مشاركة

الفصل 511

مؤلف: سيد أحمد
كانت سارة متوترةً ومتحمسةً في آنٍ واحد بشأن فحص الغد، هذه المرة، هي أكثر قلقًا واهتمامًا من حملها السابق.

فغدًا ستتمكن من رؤية نمو الطفل داخل رحمها من خلال التصوير الرباعي الأبعاد، ولهذا كيف لا تغمرها مشاعر الإثارة؟

وكعادتها، توجهت إلى غرفة والدها رشيد، الذي قد غرق في غيبوبة منذ ثلاثة أشهر، دون أن يُظهر أي علامة على الاستيقاظ.

وكأن جسده فقط هو من بقي في هذا العالم ليؤنس وحدتها، أما روحه، فقد رحلت إلى عالم مجهول منذ زمن بعيد.

لكن طالما أنه لا يزال يتنفس، فإن سارة تؤمن بأن رابط الدم الذي بينهما لم ينقطع، وأنها ليست يتيمة بالكامل بعد.

وكما اعتادت، نظّفت له جسده بعناية، ثم أمسكت كتابًا وقرأت منه مقطعًا، وبعدها بدأت تحدّثه بصوت دافئ.

"أبي، غدًا سنعرف جنس الطفلين، إن كنتَ تسمعني، فهلّا استيقظت؟ أريدك أن تكون معي لنشهد معًا كل لحظة سعيدة."

"لم يتبقَّ سوى بضعة أشهر على قدوم الطفلين، كل الألعاب التي صنعتها بيديك قد حفظتها جيدًا، وسأعطيها لأطفالنا حين يولدون، أنا واثقة أنهم سيحبونها كثيرًا."

تحدثت طويلًا، ثم التفتت إلى شاشة الأجهزة الطبية إلى جانبها، فوجدت أن كل المؤشرات لا تزال مستقرة، بلا أدنى
استمر في قراءة هذا الكتاب مجانا
امسح الكود لتنزيل التطبيق
الفصل مغلق

أحدث فصل

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 514

    في اليومين الأخيرين، كانت مشاعر فاتن في أوجها، وقد بدا ذلك واضحًا للعيان، حتى أنها وهي التي لم تكن تهتم بالعناية ببشرتها من قبل، بدأت في استخدام أقنعة الوجه، مما يدلّ على مدى أهمية "زميليها الأكبر" في قلبها.لم يكن أحد أكثر حماسةً منها لهذا اللقاء القصير، وحين أتى اليوم المنتظر، كانت ملامحها مشرقة بالسعادة، وإن لم تخلُ من بعض الارتباك."سارة، هل أبدو قبيحة في هذا اللباس؟ هو قادم من الخارج، ألن يراني ريفية المظهر؟"كانت سارة تنوي أن تعيرها ثوبًا من خزانتها، غير أن أبسط ما لديها من ملابس لا يقلّ سعره عن عشرات الآلاف، وحتى الأغلى من ذلك.وبما أن الأمر يقوم على احتمال الدخول في علاقة جدية، كانت سارة تأمل أن تُظهر فاتن ذاتها الحقيقية منذ البداية، حتى لا تكون العلاقة مشوبة باعتبارات أخرى.ابتسمت لها برقة وقالت: "أبدًا، إن كان يبادلكِ المشاعر، فحتى لو ارتديتِ كيسًا من الخيش، سيراكِ الأجمل، اذهبي لاستقباله وأنتِ واثقة، لا تحملي في قلبكِ عبئًا نفسيًا."حدّقت فاتن في سارة التي تجلس إلى جوارها، ترتدي فستانًا أبيض بسيطًا، وقد رفعت شعرها إلى الخلف دون مساحيق تجميل أو زينة، ومع ذلك كانت تشعّ أناقة و

