All Chapters of سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك: Chapter 661 - Chapter 670

712 Chapters

الفصل 661

كان أحمد يشبه والده كثيرًا، لا سيما في ذلك الوجه الذي نادرًا ما يظهر عليه أي انفعال، حتى في تلك اللحظة بدا وجهه جامدًا، يصعب على من ينظر إليه أن يفهم ما يجول في نفسه.حتى ابتعدت خطواتهم قليلًا، التفتت سارة وسألت بصوتٍ خافت: "أمّي، هل أنتِ بخير؟"قالت السيدة ناريمان بهدوء: "ما الذي يمكن أن يصيبني؟ هي لا تزال كما عهدتها دائمًا، تستخدم الأساليب الدنيئة نفسها، وما تفوّهت به من كلمات لم يكن إلا لتستفزني."ثم بدت وكأنها تذكّرت أمرًا بعيدًا، فابتسمت ابتسامة باهتة وقالت: "في الحقيقة، لم تكن حيلتها بتلك البراعة، كل ما فعلته أنها استغلت حقيقة واحدة فقط، أنني كنتُ أحب ذلك الرجل، وكلما كان الحب أعمق صار الغضب أسرع، كنت أدرك أنها تلعب بأعصابي، ومع ذلك كنتُ أسقط في فخها مرةً بعد مرة، حتى صار الجميع يُسيء فهمي."قالت سارة بصوت متردد: "لكن بما أنه كان مجرد سوء فهم، ألم تحاولي أن توضحي له؟"أمسكت السيدة ناريمان بيد سارة وسارت بها نحو المطعم الغربي الواقع في الطابق العلوي، جلستا على الشرفة حيث النسيم البارد ينساب، أخذت تلوّح بملعقتها في كوب القهوة السوداء أمامها، وبدأت تسرد ماضيها.قالت بنبرة حزينة: "إن
Read more

الفصل 662

سارة عقدت حاجبيها بقلق وقالت: "ولكن أليس في هذا ظلمٌ لكِ؟"أجابت السيدة ناريمان بابتسامة باردة: "ظلم؟ يا لكِ من طفلة ساذجة، هناك من يكدّون طوال حياتهم ليحصلوا على قوت يومهم، يعملون في أشق الأعمال وأقذرها، بينما هم يرفعون أبصارهم نحو ناطحة سحاب شاهقة، يولد في أعلاها طفلٌ ما ليكون وريثها الشرعي، فأخبِريني، أين هي العدالة المطلقة في هذا العالم؟"سكتت سارة، بينما تابعت ناريمان بنبرة عميقة: "يا ابنتي، أنتِ ما زلتِ صغيرة، وهناك أمور لم تري حقيقتها بعد، أخبريني، هل تعرفين لماذا ظللتُ ساكنه بلا حراك تجاه تلك المرأة رغم أنني عرفت الحقيقة منذ زمن؟"قالت سارة مترددة: "ألأجل خوفكِ من السيد سامر؟"ضحكت ناريمان بسخرية: "أخاف منه؟ هه، يا صغيرتي، لا يخشى المرء إلا على قلب من يُحب، حين تحبين أحدهم حقًا تأخذين مشاعره في الحسبان، لكن إن انطفأ الحب بداخلكِ، يصبح ذلك الرجل أقل شأنًا من عشبٍ على قارعة الطريق، أنا لم ألتزم الصمت إلا لأنني كنت على يقين من طموح تلك المرأة."لم يكن في ملامح ناريمان أي أثر للحب أو الضعف، بل كانت قاسية وباردة.سألت سارة بصوت منخفض: "أكانت تطمع في أن تصبح زوجة السيد سامر الشرعية؟"
Read more

