Share

الفصل 4

Aвтор: ون يان نوان يو
"ماذا؟ ماذا؟"

بدت رنا وكأنّها سمعت سِرًّا عظيمًا، فأمسكت بذراع فرح بحماسٍ شديد وقالت: "ألم يقولوا إن السيِّد أنس لا يهتمّ بالنساء؟! كيف يكون له حبيبة قديمة؟! بل وتكون المديرة التنفيذيّة الجديدة لشركتنا؟!"

ضحكت فرح وربّتت على يد رنا قائلةً: “انظري إلى مدى جَهْلِكِ بالأخبارِ، ان لم تكوني تعرفين حتى هذه الأمورِ الدَّاخليّة لعالم الأثرياء، فكيف ستستمرّين في العمل في مكتب الرئيس التنفيذيِّ؟"

أسرعت رنا تتوسّل قائلةً وهي تشدُّ على كمّ قميصها: "أرجوكِ يا فرح، أخبريني!"

خفضت فرح صوتها وقالت: " السيد أنس وابنة رئيس مجلس الإدارة حبيبان منذ الطفولة، وبحسب الشائعات، فقد تقدَّم السيِّد أنس لخطبتها قبل خمس سنوات، ولكنّ الآنسة تاليا رفضتْهُ من أجل دراستها.وتسبَّب ذلك في حدوثِ بعض الخلافاتِ بينهما، فانقطعتْ علاقتهما طوال خمس سنوات. لكن بمُجرّدِ أن عادتْ الآنسة تاليا إلى الوطن، ذهب السيِّد أنس شخصيًّا إلى المطارِ لاستقبالِها، وهذا وحدهُ يكفي لإثباتِ عمق مشاعره تجاهها."

وضعتْ رنا يدها على فمِها، واتَّسعت عيناها الصغيرتان بدهشةٍ، وقالت بحماس: "يا إلهي! إنّه مشهد من أعذب القصص الرومانسيّة!"

ضاقَ صدر لينا فجأةً، وشحبَ لون وجهها شيئًا فشيئًا.

اتضح الآن أنّ السيِّد أنس قد أنهى عقد العشيقة مبكرًا لأنَّ محبوبتَه القديمة قد عادت.

لكن بما أنّه كان يمتلك حبيبةً قديمة ، فلماذا قبل خمس سنوات أقدم دون تردد على شرائها لليلة؟

بل وبعد أن كان معها مرّة واحدة، أجبرها على توقيع عقد العشيقة.

ولم يكن يلمسها إلا ويصبح كالمجنون، فاقدًا للسيطرة على نفسه.

لم تستطع لينا تصديق الأمر، وكانت على وشك أن تسأل فرح عن مصدر هذه الإشاعات، حينما فُتِح فجأة المصعد الخاص بالرئيس التنفيذي.

خرجَت أولاً مساعدة الرئيس التنفيذيِّ فريدة، ومعها عدة مدراء من الأقسام.

انحنوا قليلًا نحو الداخلِ بإيماءة ترحيب، وقالوا: "السيِّد أنس، السيِّدة تاليا، لقد وصلنا إلى منطقة مكاتب الإدارة العليا، تفضّلا بالدخول."

وما إن انتهت الكلمات، حتي خرج من المصعد رجل يرتدي بدلة فاخرة.

ينبعث من جسده برود شديد. كانت ملامحهُ عميقة واضحة، وجماله يكاد يكون أسطوريًّا.

جسد طويل متناسق، وهالة أناقة وبرود تكتنفه.

كأنّه خرج من لوحة فنيّة، يجمع بين الرُّقيّ والجفاء معًا، ويجعل من يراه يتجنّب تحديق النظرِ إليه.

تعرّفت لينا عليه من النظرةِ الأولى، إنّه أنس.

خفقَ قلبها بشدّة.

ماذا يفعل أنس هنا في "شركة المستقبل الدولية؟"

وفيما كانت تتساءل، رأته يميل قليلًا بجسده، ويمدّ يده الطويلة الواضحة المفاصل نحو داخل المصعد.

وسرعان ما وضعت يدًا بيضاء ناعمة يدها في راحته.

قبض على يدها برفق، وأمسك بها بإحكام، وقاد المرأةَ للخروج معه من المصعد.

وحينما رأت لينا وجه تلك المرأة، فهمت فجأة لماذا وافق أنس سابقًا على شراء ليلة معها.

