LOGINسألت سارة السؤال في موضعه، فاكتفى أحمد بالصمت.قالت: "مع أنني أعلم أنك في ذلك الوقت كنت مخدوعًا بأختك، إلا أنّ ما جرى لعائلتي كان حقيقيًّا، وما سببته لي من أذى كان حقيقيًّا أيضًا، وصورةُ لحظة إطلاقك للنار على يدي من أجل حماية أختك لا تزال ماثلة في ذاكرتي."قال بصوت مبحوح: "سارة، سامحيني."أجابت بهدوء: "كل تلك الحوادث، واحدةً تلو الأخرى، باتت عوائق بيننا، آسفة، لم أعد أملك القدرة على تجاوز تلك الضغائن القديمة لأحبك من جديد."نبرة سارة اليوم كانت متوازنة تمامًا، خالية من الغضب، كما لو كانت تجلس مع صديق قديم تستعيد معه الذكريات.قالت: "ما دُمنا فقدنا أي احتمال للعودة، فلِمَ لا نُنهِ الأمر بوضوح؟ الاستمرار معًا لن يكون إلا إعادة تكرار للمأساة، وسيجلب الأذى إليّ مرة أخرى، بل وربما إلى الأطفال أيضًا."كل كلمة نطقتها سارة لم يجد أحمد سبيلًا لدحضها، فأجاب بصوت ثقيل: "أريد فقط أن أرى الأطفال."قالت ببرود: "لا ضرورة لذلك، لقد أخبرتهم أن والدهم قد مات، فإذا لم يكن بوسعك أن تمنحهم الحب، فالأجدر ألا تلتقيهم منذ البداية."ثم تابعت بملامح هادئة: "لقد أحببتك، وكرهتك، ومع ذلك أنقذتني مرارًا من الخطر، أ
نظر أحمد إلى سارة، وقد غشي بؤبؤ عينيه حمرة خفيفة، وقال بصوت متحشرج: "أخبِريني، أأنتِ واقعة في حبّه؟"ردّت سارة بسؤال مقابل: "إن جاء يوم ووقعتُ فعلًا في حبّ رجل آخر، فماذا ستفعل؟ يا أحمد، نحن مطلّقان بالفعل."كانت أصابعه ما تزال تحتفظ بخاتم الزواج وهو مستند إلى المقود، وكأنّه في قلبه لم يعترف يومًا بانتهاء هذه الزيجة.قال بنبرة مثقلة: "سارة حبيبتي، أستطيع أن أمنحكِ حريتكِ، لكنّي أعجز أن أترككِ تحبّين غيري."سألته بحدة: "وماذا إن حدث ذلك حقًّا؟"أجاب ببطء، وهو يلفظ كلماته كما لو كان يقسم: "سأقتله، حقًّا سأقتله."هجمَت سارة عليه بعينين دامعتين: "كنتُ واثقة، لا بدّ أنّك أنت من تخلّص من حسني، هل مات فعلًا؟"لم يتخيّل أحمد أن تسير الأمور بهذا الاتجاه، فكيف له أن يثبت لسارة أنّ الرجل ما زال حيًّا وبخير؟ولكي يجعل المشهد أكثر إقناعًا، أمسك بيدها بقوة، وفي عينيه شرر: "أتظنين أنّكِ جئتِ للقائي اليوم من أجل رجل آخر؟"بينما داخله كان يصرخ بالندم: "سارة حبيبتي، لم أقصد أن أغضب في وجهك..."في البداية كانت سارة ترى ردّه البارد على ذكر حسني مثيرًا للريبة، لكنها الآن بدأت تشكّك في شكوكها.قالت بحزم: "أ
لم يتوقّع أحمد أن يتلقّى اتصالًا من ليلي فور عودة سارة.قالت له ليلي: "إن سارة تريد أن تراك."تنهد أحمد وقال: "كنت أعلم أنني لن أستطيع إخفاء الأمر عنها."في مساء تتساقط فيه الثلوج، التقت سارة بأحمد من جديد.منذ حادثة موتها المزيّف، لم تره إلا عبر الأخبار، والآن حين اقتربت منه، أدركت أنه قد هزل كثيرًا.كان يرتدي معطفًا صوفيًّا أسود، مستندًا إلى السيارة، وخلال دقيقة واحدة فقط تراكم الثلج فوق رأسه.اقتربت منه سارة خطوة بخطوة وقالت: "لماذا لم تنتظرني داخل السيارة؟"في قلب أحمد لم يكن مطمئنًا، لا يعرف كم اكتشفت من الحقيقة.ورغم ذلك، لما رأى هدوءها، لعق شفتيه الجافتين وأجاب مرتبكًا: "أردت فقط أن أراكِ في أقرب وقت."كان يريد أن يتقدّم ليحمل لها المظلة ويقيها من الثلج، لكنه خشي أن تنفر منه، فوقف متردّدًا في مكانه.قالت: "اصعد إلى السيارة، لنتحدّث."أجاب: "حسنًا."أسرع أحمد وفتح لها باب المقعد الأمامي بارتباك.وبما أنه جاء بمفرده خصيصًا للحديث، فقد كان يقود بنفسه.جلس في مقعد السائق، ولم يشغّل السيارة، إذ لم يكن يعلم ما الذي تريده سارة، فقد كان زمام المبادرة بيدها بالكامل.سألته: "هل تناولت الط
