Share

الفصل7

Author: البطلة المشاغبة
لم تفهم سلوى، فمكان سكنها لا يجب أن تكون له أي علاقة بسامي.

قالت بصوت منخفض: "أمي، لقد كبرت."

ثم ألقت نظرة سريعة نحو شهد وأضافت: "وفوق ذلك… أخي سيتزوج قريبًا، والبيت مشغول بالتحضيرات، لا أريد أن أكون عبئًا."

استوعبت نجلاء الأمر، ثم ظهرت ابتسامة رضا على وجهها، وربّتت على يد سلوى قائلة: "يبدو أن سلوى أصبحت أكثر نضجًا خلال السنوات الخمس الماضية."

ثم توقفت قليلًا، وبدت في عينيها شيء من الاختبار: "بعد أيام، سأعرّفك على بعض الشبان الممتازين، ما رأيك؟"

قبضت سلوى على المنديل بقوة، وردّت بسرعة: "أمي… لا يوجد داعي."

ساد الصمت على المائدة فجأة.

رفعت نجلاء حاجبيها بدهشة.

تحول نظر شهد فورًا إلى حذر وترقب.

ووضع سامي السكين والشوكة، فاصطدم المعدن بطبق البورسلان مُصدِرًا صوتًا واضحًا وحادًّا.

قال سامي وهو يعقد حاجبيه: "أمي، أنتِ متعجلة. لقد عادت سلوى للتو، وهي ما زالت صغيرة..."

ردّت والدته: "سلوى قاربت الثانية والعشرين، وفي محيطكم، يبدأ الارتباط في هذا العمر."

نظرت سلوى إلى نجلاء، ورأت الشك يمرّ في عينيها، فغمرها شعور ببرودة شديدة.

عندها فهمت، أن والدتها بالتبني كانت تختبرها، تخشى أن تكون مشاعر سلوى نحو سامي لم تمت تمامًا، تخشى أن تتعلق من جديد بابنها الوحيد.

هذا الإدراك جعل معدتها تنقبض ألمًا.

قالت سلوى: "لديّ حبيب."

وبمجرد أن خرجت كلماتها، خيّم صمت غريب على الجميع.

تجمّدت نظرة سامي، ثم التفت نحوها ببطء.

سألت والدته بنبرة محملة بالشك: "منذ متى هذا الأمر؟ ولماذا لم تذكري يومًا أن لديك حبيب؟"

كانت أظافر سلوى تخدش لا إراديًا خيوط التطريز على المنديل، فهي تفعل ذلك حين يهاجمها القلق، وتهتز أطرافها بلا سيطرة.

"نعم… لديّ حبيب."

كانت نظرات سامي الحارّة أشبه بكشاف يحرقها من شدته، وقال بصوت منخفض: "حبيب؟"

قالت: "تعرفتُ إليه في مدينة التلال. هو من أصل عربي، يعمل في مجال التمويل. "سمعت صوتها وكأنه يأتي من خلف طبقة من الزجاج المُعتم.

ضحكت شهد بخفة ولمست ذراع سامي بلطف: "يا للمصادفة. أليس سامي يعمل في التمويل. يبدو أنكما كأخ وأخت تتشابهان حتى في الذوق."

توقفت سلوى لحظة، ثم خفضت جفنيها، وحدّقت في الطعام أمامها وقالت: "حقًا؟ إنها مجرد صدفة."

نظرت نجلاء إليها بتفحّص، ثم ابتسمت: "إن كان الأمر كذلك، لم لا تحضريه لتناول الطعام في المنزل يومًا ما؟ خاصة أننا نحتاج رأيكِ في بعض التفاصيل الخاصة بزفاف سامي وشهد."

قالت سلوى بسرعة: "هو في مدينة الجسر في رحلة عمل. قد يستغرق الأمر بعض الوقت." كذبت سلوى بلا وعي، وشعرت أن حلقها يضيق عليها.

وفجأة، وضع سامي شوكته بصوت أثقل من المعتاد، فالتفت الجميع نحوه لا إراديا.

كان وجهه هادئًا، لكن عينيه معتمتين، وقال مباشرة: "منذ متى أنتما معًا؟"

لم تتوقع أن يضغط عليها بالأسئلة، فارتجفت أصابعها، فهي لا تجيد الكذب، خاصة أمام هذا العدد من الناس.