اتضح أنّ ملامحها كانت تشبه إلى حدّ ما حبيبته القديمة.

لم تكن متطابقة تمامًا، ولكان بينهما شبهٌ طفيف في ملامح الوجه.

ولكن حتى هذا الشبه البسيط، كان كافيًا ليجعل لينا تُدرك الحقيقة بمرارة.

لطالما كانت تظنُّ أن أنس يحمل لها مشاعر حبّ ولو قليلة، ولم تكن تعلم أنها لم تكن سوى بديل.

خفق قلبُها فجأةً بألم شديد، ثم اندفعت موجة من الوجع المكثف حتي أصبح وجهها شاحبًا تمامًا.

لاحظت رنا ذلك، فسألتها بقلقٍ: "لينا، ما بكِ؟ هل تشعرين بعدم الراحة؟"

هزّت لينا رأسها بخفة دون أن تتكلم، وقبل أن تتمكن رنا من الاستفسار أكثر، كانت فريدة قد اقتربت مع الاثنين.

أسرعت لينا بخفض نظرها، ولم تجرؤ على رفع عينيها إليهم، بينما كانت يدُها المرتجفة فوق لوحة المفاتيح تفضح اضطرابها.

قامت فريدة بتقديمهم قائلة: "هذه منطقةُ الإدارة العليا، هنا يعمل مساعدو الرئيسِ التنفيذيِّ. إذا احتجتِ لأي شيء يا سيدة تاليا، يمكنكِ التواصل معهم."

أومأت السيدة تاليا برأسها، ونظرت إلى الجميع بصوت ناعم قائلة: "صباح الخير جميعًا، أنا المديرة التنفيذية الجديدة لكم، اسمي تاليا."

تاليا...

عندما سمعت لينا هذا الاسم، ازداد شحوب وجهها أكثر فأكثر.

كانت المشاهد تتوالى في ذهنها بلا توقف: مشهد أنس وهو يعانقها فوق السرير، متشبثًا بها بجنون.

في تلك اللحظات، كان أنس الغارق في الشغف، يهمس قرب أذنها وويناديها والآن فقط أدركت أنه لم يكن يتمتم باسمها بل باسم تاليا.

قبضت لينا يديها بقوة، وغرزت أظافرها الطويلة في لحم كفيها، دون أن تشعر بأدنى ألم.

ذلك الإحساس الخانق بالخيانة والخذلان اجتاحها بقوة، حتى امتلأت عيناها بالدموع رغمًا عنها.

كانت ساذجة حقًا، كيف أمكنها أن تحب أنس بكل هذا الإخلاص، لمجرد لحظات حنان عابرة كان يظهرها أحيانًا؟
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 150

    لم تجد منى ما ترد به على هذا الكلام، فاكتفت بابتسامة خفيفة وهي تنظر إلى مريم، مما جعل الأخيرة تشعر بعدم الارتياح.اتجهت إلى غرفة النوم الصغيرة وطرقت الباب، وذلك بعد أن دعتها للجلوس على الأريكة مع السيد باسل."لينا، هناك من يريد مقابلتك."كانت لينا في الداخل، كانت قد استيقظت بالفعل عندما فتح أحدهم الباب. وقد سمعت حديثهم في الخارج، لكنها لم تكن تملك الطاقة للنهوض.اندفعت مريم إلى الداخل حينما رأت أن لينا كانت تحاول أن تنهض بصعوبة."لينا، ما بكِ؟"سمع السيد باسل ومنى ما جرى، فهرعا إلى الداخل. حاول السيد باسل التقدم، لكن منى سبقته بقولها، "أنت رجل أعمال، أما أنا فطبيبة، دعني أتولى الأمر."دفعته منى جانبًا، وتقدمت بسرعة نحو السرير، وضعت يدها على جبين لينا، ثم أخرجت مقياس الحرارة لقياس حرارتها."هل خرجتِ والسماء تمطر؟"لم تكن درجة الحرارة مرتفعة جدًا، لكن بالنسبة للينا، فإن القليل من الحرارة قد يكلفها حياتها.ويبدو أنها تبللت حين غادرت فيلا أنس الفاروق، ورغم أن السيد باسل حاول تغطيتها بمعطفه، إلا أن ذلك لم يمنع البلل.امتلأت ملامح السيد باسل بالندم، وحاول أن يمسك يدها، لكنها تجنبت لمسته. لم

