألم بالإنسان، لا يجد إلا الرغبة في المقاومة.لماذا يُبدي سامي هذا الانفعال الشديد؟ ولماذا يستجوبها؟أليس يعلم أنها تملك "حبيبًا"؟وحين خطرت لها هذه الفكرة، نشأت في قلبها فجأة نزعة تمرّد.فلديها حياتها الخاصة، فبأي حقّ يخضعها لهذا النوع من الاستجواب؟أنزلت سلوى يدها ببطء، ورفعت رأسها لتنظر إليه، وفي عينيها سكون نادر: "أخي، هذه شؤوني الخاصة"."شؤونك الخاصة؟" بدا سامي كأنه سمع مزحة، وانخفض صوته فجأة: "أنتِ من عائلة رياض، أنتِ أختي، وما يخصك لا يُعدّ شأناً خاصًا!"لم تفهم سلوى.لماذا بعد خمس سنوات، يتقلّب مزاج سامي الذي كان دائمًا باردًا ومتحفّظًا، إلى هذا الحد؟ولِمَ يكون دائمًا هذا الانفعال موجّهًا نحوها فقط؟أيعقل أنه يكرهها إلى هذا الحد؟ففي نظره، حتى لو كانت شهد متنمّرة معروفة، فإنها تبدو دائمًا مشرقة وجاذبة للعطف.أما هي، فمجرد أن تقوم بأمر لا يوافق توقعاته، يصبح أمرًا غير مقبول على الإطلاق.استمر سامي في مطالبتها بالإجابة بنظراته. لكنها لم تُجب.أليس يعرف الجواب أصلًا؟إنها تملك "حبيبًا"!تجمد جوّ المكان، و

  • حين يقبلني يخفق قلبي   الفصل29

    هزّت سلوى رأسها بهدوء، ونبرة صوتها خافتة.لا يوجد أي داعٍ لهذا مطلقًا.لكن شيئًا من الدفء تسلل إلى قلبها.فعندما يتعلق الأمر بمن نُكنّ لهم الاهتمام، حتى لو ظننا أننا لم نعد نهتم، يكفي أن نحصل على قدر بسيط من اللطف لنتناسى الجراح.اتضح أنه لم ينسَ أفكارها تمامًا، بل إنه سيأخذها بالفعل لشراء واحد جديدة."لا داعي يا أخي، لقد قلتُ لك البارحة إنني كنت أمزح معكم فحسب."مرّ في قلبها خاطر خفيّ يحمل قليلًا من الشر— ففي النهاية، شهد لم تستطع الاحتفاظ بذلك العقد، فلم يعد هناك ما يستدعي أن تتعلّق به.إلا أنّ سامي لم ينوِ التوقف عند هذا الحد، فغيّر اتجاه الحديث قائلًا: "لا بأس، خاتم زفافي لم أختَرْه بعد، رافقيني لنراه سويًا وتساعديني في الاختيار."وحين نطق بكلمتا "خاتم الزفاف" انغرستا في قلب سلوى كإبرة رفيعة.تجمّدت نظرتها للحظة، وتبدّد الدفء الذي كان يتصاعد في عينيها، ولم تستعد توازنها إلا بعد وقت.لم تكن ترغب في الذهاب، فبحثت عن عذر قائلة بصوت منخفض: "لديّ عمل اليوم، قد لا يسمح وقتي..."قاطَعها سامي مباشرة، وبنبرة لا تقبل رفضًا: "لا تشغلي بالك بالعمل. لقد قابلتُ سابقًا رئيس مجلس إدارة شركتكم، سأُ

  • حين يقبلني يخفق قلبي   الفصل28

    في ذلك الوقت، لم تكن سلوى قد تعرّفت بعد إلى تامر.لكن تامر، بعد أن استمع إلى سلوى وهي تذكر تلك الأمور ببساطة، كان يستطيع أن يتخيل بوضوح عمق الآثار النفسية التي تركتها فيها.قال تامر بصوت يحمل شيئًا من الفهم المتوقع: "نامي، سأبقى إلى جوارك."ضمت سلوى شفتيها قليلًا، وشعرت وكأن دفئًا لطيفًا يغمر قلبها.أغمضت عينيها، وبدأ القلق الذي كان دائمًا يزداد ليلًا يتبدد شيئًا فشيئًا، ولم يمض وقت طويل حتى غفت بسلام.كانت تلك هي المرة الأولى التي تنام فيها بطمأنينة من دون الاعتماد على الدواء.جلس تامر إلى جانبها، يتأمل ملامح نومها الهادئة، رموشها المائلة إلى الأسفل تلقي ظلًا رقيقًا تحت عينيها، فامتلأ قلبه برقّة لا توصف.نهض يستعد للمغادرة.لكن بصره وقع فجأة على زجاجات الدواء الموضوعة فوق خزانة السرير.كانت عدة زجاجات مصطفّة، وقد انتُزعت ملصقاتها كلها بعناية.أخذ تامر إحدى الزجاجات، وأخرج منها حبة دواء بيضاء، وراح يقلبها بين أصابعه وقد ازداد نظره عمقاً.أعاد الحبة إلى الزجاجة، وغادر غرفة النوم، ثم أخرج هاتفه وأرسل رسالة إلى مساعده."تعال وخذ هذا الدواء، وافحصه، وأخبرني النتيجة في أسرع وقت."——في صباح

