Share

الفصل776

Author: شاهيندا بدوي
لاحظ أحد الأطفال الأستاذ همَّام، ففرح فورًا ولوّح بيده قائلًا: "أستاذ همَّام!"

سمعت نور الصوت فنظرت نحو المصدر.

ارتدى الأستاذ همَّام اليوم قميصًا أسود، مفتوح عند الزرّين العلويين، وأكمامه مطوية حتى الساعد.

وقف تحت أشعة الشمس، يد واحدة في جيبه، والأخرى تحمل عدة كتب، وتحت نظارته الذهبية، كانت عيناه السوداوان غامضتين.

ومع ذلك، ارتسمت على شفتيه ابتسامة عميقة.

وفي اللحظة التالية، اندفع الأطفال بجانب نور نحو أستاذ همَّام كالسيل.

"أستاذ همَّام، هذه الكلمة لا تُنطق ساشعة! أستاذ همَّام، ألم تعلِّمنا هذه الكلمة في المرة السابقة؟"

"أستاذ همَّام، نحن نصدِّقك أنت فقط!"

"أستاذ همَّام، نحن لا نعرفها، من هي؟"

...

تعالت الأصوات.

حتى أن بعض الأطفال ألقوا بنظراتهم الحادة نحو نور.

وفجأة، أمسك أحد الأولاد بحجر ورماه نحو نور.

تجنبت نور الحجر ببراعة، لكن أستاذ همَّام اندفع نحوها.

أصاب الحجر فخذ أستاذ همَّام مباشرة.

حمل وجهه جديّة مفاجئة وقال: "عبد العزيز، ما الذي كنت دائمًا أعلِّمك إياه؟"

خفض الصبي المُسمى بعبد العزيز رأسه قائلًا: "أستاذ همَّام، أنت دائمًا تعلّمنا أن نكون طيبين مع الآخرين، ولا نحلّ المشاكل
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل786

    بدت الأطعمة قاسية بعض الشيء، ولم تكن جذابة المظهر."تفضلي."فجأة، شمّت نور رائحة الأرز.رفعت رأسها، لتجد سمير واقفًا أمامها، ينظر إليها بعمق وهدوء.وكان يحمل بيده وعاءً من الأرز الأبيض النظيف.تجمَّدت نور للحظة، مندهشة.رأى سمير أنها لم تتحرك، فوضع وعاء الأرز بجانبها، ثم وضع العصيان على الوعاء وقال: "كلي".أما هو فبدأ يأكل من وعاء الأرز الداكن بعض الشيء.حدّقت نور فيه بلا فكاك، وسألته: "أهذا كل ما تأكلونه؟"جلس سمير بجانبها على الصخرة الصغيرة، وقال: "نعم".أطبقت نور شفتيها، ولاحظت أن سمير قد تغيّر كثيرًا.فسمير الذي كان معتادًا على حياة الترف والرقي، لم يسبق له أن رأى أرزًا بهذه الخشونة.سواء في الحياة أو الطعام، كان كل شيء حوله على أعلى مستوى دائمًا.نظرت نور حولها، ولاحظت أنه مقارنة بحياته السابقة، حتى لو عدنا بمئة عام إلى الوراء، لم تكن ظروفه لتكون بسوء الحياة التي يعيشها الآن.نظرت إلى وعاء الأرز الأبيض وقالت: "لست مدللة، لقد اعتدت على هذه الحياة في قبيلة العزبي، ولا داعي لإعداد الأرز الأبيض خصيصًا من أجلي".ألقى عليها سمير نظرة جانبية، وقال: "الأرز الأبيض قليل، فلا تهدري الطعام".

