Share

الفصل 6

Author: إيفلين إم. إم
رووان

هناك شيء حدث بداخلي عندما رأيت زوجتي السابقة، أم ابني، وهي مصابة بعيار ناري وتنزف على أرض المقبرة الباردة. شيء لم أظن أبدًا أنني سأشعر به تجاه آفا.

عندما رأيت الرجال المسلحين يوجهون أسلحتهم نحونا، لم أفكر لحظة. كنت أعلم أن نوح بأمان مع والديّ، فسيطرت عليّ غريزتي وقفزت نحو إيما. كنت مستعدًا للموت من أجلها، كنت بالفعل على استعداد لذلك.

شعرت بالارتياح عندما هرب المسلحون بعد رؤية الشرطة، لكن راحتي لم تدم طويلًا عندما صرخ أحد الضباط طالبًا سيارة إسعاف. استدرت متسائلًا من هو المصاب، ولم أتوقع أبدًا أن تكون آفا، ورؤيتها مصابة كادت تُفقدني توازني.

توالت الأحداث بسرعة بعدها. وصلت سيارة الإسعاف ورفض الضابط السماح لآفا بالذهاب حتى تأكد من تسليمها إلى الطبيب بأمان.

كنت غاضبًا من حرصه عليها ألّا تذهب، فقد كانت زوجتي، أعني زوجتي السابقة، لكن الأهم من ذلك أنني كنت غاضبًا من نفسي. كان يجب أن أحميها. لو حدث شيء أسوأ لآفا ، كيف كنت سأشرح ذلك لنوح؟ كيف كنت سأبرر فشلي في حماية والدته؟

وهنا كنت أمشي ذهابًا وإيابًا في غرفة الانتظار. كنت قلقًا جدًا لأننا لم نتلق أي كلمة منذ أن نُقلت آفا إلى غرفة الطوارئ. لم يخرج أحد حتى الآن ليخبرنا بوضعها وحالتها.

همست والدتها كيت، "أرجوكِ، طمئنينا عليها."

هذه أول مرة أسمع فيها أي شعور في صوتها عندما تحدثت عن آفا. أعتقد أن فقدان زوجها ثم اقترابها من فقدان ابنتها ليّن قلبها قليلًا.

كنا جميعًا هنا ما عدا نوح. كان ترافيس جالسًا بجانب كيت، وبجانب كيت كانت تجلس إيما.

جلست غير قادر على التحكم في القلق الذي يسري بداخلي. كنت أحتاجها أن تكون بخير من أجل نوح. كنت أكرر ذلك لنفسي.

لا أعرف كم انتظرنا، لكن عندما رفعت رأسي رأيت آفا. كانت عند مكتب الممرضة تسلم بعض الأوراق. كان ذراعها الأيسر في جبيرة بينما كانت تأخذ بطاقة ائتمانها وتضعها في حقيبتها.

ثم بصعوبة تمكنت من إخراج هاتفها وهي تمسك حقيبتها. كان واضحًا من عبوس وجهها أن الأمر لم يكن سهلًا.

ناديتها، "آفا"، بينما كانت على وشك المرور بجانبنا، وعيناها لا تزالان على الهاتف.

رفعت رأسها. لاحظت فورًا أن هناك شيئًا مختلفًا فيها، لم أستطع تحديده لكنني متأكد.

سألتني بصوت جامد وخالٍ من أي مشاعر، "ماذا تفعل هنا؟ هل أصيب أحد آخر؟"

وقبل أن أرد، سألتها والدتها، "كيف حالكِ؟"

قالت آفا، "لسوء حظكم، لم أمُت بعد."

اندهش الجميع من جوابها، أو بالتحديد، من برودها وهي تقوله.

قررت أن أتدخل، "إلى أين أنت ذاهبة؟"

كانت إجابتها الوحيدة: "إلى المنزل."

قلت لها، "يدك في جبيرة، لا يمكنك القيادة."

فردت قائلة، "لهذا طلبت أوبر."

"آفا، نحتاج أن نتحدث، الأمر يخص والدك" قالت كيت بصوت منخفض، فالتفتت آفا إلى والدتها.

كان هناك شيء مفقود في عينيّ آفا، أستطيع تمييزه.

حدّقت ببرود في وجه والدتها وقالت، "لا أدري ما علاقة ذلك بي، آخر مرة تأكدت فيها، قال أنه لم يعتبرني ابنته."

