Share

الفصل 549

Author: إيفلين إم. إم
سحبتُ ذراعي من يده وتراجعتُ خطوةً إلى الوراء.

خرجت كلماتي ببطءٍ ثقيل، "لقد وعدتُ العمة آفا بأن أجدك، وقد فعلتُ. والآن سأعود إلى المنزل."

لم أمنحه فرصةً للرد، بل استدرتُ مبتعدةً عنه، خطواتي بطيئةٌ ومترنّحة، لكنني واصلتُ السير.

كان الهواء مشبعًا بخطرٍ خفي… ذلك النوع الذي يسبق تغيّرًا لا يمكن التراجع عنه.

تعثّرتُ في طريقي نحو السيارة، ورغبةُ الرحيل تدفعني إلى الأمام. كنتُ أعلم أنني لستُ بكامل وعيي، لكنّ البقاء لم يكن خيارًا آمنًا. سأقود السيارة ببطءٍ شديدٍ إذا كان هذا هو الثمن لأضمن وصولي إلى المنزل بسلام.

شعرتُ بالارتياح حين وصلتُ أخيرًا إلى السيارة، غير أنّ يديّ المرتجفتين لم تسعفاني على إخراج المفاتيح من جيبي. عندها شعرتُ بوجوده خلفي، بحرارة جسده لفحت ظهري وألهبت الهواء بيننا.

تصلّبتُ، واستقام ظهري كالرمح. وقبل أن أستطيع الحركة، استدار بي بعنفٍ وثبّتني على هيكل السيارة.

قال متوسّلًا، وعيناه الرماديتان العاصفتان تشدّانني إلى مكاني، "أرجوكِ."

تلك العيون أسرَتني، جذبتني إلى أعماقها حتى كدتُ أغرق فيها. ولبرهةٍ خاطفة، نسيتُ كلّ الأسباب التي جعلتني أفكّر في الرحيل... أن أقول لا.

اقترب خطوةً،
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter
Comments (1)
goodnovel comment avatar
Aurora Alonso
اتمنى الا تحمل ابضا لان هذا سيكون كثير
VIEW ALL COMMENTS

Latest chapter

  • ندم الزوج السابق   الفصل 550

    كيف سمحتُ لهذا أن يحدث؟ لم يكن من المفترض أن يحدث أيٌّ من هذا. كوني تحت تأثير المخدر ليس عذرًا.انزلقت عيناي نحو جسد نوح النائم. كان مستلقيًا على ظهره، ذراعه تغطي عينيه، والغطاء متدلٍّ حتى خصره.اندفعت موجة جديدة من المشاهد إلى عقلي، مشاهدُ لديَّ شعورٌ بأنها ستُحفر في ذاكرتي ما حييت.تسمّرتُ في مكاني، والرعب يشلّني تمامًا. انفجرت الدموع في عينيّ بينما سقط ثقل ما حدث بيننا على صدري كصخرةٍ تسحقني.تسارع تنفّسي فيما سيلٌ من الخزي يغمر صدري.لقد نمتُ مع نوح وودز.لقد نمتُ مع زوج كلوي.ظلت تلك الكلمات تتردد في رأسي كصدى أبديّ لا يخبو، يطرق أعصابي بلا رحمة."تبا... تبا... تبا!"، تمتمتُ وأنا أختنق بالذنب والاشمئزاز من نفسي.ارتفع نَشيج من حلقي، لكني ابتلعته. كان عليّ أن أخرج من هنا. أن أرحل قبل أن يستيقظ وفات الأوان."ما الذي يحدث بحق الجحيم؟" جاء صوته أجشًّا حادًّا، يخترق الصمت كحدّ شفرةٍ حادة.تجمّدتُ في مكاني.مرّت لحظة قبل أن يدوّي صوته الغاضب، "ما الذي تفعلينه هنا بحق الجحيم، يا سيرا؟"استدرتُ ببطءٍ نحوه، ونظرة عينيه كادت تطيح بأنفاسي. اشمئزازٌ صافٍ لا شائبة فيه.لم أنطق بكلمةٍ واحدة. كن