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل785

    تلاقت عيونهما، وكأن نظرة واحدة تُعادل ألف عام.كانا يقضيان الصباح والمساء معًا في الماضي، ومع ذلك بدت هذه النظرة الأولى بعد طول الفراق أكثر قيمة من كل اللحظات التي قضياها معًا.احمرّت عينا نور، فمشاهدتها لسمير سالمًا كانت أهم من أي كلمات يمكن أن تُقال.لم تجرؤ على الاقتراب خطوة أخرى، وكبحت مشاعرها التي كادت تنقضّ عليها.كانت تتخيل لقاءهما مرة أخرى قبل قدومها. وكان لقاءٌ واحد كافٍ ليملأ قلبها بالسكينة. مهما كانت ضغائنها القديمة، فهي الآن تبدو ضئيلة أمام سلامته.لم يقتربا من بعضهما. بل أخذا ينظران لبعض من بعيد، نظراتٍ مليئة بالحنين والشوق."يا قائد سمير."عندما توقَّف سمير عن الحركة، صاح به أحد الجنود: "الجميع ينتظر دخولك".سمع سمير الصوت، استدار بهدوء وقال: "حسنًا".دخل دون أي تردد.خرجت نور بعد أن دخل، وبعد أن اختفى ظلّه من أمامها، شعرت بفراغٍ في قلبها. لكنها كانت واعية، تدرك أنهما قد تطلقا بالفعل.لا شيء كان مؤلمًا أكثر من استلامها لشهادة الطلاق التي تعني أنه تخلَّى عن زواجهما.وقفت نور خارجًا، وهدأت نفسها طويلًا، لكنها لم تعد إلى الخيمة، بل لاحظت عن بعد مجموعة من الجنود حول نار ا

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل784

    وحين دقَّقت نور النظر.لاحظت أن البطانيات والأكواب وبعض الأدوات كلها تحمل علم دولة العرب.هل يُعقل..."معلمتي! لقد استيقظتِ أخيرًا!"اندفع عبد العزيز متحمسًا بين ذراعيها.ارتبكت نور للحظة، ونظرت إلى رأسه الصغير، فبدأت تلقائيًا تداعب رأسه."لقد استيقظت!"رفعت نور رأسها. ورأت جنديًا بزي عسكري يدخل من الخارج بعد أن أزاح الستار."آنسة، كيف حالتك؟"اقترب الجندي منها. عند سماعها للغة العربية المألوفة، شعرت نور وكأنها عادت إلى وطنها، وانتابها شعور بالأمان الكامل، وقالت: "أنا بخير، أنتم...أنتم قوات دولة العرب؟""نعم."أجاب الجندي، وهو متحمس قليلًا: "لم أكن أتوقع أن نلتقي بأناس من بلدنا في هذا الفوضى".تذكرت نور على الفور احتمال لقاء سمير، لكنها عند النظر إلى الشخص أمامها، أدركت أنه لم يعرفها، وهي أيضًا لا تعرفهم، فسألت بحذر: "هل تعرفون سمير؟"كان لديها بعض الترقب.تفاجأ الجندي، ولمع وجهه: "آه، أنت تعرفين قائدنا سمير؟"ازداد شعور نور بالحماس، وقالت: "أين هو؟""لم يعد القائد سمير بعد، لا أعلم، ربما لا يزال في مهمة." لاحظ الجندي مشاعرها.شعرت نور بالترقُّب، على الأقل هو على قيد الحياة، فبعد كل

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل783

    "هناك حالة طارئة!""تقدّموا بسرعة للدفاع!""احموا القرويين!"عمّت الفوضى المكان، وما إن اندلعت الحرب حتى غمر المشهد الدماء والدمار.وفي اللحظة نفسها، انطلقت اشتباكات نارية عنيفة.لم يتمكن بعض القرويين من الفرار، فوقعوا في الوسط، يلوذون برؤوسهم ويركضون مذعورين.رصاص كثيف ينهال بلا رحمة، يُسقط الأبرياء أرضًا.صوت المدافع يتعالى، والدخان يعمّ المكان، وتنتشر رائحة الدم الكثيفة."واااء!!!"أُصيب الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وثلاثة بالرعب، ووقفوا عاجزين يبكون باحثين عن أمهاتهم."احموا الأطفال!"هرع جنود القوات الخاصة وحمَلوا الأطفال بين أذرعهم، يختبئون خلف الدروع، ثم ساعدوا في نقلهم إلى مناطق آمنة من خلال أشخاص آخرين.كانت قوات التحالف مستعدة، لكنها واجهت خصمًا عنيدًا. إذ فوجئت بوجود قوات حفظ السلام من دولة العرب.لم تكن أسلحتهم ولا مهاراتهم القتالية تعادل قوات دولة العرب. فأمروا بالانسحاب.تتابعت قوافل التحالف تغادر ساحة المعركة. ولم تتمكن قوات دولة العرب من مطاردتهم.فقد تم توقيع اتفاقيات بين الدول، وقوات حفظ السلام يمكنها فقط حماية المدنيين.وبدون مذكرة توقيف، وفي ظل انسحاب ا

