جميع فصول : الفصل -الفصل 570

684 فصول

الفصل561

شعرت نور فجأة بأن سيرينا مسكينة أيضًا.فمنذ صغرها افتقدت حب والديها، فافتقدت معه شعور الأمان، وصارت تتحمل كل شيء أكثر من اللازم.لم تتمالك نور نفسها فشبكت ذراع سيرينا قائلة: "لقد مضى كل شيء من هذا، والأيام القادمة ستكون أفضل، وسيأتي يوم تصلين فيه إلى مكانة ملكة التمثيل".ابتسمت سيرينا قائلة: "تعلّقين عليّ آمالًا كبيرة فعلًا"."اعتدتِ على تحمل المشاق منذ صغرك، فهل ثمّة أمر لا تستطيعين فعله؟"ازدادت نظرة سيرينا لنور وُدًّا، ربما لأنها منحتها تشجيعًا كبيرًا، فهي رغم ما تعلّمته من كبت وصبر، أيقظت بداخلها عزيمة على الانتصار.لا يمكن أن تعود إلى الماضي مجددًا.عليها أن تتخلص من الفقر والجوع.وفي هذه اللحظة، وصلت شهد إلى المكان.رأت صدفةً سيرينا مع نور.ورأت نور تمشي وتقفز بخفة، من دون أن يبدو عليها أي ضعف.لم تفهم الأمر.لكن وقع بصرها سريعًا على المسبحة بيدها، فتغيّر وجهها، وأمسكت بذراع نور فورًا."من أين حصلتِ على هذا؟"كانت نور لا تزال تتحدث مع سيرينا، فإذا بأحدٍ يمسكها فجأة، فالتفتت لترى أنها شهد.فانتزعت يدها منها وقالت ببرود: "ما الذي تحاولين فعله؟"سألتها شهد بإصرار: "أجيبيني، من أين ج
اقرأ المزيد

الفصل562

رأت شهد كثرة المتفرجين، ورأت هيئة سيرينا الضعيفة وكأنها تنكسر من مجرد لمس، فاضطرب قلبها وقالت على عجل: "توقفوا عن التصوير! إنها تتظاهر، أنا لم ألمسها أصلًا، هي من اندفعت نحوي، وما فعلته مجرد دفاع عن النفس!"أسرعت نور فرفعت سيرينا عن الأرض وقالت: "لقد حصلتِ على كل ما تريدينه، فلماذا تستمرين في التنمّر عليها؟ ألن يرضيك إلا أن تجبريها على الخروج من الوسط الفني؟"قالت شهد عندما رأت نور هي الأخرى تتكلَّم بكلامٍ غير منطقي: "عن أي هراء تتكلمين؟"ومع وجود هذا العدد من الناس، لم تجد فرصة لتفسير موقفها.أدركت أنها تهاونت كثيرًا.لم تتوقع أنهن تغيّرن، وصِرن أكثر دناءة، حتى تجرأن على حبك المكائد ضدها.قالت: "سترين لاحقًا!"لم يكن عليها أن تبقى هناك كثيرًا، خشية ازدياد حشود المتفرجين.بعد مغادرتها، دخلت نور مع سيرينا إلى الداخل، فالمشهد يجب أن يُستكمل حتى النهاية، لكن سيرينا أمسكت بيد نور، وقد لاحظت أمرًا مختلفًا، فقالت: "أحقًا قوة يد شهد بهذا الشكل؟ ها قد ظهرت كدمات على ذراعك!"نظرت نور إلى ذراعها حيث أشارت، فرأت فعلًا كدمات، وإن كان لونها باهتًا ولم تشعر بألم، فقالت متعجبة: "لا أعلم كيف حدث هذا".
اقرأ المزيد