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 149

    طرقت منى الباب، لكن لم يكن هناك رد.خمّنت أن لينا ربما غارقة في النوم العميق، وبينما كانت تفكر في كيفية فتح الباب، حينها دوى صوت غاضب خلفها،"من أنتم؟ لماذا تقفون أمام باب شقتي؟"كانت مريم قد أرسلت إلى لينا عدة رسائل في الأيام الماضية دون رد، ولكن حتى المكالمات لم تُجب عليها، فقلقت عليها وقررت زيارتها لتطمئن. لكنها ما إن خرجت من المصعد، حتى رأت مجموعة من الرجال ببدلات سوداء، وكان كل من باسل أبو الذهب ومنى محاصرين بهم، لكنها لم تنتبه لهما، وظنت أن هناك عملية سطو، فخطفت المكنسة التي تركها حارس المبنى في الممر واندفعت نحوهم وهي تصرخ.كانت تأمل أن تفرض هيبتها بصفتها مالكة للشقة على هؤلاء، لكنهم لم يلتفتوا لها سوى بنظرة باردة لا مبالية.مريم...حين سمع باسل أبو الذهب صوت مريم، أشار لحراسه بالتنحي جانبًا. وحين أفسحوا الطريق، رأت مريم باسل أبو الذهب وسألته بحدة،"لماذا أتيت مع هذا العدد كله وتحجب باب بيتي؟"رمقته بنظرة حادة، حيث تذكرت الركلتين اللتين وجههما إلى لينا، وتساءلت في نفسها، هل أتى ليزيد الطين بلة؟أخفض باسل أبو الذهب رأسه، واعتذر بصوت مملوء بالأسف، "آسف، مريم، أتيت من أجل شيء ما."

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 148

    إذا عثر على قلب مناسب، يمكنكِ أخذها مباشرة لإجراء عملية الزرع، ولا حاجة لأن تخبرني بأي شيء يتعلق بها بعد ذلك."كلمات باردة قاطعت أفكار منى. لو كان يهتم حقًا، ما كان ليقول ذلك بهذا البرود.كان واضحًا أنه أنهى علاقته بها، وفي النهاية فقط أراد أن يقدم لها معروفًا أخيرًا.فلم يكن يهتم إطلاقًا ما إذا كان الدكتور جورج سيعثر على قلب مناسب، وما إن كانت السيدة لينا ستنجو.وإلا لما أوصى بألا تُبلّغه بأي شيء يخصها بعد الآن.هذا اللامبالاة لا تعني إلا أن العلاقة قد انقطعت تمامًا.لكن السيد أنس على الأرجح يبذل مجهودًا لا جدوى منه، فحالة السيدة لينا الآن قد لا تتحمل انتظار قلب مناسب.أخذت منى تفكر، وبما أن السيد أنس لا يبالي، فلم ترَ أن هناك داعيًا للكلام، واكتفت بالرد، "حسنًا" ثم أخذت الأشياء وغادرت.بعد مغادرتها، لم يستطع أنس كبح نفسه، فقبض على يده وقد بدت عظام يده البارزة فوق الحاسوب المحمول.تذكرت منى وهي في طريقها للخروج أنها نسيت أن تسأل عن العنوان، لكنها لم تجرؤ على العودة، فسألت سامح الذي كان واقفًا عند الباب، "أخي، هل تعرف أين تسكن السيدة لينا؟"أومأ سامح برأسه، فقد كان هو من يذهب ليأخذها

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 147

    كانت لينا تعلم أن باسل أبو الذهب لا يزال واقفًا خارج الباب، لكنها لم تطلب منه المغادرة، لأنها كانت تعرف أن عائلة أبو الذهب لن تسمح له بإضاعة الوقت في هذه المدينة لفترة طويلة، ولن يمر وقت طويل حتى يُعاد بالقوة.عادت إلى منزلها، واغتسلت، ثم فتحت الدرج وتناولت الأدوية التي وُصفت لها في المستشفى.لقد نسيت إخراج الدواء الخاص الذي أعطتها لها منى، وكذلك هاتفها المحمول وأشياء أخرى. لقد كانوا في عجلة من أمرهم في ذلك الوقت، لذلك ارتدت ملابس أنس الفاروق وساعدوا باسل أبو الذهب على الخروج من الفيلا. أمسكت بذلك المعطف المشبع برائحة عطره، رفعت يدها ولمسته، ولم ترد أن تتركه.لكن حين تذكرت تلك الجملة التي قالها لها في أذنها، تلاشى الحنان من عينيها فجأة.كانت الوصية لا تزال محفوظة في الدرج دون أن تمسّ، أخرجتها، ثم وجدت تلك الورقة التي كتبت عليها اسم "أنس الفاروق ".ثم أمسكت بالقلم وكتبت تحتها سطرًا.قال، "لا تأملي أن أحبك، واتضح أنه لا يحبني."ربما لأن الأيام الماضية كانت مرهقة جدًا، فبمجرد أن لامست السرير، فسرعان ما دخلت في سبات عميق.فمرضى المراحل المتقدمة يغرقون في النوم سريعًا.أما الرجل الواقف خا