قالت: "منذ ستة أشهر."

ردّ بصوت بنبرة خافتة، وكأنه يحمل شيئاً ثقيلاً بداخله: "نصف عام؟ كنتِ لا تزالين في مدينة التلال وقتها؟"

قالت: "نعم." رفعت سلوى عينيها، مجبرة نفسها على النظر إليه، "كان يأتي إلى مدينة التلال لرؤيتي كثيرًا."

ساد جو خافت حول المائدة.

بدأ أن نجلاء قد أدركت شيء، فبادرت بابتسامة محاولة تهدئة الموقف: "حسنًا حسنًا، لقد عادت سلوى للتو، كفاكما أسئلة الآن. هيا لنأكل، سيبرد الطعام."

تدخّلت شهد لتغيير الموضوع، وتحدّثت عن بعض تفاصيل مكان الزفاف، ثم سألت سلوى بصفتها مصممة إن كان لديها أي اقتراحات.

أومأت سلوى ميكانيكيًا موافقة، لكنها لم تعد تتذوق أي نكهة.

بعد العشاء، نادى فؤاد سلوى التي كانت تستعد للمغادرة: "سلوى، تعالي إلى المكتبة قليلًا."

أغلق باب المكتبة بهدوء، عازلًا ضحكات وحديث غرفة الجلوس.

فتح فؤاد أحد الأدراج وأخرج كيسًا ورقيًا، وقدّمه لها: "هذه الأشياء التي تركتها عندي قبل سفرك."

أمسكت به سلوى، وما إن لامست أطراف أصابعها إطار الصورة بالداخل، حتى انقبض قلبها— كان ذلك دفتر يومياتها، وصورتها مع سامي، بداية انكشاف سرّها.

وكانت أيضًا بداية كابوسها.

"أبي…"

تنهد فؤاد، وربّت برفق على كتفها وقال: "خلال هذه السنوات، والدتك ندمت كثيرًا على إرسالِكِ بعيدًا ."

قبضت سلوى على الكيس، وقالت بمرارة: "كنتُ المخطئة."

قال فؤاد: "المشاعر ليست خطأً يا سلوى، لكن المشكلة في الوقت وفي المكانة."

ثم أضاف: "لكن الآن، سامي اختار طريقه."

أومأت سلوى، وقد فهمت.

هي لا تملك المكانة، ولا الوقت، بل ولا تملك الحق.

قالت: "فهمت. شكرًا لأنك احتفظت بها، لكن لا داعي، سأقوم بالتخلص منها بنفسي."

وحين خرجت من المكتبة كادت أن تصطدم بشخص واقف.

لم تعرف منذ متى يقف سامي هناك.

كان يسند كتفه إلى الجدار، وبين أصابعه سيجارة غير مشتعلة، وعيناه معلقتان عليها: "ما الذي تحملينه؟"

نظرت سلوى إلى أطراف أصابعه، لم تكن تعلم قط متى بدأ أخوها الهادئ التدخّين.

نظرت إلى الكيس الذي كانت تحمله، ثم فتحته وألقت ما بداخله في سلة المهملات.

وقالت: "لا شيء، مجرد نفايات."

ظل سامي صامتًا لحظة، ودارت السيجارة بين أصابعه، ثم انبعجت قليلًا.

قال: "تقيمين علاقة مع شاب من وراء أخيك؟"

كان صوته منخفضًا، يحمل قدرًا خفيفًا من التهديد لا يكاد يُلحظ.

عقدت سلوى حاجبيها، ما معنى أن أقيم علاقة من وراءك؟

أنا لا يحق لي أن أحبك.

وأنت لا يحق لك التدخل.

على الأقل، في هذه النقطة نحن متعادلان.

ظهرت علي شفتيها ابتسامة باهتة وقالت: "لقد كبرت، ومن حقي أن أرتبط، وأمي موافقة."

وعندما خرجت كلمة "أمي" من فمها، انقبضت ملامح سامي للحظة.

كان يتذكر أنها في صغرها كانت تناديها بخوف دومًا بـ"عمة"، أما الآن فقد غيرت خطابها.

لكن كلمة "أمي" هذه، لماذا تبدو جارحة لأذنه.