الفصل563

أسرع سمير فحمل نور لطلب الطبيب.ودُفعت نور إلى غرفة الطوارئ، فدخل الطبيب ليجري لها الفحوص.أما سمير فوقف في الخارج، قلبه يضطرب، يثبت نظره على خيالها من خلف الباب.شدّ القلق صدره حتى عجز عن الاسترخاء، حتى كفّاه تعرّقا من شدّة الانفعال.كان يدرك أن ثمة أمرًا غير طبيعي يحدث لنور.وبعد مضي أكثر من عشر دقائق، خرج الطبيب وقال له: "لم أتمكّن من إيجاد مشكلة واضحة عند المريضة، جميع الفحوص سليمة، وأعراض الإغماء المفاجئ لا نجد لها تفسيرًا. لكنني لاحظتُ على جسدها عدة كدمات غريبة، والأدهى أنني وجدت عند مؤخرة عنقها أثر إبرة".ازدادت ملامح سمير صرامة بعدما سمع كلام الطبيب.فالعجز عن تشخيص السبب هو الأخطر على الإطلاق.دخل غرفة المريضة، فرأى وجه نور النحيل وقد ازداد شحوبًا.لقد نحفت كثيرًا في الآونة الأخيرة.والحمل مرهق بطبيعته، فكيف إذا انضافت عليه أعراض أخرى؟لم يملك إلا أن يعتصر قلبه حزنًا. فقبض على يدها، ولمس وجنتها بلطف.في هذه الأثناء وصل بدر مسرعًا ما إن علم بالأمر، وقال بقلق: "أخي سمير، كيف حالها؟"نظر بدر إلى وجه نور الشاحب وحالتها، وعلم أن هناك مشكلة فعلًا.نظر سمير إليه وأجاب: "إغماء مؤقت،
اقرأ المزيد

الفصل564

لا يملك هذه الفرصة سوى هذا الرجل.نظر سمير إلى نور التي أخذ جسدها يذبل يومًا بعد يوم، وأدرك أنّه لا يمكنه البقاء مكتوف اليدين أكثر."ابقَ هنا لمراقبتها، أما أنا فسأذهب إلى مكان ما." كان يقصد العودة إلى شقتها.كان واثقًا أنّه سيكون هناك.لم يسأل بدر عن وجهته، بل أجاب ببساطة: "حسنًا".كان متأكدًا أنّ نور تعرّضت للأذى أثناء عملية الخطف.وأنّ مَن عرف بسرعة أنّها سُمِّمت، وتمكّن حتى من إبطاء انتشار السم، لا يمكن أن يكون شخصًا بسيطًا.وبما أنّ هناك خيطًا رفيعًا من الأمل، فلن يدعه يضيع.وصل سمير إلى الشقة، وحدّق إلى الباب الملاصق لشقة نور، كان الباب مغلقًا، فرفع يده وطرق عليه بسرعة.لم تمضِ دقيقة حتى فُتح الباب.كان حازم في الداخل طوال الوقت، وكأنّه كان يعلم أنّ سمير سيأتي لزيارته، فلم يظهر على وجهه أي أثر للدهشة، واكتفى بالقول: "تفضّل بالدخول".لاحظ سمير شحوب ملامحه، وضعف جسده الواضح، فقال: "أنت من أعطى لِنور تلك المسبحة من الخرز الأخضر؟"صبّ حازم كوب ماء وقدّمه له: "تلك المسبحة كانت لها أصلًا".ضاقت عينا سمير بنظرة متفحّصة وسأله ببرود: "لم أركَ من قبل بين أصدقاء نور".ارتسمت ابتسامة باهتة ع
اقرأ المزيد

الفصل565

سمع سمير هذا الاسم منذ كان في الجيش.غير أنّه لم ينجح يومًا في العثور على أثر لصاحبه.سأله: "وأنت، ألم تَرَه قط؟"هزّ حازم رأسه قائلًا: "هو شديد الغموض، لا يواجه أحدًا بوجهه الحقيقي. كل ما يُعرف عنه أنّه يبرع في صناعة الفيروسات، ويجيد القتال، هذا كل ما أعلمه عنه".وحين يتعلّق الأمر بذلك التنظيم الإجرامي، فإنّ المسألة تصبح بالغة الخطورة.ولعلّ نور كانت قد تداخلت مع خيوط هذه القصة في الماضي.فحادثة اختفائها في صيف سنوات دراستها الثانوية، تتطابق تمامًا مع توقيت القبض على إحدى العصابات.يومها أُلقي القبض على كثيرين، وقُتل عدد كبير، والآن سيخرج واحدٌ منهم.أما ذاك المُسمى بفرعون، فما زال هاربًا حرًا طليقًا.نظر سمير إلى حازم، وقال: "وأنت تخبرني بكل هذا، ألا تخشى انتقام التنظيم؟"ابتسم حازم وقال: "لقد أخبرتك، أنا أعيش فقط من أجلها. ثم إنني رجل دواء، وتربية رجل دواء تكلفهم جهدًا وعمرًا، لن يجرؤوا على المساس بي".إنه قادر أن يضع حياته على كفّه من أجل نور.وذلك الإخلاص فاجأ سمير، فبينهما رابط قديم لم يكن هو جزءًا منه.مما جعله يشعر بغصَّة مريرة.وربما شعر ببعض الغيرة.سأله حازم: "هل ما زالت في
اقرأ المزيد