  • ندم الزوج السابق   الفصل 549

    سحبتُ ذراعي من يده وتراجعتُ خطوةً إلى الوراء.خرجت كلماتي ببطءٍ ثقيل، "لقد وعدتُ العمة آفا بأن أجدك، وقد فعلتُ. والآن سأعود إلى المنزل."لم أمنحه فرصةً للرد، بل استدرتُ مبتعدةً عنه، خطواتي بطيئةٌ ومترنّحة، لكنني واصلتُ السير.كان الهواء مشبعًا بخطرٍ خفي… ذلك النوع الذي يسبق تغيّرًا لا يمكن التراجع عنه.تعثّرتُ في طريقي نحو السيارة، ورغبةُ الرحيل تدفعني إلى الأمام. كنتُ أعلم أنني لستُ بكامل وعيي، لكنّ البقاء لم يكن خيارًا آمنًا. سأقود السيارة ببطءٍ شديدٍ إذا كان هذا هو الثمن لأضمن وصولي إلى المنزل بسلام.شعرتُ بالارتياح حين وصلتُ أخيرًا إلى السيارة، غير أنّ يديّ المرتجفتين لم تسعفاني على إخراج المفاتيح من جيبي. عندها شعرتُ بوجوده خلفي، بحرارة جسده لفحت ظهري وألهبت الهواء بيننا.تصلّبتُ، واستقام ظهري كالرمح. وقبل أن أستطيع الحركة، استدار بي بعنفٍ وثبّتني على هيكل السيارة.قال متوسّلًا، وعيناه الرماديتان العاصفتان تشدّانني إلى مكاني، "أرجوكِ."تلك العيون أسرَتني، جذبتني إلى أعماقها حتى كدتُ أغرق فيها. ولبرهةٍ خاطفة، نسيتُ كلّ الأسباب التي جعلتني أفكّر في الرحيل... أن أقول لا.اقترب خطوةً،

  • ندم الزوج السابق   الفصل 548

    كانت قسوة الفقد عليه أشدّ، لأن أحدًا لم يتوقّع ما حدث. لم يتنبأ بها أحد. في لحظةٍ كانت بخير، وفي اللحظة التالية... اختفت. لم يُتح له الوقت ليستعدّ، ولا ليستوعب مرضها أو رحيلها. أشكّ في أنه قبِل فكرة الموت أصلًا.قال وهو يبتعد عني قليلًا، وكأنّ ملامح طبعه المعتاد بدأت تعود إليه، "لم تخبريني بعد... لماذا أنتِ هنا؟"لا أدري كم مرّ من الوقت، لكن الأمر لم يكن يعني لي شيئًا. بدا أكثر تماسكًا الآن، وإن ظلّ الحزن يقطن عينيه الرماديتين. ومع ذلك، كان أفضل حالًا، كأن شيئًا من الثقل الذي كان يسحقه قد انزاح أخيرًا.تخدّرت ساقاي من طول الجلوس على ركبتيّ، فدفعتُ الزجاجات المتناثرة جانبًا وجلستُ إلى جواره.قلتُ بهدوء، "أمّك كانت قلقة عليك."أطلق ضحكة قصيرة ساخرة، "فأرسلتك أنتِ؟""أجل.""من بين الجميع؟" رفع حاجبيه بدهشةٍ صادقة، كأنه لا يصدق أن والدته اختارتني أنا تحديدًا.ابتسمتُ بخفةٍ مريرة، "صدّقني، لقد سألتُ السؤال ذاته."ساد بيننا صمتٌ طويل، ولم أستغرب ذلك؛ إذ نادرًا ما كان بيني وبينه تواصلٌ حقيقي. وهذا لم يكن غريبًا، فلم يكن بيننا يومًا ما يُقال.ثم، على نحوٍ غير متوقّع، أخرج لفافةً من جيبه، أشعله

  • ندم الزوج السابق   الفصل 547

    تقدّمتُ بخطواتٍ بطيئة نحو نوح. لم أكن بحاجه إلى أن يخبرني أحدٌ أنّه هو؛ فحتى بعد مرور ستّ سنوات، ما زلتُ قادرةً على تمييزه من بين ملايين البشر.كنتُ أشعر وكأنّ قلبي عالقٌ في حلقي، وأنّ هناك من يعتصر رئتيّ ويسرق الهواء الذي أحاول جاهدًة إدخاله إليهما. قبضتُ على كفّيّ في محاولةٍ لوقف ارتجافهما، لكن دون جدوى.كان شعره الأسود تمامًا كما أتذكّره، لكن ما تغيّر هو هيئته. كتفاه أعرض، وبنيته أكثر صلابة، وجسده بدا أكبر وأكثر وقارًا. بالطبع، آخر مرة رأيتُه فيها كان في العشرين، أمّا الآن فهو في السادسة والعشرين. لم يكن منطقيًا أن أتوقّع أن يبقى على حاله.تابعتُ تقدّمي ببطءٍ شديد، وقدماي تثقلان كأنهما مصبوبتان من رصاص. داعب النسيم وجهي كأنّه يهمس بأسرارٍ لا أستطيع فهمها. اختفى البرد سريعًا، تاركًا خلفه حرارةً مزعجة جعلتني أشعر بالضيق في جلدي.وأخيرًا، بعد ما بدا وكأنه دهرٌ بأكمله، وصلتُ إلى حيث يجلس.وقفتُ خلفه، أتنفّس بعمقٍ محاوِلةً تهدئة نفسي، أفكّر بما عليّ قوله. كنتُ منهمكةً طوال الوقت في فكرة العثور عليه، ولم أفكّر إطلاقًا في ما سيحدث بعد ذلك. وها أنا الآن، واقفةٌ خلفه صامتة، كأنني واقفة خلفه

