Share

الفصل 2

Author: فتاة ناعمة ولامعة

توقفت عائشة عادل عن الحركة، ثم التفتت لتغمس عود القطن في مطهرٍ خاص للفم.

وقالت ببرودٍ: “افتح فمك.”

حدّق بها رائد يونس بعينين سامّتين كأفعى، وابتسم بسخرية:

“هل تأمرينني؟”

ارتعشت رموشها مرتين، وصوتها ازداد هدوءً وجفاءً:

“سيدي، أرجو أن تفتح فمك.”

فجأة تغيّر وجهه:

“غضبتِ لأنني قلتُ كلمة؟ تُظهرين لي هذا الوجه البارد؟”

أنزلت يدها ببطء، ورفعت نظرها إليه للحظة، في عينيها حيرةٌ وإرهاق.

قالت بهدوء:

“إن لم ترغب أن أساعدك، فالسيد كريم في الخارج، سأدعوه يدخل.”

ثم استدارت لتغادر.

رفع رائد يونس يده دون وعي، ولم يتمكن إلا من الإمساك بشعرها الطويل الكثيف، وأبى أن يتركه.

شهقت بخفوت، مائلة الرأس قليلًا، بينما غشّت الضباب عينيها الباردتين.

هل آلمها؟ حسنًا، تستحق.

شدّ على خصلاتها وقال بتعالٍ:

“من سمح لكِ أن تتخذي القرار بدلاً عني؟”

تنفست بعمق، ثم عادت نحوه، وبدون تردّد لمست الجرح في شفتيه بعصا القطن.

ها هي أمامه مجددًا، لم يطلبها، لكنها عادت بنفسها، خاضعة كعادتها.

فشعر لوهلةٍ براحةٍ غريبةٍ تملأ صدره، لكنه لم يُفلتها من نقده اللاذع:

“مجرد قطعة أرض، لو أرسلتُ كريم شريف لقضى الأمر خلال أسبوع، أما أنت فمكثتِ نصف شهر! سكرتيرتي عائشة، هل قدراتك بهذا السوء؟”

ارتجفت يدها فجأة.

“آه!”

صاح من الألم، وسحب شعرها بعنف حتى كاد يجذبها إلى صدره.

“عائشة عادل، هل فعلتِ ذلك عمدًا؟!”

حاولت أن تحافظ على هدوئها، لكن يديها لمستا صدره دون قصد.

أصدر صوتًا مكتومًا، وسرعان ما أثقل أنفاسه.

انحدرت نظراته من وجهها إلى صدره العاري، ولما سحبَت يدها بسرعةٍ كمن لُسع بالنار، عضّ على خده من الداخل بعصبيةٍ مكبوتة.

لقد نسي أنه بلا رداء، وأن برودة جلدها على جسده المحموم كانت كالنار.

توقه ازداد جنونًا… أراد أن تلمسه أكثر.

لكنها ابتعدت بخطوةٍ كبيرة وقالت بخفوت:

“أعتذر، سيدي… الأمر أكثر تعقيدًا مما ظننت، فالأرض تلك مرتبطة بعدة جهات…”

قاطَعها بضيق:

“أم أنك التقيتِ بحبيبك القديم هناك؟”

رفعت رأسها فجأة، وفي عينيها نظرةٌ لا تُفسَّر، وما إن حاول أن يقرأها حتى خفضت جفنَيها وشدّت شعرها بنفسها.

ارتبك للحظة، فأفلتها سريعًا، لكن بعض الخصلات انقطعت وسقطت في كفه.

زمجر بغضب:

“ما الذي تفعلينه؟!”

تأمل الشعر في يده وكأنما انتُزع من رأسه هو، فاشتعل غضبًا أكثر منها.

رمت عود القطن في سلة المهملات، وهمّت بالخروج.

“توقفي!”

صرخ بها:

“قدراتك الضعيفة أخّرت العمل كل هذا الوقت، ألا يحق لي أن أوبّخك قليلًا؟ ما هذا الوجه الذي تُظهرينه لي؟!”

كان رأسه يدور من الحمى، لكن رؤيتها تغادر بتلك اللامبالاة جعلت صدره يختنق.