الفصل 663

نظرت السيدة ناريمان إليها وقالت: "ما الأمر؟ أتشعرين بعدم ارتياح؟"وضعت سارة يدها على بطنها، وقد ارتسمت على وجهها ملامح الألم: "شعرتُ فجأة بألمٍ في معدتي، لا يوجد شيءً خطير."قالت ناريمان بلهجة حازمة: "إذا كان الأمر كذلك، فلا تشربي المشروبات الباردة بعد الآن، سأطلب من الطبيب الخاص بالأسرة أن يأتي لإجراء فحصًا لكِ."هزّت سارة رأسها وقالت: "لا داعي لإرهاق نفسكِ، لقد أجريتُ فحصًا شاملًا منذ فترة قصيرة في الداخل."أجابت ناريمان: "حتى وإن أجريتِ فحوصات شاملة، فليس بالضرورة أن يكون منها ما يخص المعدة، إن شعرتِ بعدم ارتياح فعليكِ أن تجري تنظيرًا متخصصًا للجهاز الهضمي."قالت سارة بلا مبالاة: "ربما هو مجرد التهاب بسيط في المعدة، هذه القهوة كانت باردة جدًا لا أكثر، حين أعود إلى المنزل سأتناول دواءً للمعدة وسيزول الأمر، ثم إن أمامي ترتيبات تخص عيد ميلاد الجد وجدي، وحين أنتهي من هذه الفترة المزدحمة سأذهب لإجراء فحصٍ مفصّل."أجابت ناريمان: "لا بأس."ثم أشارت بيدها إلى أحد الحراس وطلبت منه أن يشتري دواءً للمعدة، كما أوصت آخر بأن يُحضِر لها كوبًا من الماء الدافئ.شعرت سارة أن الاهتمام بها على هذا النح
Read more

الفصل 664

لم يستطع السيد سامر أن يخفي امتعاضه، فمنذ زمن طويل لم يرها، والمرأة التي كانت في السابق تلاحقه أينما ذهب باتت الآن تجرؤ على إظهار الجفاء في وجهه.لم يكتفِ بعدم المغادرة، بل جلس إلى الطاولة ببرود قائلاً: "لا داعي، نحن نُعدّ من المقرّبين."ارتبك النادل وهو ينظر إلى الوجوه المتوترة، ولم يعرف كيف يتصرف.أما السيدة ناريمان فقد وضعت السكين برشاقة على الطاولة، وأخذت منديلًا تمسح به يديها بعناية، ثم التفتت إلى سارة مبتسمةً بهدوء وقالت: "لنغيّر المطعم."أومأت سارة قائلة: "حسنًا."كانت قد انتظرت طويلًا حتى جاء الطعام، وبات جوعها شديدًا، إلا أنها لم تكن ترغب في تقاسم المائدة مع هذين الشخصين.اكتفت بأن أومأت برأسها لهما وألقت تحية مقتضبة: "أستأذنكم."تبدّل وجه السيد سامر على الفور، واسودّت ملامحه بشكلٍ ظاهر، بينما أمسكت سارة بذراع السيدة ناريمان وغادرتا معًا.صاح بصوتٍ غاضب: "توقفي!"ثم أردف وهو يوجه حدة غضبه إليها بعدما ضاق ذرعًا بزوجته: "أنتِ زوجة أحمد، وبذلك فأنتِ تعدّين كنّتي، أهذه هي طريقة احترامكِ لكبار العائلة؟"كانت السيدة ناريمان قد حافظت حتى تلك اللحظة على رباطة جأشها، لكن حين زُجّ باسم
Read more

الفصل 665

كانت تلك الكلمات بمثابة إعلان صريح من أحمد أنه قد غفر تمامًا لما فعلته السيدة ناريمان في الماضي، فهي في ذلك الوقت لم تكن سوى مريضة، غارقة في آلامها ومعاناتها، فكيف له أن يطلب منها أن تكون أمًا مثالية في ظل ما كانت تعانيه؟كان قد فكّر سابقًا أن الأمر لا بأس به إن ظلّت بينهما قطيعة حتى الموت، وأن العمر سيمضي على هذا النحو وحسب، غير أنه لم يتوقع أن تُقدم ناريمان على هذه الخطوة، لتستيقظ أخيرًا من غفلتها وتراجع نفسها، وبعد ما مرّ به مع سارة، أدرك أنّ كل ما يتمناه الآن هو أن يحسن التمسك بأسرته ويصونها.جلست ناريمان في المقعد الأمامي إلى جوار السائق، فيما جلس أحمد بجانب سارة في المقعد الخلفي. ابتسمت له سارة قائلة: "ما الذي جاء بك؟" فقال وهو يرمقها بحنان: "أتيت لأصطحبكِ، أظن أنّك لم تشبعي بعد، حين نعود إلى المنزل سأُعدّ لكِ شيئًا تأكلينه."ولمّا رأت في عينيه وفي قلبه أنها تحتل المكانة الأولى، ابتسمت ابتسامة حلوة وقالت: "حسنًا."بدأت تؤمن بكلام ناريمان، أن أحمد يختلف عن السيد سامر، فمثل هذا الرجل لا يمكنه أبدًا أن يؤذي من يحب.ناول أحد الحراس زجاجة ماء وعلبة دواء من النافذة، فسألها أحمد بقلق
Read more