سأل بنبرة مفاجئة تحمل لومًا لم ينتبه له: "وهل تفهمين في العلاقات؟ فقط لأنك رأيتِ الآخرين يدخلون فيها؟"

لم تفهم سلوى سبب حدّته تجاهها اليوم.

كان في الماضي، مهما كان موقفه منها، لا يتجاوز حدًّا معينًا، ولا يتدخل في شؤونها بهذا الشكل.

كانت سلوى تدرك أن ذلك كله نابع من نفوره منها ورفضه لها.

لكن ما معنى ما يفعله الآن؟

حتى التظاهر باللامبالاة لم يَعُد يحافظ عليه.

"مدينة التلال مدينة منفتحة، ومع كثرة ما يسمعه المرء ويشاهده، يتعلم."

تجمد وجه سامي فجأة، كأن كلمة "منفتحة" قد مست وترًا حساسًا في داخله.

تقدم خطوة، فارتطم مرفقه بالمفتاح، فانطفأ ضوء الممر وغرق وجهه في الظلال.

قال بصوت منخفض لكنه قاسٍ: "منفتحة؟ أخبريني، أنتِ وهو، كيف كنتما منفتحين؟"

بدت كلماته تحمل غضبًا مكبوتًا حاول جاهدًا السيطرة عليه.

رفعت سلوى رأسها، وفي عينيها لمعة دهشة ممزوجة بالخوف.

كانت تخشى أن ينفجر غضبًا.

كانت سلوى تخاف من العنف، رغم علمها أن سامي لن يؤذيها جسديًا، لكن غضبه بحد ذاته يرعبها.

"أخي… ماذا تقصد بكلامك؟"
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • حين يقبلني يخفق قلبي   الفصل30

    كان صوت سامي ونظرته باردين حدّ القسوة، فأصاب قلب سلوى بالألم.وعندما يشتد الألم بالإنسان، لا يجد إلا الرغبة في المقاومة.لماذا يُبدي سامي هذا الانفعال الشديد؟ ولماذا يستجوبها؟أليس يعلم أنها تملك "حبيبًا"؟وحين خطرت لها هذه الفكرة، نشأت في قلبها فجأة نزعة تمرّد.فلديها حياتها الخاصة، فبأي حقّ يخضعها لهذا النوع من الاستجواب؟أنزلت سلوى يدها ببطء، ورفعت رأسها لتنظر إليه، وفي عينيها سكون نادر: "أخي، هذه شؤوني الخاصة"."شؤونك الخاصة؟" بدا سامي كأنه سمع مزحة، وانخفض صوته فجأة: "أنتِ من عائلة رياض، أنتِ أختي، وما يخصك لا يُعدّ شأناً خاصًا!"لم تفهم سلوى.لماذا بعد خمس سنوات، يتقلّب مزاج سامي الذي كان دائمًا باردًا ومتحفّظًا، إلى هذا الحد؟ولِمَ يكون دائمًا هذا الانفعال موجّهًا نحوها فقط؟أيعقل أنه يكرهها إلى هذا الحد؟ففي نظره، حتى لو كانت شهد متنمّرة معروفة، فإنها تبدو دائمًا مشرقة وجاذبة للعطف.أما هي، فمجرد أن تقوم بأمر لا يوافق توقعاته، يصبح أمرًا غير مقبول على الإطلاق.استمر سامي في مطالبتها بالإجابة بنظراته. لكنها لم تُجب.أليس يعرف الجواب أصلًا؟إنها تملك "حبيبًا"!تجمد جوّ المكان، و

