All Chapters of سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك: Chapter 641 - Chapter 650

922 Chapters

الفصل 641

كانت سارة قد أعدّت نفسها لأسوأ الاحتمالات، فهي لم تأتِ إلا لإلقاء التحية، وإن لم تنل استحسانهم فلتدر ظهرها وترحل ببساطة.غير أنّ السيدة ناريمان لم تنطق بعد، حتى انطلقت فجأةً نبرة مألوفة: "خالة ناريمان، لقد عاد حبيبي أحمد؟"التفتت سارة نحو زاوية الطابق الثاني، فرأت وجهًا تعرفه جيدًا، لم يمر وقت طويل منذ أن التقت به في الداخل، إنّها فيفي.ما إن التقط أحمد صوتها حتى اقشعرّ جسده وكسى ملامحه جليد بارد.وقال باقتضاب: "ما الذي جاء بكِ إلى هنا؟"أسرعت فيفي بخطواتها حتى بلغت جانب السيدة ناريمان، واعتمدت على ذراعها بمودّة مصطنعة وهي تقول: "حبيبي أحمد، طوال هذين العامين كنتُ أنا من يرافق خالة ناريمان."حينها فقط أدركت سارة مكمن ثقتها، فكل ما دار كان تمهيدًا لهذه اللحظة.لقد لعبت فيفي بأقوى أوراقها التي تكمن في والدة أحمد.إذن، لم يكن استدعاء والدته لرؤية أحمد عن حنين الأم، بل لتزويجه من فيفي.يا لها من حبكة بائسة.ولم يساور قلب سارة أدنى غيرة، بل راحت بخيالها الجامح تتكهّن بما سيحدث تالياً.بل وحمدت ربها أنّها أكلت جيدًا في المطار، وإلا لكان هذا العشاء تحوّل إلى عذاب جوع.جلست تنتظر بصبر ما ستؤول
Read more

الفصل 642

لم تمهلها السيدة ناريمان لتفهم شيئًا، بل غادرت أولًا تاركةً خلفها ظهرًا رشيقًا.فألقت سارة نظرة سريعة على أحمد ثم غمزت بعينيها وخفضت صوتها قائلة: "أخبرني، ما موقف أمك بالضبط؟"فقال أحمد وهو يمسك بيدها متجاهلًا سؤالها: "تذوّقي أطباق الجنوب الأصيلة، هيا تنازولي"، وأخذها إلى قاعة الطعام.كانت السيدة ناريمان قد جلست بالفعل، وقد وقع بصرها على يدي أحمد وسارة المتشابكتين، فتجمدت نظرتها لوهلة.وفي تلك الأثناء، جاءت فيفي تحمل وعاء الحساء، لتبصر أحمد وهو يسحب الكرسي لسارة أولًا كي تجلس، ثم جلس هو بعدها.ووضع لها مقبلات الطعام التي كانت بعيدة عنها.لو كان ما يفعله أمام الغرباء لاعتُبر مجرّد دور الرجل المولع بزوجته، لكن اليوم لا يوجد غرباء، فلمن يمثل؟ لم يكن ثمة تفسير سوى أنّ هذا هو أسلوب تعاملهما الطبيعي، كأيّ زوجين عاديين.أما فيفي فقد شعرت بالغبن، إذ إنها كانت تنوي استغلال الموقف لكسب القبول، لكن في المقابل بدا وكأنها لا تختلف عن طاهية المنزل. وعندما وضعت الحساء أمامهما، رمقت سارة بعينين مفعمتين بالاستياء وقالت: "آنسة سارة، كم أحسدكِ، لقد تزوجتِ من عزيزي أحمد، ومع ذلك تتعاملين كأنكِ ضيفة".كانت
Read more