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 513

    كان ذلك في وقت مبكر من الصباح حينما استيقظت سارة من كابوس مفزع.تفاصيل الحلم كانت لا تزال محفورة بوضوح في ذاكرتها، فيما ظهرها غارق بعرق بارد.رغم أن حالتها النفسية كانت مستقرة نسبيًّا في الفترة الأخيرة، إلا أنها لم ترَ من قبل حلمًا مرعبًا إلى هذا الحد.نهضت عن السرير بخطًى ثقيلة، وتوجهت إلى الحمام لتغسل جسدها.تحت رذاذ الدش، كان جنينها في بطنها المنتفخ يتحرك بنشاط، يبدو أن الطفلين يُحبّان الاستحمام؛ فكلما دخلت لتغتسل، زادت حركتهما داخلها بشكل ملحوظ.درجة حرارة الماء لم تكن مرتفعة، فقط دفقات دافئة تلامس بشرتها وتنساب فوق بطنها.وما يثير الدهشة أن كثيرًا من الحوامل تعانين من جفاف الجلد أو خشونته، بل ويزداد الشعر في وجوههن، أما سارة، فكانت بشرتها لا تزال ناعمة حريرية؛ بل يمكن القول دون مبالغة إنها كانت أجمل حامل يمكن للمرء أن يراها.وضعت كفها بلطف على بطنها تُهدّئ الصغيرين، فبفضل وجود هذين الكائنين الصغيرين، باتت أيامها تحمل شيئًا من الأمل.خرجت من الحمام وهي لم تستعد هدوءها بعد، وكانت الغرفة الواسعة خالية تمامًا وصامتة إلى حد خانق، فتحت سارة هاتفها المحمول.لقد انقطعت عن العالم الخارجي ل

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 512

    بذل الصغير جهدًا لا يُستهان به ليتمكّن من رؤية ملامح الوجه بوضوح، وكانت قسماته هذه المرة أكثر رقة وبهاء، تمتمت الطبيبة مبتسمة: "يا سيدتي، هذا الطفل يشبهكِ كثيرًا، إنه جميل... إنهما توأم ذكر وأنثى."مسحت سارة دموعها وقالت بعينين دامعتين: "الجنس لا يهمني، كل ما أريده هو أن يكونا بصحة جيدة."طمأنتها الطبيبة جميلة قائلة: "لا تقلقي، فالنمو عند الطفلين طبيعي تمامًا، لا توجد أي مؤشرات غير طبيعية، بل ويمكنني القول إنّ لكل منهما طابعًا مختلفًا تمامًا عن الآخر، أحدهما هادئ والآخر نشيط، شخصيتاهما متمايزتان بشكل واضح، سأنسخ لكِ مقطع الفيديو وأرسله إلى هاتفكِ، لتشاهديه متى رغبتِ."أومأت سارة برأسها شاكرة، وقالت: "شكرًا لكِ، طبيبتي أمل."ردّت الطبيبة بلطف: "لا تقولي ذلك، فهذا أقل شيء يمكن أن اقدمه لكِ، ولا داعي للشكر، سيدتي، اطمئني، قريبًا جدًا ستلتقين بهما.""نعم." تمتمت سارة في امتنان.وبعد انتهاء كل الفحوصات، شعرت سارة وكأن ثقلًا أُزيح عن صدرها، فاطمأن قلبها بعد قلقٍ طال.ثم سارعت إلى إطلاع فاتن على مقطع الفيديو الذي أرسلته الطبيبة، نظرت فاتن إلى الشاشة بإعجاب لا يُخفى، وقالت بانبهار: "يا لهما من

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 511

    كانت سارة متوترةً ومتحمسةً في آنٍ واحد بشأن فحص الغد، هذه المرة، هي أكثر قلقًا واهتمامًا من حملها السابق.فغدًا ستتمكن من رؤية نمو الطفل داخل رحمها من خلال التصوير الرباعي الأبعاد، ولهذا كيف لا تغمرها مشاعر الإثارة؟وكعادتها، توجهت إلى غرفة والدها رشيد، الذي قد غرق في غيبوبة منذ ثلاثة أشهر، دون أن يُظهر أي علامة على الاستيقاظ.وكأن جسده فقط هو من بقي في هذا العالم ليؤنس وحدتها، أما روحه، فقد رحلت إلى عالم مجهول منذ زمن بعيد.لكن طالما أنه لا يزال يتنفس، فإن سارة تؤمن بأن رابط الدم الذي بينهما لم ينقطع، وأنها ليست يتيمة بالكامل بعد.وكما اعتادت، نظّفت له جسده بعناية، ثم أمسكت كتابًا وقرأت منه مقطعًا، وبعدها بدأت تحدّثه بصوت دافئ."أبي، غدًا سنعرف جنس الطفلين، إن كنتَ تسمعني، فهلّا استيقظت؟ أريدك أن تكون معي لنشهد معًا كل لحظة سعيدة.""لم يتبقَّ سوى بضعة أشهر على قدوم الطفلين، كل الألعاب التي صنعتها بيديك قد حفظتها جيدًا، وسأعطيها لأطفالنا حين يولدون، أنا واثقة أنهم سيحبونها كثيرًا."تحدثت طويلًا، ثم التفتت إلى شاشة الأجهزة الطبية إلى جانبها، فوجدت أن كل المؤشرات لا تزال مستقرة، بلا أدنى