لم تكد دموع ليلي تجف حتى انهمرت مجددًا، وقالت بصوت متهدّج: "سارة، أنتِ... حقًا سأبكي حتى الموت، لا أريد أن أقول شيئًا، فقط عانقيني."ربّتت سارة بخفة على ظهرها وقالت: "وكيف لي ألا أعرف؟ يوم التقينا أول مرة، لم تقولي شيئًا كي لا تقلقيني، واليوم ساعدتِه لتعيديني، فقط من أجل سلامتي، أليس كذلك؟"قالت ليلي وهي تبكي: "إذن، أيتها الحمقاء، إذا كنتِ قد خمنتِ ذلك منذ البداية، فلماذا عدتِ؟"ابتعدت سارة قليلًا، وبرغم أنها أصغر من ليلي سنًا، إلا أن ما مرّت به من أحداث جعلها أكثر نضجًا، فبدت كالأخت الكبرى وهي تمسح دموع صديقتها.قالت بهدوء: "لأنني أيضًا أردت إنقاذكِ، وكانت هذه الفرصة الوحيدة لإنقاذكِ."كانت قد سمعت من أحمد عن ما قامت به سارة في الأيام السابقة، ولم تتوقع أن تفكر فيها رغم أنها لم تكن قادرة حتى على حماية نفسها.قالت ليلي بصوت متهدّج: "في تلك الفترة لم أستطع الاتصال بكِ، أخبريني، ماذا كان يدور في بالكِ حقًا؟"بمجرد أن ذُكر اسم فؤاد، احمرّت عيناها وقالت: "كل هذا خطئي، كنت أظن أنني وجدت الحب الحقيقي، وفي النهاية لم أكن سوى دمية بين يديه."تنهدت سارة وقالت: "ليس بالضرورة أنه لم يكن يحبكِ، لك
جلال لم يكن موجودًا فتمتعت سارة وآدم بوقتٍ مفرح، ومرحُ آدم اللفظيُّ أطْوَرُ كثيرًا من مارية، فهو قادر على أن يقول جملة أو اثنتين بسهولةٍ أكبر.تعايَشا معًا بانسجام، ونظرت سارة إلى وجه الطفل البريء فتسلّل إليها أملٌ بمستقبلٍ أجمل.حينها رنَّ هاتفُ ليلي، فأجابَتْ سارة على الفور.وصلَ صوتُ ليلي مضطربًا، وقالتْ: "يا سارة، أنقِذِينِي".ردّت سارة وقد قبضَ قلبُها: "ماذا حدثُ لكِ، يا ليلي؟"أجابتْ ليلي بنبرةٍ متقطعة: "الأمرُ معقّد، لِنَلتقِ وسأخبركِ".تردّدت سارة قائلةً: "لكن.."تسرّعت ليلي بالسؤال: "ما الأمر؟ أأنتِ غير متاحةٍ الآن؟ جسدي منهكٌ، أحتاجُ مَن يساعدُني..".سمعت سارة صوتَ ليلي المنهك، وهي تعرف أحوالَها جيدًا، فليلي هنا بلا أهل وتشكو قلّةَ الأصدقاء، وكانت حالتها بعد الإجهاض بالأمس بالغةُ الضعف.تذكَّرتْ مشاهدَ اعتنتْ فيها ليلي بها سابقًا، فكتمَتْ ترددَها وأجابتْ بسرعةٍ: "أينَ أنتِ؟ سأحضُر إليكِ".يبدو أن ليلي قد هربتْ من بيتِ السيد فؤاد، وأرسلتْ موقعًا جديدًا إلى سارة، فرأَتْ سارة خارجه سيارةً رباعية الدفع متوقفةً، رثةً بعض الشيء لكنها قابلةٌ للسير.تركت رسالةً إلى جلال وكتبت فيها مع
حدّقت ليلي فيه بامتعاض وقالت بحدة: "ما الذي تخفيه يا أحمد؟ ما الذي تخبّئه في جُعبتك؟"أجابها مباشرة: "سارة تريد أن ترحل عنّي."قالت بسخرية: "أنتَ شيطان، ولو كنتُ مكانها لهربتُ بعيدًا عنك."تنفّس بعمق وقال: "لا أنكر أنني اقترفت الكثير من الحماقات في الماضي، أمّا الآن فلا أريد سوى أن أكفّر عمّا فعلتُ وأن أحميها، ليس بدافع الامتلاك، بل لأنّ هناك عدوًّا قويًّا يترصّدها في الخارج."سألته وقد ارتسم القلق في عينيها: "إلى أي حدّ قويّ؟"قبض أحمد يده بشدّة وقال: "حتى اليوم لم أستطع معرفة هويتها، لكنها مرارًا دفعت بالقتلة لاستهداف سارة، ومنذ أكثر من عامين، في ليلة ولادتها المبكرة، أرسلت مئاتٍ من القتلة، وكادت سارة أن تفارق الحياة في تلك الليلة الماطرة."كانت سارة قد مرّت على ذلك الأمر بعبارات عابرة، دون أن تدخل في التفاصيل.لكن عندما سمعت ليلي الحقيقة من فم أحمد، اتّسعت عيناها من شدّة الذهول، فهي لم تتصوّر أن صديقتها عاشت خلال فترة انقطاع تواصلهما كلّ تلك الأخطار.قال أحمد بصوت خافت: "حين تظاهرت بالموت، أدركت الأمر في قرارة نفسي، وكنتُ ممزّقًا بين رغبتي في أسرها من جديد أو تركها حرة، لكنني في ذلك


![زوجتي الحبيبة: [سيد عبّاد، لقد غازلتك بالخطأ!]](https://acfs1.goodnovel.com/dist/src/assets/images/book/43949cad-default_cover.png)