اسودّت الدنيا أمامه، فاستند إلى المغسلة وهو يتنفس بصعوبةٍ، ووجهه متوهّج من الحرارة والغضب.

إن غادرت الآن، فسيأكلها حيّة.

لكن عادت عائشة عادل بعد لحظات، تحمل رداءه الحريري، وجاءت لتلبسه له.

ومع كل خطوةٍ اقتربت بها، هدأت ملامحه الغاضبة شيئًا فشيئًا.

حين أحاطته لتساعده على ارتداء الرداء وربط الحزام، أحاطته رائحتها الدافئة، فعجز عن قول أي كلمةٍ جارحة.

ثم أخرجت عود قطنٍ جديدًا وغمسَته في الدواء، وقالت بهدوءٍ ثابت:

“سيدي، فمك يحتاج إلى مطهّر.”

فتح فمه هذه المرة دون اعتراض، وهو يحدّق فيها.

لكن الأمر لم يكن سهلًا، فهو بطول مترٍ وتسعين، بينما هي بالكعب العالي بالكاد تصل إلى مترٍ وثلاثة وسبعين.

لم تستطع رؤية الجرح بوضوح.

نظرت إليه تنتظر أن ينحني قليلًا، لكنه نظر إليها بعينين محمومتين دون أن يتحرك، متعمدًا مضايقتها.

رجلٌ متسلّط في العلن، لكنه في الخفاء مثل صبيٍّ مشاكسٍ شرير.

وضعت العصا جانبًا، فأخذ يصرخ من جديد:

“ألن تنتهي من هذا؟ هل من الصعب وضع دواء؟!”

قالت بهدوءٍ جاف:

“أنت أطول منّي، لا أستطيع الوصول، وإن لم ترغب في الانحناء، سأجلب كرسيًا.”

ضحك بسخريةٍ حادة:

“ستقفين على الكرسي لتضعي لي الدواء؟ عبقرية حقًا.”

لم ترد، وذهبت لتجلب الكرسي، ثم وضعته خلفه.

“سيدي، تفضل بالجلوس.”

تجمّدت ابتسامته، وغلت الدماء في عروقه.

“كُفّي عن إصدار الأوامر! قفي أنتِ على الكرسي، بما أنك قصيرة لهذه الدرجة!”

فخلعت كعبها العالي وصعدت فوق الكرسي دون تردد.

كاد أن ينفجر غضبًا، لكن ما إن وقعت عيناه على قدميها البيضاوين فوق المخمل الأسود، حتى احمرّت عيناه أكثر.

أدار رأسه بعنف محاولًا كبح نفسه، لكن سلبته الحمى السيطرة، فعجز عن صرف نظره عنها.

نادته مرتين فلم يجب، فمدت يدها المغطاة بالقفاز لترفع ذقنه.

كان لمسها باردًا وناعمًا، فأغمض عينيه للحظة بارتياحٍ نادر.

رفع رأسه قليلًا، ووقعت عيناه على جسدها القريب، فاختنق تنفّسه من جديد.

تابعت عائشة عادل عملها دون أن تلحظ اضطرابه، تمسّك بذقنه وتفحص فمه بعناية.

كان الجرح عميقًا، والأنسجة ممزقة.

قطبت حاجبيها، تخفي ما في قلبها من ألمٍ وتعاطفٍ يكاد يفيض من عينيها.

اقتربت أكثر لترى بوضوحٍ داخل فمه، وعضّت على شفتيها كي لا تبكي.

تذكّرت المنظر حين رأته قبل قليل وهو يفرّك فمه بجنون، لم يكن ينظّفه، بل كان يؤذي نفسه.

غمرها الغضب والشفقة والقلق، لكنها لم تسمح لأيٍّ منها بالظهور.

عليها أن تبقى باردة، ليشعر بالأمان تجاهها.

يعاني رائد يونس مرضًا نفسيًا خطيرًا — رهاب النساء.

مجرد لمسةٍ أنثوية، خصوصًا قبلة، قد تدفعه إلى الجنون أو التدمير الذاتي.

ورغم أن العلاج النفسي والدواء خفّفا الأعراض، إلا أنها لم تجرؤ على تجاوز الحدود.