  • ندم الزوج السابق   الفصل 546

    كلّما انتهيتُ من هذا الأمر بسرعة، كان أفضل.مواء بلاكي الخافت اخترق الصمت من الجهة الأخرى من الغرفة.قلتُ مبتسمة، "أعدكِ أنني لن أتأخّر"، ثم رفعتها بين ذراعيّ، أضمّها إلى صدري وكأنني أبحث في دفئها عن بعض القوة والشجاعة.هي بدورها أطلقت خرخرةً ناعمة، تردّ إليّ شيئًا من السكينة التي كنتُ أفتقدها. وضعتُها برفقٍ على الأرض، وتأكدتُ من وجود الطعام والماء أمامها، قبل أن ألتقط مفاتيحي وأغادر.بمجرّد أن خرجتُ، أسرعتُ إلى السيارة وأغلقتُ الأبواب بإحكام. صحيحٌ أنّ الحيّ آمن، لكن لا ضرر أبدًا من مزيدٍ من الحذر.لمّا أدرتُ المحرّك، أدركتُ فجأةً أنني لم أفكّر في الأمر مليًّا. جلستُ مكاني أستمع إلى هدير المحرّك يعلو تحت يدي، دون أن أتحرّك. ليس لديّ أي فكرة عمّا سأفعله، ولا أملك أي دليلٍ يرشدني.قد يكون نوح في أيّ مكان. ما الذي كنتُ أفكّر فيه حقًا؟عمّتي آفا تعتقد أنّني أفضل فرصها في العثور عليه، لكن ربما كانت مخطئة. صحيحٌ أنّني كنتُ مولعةً به في صغري، وما زلتُ أشعر بالحرج حين أتذكّر ذلك، لكن مرّت ستّ سنوات، وربما لم أعد أعرفه كما كنتُ أظنّ أنني أعرفه.حاولتُ أن أستحضر في ذهني مكانًا قد يذهب إليه، لكن

  • ندم الزوج السابق   الفصل 545

    جلستُ في سكون غرفتي بعد أن أنهيتُ المكالمة مع العمة آفا.تسلّلت تنهيدة مُجهَدة من بين شفتيَّ وأنا أسند ظهري على اللوح الأمامي للسرير، فيما بدأ ثقل طلبها يستقر على صدري كالجبال ما الذي ورّطتُ نفسي فيه بحقّ السماء؟كنتُ أعني كلمتي حين قلتُ إنني على استعداد لفعل أي شيءٍ من أجل عمتي آفا، وكنتُ صادقة في وعدي. لكن هذا الأمر مختلف… مختلف بطريقةٍ تخيفني.كأنني على وشك فتح صندوقٍ مليء بالمشكلات.تاريخي مع نوح ليس من ذلك النوع الذي يثير البهجة عند استعادته. لا، إنّه تاريخٌ حافل بالمشاعر المضطربة والجراح الصامتة.ولأسبابٍ لا يعلمها سواه، كان يكرهني دائمًا.منذ اللحظة الأولى التي التقينا فيها، بدا كأنّ شيئًا في داخله قرّر أنّني العدو.جربتُ كلّ شيءٍ لأجعله يحبّني، يا إلهي كم جاهدتُ!كنتُ أركض وراء رضاه كمن يبحث عن ضوءٍ في آخر نفقٍ مظلم، أتلهّف إلى لمحةِ لطف، فلا أجد سوى قسوةٍ تحطّمني وتتركني أبكي.مهما فعلت، ومهما حاولت أن أكون لطيفةً أو محبوبة، لم يُجْدِ ذلك نفعًا.كان دائمًا يجد ما يؤذيني به… كلمة جارحة، نظرة ازدراء، أو سخرية تُطفئ فيّ أي بريقٍ من أمل.وكنتُ دائمًا ينتهي بي الأمر باكيةً، ألوم ن

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status