الفصل 666

لم يكن خوف سارة ناشئًا من احتمال فقدان السيطرة على السيارة، بل من جذورٍ عميقة في أعماقها، من ذاك الخوف الكامن في باطن وعيها.مع بداية الانحدار، حاول السائق جاهدًا الحفاظ على ثبات المقود، لكن السرعة انفلتت فجأة كالسهم.والريح تعصف بجنون حولها، عالية الصوت إلى حد أنها حجبت حتى خفقات قلب أحمد.تدفقت أمام عينيها مشاهد متفرقة، سيارة تمزق العاصفة تحت المطر، برق يجلجل في السماء، وصوت امرأةٍ يصدح بنحيبٍ يمزق القلب.صرخت فجأة: "آه!"ثم أمسكت رأسها بكلتي يديها، وكأن الألم يكاد يشق جمجمتها نصفين.أحمد ضمها بقوة وقال بصوت ثابت: "سارة حبيبتي، لا تخافي، أنا هنا."تشبثت سارة بلا وعي بياقة ثيابه، أغمضت عينيها وهي تهتف مرتجفة: "أنا خائفة يا أحمد، خائفة جدًّا!"لم تكن تخاف الموت، بل كانت رهبتها أشد من شيءٍ غامض يبدو أفظع من الموت نفسه.لكنها لم تفهم، إن لم يكن الموت يرعبها، فما الذي يرهبها إذن؟اندفعت العاصفة من النوافذ المفتوحة، حتى شعرت أن روحها على وشك أن تُقتلع وتُلقى في العراء.بل إن خاطرًا مرق في ذهنها للحظة، لو انتهت حياتها هنا، فذلك سيكون أفضل لها، فهذا العمر الممزق لم يعد جديرًا بالبقاء!لكنها
Read more

الفصل 667

حتى لو كانت سياراتهم من أفخر الأنواع، بل حتى أبسط السيارات، فمن النادر أن تُترك بلا صيانة إلى أن تتعطل مكابحها، فكيف يمكن أن يحدث عطل كهذا؟بدأت سارة تستعيد صفاء ذهنها تدريجيًا وقالت: "هل هو الشخص نفسه الذي تسبب لنا بفقدان طفلنا؟"أجاب أحمد: "أمي لم تظهر طوال هذه السنوات، ومن المستبعد أن يكون لها أعداء، والسيارة التي جئتُ بها قبل قليل لم يحدث لها شيء، وحدها السيارة التي كنتنّ تركبنها تعطلت، فالأمر بنسبة كبيرة مرتبط بعدو لكِ أنتِ."اتسعت عينا سارة بصدمة وقالت: "يا له من قلبٍ قاسٍ ووسيلة بالغة الوحشية."منذ أن استيقظت من فقدان الذاكرة، كان أحمد يغمرها بالحب حتى يكاد يرفعها إلى السماء، ورغم أنه طالما أوصاها بالحذر، لم تشعر قط بخطر حقيقي إلا اليوم، حين لامست الموت عن قرب.أمامها كانت مقدمة السيارة قد غاصت في منطقة التخفيف وبدت مشوهة تمامًا، ولولا تلك الوسادة التي أوقفت الاندفاع، لارتطموا مباشرة بجدار صلب، وعندها لم تكن السيارة لتتحطم فقط، بل كانوا جميعًا سيتحولون إلى أشلاء.شدّت سارة على كفها حتى غاصت أظافرها في راحة يدها، وقالت بمرارة: "حقًا لم يكن لي أعداء كبار في الماضي؟ ما حجم الكراهية
Read more