  • حين يقبلني يخفق قلبي   الفصل29

    هزّت سلوى رأسها بهدوء، ونبرة صوتها خافتة.لا يوجد أي داعٍ لهذا مطلقًا.لكن شيئًا من الدفء تسلل إلى قلبها.فعندما يتعلق الأمر بمن نُكنّ لهم الاهتمام، حتى لو ظننا أننا لم نعد نهتم، يكفي أن نحصل على قدر بسيط من اللطف لنتناسى الجراح.اتضح أنه لم ينسَ أفكارها تمامًا، بل إنه سيأخذها بالفعل لشراء واحد جديدة."لا داعي يا أخي، لقد قلتُ لك البارحة إنني كنت أمزح معكم فحسب."مرّ في قلبها خاطر خفيّ يحمل قليلًا من الشر— ففي النهاية، شهد لم تستطع الاحتفاظ بذلك العقد، فلم يعد هناك ما يستدعي أن تتعلّق به.إلا أنّ سامي لم ينوِ التوقف عند هذا الحد، فغيّر اتجاه الحديث قائلًا: "لا بأس، خاتم زفافي لم أختَرْه بعد، رافقيني لنراه سويًا وتساعديني في الاختيار."وحين نطق بكلمتا "خاتم الزفاف" انغرستا في قلب سلوى كإبرة رفيعة.تجمّدت نظرتها للحظة، وتبدّد الدفء الذي كان يتصاعد في عينيها، ولم تستعد توازنها إلا بعد وقت.لم تكن ترغب في الذهاب، فبحثت عن عذر قائلة بصوت منخفض: "لديّ عمل اليوم، قد لا يسمح وقتي..."قاطَعها سامي مباشرة، وبنبرة لا تقبل رفضًا: "لا تشغلي بالك بالعمل. لقد قابلتُ سابقًا رئيس مجلس إدارة شركتكم، سأُ

  • حين يقبلني يخفق قلبي   الفصل28

    في ذلك الوقت، لم تكن سلوى قد تعرّفت بعد إلى تامر.لكن تامر، بعد أن استمع إلى سلوى وهي تذكر تلك الأمور ببساطة، كان يستطيع أن يتخيل بوضوح عمق الآثار النفسية التي تركتها فيها.قال تامر بصوت يحمل شيئًا من الفهم المتوقع: "نامي، سأبقى إلى جوارك."ضمت سلوى شفتيها قليلًا، وشعرت وكأن دفئًا لطيفًا يغمر قلبها.أغمضت عينيها، وبدأ القلق الذي كان دائمًا يزداد ليلًا يتبدد شيئًا فشيئًا، ولم يمض وقت طويل حتى غفت بسلام.كانت تلك هي المرة الأولى التي تنام فيها بطمأنينة من دون الاعتماد على الدواء.جلس تامر إلى جانبها، يتأمل ملامح نومها الهادئة، رموشها المائلة إلى الأسفل تلقي ظلًا رقيقًا تحت عينيها، فامتلأ قلبه برقّة لا توصف.نهض يستعد للمغادرة.لكن بصره وقع فجأة على زجاجات الدواء الموضوعة فوق خزانة السرير.كانت عدة زجاجات مصطفّة، وقد انتُزعت ملصقاتها كلها بعناية.أخذ تامر إحدى الزجاجات، وأخرج منها حبة دواء بيضاء، وراح يقلبها بين أصابعه وقد ازداد نظره عمقاً.أعاد الحبة إلى الزجاجة، وغادر غرفة النوم، ثم أخرج هاتفه وأرسل رسالة إلى مساعده."تعال وخذ هذا الدواء، وافحصه، وأخبرني النتيجة في أسرع وقت."——في صباح

  • حين يقبلني يخفق قلبي   الفصل27

    كان تامر ينظر إلى أطراف عيني سلوى المحمرة، وهو على يقين في داخله أنها لا بد أن تكون ثملة.فلو لم تكن ثملة، وبحسب جرأتها المعتادة، لما كانت لتجرؤ على قول إنها تريد تقبيله، بل لم تكن لتتجرّأ حتى للتحدث معه ببضع جمل إضافية يحتاج منها إلىط تردد طويل و تفكّير حذر. فمن أين جاءتها كل هذه الجرأة اليوم.لم يُظهر تامر أي رحمة في كلماته، إذ قال بنبرته المعتادة التي تحمل شيئًا من الاستفزاز: "ماذا؟ حتى الأشياء التي أهديتك إياها لا تستطيعين الحفاظ عليها؟"انقبضت أنامل سلوى قليلًا، ولم ترد.هي أيضًا كانت تشعر بأنها عديمة الجدوى، حتى قلادة أهديت إليها لم تستطع حمايتها.لكن قبل أن تسترسل في التفكير، كان تامر قد مد يده وحملها من تحت ذراعيها فجأة.تصلّبت أطرافها كلها، كأرنبٍ مذعور، وأمسكت بخفة بحافة خزانة الأحذية محاولةً الاتزان.وقالت بصوتٍ يحمل خوفًا وحذر: "أنت… ماذا تنوي أن تفعل؟""النوم."قالها تامر وكأن الأمر بديهي، وذراعاه ثابتتان لا ترتجفان.اشتعل وجه سلوى خجلًا، واحمرّ حتى أطراف أذنيها، واشتدت قبضتها أكثر على الخزانة: "أنا… أنا قلتُ فقط إني أريد تقبيلك، لم أقل إنني…"ولم تستطع إكمال الجملة، لكن ا