  • حين يقبلني يخفق قلبي   الفصل27

    كان تامر ينظر إلى أطراف عيني سلوى المحمرة، وهو على يقين في داخله أنها لا بد أن تكون ثملة.فلو لم تكن ثملة، وبحسب جرأتها المعتادة، لما كانت لتجرؤ على قول إنها تريد تقبيله، بل لم تكن لتتجرّأ حتى للتحدث معه ببضع جمل إضافية يحتاج منها إلىط تردد طويل و تفكّير حذر. فمن أين جاءتها كل هذه الجرأة اليوم.لم يُظهر تامر أي رحمة في كلماته، إذ قال بنبرته المعتادة التي تحمل شيئًا من الاستفزاز: "ماذا؟ حتى الأشياء التي أهديتك إياها لا تستطيعين الحفاظ عليها؟"انقبضت أنامل سلوى قليلًا، ولم ترد.هي أيضًا كانت تشعر بأنها عديمة الجدوى، حتى قلادة أهديت إليها لم تستطع حمايتها.لكن قبل أن تسترسل في التفكير، كان تامر قد مد يده وحملها من تحت ذراعيها فجأة.تصلّبت أطرافها كلها، كأرنبٍ مذعور، وأمسكت بخفة بحافة خزانة الأحذية محاولةً الاتزان.وقالت بصوتٍ يحمل خوفًا وحذر: "أنت… ماذا تنوي أن تفعل؟""النوم."قالها تامر وكأن الأمر بديهي، وذراعاه ثابتتان لا ترتجفان.اشتعل وجه سلوى خجلًا، واحمرّ حتى أطراف أذنيها، واشتدت قبضتها أكثر على الخزانة: "أنا… أنا قلتُ فقط إني أريد تقبيلك، لم أقل إنني…"ولم تستطع إكمال الجملة، لكن ا

  • حين يقبلني يخفق قلبي   الفصل26

    ركضت شهد إلى الطاولة بملامح يملؤها الضيق، وأمسكت بذراع سامي وقد احمرّت عيناها قائلة: "سامي، اختفى العقد! قبل قليل صدمني رجل سكران فاختفى! أرجوك أرسل أحدًا للبحث عنه!" كان سامي يحمل كأسًا بيده، فما إن سمع كلامها حتى رفع عينيه قليلًا وقال بصوت خالٍ من الانفعال: "فليضع… لا بأس." تجمدت شهد للحظة، فلم تكن تتوقع هذا الرد. لم تكن تعلم أن سامي لم يعطِ ذلك العقد قيمة منذ البداية، ولم يكن مصرًّا على إهدائه لها، بل فقط لم يكن يريد أن يبقى مع سلوى.والآن بعدما فُقد، لم يُبدِ أي اهتمام إضافي.عادت سلوی إلى المنزل. خلعت حذاءها دون تشغيل الأضواء، وتوجّهت مباشرة إلى الحمّام. انهمر الماء بقوة، فنزعت ملابسها ودخلت حوض الاستحمام.عندما غمرت المياه الدافئة صدرها، شعرت أنها كسمكة على وشك الموت، ثم عادت فجأة إلى الماء بعد الاختناق، فالتقطت خيطًا ضعيفًا من الشعور بالأمان.حدّقت في الفقاعات فوق سطح الماء، بينما كانت وصايا الطبيب تتردد في ذهنها.إن شرب الكحول يمنعها من تناول الأدوية.لكن ألم صدرها كان يتصاعد، وأطرافها كلها ينهشها الوهن. قبضت على حافة الحوض حتى شحبَت أطراف أصابعها، وعيناها غارقتان في شرود.

  • حين يقبلني يخفق قلبي   الفصل25

    لئلّا تُهجر مرة أخرى من أسرتها.أخذت سلوى نفسًا عميقًا، ورمشت بقوة لتُزيح الرطوبة التي تجمّعت في عينيها، ثم شدّت طرفي شفتيها في ابتسامة متيبّسة.قالت: "أخي سامي، لا تغضب، كنت أمزح معك فحسب."القشرة التي ولدت فيها رغبتها في المقاومة تَصدّعت من جديد، فعادت سلوى إلى قوقعتها الخائفة المطيعة.قدّمت علبة الحلي إلى شهد، محاولة أن تُلطّف نبرة صوتها: أختي شهد، انظري، هذه السلسلة تليق بكِ كثيرًا، كنت أمازحكِ فقط."لمعت في عيني شهد لمعة انتصار، لكنها تقمّصت مظهر المندهشة، وهي تستلم العلبة قائلة: شكرًا لكِ، يا سلوى، كم أنتِ لطيفة!"ثم أمسكت بذراع سامي وتدلّلت: انظر كيف أرعبتَ أختك الصغيرة، إنها مجرد قلادة."وعندما رأى سامي أنها هدأت، لانت ملامحه قليلًا، فربّت على كتف سلوى وقال: نحن أسرة واحدة، لا حاجة لكل هذا التشدد."ابتسمت سلوى ولم تقل شيئًا.أسرة واحدة…وحين هبّت نسمة باردة، فأحسّت بحرقة أشد في عينيها.اختبأت شهد خلف سامي، وغمزت لصديقتها، ولوّحت لها بالسلسلة التي صارت غنيمتها.شعر سامي أن الجو بارد، وأدرك أن سلوى ترتدي ما هو خفيف.مدّ ذراعه ليحميها ويقودها إلى الداخل: هيا ندخل، الجو هنا بارد.ت

Bab Lainnya
Jelajahi dan baca novel bagus secara gratis
Akses gratis ke berbagai novel bagus di aplikasi GoodNovel. Unduh buku yang kamu suka dan baca di mana saja & kapan saja.
Baca buku gratis di Aplikasi
Pindai kode untuk membaca di Aplikasi
DMCA.com Protection Status