انفجر في تلك اللحظة صوت بكاء من حنجرة والدتها، لكن آفا لم تُعرها اهتمامًا. كأنها أغلقت أبواب قلبها، ولم تترك وراءها سوى ذلك البرود القاسي.

تحرّكت نحو الباب، لكنها توقفت وسألت، "أين ابني؟"

"عند والدتي"، أجاب ترافيس، وعيناه تركزان عليها.

فتنهدت وقالت، "في النهاية، يبدو أننا سنتحدث رغم كل شيء."

عرضت عليها، "سأوصلكِ."

أثار هذا الأمر العبوس على وجه إيما، لكنها يجب أن تفهم. بغض النظر عن خلافاتي مع آفا، فهي أم نوح ومصابة أيضًا. ولا ننسى أنها كانت زوجتي.

فوجئت بأن آفا رفضت، "لا داعي. سأستقل أوبر كما خططت، وسأقابلكم هناك."

ودون أن تضيف كلمة أخرى، استدارت وغادرت. بقينا نحدّق إلى المكان الذي كانت تقف فيه قبل لحظات. عادةً، كانت ستنتهز أي فرصة لتكون قريبة مني، لذا تفاجأنا جميعًا برفضها عرضي.

قالت كيت بخوف، وكان الحزن باديًا عليها، "لنذهب قبل أن تصل إلى البيت وتغادر قبل أن نتمكن من الحديث."

ركبنا جميعًا سيارة الكاديلاك إسكاليد وانطلقنا. وكسرنا كل حدود السرعة حتى وصلنا إلى منزل كيت تمامًا في اللحظة التي كانت فيها آفا تُغلق الباب خلفها.

أوقفنا السيارة ونزلنا منها. وعندما دخلنا المنزل، وجدنا والديّ وأخي غيب، وآفا التي كانت تتجاهلهم تمامًا. كان من الغريب رؤية هذا الجانب منها. فعادةً ما كانت تحاول فتح حديث بسيط معهم، حتى عندما كانوا يتعمدون تجاهلها.

"هل يمكن أن ننتهي من هذا بسرعة؟"، قالت بضيق وهي تجلس على الأريكة.

بدأت أتكلم، "جيمس جاءني باقتراح شراكة تجارية، وافقت لأنني اعتقدت أنه استثمار جيد."

"وقعنا الأوراق المطلوبة معتقدين أن هذه شركة موثوقة، لكننا اكتشفنا لاحقًا أن الشركة مملوكة لعصابة إجرامية. لا جيمس ولا أنا أردنا أي نشاط غير قانوني أن يلوث اسم شركاتنا، وكنا نعلم أنه من المستحيل تفادي ذلك إن واصلنا معهم، فوجدنا طريقة لفسخ العقد، وبلغنا الشرطة."

"حسنًا..."، مدّت آفا الكلمة، وجبينها معقود كأنها لا تفهم إلى أين يتجه هذا الحديث.

تنهدت، وقد بدأ الإرهاق يظهر علي من أحداث اليوم.

ثم واصلت الحديث، "اتضح أن أفراد العصابة كانوا من بين أكثر المطلوبين للعدالة، ولم يتقبلوا أننا كشفناهم، فاختفوا عن الأنظار. كنا نظن أن تدخل الشرطة سيُبعدهم عنا."

ثم تابعت كيت الحديث من حيث توقفت، "بدأوا في تهديد والدك. وعدوا أنه سيدفع الثمن، ثم استهدفوا زوجته وأبنائه. ألقوا اللوم عليه لأنه هو من بادر بالتواصل معهم، رغم أنه لم يكن يعرف أنهم متورطون في أعمال غير قانونية. ظننا أن تهديداتهم مجرد كلام، إلى أن أطلقوا النار على والدك وقتلوه."

كان ترافيس، وغيب، ووالداي يعرفون بالفعل. نظرت إلى إيما ووجدت ملامح الصدمة والخوف مرتسمة على وجهها. ثم نظرت إلى آفا ولا يزال التعبير البارد والخالي من الحياة ملازماً وجهها.

قالت بصوت بارد وهي تنظر إلينا، "لا أرى ما علاقة كل هذا بي."، قالت بهدوء قاتل وهي تنظر إلينا، وعيناها تلكع كحدّ السيف.

ثم وقفت وقالت، "سآخذ نوح وأرحل."

فقلت من بين أسناني غاضبًا، "اللعنة يا آفا، أنتِ لا تأخذين هذا على محمل الجد حتى."