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل782

    فتحت نور غرفة همَّام في المدرسة بالمفتاح، كانت الغرفة صغيرة لكنها مرتّبة بعناية.رأت دواءً أحمر للتورّم على النافذة.دهنّت على ظهر الطفلة الصغير بحذرٍ العلامة الحمراء الناتجة عن سقوط الطاولة."سأضع لكِ هذا المحلول في المدرسة، وبعد الدوام خذيّه إلى المنزل، وأخبري أحد الكبار بذلك. وأيضًا، إذا حدث شيء مشابه في المرة القادمة، أخبري المعلم أو الوالدين، لا تكتفي البكاء فقط، ولا تخافي من عبد العزيز، فهمتِ؟" شعرت نور بقلبها يؤلمها حينما رأت وجه الفتاة ممتلئًا بالدموع.هزّت الطفلة رأسها قائلة: "أخاف أن يضربني عبد العزيز...""أنا هنا معكِ، لا تخافي."مسحت نور على رأس الطفلة، وشرحت لها طويلًا، ثم أمسكت بيدها وأخرجتها من غرفة همَّام.لم تَعُد بعد إلى الصف حتى أحاط بها عدد من القرويين.نظرت نور، فإذا بهم نفس الأشخاص الذين أحاطوا بها أمس.وقف رجل منهم وقال: "ما حدث البارحة كان خطأ أبيبا، لا يمكن أن يكون ما حدث اليوم خطأ عبد العزيز أيضًا، أليس كذلك؟"أدركت نور حينها أنّ أبيبا وعبد العزيز أخوان.وسلوك عبد العزيز اليوم كان على الأرجح مزيجًا من ضغائن قديمة وحديثة.سحبت نور ملابس الطفلة، لتنعكس العلامة ا

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل781

    أومأت نور برأسها وقالت: "حسنًا".عادت إلى الغرفة وهي تقبض على هاتفها، تتوالى في ذهنها وجوه كثيرة.تكدّر خاطرها، فمن أوّل الأمر عجزت عن النوم، ثم لا تدري متى غلبها النعاس.ولمّا فتحت عينيها من جديد، كان الفجر قد طلع.لقد وعدت همَّام أن تبدأ اليوم بتعليم أطفال المدرسة.وفي الصباح، أعدّت والدة صاحب البيت شيئًا من عصيدة الذرة.شربت نور نصف وعاء، ثم خرجت مع الرجل قاصدين المدرسة.تذكّرت خطأ الأطفال في القراءة المرة الماضية، فقررت أن تعلّمهم اليوم مخارج الحروف والأصوات.كانت القاعة بسيطة جدًا، أما السبورة فما هي إلا جدار مطليّ بالأسود. والطباشير قصيرة جدًا.كتبت نور الحروف والمقاطع على السبورة البسيطة، ثم قدّمت نفسها بلغة قبيلة العزبي قائلة: "مرحبًا جميعًا، أنا اسمي نور، ولأن الأستاذ همَّام لديه ما يشغله فسأتولى التدريس بدلًا عنه في هذه الأيام".لم يكن يهمها ما تكون عليه أخلاق همَّام، فهؤلاء الأطفال أبرياء. وهي تريد أن تساعدهم، وفي الوقت نفسه تُظهر صورة حسنة عن نفسها أمام همَّام، فلعلّ ذلك يفتح لها سبيلًا لرؤية فرعون.لكن هؤلاء الأطفال لم يستمعوا إليها.تعمَّدوا الحديث بصوتٍ عالٍ، وكأن لا و

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status