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 510

    كان الطفلان في أحشاءها يمرحان بحرّية، ومع أن الحمل لم يتجاوز أربعة أشهر بقليل، فإن حركة الجنين لم تكن قوية بعد؛ تشعر بها الأم بالكاد، بعكس ما يكون في الشهور الأخيرة.مدّت سارة يدها برفق تلامس بطنها المستدير، فهدأت الحركة شيئًا فشيئًا، وكأنهما استجابا لحنانها.في هذه الأيام، كان الطفلان مطيعين للغاية، باستثناء معاناتها من الغثيان الشديد في بداية الحمل، فإن جسدها لم يعد يعاني أيّ انزعاج يُذكر.لا شك في أنهما جوهرتان لطيفتان، يعرفان كيف يشفقان على أمهما.وعندما تتحدث عن الطفلين، تتفتح على وجه سارة ابتسامة مفعمة بالحنان.قالت مبتسمة: "ولد أو بنت، لا فرق، المهم أن يكونا بصحة جيدة".قالت فاتن وهي تسند ذقنها على يدها: "معكِ حق، لقد أدركت أخيرًا أن في هذه الدنيا، لا المال ولا السلطة يساويان شيئًا أمام الصحة".تنهدت سارة قائلة: "عندما تفقدين الكثير، تدركين أن وجود أهلكِ بقربكِ، بصحة وعافية، هو أغلى من كل شيء".قالت فاتن مداعبة: "ما شاء الله، منذ أن حملتِ وأنتِ تزدادين إشراقًا، وتبدين بحالة جيدة كل يوم، سواء كانا ولدًا أو بنتين، فإن هذين الطفلين طيبان جدًّا، حتى إنني بدأت أشعر بالغيرة منكِ".ضحك

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 509

    عانقتها فاتن بشدة، وبرغم أنهما من نفس العمر، إلا أنّها كانت تواسي سارة كما لو كانت أكبر منها سنًّا، وقالت بنبرة دافئة تطمئنها: "سارة، لا تبكِ، ما زلتِ تملكينني، سأعتني بكِ جيدًا، أليس السيد رشيد قد تجاوز مرحلة الخطر؟ إذًا لا بدّ أنه سيكون بخير، ومن يدري، ربما يستفيق بعد أيام قليلة، كل شيء سيتحسن، صدقيني."كانت سارة تصدّق هذه الكلمات في الماضي، غير أن القدر لقّنها درسًا قاسيًا، لا وجود لأسوأ حال، فكل سيئٍ قد يُفضي إلى ما هو أشدّ سوءًا.إن لم تختبرِ المصائب بنفسكِ، فلن تدركي أبدًا كم من سوءٍ يمكن أن ينالكِ.يقولون إن الأرض تدور، وإن الحظ العاثر لا يدوم لأحد، لكنّها باتت عاجزة حتى عن تخيّل بصيص أمل في الغد.صارت تخاف من كل غدٍ جديد، فربما في لحظة تستيقظ لتجد رشيد قد فارق الحياة، أو لعلّ طفليها في أحشائها يواجهان مكروهًا، أو يتعثر نموهما، أو... أن يُفاجئها المرض فجأة، لتفقد الأمل في الغد تمامًا.ارتجفت نبرتها حين همست: "فاتن، أنا خائفة حقًا، أخشى أن نكون نحن، أنا والطفلان، الضحايا التاليين، لا أخاف الموت، لكنّني مذعورة من أن أُدمّر حياة هذين الطفلين."قالت فاتن محاولة تهدئتها: "سارة، أنتِ

فصول أخرى
استكشاف وقراءة روايات جيدة مجانية
الوصول المجاني إلى عدد كبير من الروايات الجيدة على تطبيق GoodNovel. تنزيل الكتب التي تحبها وقراءتها كلما وأينما أردت
اقرأ الكتب مجانا في التطبيق
امسح الكود للقراءة على التطبيق
DMCA.com Protection Status