ألم تكن تدرك ما يعنيه هذا؟ مدى الخطر الذي كانت فيه؟ كيف كان من الممكن أن ينتهي اليوم ونحن نخطط لجنازتها؟

أجابت، "أنا آخذه بجدية، ومثلما قلت، لا أدري ما علاقته بي."

زمجر ترافيس بغضب معبرًا عن الإحباط ذاته الذي أشعر به، "لقد أُصبتِ اليوم برصاصة... أليس هذا دليلًا على شيء؟"

نظرت إليه بغضب وقالت، "كل ما يدل عليه ذلك هو أنني كنت في المكان الصحيح في الوقت الخاطئ."

قالت كيت محاولة الحديث: "آفا."

لكن آفا قاطعتها، "لا. هم كانوا يستهدفونكم أنتم الثلاثة لا أنا. كل الناس في هذه المدينة اللعينة يعرفون أنكم لا تعتبرونني جزءًا من هذه العائلة، فلماذا سيُضيّع أحدهم وقته في مطاردة شخص لن يكترث أحدٌ له إن مات؟"

كلماتها كانت كالسكاكين، جعلت الصدمة تعمّ المكان. هذا ليس من طباعها... ما الذي يجري بحق الجحيم؟

نظرت إليّ، وعيناها خالية من أي مشاعر. وكأنها ميتة من الداخل. شيء ما في نظرتها إليّ أقلقني. أغاظني أنني لم أر أي عاطفة في عينيها.

قالت، "إذا كان هناك شخص يجب أن تقلقوا بشأنه، شخص يجب أن تكون سلامته هي أولويتكم، فهي المرأة التي بجانبك. كانت أميرته الصغيرة المثالية، لذا توقفوا عن جرّي إلى الفوضى التي صنعها هو."

توقفت لحظة ثم واجهت الجميع بنظرات باردة.

"توقفوا عن تظاهركم الزائف بالاهتمام. لا أحتاجه، وإذا تبين أنني في خطر فسأتدبر أمري بنفسي. أفضل أن أموت على أن أقبل بحمايتكم."

شهقت والدتها، وظللنا نحدّق بها بدهشة. لم نعد نعرف المرأة التي تقف أمامنا. بدا على كيت وكأن آفا قد صفعَتها لتوها.

نهضت إيما بسرعة وحدّقت بها محاولة ترهيبها. ففي السابق كانت آفا تتراجع، لكن ليس هذه المرة.

"توقفي عن التصرّف كالفتاة التافهة، كعادتك تريدين كل شيء أن يدور حولك!"، قالت إيما بغيظ.

فقابلتها آفا بضحكة خاوية، "لا أعرف في أي جحرٍ كنتِ مختبئة يا أختي العزيزة، لكنني لم أكن يومًا بهذه الأهمية لكم.

كان كل شيء يدور حولكِ أنتِ، لكن هذا ليس ما نناقشه الآن. لقد عشت طوال حياتي بدون حماية هؤلاء الأشخاص، ولا أعرف لماذا فجأة أصبحوا مهتمين بسلامتي. إنه أمر زائف، ولا أريد أناسًا زائفين حولي... والآن، إذا سمحتم لي، عليّ أن أذهب لمنزلي."

استدارت وتجاهلت إيما والبقية كما لو أننا لم نكن موجودين. لم أصدق الكلمات التي خرجت من فمها. تحدثت عنا وكأننا غرباء عنها تمامًا. وكأننا لا شيء بالنسبة لها.

"نوح!"، نادت بصوت مرتفع، وبعد ثوانٍ سمعنا خطوات سريعة، ثم جاء ابني إلى غرفة المعيشة.

شهق نوح من الصدمة عندما رأى والدته، فجعلني هذا أشعر وكأنني حثالة بشرية.

"أمي، ماذا حدث لذراعكِ؟"، سأل وهو يركض ويعانقها.

ضمّته بذراع واحدة وقالت، "لا شيء يا حبيبي، اصطدمت بالباب فقط، وكان على الطبيب أن يعيده إلى وضعه الصحيح."

مدّت يدها تربت على خده بحنان. واختفت تلك النظرة القاسية والباردة من عينيها وهي تنظر إلى نوح.

"هل تؤلمكِ؟"

"فقط قليلًا، لكن سأكون بخير. الآن هيا بنا، دعنا نذهب إلى المنزل ونأكل الآيس كريم ونتعانق."

انفرجت شفاه نوح بابتسامة جميلة أضاءت وجهه.