الفصل 668

تأملت السيدة ناريمان ابنها طويلًا، ثم تنهدت بنفاد صبر وقالت: "أنت حقًا ابنه، تلك القسوة متطابقة تمامًا معه، ألا تخشى أن يحدث طارئ في الطريق؟ إن وقع أي حادث بسيط، فكل من في السيارة سيموت!"قال أحمد بجدية: "أمي، هل تظنين أنني سأترك سارة تخاطر بنفسها؟ ذلك الرجل ماكر إلى حد يفوق التصور، يعيش خارج البلاد لكنه يملك نفوذًا واسعًا يمتد إلى حد إخفاء الحقائق تمامًا، كل مرة أصل فيها إلى خيط ما أجد أمامي كبش فداء فقط، ما دام حيًّا، فحياة سارة ستظل مهددة، أتدرين؟ كلما أغمضت عيني تخطر ببالي صورة الطفلين، كانا صغيرين للغاية، وما إن أبصرا النور حتى انقطعت أنفاسهما، وحتى جثتيهما لم يُعثر عليهما..."كان أحمد يحدق نحو فناء بعيد، والعصافير فوق الأغصان تزقزق بمرح، غير مدركة أن أفعى تزحف في الخفاء على الغصن ذاته، تفتح فمها منتظرة أن توجه لها ضربة مميتة.قبض أحمد أصابعه بقوة على حافة الطاولة، كان حبه لأطفاله لا يقل عن حبه إلى سارة، وكان يترقب ليل نهار لحظة لقائهم، غير أن انتظاره الطويل لم يجلب له سوى هذا المصير، لقد خطط بدقة وأحكم كل التفاصيل، لكنه في اللحظة الأخيرة خسر كل شيء.تحمل وحده مرارة الفقد، ولم يجر
Read more

الفصل 669

دفعت السيدة ناريمان باب الغرفة برفق، فرأت سارة مستلقية على السرير وعيونها مغمضة، بينما حاجباها معقودان بشدة.فتنهدت بمرارة قائلة: "يا لها من فتاة مسكينة."لقد ورث أحمد عن والديه السيدة ناريمان والسيد سامر طبيعتهما المهووسة المليئة بالجنون، ولا تدري تلك المرأة التي أحبها، أكان ذلك من حسن حظها أم من سوءه."لا!"صرخت سارة وهي تنتفض من كابوسها.فتحت عينيها المذعورتين، لترى أمامها السيدة ناريمان وليس أحمد ، فبللت العرقات جبينها وشعرت ببعض الحرج، ثم تمتمت بصوت خافت: "أمي..."ابتسمت ناريمان بلطف وهي تجلس قربها: "لا تقلقي يا صغيرتي، أنا من جاء لرؤيتكِ، هل أنتِ بخير؟"قالت سارة وهي تمسح على رأسها: "أنا بخير... لقد كان مجرد كابوس."سألتها ناريمان: "أي كابوس كان؟"لم تستطع سارة وصف تفاصيل ما رأته، فما زال الحلم غامضًا ومشوَّشًا، إلا أنه كان يقطر دمًا من كل جانب، ووجوه أولئك الناس بدت مشوشة لا يمكن تمييزها.لكن الدماء الساخنة التي تطايرت على وجهها بدت واقعية إلى حدٍ مخيف، واقعية جعلتها تظن أنها عاشت تلك اللحظات بنفسها.كانت جثثٌ لا حصر لها ممددة على الأرض، والدماء المختلطة بمياه المطر غمرت المكان،
Read more

الفصل 670

قال خالد وهو في غاية الحماسة، كمن أُصيب بجرعة من الأدرينالين: "سيدي أحمد، لقد وصلت لنا الإشارة، حان وقت التحرك! انتظر فقط حتى أخرج تلك الجرذ الحقير من جحره." ثم اندفع برجاله مسرعًا نحو الداخل.غير أن أحمد لم يعرف لماذا، فمع أنّ كل خطوة من هذا المخطط قد أُعدّت بعناية منه شخصيًا، إلا أن شعورًا غريبًا من القلق تسلل إلى صدره.حتى إنه، وهو يراقب حماسة خالد المتدفقة، أحس في أعماقه ببعض الندم.مدّ يده دون وعي كأنه يريد أن يوقفه.كان عز منذ إصابته قبل أشهر ما يزال يتعافى، فبرغم تحسن ساقيه لم يرجع إلى كامل قوته، ولهذا لم يكن قادرًا على المشاركة في مثل هذه العمليات. وحين لمح ملامح أحمد الملبدة بالشك، سأل بقلق: "ما الأمر يا سيد أحمد؟"أجاب وهو يقطّب جبينه: "الأمر لا يبدو حسنًا."قال عز محاولًا طمأنته: "لا تقلق يا سيد أحمد، خالد لطالما كان دقيقًا في عمله، واليوم نحن من نصب الفخ لهم وليس هم، وخطتنا محكمة من جميع الجهات، والعدو لا يملك سوى شخص واحد فقط."غير أن أحمد ازداد عبوسًا وقال: "لكنه جرّ خالد ليدور به في شوارع المدينة نصف نهار كامل قبل أن يصل إلى هنا، ماذا لو كان يفعل ذلك كي يهيّئ لكمين؟"ا
Read more
PREV
1
...
6566676869
...
72
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status