انتظرت سبع سنوات لتقترب منه، وحين وصلت أخيرًا، دفنت حبها العميق في أعماقها.

لا تجرؤ أن يدرك أنها أحبّته طيلة سبع سنوات، ولا أن يعرف أنها تلك الفتاة التي أنقذها من أيدي المجرمين قبل أعوام.

حين سعت إليه يومها بامتنانٍ وحب، قال لها ببرودٍ قاتل:

“إياكِ أن تظهري أمامي مجددًا!”

بالنسبة إليها، كان منقذها… خلاصها… وحبها الأول الذي لم تستطع نسيانه أبدًا.

هي عنيدة في كل شيء، في دراستها، وفي حبها أيضًا.

ومن أجل هذا الحب، خالفت كلماته، وجاءت إلى جواره خفية، عاقدة العزم ألا يعرف هويتها الحقيقية.

لكن في كوابيسها المتكررة، كانت تبكي وهي تسأله:

لماذا لا تريد أن تراني مجددًا؟

ولم يأتِ الجواب يومًا.

Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • ‎حين تغيّرت السكرتيرة، فقد الرئيس المتحفظ السيطرة   الفصل 30

    استفاقت عائشة عادل من شرودها، رفّت عيناها لتطرد ما تبقّى من دموع، وقالت بامتنانٍ صادق ونبرة جادة:“لن أنسى ذلك أبدًا.”ابتسم سلمان مازن بلطف، وقال بنبرة هادئة تفيض دفئًا:“أتمنى أن تبقي شجاعة كما كنتِ دائمًا، يا آنسة عائشة.إذا شعرتِ يومًا أن قلبكِ مثقل، تعالي إليّ.أنا موجود دائمًا من أجلك.”ثم رفع يده، وربّت على رأسها بخفة، كانت تلك المرة الأولى منذ سبع سنوات من معرفتهما التي يلمسها فيها.تجمدت للحظة، ثم أمالت جسدها قليلًا وهي تفك حزام الأمان، وقالت بابتسامة خفيفة:“شكرًا لك، أخي سلمان. أعلم أن لديك الكثير من العمل، لذا لن أُتعبك بالدخول.في المرة القادمة سأدعوك لتناول العشاء بشكلٍ رسميّ، احتفالًا بوصولك إلى المدينة.”ظهرت عند عينيه تجاعيد لطيفة وهو يبتسم:“اتفقنا، سأنتظر هذه الدعوة يا آنسة عائشة.”لوّحت له مودّعة، ثم صعدت إلى شقتها.أما هو، فظلّ يحدّق باتجاهها، وقد رفع يده التي لمست شعرها قبل قليل، يمرر أصابعه عليها وهمس بابتسامة خافتة:“لا بأس… لقد جئت بنفسي هذه المرة، والوقت في صفي.”ثم أدار محرك السيارة وغادر ببطء.في مقرّ الشركة، طرق كريم شريف الباب وأدخل صينية صغيرة.قال بحذر و

  • ‎حين تغيّرت السكرتيرة، فقد الرئيس المتحفظ السيطرة   الفصل 29

    “السكرتيرة عائشة، كيف حالكِ الآن؟ إن كنتِ قادرة على الحضور، فهل يمكنك المجيء إلى المكتب اليوم؟”كانت عائشة عادل تتناول الغداء مع سلمان مازن حين رنّ هاتفها. فتحت الرسالة وقرأت. “لقد أخذت إجازة ليوم واحد، لن أعود اليوم. ما الأمر يا كريم؟”جاء الرد فورًا:“الرئيس في حالة غضب شديد اليوم، لا أستطيع تحمّله أكثر! لقد قلب الغداء الذي أحضرته له، ربما الطعام لم يعجبه.”عضّت عائشة على شفتها بتردد، شاعرة بوخزة قلق تجاه الرئيس، إذ لم يأكل منذ الصباح.“اذهب واطلب له عصيدة بيضاء، اجعلها سميكة قليلًا، مع بعض الأطباق الجانبية الخفيفة، وسيأكلها. ولا تنسَ أن يتناول الدواء.”ارتجف كريم شريف وهو يقرأ الرسالة، وكأنه تلقى أمرًا انتحاريًا.“أأنتِ متأكدة أنكِ لا تستطيعين العودة اليوم؟”تنفست عائشة بعمق، كانت مترددة فعلًا. كانت ترغب في العودة، حتى لو فقط لتتأكد أنه تناول طعامه.لكنها أغلقت عينيها، وكتبت كلمتين فقط:“لا أستطيع.”ثم أغلقت صوت الهاتف، ووضعت الجهاز مقلوبًا على الطاولة، متجنبة النظر إليه من جديد.لم يتدخل سلمان مازن طوال الوقت، حتى وضعت هاتفها جانبًا. عندها فقط قال بهدوء:“هل هناك ما يشغلكِ؟ إن كان