الفصل 643

احمرّ وجه سارة خجلًا، حسنًا، صحيح أنها طلبت الكثير من الأطباق، لكنها في الحقيقة لم تنهها كلها، إنما ذاقت القليل فحسب. معدتها الصغيرة لا تتحمل الكثير من الطعام، وسرعان ما شعرت بالشبع.رفعت السيدة ناريمان عينيها بازدراء وقالت: "إذا لم تكوني قادرة على الأكل فلا تطلبي، وجبة واحدة لا يمكن أن تُفلس عائلة أحمد، وحتى لو أفلست فما شأنكِ وما شأني؟"اتسعت عينا سارة بدهشة، هذه الحماة تختلف كثيرًا عن الصورة التي رسمتها لها في خيالها.قالت سارة باعتذار وهي تعضّ على شفتها: "آسفة، لقد كنتُ أظن…"فأكملت السيدة ناريمان ما لم تستطع سارة قوله: "كنتِ تظنين أنني سأصعّب الأمور عليكِ، لذلك لم تتمكني من الأكل وجلستِ تفكرين، فقررتِ أن تأكلي في الخارج قبل أن تأتي."قالت سارة بخجل: "نعم، لقد كان ذلك تصرفًا غير لائق."ابتسمت السيدة ناريمان بسخرية: "لا داعي للاعتذار، كنتُ أصلًا أنوي أن أحرجك."وقفت سارة مذهولة، هذه الحماة لا تسير وفق أي منطق مألوف، كلامها يترك سارة عاجزة عن الرد.ثم قالت السيدة ناريمان بهدوء: "في الحقيقة أنا أيضًا خشيت أن أراكِ لا تستطيعين الأكل، فأكلتُ قليلًا من قبل، إن لم تكوني جائعة فتعالي نمشي
Read more

الفصل 644

تفاجأ أحمد قليلًا وهو يرمقها بنظرة متفحصة وقال: "كنتُ أظن أنكِ لا تُعيريننا أي اهتمام، لم أتوقع أن أخباركِ واصلة بكل هذه السرعة."رفعت السيدة ناريمان رأسها قليلًا لتتمكن من النظر مباشرة في عينيه، وقد أثارت كلماته في قلبها مشاعر متضاربة. ابتسمت بحزن قائلة: "في ذاكرتي أنت ما زلتَ ذاك الطفل الصغير الذي يتبعني أينما ذهبت، ولم يخطر ببالي قط أنك ستكبر بهذه السرعة."مدّت يدها محاولةً أن تلمس وجهه.لكن أصابعها توقفت قبل أن تبلغه، ولم تجرؤ على المضي أكثر.كانت مشاعرها تجاهه معقدة، فمنذ البداية حين كانت تنتظر قدوم هذا الطفل إلى الحياة، كان في قلبها أمل أن يعود أبوه عن قسوته.إلا أن النتيجة كانت صادمة، إذ لم يُلقِ ذاك الرجل عليها حتى نظرة، بل أدار ظهره بلا رحمة، عندها امتلأ قلبها بالغيظ على أحمد.لم تُؤدِّ يومًا واجبها كأم، حتى الوقوف أمامه الآن بدا وكأنها غريبة عنه.سحبت يدها بتردّد، وارتسمت على وجهها خيبة ظاهرة وقالت بصوت خافت: "لا بد أنك أنت وأختك تلوماني كثيرًا، فأنا لم أُحبكما يومًا."أحمد حدّق فيها بعينيه العميقتين وقال ببرود: "وما جدوى هذه الكلمات الآن؟ ذاك الرجل لم يعد يومًا أدراجه، أما
Read more

الفصل 645

لو خرجت هذه الكلمات من فم شخصٍ آخر لربما بدت بلا رحمة، لكن حين تصدر من امرأة قادرة على إلقاء طفلٍ في الثالثة من عمره من الطابق العلوي، فإنها تبدو طبيعية تمامًا.فهي لا تقيم وزنًا حتى لابنها، فما بالك بأبناء الآخرين.ومن زاوية آخرى، كانت السيدة ناريمان والسيد سامر متشابهين إلى حدٍّ كبير.كلاهما أنانيّ بارع، عالمهما لا يضم سوى الحب، دون مكانٍ لأي وجود آخر.مدّت السيدة ناريمان يدها تُبعد خصلة شعر عن أذنها بحركةٍ راقية لا تخلو من الأناقة.وقالت بابتسامة هادئة: "ذلك الطفل، منذ عامين صار يزورني بين الحين والآخر، تارةً يرافقني للتسلية وتارةً يدلك ساقي، وحين رأيتُه يتسلى لم أُمانع الأمر".قال أحمد بفتور: "أظن أن الأمر ليس تسليةً له بقدر ما هو تسلية لكِ أنتِ".فأمه لم تكن يومًا قريبة من صورة "الزوجة الفاضلة والأم الحنون"، بل أقرب إلى شخصيةٍ معادية.فقد فعلت الكثير من الأمور المؤذية في سبيل استعادة قلب السيد سامر والد أحمد، منها ما طال المرأة التي أحبّها.وكانت النتيجة أنها دفعته بعيدًا أكثر فأكثر حتى انتهى الأمر بالطلاق القاطع.قضت السيدة ناريمان زمنًا طويلًا تتأمل ما فعلته في شبابها، وتجد نفسه
Read more