  • حين يقبلني يخفق قلبي   الفصل26

    ركضت شهد إلى الطاولة بملامح يملؤها الضيق، وأمسكت بذراع سامي وقد احمرّت عيناها قائلة: "سامي، اختفى العقد! قبل قليل صدمني رجل سكران فاختفى! أرجوك أرسل أحدًا للبحث عنه!" كان سامي يحمل كأسًا بيده، فما إن سمع كلامها حتى رفع عينيه قليلًا وقال بصوت خالٍ من الانفعال: "فليضع… لا بأس." تجمدت شهد للحظة، فلم تكن تتوقع هذا الرد. لم تكن تعلم أن سامي لم يعطِ ذلك العقد قيمة منذ البداية، ولم يكن مصرًّا على إهدائه لها، بل فقط لم يكن يريد أن يبقى مع سلوى.والآن بعدما فُقد، لم يُبدِ أي اهتمام إضافي.عادت سلوی إلى المنزل. خلعت حذاءها دون تشغيل الأضواء، وتوجّهت مباشرة إلى الحمّام. انهمر الماء بقوة، فنزعت ملابسها ودخلت حوض الاستحمام.عندما غمرت المياه الدافئة صدرها، شعرت أنها كسمكة على وشك الموت، ثم عادت فجأة إلى الماء بعد الاختناق، فالتقطت خيطًا ضعيفًا من الشعور بالأمان.حدّقت في الفقاعات فوق سطح الماء، بينما كانت وصايا الطبيب تتردد في ذهنها.إن شرب الكحول يمنعها من تناول الأدوية.لكن ألم صدرها كان يتصاعد، وأطرافها كلها ينهشها الوهن. قبضت على حافة الحوض حتى شحبَت أطراف أصابعها، وعيناها غارقتان في شرود.

  • حين يقبلني يخفق قلبي   الفصل25

    لئلّا تُهجر مرة أخرى من أسرتها.أخذت سلوى نفسًا عميقًا، ورمشت بقوة لتُزيح الرطوبة التي تجمّعت في عينيها، ثم شدّت طرفي شفتيها في ابتسامة متيبّسة.قالت: "أخي سامي، لا تغضب، كنت أمزح معك فحسب."القشرة التي ولدت فيها رغبتها في المقاومة تَصدّعت من جديد، فعادت سلوى إلى قوقعتها الخائفة المطيعة.قدّمت علبة الحلي إلى شهد، محاولة أن تُلطّف نبرة صوتها: أختي شهد، انظري، هذه السلسلة تليق بكِ كثيرًا، كنت أمازحكِ فقط."لمعت في عيني شهد لمعة انتصار، لكنها تقمّصت مظهر المندهشة، وهي تستلم العلبة قائلة: شكرًا لكِ، يا سلوى، كم أنتِ لطيفة!"ثم أمسكت بذراع سامي وتدلّلت: انظر كيف أرعبتَ أختك الصغيرة، إنها مجرد قلادة."وعندما رأى سامي أنها هدأت، لانت ملامحه قليلًا، فربّت على كتف سلوى وقال: نحن أسرة واحدة، لا حاجة لكل هذا التشدد."ابتسمت سلوى ولم تقل شيئًا.أسرة واحدة…وحين هبّت نسمة باردة، فأحسّت بحرقة أشد في عينيها.اختبأت شهد خلف سامي، وغمزت لصديقتها، ولوّحت لها بالسلسلة التي صارت غنيمتها.شعر سامي أن الجو بارد، وأدرك أن سلوى ترتدي ما هو خفيف.مدّ ذراعه ليحميها ويقودها إلى الداخل: هيا ندخل، الجو هنا بارد.ت

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status