حاولت آفا حمل حقيبته المدرسية لكن نوح أوقفها.

"أنا سأحملها. أنا الآن ولد كبير. سترين، عندما نصل للبيت سأعتني بكِ وأقبّل ذراعكِ حتى يختفي الألم، كما تفعلين أنتِ دائمًا معي."

ابتسمت آفا. ابتسامتها غيّرت ملامح وجهها بالكامل، إذ أذابت الجليد الذي كان يغلفه. كنا جميعًا نحدق في تفاعل الأم والابن معًا، غير قادرين على تحويل أبصارنا عن الحب الظاهر بينهما.

"هل تلك المرأة أختك؟"، سأل نوح بنظرات فضولية تجاه إيما.

"لا. ليست لدي أخت." أجابت، ثم تمتمت بشيء آخر بصوت منخفض، "ولا عائلة أيضًا."

لا أظن أن الجملة الأخيرة كانت موجهة لنا لنسمعها، لكننا سمعناها، بحسب الأصوات الحادة التي أطلقناها. نظرت إلى نوح، متسائلًا إن كان قد سمع ما قالته آفا، لكنه بدا أنه لم يسمع، لأنه كان يلوح لي.

"وداعًا يا أبي."

"إلى اللقاء يا صغيري."، أجبته بصوت شبه مبحوح.

ودّع نوح الباقين، ثم غادروا.

تُركنا في صمت، كل واحد منا غارق في أفكاره. واصلت التحديق في الباب، مشوشًا مما حدث للتو. معاملتها الباردة حرّكت شيئًا بداخلي، شيئًا لا أفهمه، كأن أوتارًا خفية شدّت بداخلي.

هذا كان جانبًا من آفا لم أره من قبل. جانبٌ غريب تمامًا عني، ولم يعجبني البتّة.

Continue to read this book for free
Scan code to download App
Comments (1)
goodnovel comment avatar
Ihanet Paylari
الحقير ما فكر انو آڤا فيا شي... بس فكر شو رح يبرر لابنو
VIEW ALL COMMENTS

Latest chapter

  • ندم الزوج السابق   الفصل 562

    حدقتُ فيه غاضبة، "من تظن نفسك بحق الجحيم، يا نوح؟"اصطكّت أسنانه، وشدّ فكه بعنف حتى بدا كأنه سيتصدع. كانت عيناه تتقدان بشيء مظلم، بشيء عنيف وخطير. لو كانت النظرات تقتل، لكنتُ جثةً هامدة منذ زمن.أضفتُ بمرارة، "أتدري ماذا؟ في هذه اللحظة، أتمنى لو أن هذا الطفل كان لأيّ شخصٍ آخر سواك."لم يتراجع، ولم أكن أتوقع منه ذلك. أعتقد أنني توقفت عن توقع أي شيء منه منذ زمن بعيد.قال أخيرًا، بعد صمتٍ طويلٍ كالأبد، "لا يهمني ما تقولين. ذلك الطفل ليس لي،" ثم شدّد على الكلمات. "لقد استخدمت واقيًا."سألتُ بهدوء، "حقًا؟"صرخ غاضبًا، "بالتأكيد! كنت سأتذكّر لو أنني مارست الجنس معكِ بدون واقٍ!"أزحتُ بصري نحو الباب وقلتُ، "هل يمكنك خفض صوتك؟ آخر ما أريده هو أن يعلم أحد أنني نمت مع أكبر وغدٍ في العالم."سخر مني. وصوته يقطر بالازدراء، "وهل تظنين أنني سعيد لأنني نمتُ معكِ؟ إلى جانب ذلك، المكتب عازل للصوت. لا يمكن لأحد أن يسمعنا." صررتُ على أسناني وأطلقتُ زفيرًا مضطربًا، "يمكنك إجراء فحص الحمض النووي عندما يولد الطفل، لكنني أؤكد لك… هذا الطفل طفلك."لم أتوقع ما حدث بعدها. في ثانية كان واقفًا أمامي، وفي الثانية