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 146

    وليد، هل تعرف لماذا أتيت لاستقبالك؟ لأن تاليا أجبرتني، وإلا لما كنت سأراك مرة أخرى أبدًا.""أنا نسيتك تمامًا، وأتمنى أن تنساني أنت أيضًا، عد إلى العاصمة واهتم بشؤون شركة أبو الذهب، فهذا هو بيتك الحقيقي."قالت لينا ذلك دفعةً واحدة، ثم همّت بفتح الباب للنزول، لكن السيد باسل أمسك بها من الخلف وعانقها.أسند رأسه المتعب إلى عنقها وقال بصوت مبحوح يختنق بالبكاء، "لينا، لا أستطيع نسيانك، ولن أنساك مدى حياتي. أرجوك، لا تتركيني."باسل أبو الذهب، بطبيعته عنيد ومهووس، ليس مثل أنس الفاروق المتغطرس والبارد، لا يرحل لمجرد سماع بضع كلمات قاسية. وإن أرادت أن تقطع علاقتها به نهائيًا، فعليها أن تكون أكثر قسوة من ذلك.تنهدت لينا بعمق، واستدارت نحوه قائلة بحدة وهي تعض شفتيها، "سيد باسل، اسمعني جيدًا. لا يهم إن كنت تستطيع نسياني أم لا، المهم أنني لم أعد أحبك. وتمسُّكك بي الآن يجعلني فقط أحتقرك، بل وأكرهك أيضًا."بدأت تفك أصابعه التي كانت تطوّق خصرها واحدة تلو الأخرى، وقالت بصوت بارد، "تظن أنني سأعود إليك وكأن شيئًا لم يكن بعد أن ركلني أخوك مرتين؟ دعني أخبرك أن هذا مستحيل. تلك الركلات جعلتني أكرهك أكثر، وكون

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 145

    كان وليد قد شعر بالفعل بذلك منذ البداية، لكنه لم يتوقع أن تعترف به أمامه بهذه الصراحة.لقد قالتها، دون مراعاةٍ لمشاعره، لأنها ببساطة لم تعُد تحبه.كان من الطبيعي أن يحدث ذلك، فهو قد غاب عن حياتها خمس سنوات، بطريقة لم تكن أقلّ من قاسية. أن تحب شخصًا آخر خلال هذه الفترة، ليس غريبًا.لكن... لماذا الألم كان بهذه الوحشية؟وضع يده على صدره، وانحنى بجسده إلى الأمام، كمن يحاول التقاط أنفاسه بصعوبة.كان الهواء يدخل رئتيه بصعوبة بالغة، وشعور خانق قبض على قلبه، يكاد يخنقه، ولا يترك له مجالًا للنجاة.سال من جبينه عرق، أم دموع؟ هو نفسه لم يعد يعلم.كل ما استطاع قوله أخيرًا بصوت مرتجف،"وماذا أفعل الآن...؟"ماذا يفعل؟حياته بأكملها لم تكن إلا من أجل لينا.والآن هي تحب أنس الفاروق... فماذا يبقى له في هذه الحياة؟نظرت لينا إلى انهياره أمامها، وشعرت بذنب عميق، وهمست بنبرة نادمة،"آسفة..."لكن وليد رفع عينيه المحمرتين من شدة البكاء، وبدا في عينيه انعكاس لوجه لينا الحزين،"أنا لا أريد أسفك، أريدك أنتِ. لينا، توقفي عن حبه، وعودي إليّ من جديد، أرجوكِ."أمسك يدها الباردة بقوة، وقرّبها من صدره بحرارة،"أعدك،

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status