الفصل 646

ازداد بريق عيني أحمد حدةً وهو يقول: "وماذا تعرفين أيضًا؟"قالت والدته وهي ترد بهدوء: "انظر إلى ردة فعلك هذه، يبدو أنني قد أصبتُ الهدف، لا أقصد شيئًا آخر، فهذه المقابلة فعلًا لم تكن إلا لرغبتي في رؤيتكما فقط، لكن عليّ أن أخبرك بأمر، أفراد عائلتنا يحملون الكثير من العيوب، إنهم عنيدون، مهووسون، وبمجرد أن يقعوا في حب شخص ما فإن ذلك يستمر مدى الحياة، وهذه نعمة ونقمة في الوقت نفسه."تابعت بصوت مفعم بالجدية: "لأنني أنا ووالدك لم نعلمك يومًا كيف تحب، يا بني، لا أريدك أن تكرر أخطاءنا، فالحب لا يكون قط من طرف واحد، والندم الأكبر في حياتي هو ما فعلته بوالدك، إذ تسببتُ لك ولأختك بجرح لا يُمحى."كانت هذه الكلمات بالنسبة لأحمد أشبه بالوهم، لم يتخيل يومًا أن تأتي لحظة تقول له فيها والدته مثل هذا الكلام.قال بعد صمت: "سأعتني بها جيدًا." ثم أردف بعد برهة: "بما أنكِ تعرفين السيدة روز، فهل يمكنكِ مساعدتي في معرفة أمر يخص سارة؟"ارتفعت حاجباها بدهشة خفيفة: "ماذا؟"قال بجدية: "هي ليست ابنة السيد رشيد، والوحيدة التي تعرف الحقيقة آنذاك كانت السيدة روز، حين كنا داخل البلاد حاول البعض مرارًا استهداف سارة، وأش
Read more

الفصل 647

قبل أن ترى السيدة ناريمان، كانت سارة تتخيلها في قلبها كشيطانة مجنونة، لكن حين التقت بها وجهاً لوجه، اكتشفت أنها كانت مخطئة.لم تكن سوى إنسانة مسكينة لم تنل الحب طوال حياتها.قالت لها سارة بلطف: "أنتِ لستِ حمقاء، إنما أنتِ عنيدة أكثر من اللازم".ورغم أن سارة قد فقدت ذاكرتها، فإنها استطاعت أن تتعاطف مع السيدة ناريمان، وكأنها هي نفسها قد فعلت مثل ذلك في ماضيها.ابتسمت السيدة ناريمان بأسى وقالت: "المعنى واحد، أنا في الماضي لم أكن أهلاً لأن أُسمى أماً، حتى بلغت هذا العمر وبدأت أفهم بعض الأمور، أما أنتِ فأكثر حظاً مني، لأنكِ نلتِ حبَّه كاملاً بلا نقصان، ولهذا السوار فأنتِ الأجدر بارتدائه".فتحت سارة عينيها بدهشة وقالت: "إذن أنتِ لا تعارضين علاقتنا؟"أجابت بهدوء: "ولماذا أعترض؟ أنتما متناسبان جداً، لكن مع ذلك لدي ما أود أن أذكركِ به، أحمد هذا الشاب وإن كان متميزاً، فقد نشأ في عائلة مثل عائلتنا، وهذا جعله يحمل عيوباً خطيرة في شخصيته، ربما لا يلحظها الغرباء، لكن من يقترب منه سيراها بوضوح".تنهّدت ثم تابعت: "ذلك الطفل يفتقر إلى القدرة على الحب، أما أنتِ فمختلفة، سمعت أنكِ نشأتِ في عائلة يغمرها ا
Read more