  • ندم الزوج السابق   الفصل 561

    حدقتُ في نوح، وقلبي يخفق بعنفٍ حتى كادت أضلعي تنكسر تحت الضغط. بادلني التحديق، جامدًا لا يرمش ولا يتحرّك، وجهه شاحب، والارتباك يتلاعب في عينيه. تغشى الحيرة ملامحه، وكأنه يعجز عن استيعاب الكلمات التي خرجت من فمي للتو.قال هذه المرة بصوت أكثر هدوءًا، لا يحمل تلك الحِدّة، بل تردّدًا: "ماذا قلتِ؟"أخذت نفسًا مرتجفًا. "أنا حامل."تسلّلت الكلمات همسًا، ناعمة للغاية، لكنها دوّت بيننا كصرخةٍ مكبوتة. ظللتُ أحدّق فيه، أبحث في وجهه عن أي ومضة عاطفة أو ردّ فعلٍ يشي بما يدور في ذهنه.تلاشى الارتباك من ملامحه، ليحلّ محلّه شيء أكثر برودة.النظر في عينيه كان أشبه بمشاهدة عاصفةٍ هائجة فوق بحرٍ مظلم وخطر.تذمر وتصلبت ملامحه، وعيناه تضيقان إلى شقين حادين: "هل هذه مزحة؟"تصلّبت ملامحه، وضاقت عيناه إلى شقّين حادّين.هل هو جادّ الآن؟قلتُ بحدّةٍ وقد غمرني الإحباط: "أتظنّ حقًا أنني جئتُ إلى هنا لأهدر وقتي في مزحةٍ سخيفة؟ أتعتقد أنني أفعل هذا للمتعة؟ صدّقني يا نوح، أفضل أن أكون في أي مكانٍ آخر على أن أتحمّل وقاحتك."ما زال الخوف يسيطر عليّ، لكن تحته بدأ شيء أقوى يتحرّك… ربما هو التحدّي، أو الشجاعة، أو مجرّد ك

  • ندم الزوج السابق   الفصل 560

    كانت ماريانا في أواخر الأربعينيات من عمرها، ولا تشبه الصورة النمطية للسكرتيرة الباردة والفظة. جميع مساعدي الإدارة هنا ودودون، بفضل قاعدة وضعها العم رووان بعدما تمردت سكرتيرة سابقة وكادت تقتل العمة أفا.لا أذكر كم من الوقت قضته العمة أفا في الغيبوبة، لكنني أذكر أن نوح توقف عن الذهاب إلى المدرسة خلال تلك الفترة. وبسبب خطورة إصاباتها، اضطر الأطباء إلى إخراج الطفلة أيريس من رحمها وهي في شهرها السادس فقط. وهكذا، بينما كانت العمة أفا في غيبوبتها، كانت أيريس في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة.نجت العمة أفا، لكنها استيقظت وهي مصابة بفقدان الذاكرة. وعندما استعادت ذاكرتها أخيرًا، حاولت تلك السكرتيرة نفسها قتلها مرة أخرى.سألتُ بصوت خافت، كأن مجرد ذكر اسمه محرَّم، "هل نوح موجود؟"اتسعت عينا ماريانا. "تريدين رؤية نوح؟"لم أَلُمْها على دهشتها، فالجميع يعلم أنني ونوح لا ننسجم."نعم.""أستطيع أن أحدد لكِ موعدًا معه"، قالت وهي تنقر على لوحة المفاتيح. "بخصوص ماذا؟""فقط أخبريه أنني هنا لرؤيته."أومأت ببطء. "حسنًا... اجلسي إذن."أرغمت نفسي على الابتسام وجلست. كانت ساقاي تهتزان بعصبية، فوضعت يديَّ ت

  • ندم الزوج السابق   الفصل 559

    حدقتُ في المبنى الشاهق أمامي، أحسستُ وكأن قلبي قد سقط إلى أخمص قدميّ. كان ينبض بقوة شديدة، وكنت قلقة لدرجة أنني بالكاد أستطيع التنفس.صدقًا، لا أعتقد أنني شعرت بهذا القدر من التوتر من قبل. لطالما حملت نفسي بثقة هادئة نوعًا ما، واقتناع راسخ بأنني سأجد دائمًا طريقة لتخطي أي عائق يقف في طريقي. لكن اليوم؟ تلك الثقة قد تبخرت تمامًا. حلّ محلها طاقة مرتعشة مذعورة تقفز بداخلي وتثير كل أنواع الفوضى.تجمّع العرق في راحتيّ، فمسحتُه على سروالي الجينز قبل أن أرفع عينيّ مرة أخرى نحو اللافتة الفضية الأنيقة التي كُتب عليها: شركة وودزلقد زرت هذا المكان مرات لا تحصى على مر السنين، لكن معظمها كان إلى مكتب ليلي.من المذهل كيف تمكن العم غيب والعم رووان من دفع شركة العائلة إلى آفاق جديدة. لقد وسّعاها بطرق لم يكن عالم الأعمال مستعدًا لها، والآن هي واحدة من أكبر خمسمائة شركة في قائمة فورتشن.على الرغم من أنهما في أواخر الأربعينات من العمر فقط، إلا أنّهما ما زالا يخططان للتقاعد، تاركين الشركة في الأيدي الكفؤة لأبنائهما. سيتولى نوح منصب الرئيس التنفيذي، وستكون ليلي نائبة الرئيس التنفيذي.ولهذا السبب أنا هنا. ل