  • ‎حين تغيّرت السكرتيرة، فقد الرئيس المتحفظ السيطرة   الفصل 28

    أليست مريضة؟إن كانت مريضة فعليها أن تبقى في المنزل وتستريح، لا أن تتجول في السوق مع رجل غريب!ومنذ متى كان هناك رجل بجانبها أصلًا؟أخرج رائد يونس هاتفه وبدأ يتصفح حسابها في مواقع التواصل، لكن منشوراتها خلال الأشهر الستة الماضية كانت قليلة جدًا، بلا صور شخصية.حتى لو أراد أن يري أحدًا صورتها للتأكد، لم يجد شيئًا. “اللعنة!”شتم بصوت عالٍ، واتجه غاضبًا إلى غرفة المراقبة في المركز التجاري.لم يعرفه أحد الحراس الجدد، وحاول أحدهم منعه من الدخول، فركله رائد يونس بقدمه حتى سقط أرضًا.“ابتعد عن طريقي!”هرع مدير الأمن وهو يتصبب عرقًا:“عذرًا، سيدي الرئيس! إنه جديد ولا يعرفك بعد.”شدّ رائد يونس ياقة قميصه وقال بصرامة:“كف عن الكلام الفارغ. أريد تسجيل كاميرات المقهى قبل نصف ساعة، أسرعوا.”ارتبك الجميع، وأصدر المدير أوامره للفنيين لعرض التسجيل فورًا.لكن فجأة قال رائد يونس ببرود:“انتظروا.”توقفوا جميعًا ونظروا إليه بدهشة.حتى هو نفسه لم يفهم ما الذي يفعله.هل يهمه فعلًا إن كانت تلك المرأة هي عائشة عادل أم لا؟وحتى لو كانت هي، فمن يكون ذلك الرجل الذي كان يضحك معها؟ وما علاقته بها؟ولماذا، بحق الس

  • ‎حين تغيّرت السكرتيرة، فقد الرئيس المتحفظ السيطرة   الفصل 27

    رَمَى قطعتي السلسلة على المكتب، وأشعل سيجارة بابتسامة باهتة.دخّن سيجارتين متتاليتين دون أن يهدأ ضيقه، ففرك جبينه بعصبية، وأطفأ السيجارة بقوة، ثم أمسك بقطع السلسلة وخرج من المكتب.نهض كريم شريف بسرعة:“سيدي، إلى أين؟ هل أجهز السيارة؟”لوّح رائد يونس بيده دون أن يلتفت:“تابع عملك، لست بحاجة إليك.”قاد سيارته بنفسه إلى أحد المراكز التجارية، واتجه مباشرة إلى محل مجوهرات فاخر.ألقى قطع السلسلة على الطاولة وقال ببرود:“أصلحوها.”أصاب الارتباك الموظفين للحظة، فالرئيس شخصيًا أمامهم! سارع أحدهم إلى أخذها ورشة الصيانة.قال رائد يونس بنبرة حادة:“دعوا أمهر الحرفيين يتولاها، أريدها تبدو كأنها لم تُكسر قط.”“حاضر، سيدي الرئيس.”جلس في غرفة الضيوف المخصصة لكبار الزبائن، يحدق عبر الزجاج في الرجال والنساء المتجولين في الخارج، وشعر بنفور شديد منهم جميعًا.في الجهة المقابلة، خرج سلمان مازن من متجر إلكترونيات يحمل أكياسًا، وعائشة عادل إلى جواره.قال مبتسمًا:“شكرًا للآنسة عائشة التي رافقت هذا الرجل القادم من الريف في جولته داخل المدينة.”ضحكت قائلة:“لا تقل إنك من الريف وتجرّني معك! أنا لست من الريف، مس