الفصل 648

لقاء سارة بحماتها جرى بسلاسة لم تكن تتوقعها، وبعد أن ودّعت السيدة ناريمان، ظلّت سارة تحدّق طويلاً في ذاك السوار الجميل، الذي بدا أكثر أناقة وجمالاً بعد أن مرّت عليه السنوات وصقلته الأيام.لم ترتده في معصمها، بل كانت تتأمله بدقّة، وفي أعماقها إحساسٌ غامض يهمس لها أن هذا الشيء لا ينبغي أن يكون ملكاً لها.قال أحمد بصوته المفاجئ خلفها: "هل أعجبكِ؟" فقفز قلبها من الخوف، إذ كانت مستغرقة في النظر إليه حتى إنها لم تشعر بوجوده.أجابت بهدوء: "نعم، إنه جميل."مدّ أحمد يده وأخذ السوار قائلاً بلطف: "دعيني أضعه لكِ."لكن سارة ابتعدت بعفوية: "لنرتديه في وقت آخر، مثل هذه الأشياء النفيسة لا تُلبس إلا في المناسبات المهمة، أما في حياتي اليومية فلست معتادة على ارتداء المجوهرات، كما أنها ليست عملية بالنسبة لي."توقف أحمد لحظة، ثم أخفى ما يدور في قلبه ولم يعلّق على حقيقتها.ابتسم بخفة: "حسناً، كما تشائين."ورغم أنهما يعيشان معاً صباحًا ومساءً، إلا أنّ سارة ما زالت لا تحمل له سوى قدرٍ من المودّة، لا يصل إلى الحب.بل إن أحمد كان يشعر أحياناً وكأنها تتعمّد التهرّب منه.لكنه فكّر أن أمامهما الكثير من الوقت، وأن
Read more

الفصل 649

حلّ فجر يومٍ جديد، واستيقظت سارة على أصوات العصافير خارج النافذة.كانت أشعة الشمس الدافئة تنسكب فوق السرير الكبير الناعم، ففركت عينيها قليلًا، لتقع أنظارها على بضع عصافير ملوّنة تقف فوق أعمدة الشرفة الحجرية.بعضها يغرّد، وبعضها الآخر ينشغل بترتيب ريشه، وحين ينعكس المشهد مع زرقة السماء وصفاء الغيوم البعيدة، بدا العالم كله وكأنه مغمورٌ بلطفٍ وهدوء.رمشت سارة بعينيها مرات متتالية، وبقيت في حالة شرودٍ لبضع ثوانٍ قبل أن تدرك أنها قد وصلت بالفعل إلى بلدٍ آخر. كان مناخ هذا المكان معتدلًا، رطبًا على مدار العام، وغنيًّا بالنباتات الكثيفة، على خلاف مدينة الشمال التي يغلب عليها الجفاف والبرودة في معظم الأوقات. أعجبها هذا الجو كثيرًا، وحين نزلت من السرير وذهبت لتغسل وجهها.راودها شعور غريب كلما وقفت أمام هذه الفيلا الفخمة؛ وكأنها أميرة تعيش داخل قلعة، فالثراء الذي تنعم به عائلة أحمد بدا وكأنه لا حدود له.ما إن فتحت باب غرفتها لتخرج، حتى وجدت صفوفًا من الوجوه الباسمة تستقبلها بصوت واحد: "صباح الخير يا سيدة سارة."ارتبكت سارة قليلًا، إذ فاجأها ذلك الصوت العالي المتناغم، ولما رفعت بصرها رأت عاملاتٍ
Read more

الفصل 650

سارعت سارة إلى التوضيح قائلة: "الجد وجدي، أرجوكَ أن تُفيق، أنا سارة، لستُ تلك الفتاة التي تتوهمها."حدّق بها الجد وجدي طويلاً، ثم شدّ على معصمها بقوة أكبر.ثم قال بلهجة قاطعة: "مستحيل، أنتِ بالضبط هي، أنتِ شادية، لا تحاولي خداعي، أيّ سارة!"سارة لم تعرف كيف ترد، شعرت بالذهول، وقالت في سرّها: ما خطب هذه العائلة؟ من الصغير إلى الكبير وكأنّ عقولهم جميعًا ليست على ما يرام!وفي اللحظة التي لم تكن تعرف فيها ما عليها فعله، ظهر أحمد بخطوات سريعة، ومدّ يده ليبعد أصابع الجد عن يدها قائلًا: "جدي، هذه زوجتي، لقد اختلطت عليك الأمور مجددًا."لكن الجد وجدي صاح بغضب: "أيّ هراء هذا؟ كيف تكون هي زوجتك؟ ثم من سمح لك أن تناديني بالجد؟ ليس لي ابن أصلًا، فكيف يكون لي حفيد؟"نظر أحمد إلى جده بعينين يملؤهما الأسى، فمنذ صغره كان الجد قاسيًا في تربيته، لكنّه كان يمنحه الحب الكافي أيضًا. والآن وهو يرى الرجل الذي كان يومًا سيّدًا صارمًا في عالم التجارة، يتحوّل إلى شخص لا يتعرّف حتى على أقرب الناس إليه، شعر أحمد بألمٍ عميق في صدره.مدّ الجد وجدي يده من جديد نحو سارة قائلاً بلهفة: "أخيرًا وجدتكِ يا شادية."ارتبكت
Read more
PREV
1
...
6364656667
...
93
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status