  • ندم الزوج السابق   الفصل 558

    استجمعتُ قوتي، وبدأت كلماتي تتدفّق بثقة، "أنا لا أحتاجه، والطفل أيضًا لا يحتاجه. يمكنني طلبُ نقلٍ وظيفيٍّ. لنبدأ من جديد. يمكنكِ القدوم لزيارتنا... لكن نوح لا داعي لوجوده في حياتنا."حدّقتْ ليلي إليّ وكأنّني فقدتُ عقلي، وربما إلى حدٍّ ما كنتُ قد فقدتُه فعلًا، غير أنّ هذا بدا وكأنه المسار الأنسب للتصرّف."بهذه الطريقة، لن يكون هناك أيُّ حرج، ولا أي ضغطٍ عليه، ولا ألم. الأمر أنظفُ... وأهدأ."إذا غادرتُ، فلن يكون هناك توتّر. لن يُجبَر نوح على التواجد في حياتنا. سنكون جميعًا أكثرَ سعادةً بهذه الطريقة. أعتقد أنّ راحة البال خيرٌ من الفوضى التي قد يسبّبها هذا.تمتمت ليلي بصوتٍ منخفض، "سيرا، هل فكرتِ في هذا الأمر جيدًا حقًا؟""لا، لكنه يبدو الخيارَ الأفضل."قالت برفق، "وما كان الخيارُ الآخر؟"ابتلعتُ ريقي بصعوبة. "الإجهاض."توهّجت عيناها، وقالت، "هذا لن يحدث.""نحن نتّفق على ذلك. ولهذا السبب، هذا هو الخيارُ الوحيد المتبقي."اقتربت أكثر، وأمسكت يدي بين يديها قائلةً، "عادةً أساندكِ في كلّ شيء، لكن ليس في هذا. لا أستطيع... ولن أفعل."رمشتُ لها، وشعرتُ بوميضٍ من الأذى في صدري، وكبتته.أعلم أنّها د

  • ندم الزوج السابق   الفصل 557

    شعرتُ بأنّ تلك الدقائق التي جلستُ فيها أنتظرها هي الأطول في حياتي. لم أتحرّك، لكنّني لم أستطع التوقّف عن التململ؛ أقضم أظافري، أتحرّك في مقعدي، وقلبي يدقّ في أذنيَّ بعنف.وعندما سمعتُ أخيرًا هديرَ محرّك سيارتها، قفزتُ إلى قدمي، مما أفزع بلاكي، واندفعتُ نحو الباب. فتحته على مصراعيه، في اللحظة التي خرجت فيها من سيارتها البورش الفضية.لطالما كانت ليلي عاشقةً للسيارات؛ مرآبها أشبه بمزارٍ لذلك الشغف، أنيق، صاخب، وسريع، تمامًا مثلها.وفي اللحظة التي وصلت فيها إلى الباب، ألقيتُ بنفسي في أحضانها. لم أفكّر حتى؛ تشبّثتُ بها كما لو كانت الشيء الوحيد الذي يمنعني من الانهيار.الدموع التي كنتُ أحبسها وأكافحها تدفّقت من عينيَّ كالسيل. كان الأمر أشبه بانفجار سدٍّ داخليٍّ لم أعد قادرةً على السيطرة عليه.انهمر كلّ شيء... كلّ شيء.ارتفع صدري وهبط بعنف، وتناثرت أنفاسي في شهقاتٍ متقطّعة؛ أصواتٌ مبحوحة خرجت من أعماقي، تمزّقني مع كلّ محاولةِ تنفّس. شعرتُ بصدري وكأنّه في كماشةٍ تضغطه بقسوة، وبقلبي ينشقّ نصفين، واللحم الخامّ النازف داخلي يصارع ليُبقيني على قيد الحياة.احتضنتني ليلي بصمت، تدلّك ظهري برفقٍ في دو

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status