  • ‎حين تغيّرت السكرتيرة، فقد الرئيس المتحفظ السيطرة   الفصل 26

    نظر السائق إلى ساعته، كانت تقترب من التاسعة صباحًا، وقد مضت أكثر من ساعة وهما ينتظران أمام مدخل المجمّع الذي تسكن فيه سكرتيرة الرئيس.تردد قليلًا قبل أن يسأل الراكب الجالس في المقعد الخلفي، بوجه متجهّم لا يُقرأ عليه أي تعبير:“سيدي الرئيس، هل ترغب أن أتصل بالسيدة عائشة؟”لم يجب رائد يونس، فقد ظلّ بصره ثابتًا على بوابة المجمع السكني.كان واثقًا أنه إن خرجت، فسيلاحظها على الفور.ألقى نظرة أخرى على ساعته، وبدأ يحسب الوقت في ذهنه.في الأيام العادية، تصل إلى المكتب قبله بقليل، والطريق من منزلها إلى الشركة يستغرق عشرين دقيقة، وهي عادةً ما تغادر في الثامنة والثلث.لكنه ينتظر منذ السابعة وخمسين دقيقة… حتى الآن، قاربت الساعة التاسعة، ولم تظهر بعد.هل مرضت؟هل استيقظت متأخرة؟أم أنها غاضبة لدرجة أنها لا تنوي الذهاب إلى العمل اليوم؟كبح تلك الرغبة العارمة في الصعود إلى شقتها وطرق الباب بعنف، وأحكم قبضته حتى وخزته السلسلة المعدنية في كفه.أعاد نظره إلى الأمام وقال ببرود:“انطلق.”تحركت السيارة فورًا، بينما كان السائق يغلي من الفضول، ماذا حدث بينهما الليلة الماضية؟فالرئيس، الذي لم ينتظر أحدًا في ح

  • ‎حين تغيّرت السكرتيرة، فقد الرئيس المتحفظ السيطرة   الفصل 25

    أومأت عائشة عادل مبتسمة:“بالطبع.”تظاهر سلمان مازن بالإصابة وقال ممازحًا:“هل يمكنكِ على الأقل التوقف عن مناداتي بـ(الدكتور سلمان)؟ هذا يجعلنا كالغرباء.”ضحكت بدورها، ثم نادته كما كانت تفعل في آخر مرة غادرت فيها عيادته:“الأخ سلمان مازن.”ابتسم بلطف، وقد لاحظ أن روحها بدأت تهدأ، فدخل في صلب الحديث.“لماذا أنتِ حزينة؟”ربما لأن الطبيعة تبعث على الطمأنينة، وربما لأن الشخص الذي أنقذها من ظلماتها النفسية أكثر من مرة يقف أمامها، لم تعد تشعر بالارتباك والخوف كما من قبل.قالت بصوت منخفض:“الشخص الذي أحبه يكره النساء… ولا يثق بي أبدًا.”تجمّد الابتسام على وجه سلمان مازن للحظة، لكنّه أخفى اضطرابه بسرعة، وقال بهدوء:“إذًا التقيتِ بمن كنتِ تحبينه سرًّا طوال تلك السنوات؟”أومأت برأسها.أظلمت نظراته قليلًا، كان يعلم أن فتاة بمثل إصرارها وثباتها لا يمكن أن تظلّ مكتوفة اليدين وهي تحمل حبًّا دفينًا طوال هذه المدة.لكنه أدرك أيضًا أنه جاء متأخرًا.ومع ذلك، لا بأس… فالجميع في النهاية يُحبّون من طرف واحد، ويبقى الحسم لمن يملك الصبر والحنكة.سألها بتركيز:“ما الذي يحزنك حقًا؟ أو ما الذي تخافين منه؟”قالت

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status