الفصل566

كانت نور قد هدأت، لم تعد منفعلة، بل يكسوها الهدوء. بدا جليًّا أن سمير ظل قلقًا عليها طويلًا، فما عاد للكلمات الجارحة أثر، وتلاشت في هذه اللحظة كالدخان.عانقته من خصره وقالت: "فلنقلل من مشاجراتنا مستقبلًا، وأي أمر بيننا فلنقله بهدوء، اتفقنا؟"أجابها بصوت خافت: "حسنًا".شعرت نور أن في نبرته شيئًا غريبًا، فسألته: "تجيب بكلمة واحدة فقط؟ أأنت غير سعيد؟"ربّت على وجهها بحنو وقال: "لا، كيف أحزن، وقد وعدتِ بألّا نتشاجر؟"حدّقت في عينيه ثم همست: "لكن إن فقدتَ الثقة بي، وإن كنتَ تفكر في الفراق، أفلا تكون كلماتي عبثًا؟"طمأنها: "لا يمكن أن يحدث ذلك، لن نفترق".سألته: "إذن لن تطلقني؟"لطالما كان الطلاق بينهما ما يُثير الشجار. وهي نفسها أصرت عليه بكل الطرق. غير أنّها وقد رأت ما صنعه لأجلها، أدركت الأمر. وفكرت أنّ الحال لم يبلغ السوء الذي تخيلته.فربما لن تلقى رجلًا كسمير في المستقبل. وهي نفسها كان يعز عليها فراقه.والطفل في بطنها يحتاج إلى أب. يحتاج إلى أسرة ينمو في كنفها لا إلى أم وحيدة.ومع ذلك، أرادت أن تسمع موقفه صريحًا. فلن تظل هي المبادرة بالدفء بينما يواجهها ببرود.قال بصوت منخفض: "لن
اقرأ المزيد

الفصل567

قال سمير: "أستطيع أن أعلّمك بنفسي."فانفرج وجه نور مسرورة: "حسنٌ إذن، لن أبحث عن معلم، وسأتخذك أنت أستاذًا لي".قال: "لنتحدث عن هذا لاحقًا، لابد أن مكوثك في المستشفى أرهقك وأصابك بالملل، سآخذك لنخرج قليلًا".تشبثت بذراعه وقالت بدلال: "أريد شرابًا محلى، وأريد حلوى الفواكه بالسكر"."كم تحبين الحلوى!"أجابت وهي تضحك: "المرأة الحامل تتبدل شهيتها".نادرًا ما خرجت نور معه هكذا، لكن السعادة غمرتها. فهذا أمرٌ لم تجربه من قبل. وتمنت لو تطول هذه السعادة ولا تنقطع.قاد طارق السيارة، وجلسا في المقعد الخلفي.ما إن ركبت السيارة حتى تسلّل إليها التعب، فأرخت رأسها على كتف سمير.رآها، فأسنَد رأسها بيده كي تستريح أكثر، ثم وضعها على فخذه.في السابق كانت لتستيقظ على الفور. لكن هذه المرة غرقت في نوم عميق. وهذا زاد من قلقه وخوفه. خاف أن يأتي يوم لا تفيق فيه.حدّق في وجهها الشاحب، وانقبض حاجباه قلقًا، فضمّها إلى صدره بقوة.قال طارق: "وصلنا يا قائد".نظر سمير إليها نائمة ولم يشأ إيقاظها، فقال: "دُر بنا بعض الدورات"."حسنًا".وبعد ثلاث دورات استيقظت نور.قالت أول ما فتحت عينيها: "وصلنا؟""نعم." نظرت نور إ
اقرأ المزيد

الفصل568

انفجر الرجل الواقف أمامه ساخرًا لمّا سمع كلامه: "من يحب زوجته يرزقه الله بالثراء؟ أي هراء هذا! لا أؤمن بهذه الخرافات مطلقًا. قل لي، هل رزقك الله بالثراء حقًا؟ هاهاها!"وتابع الذي خلفه: "أن تبقى مع زوجتك هذه المدة دون أن تبذر مالك فهذا بحد ذاته نعمة، وتريد أن تجني ثروة؟ هذه المأكولات والمشروبات يجب أن نوفر فيها، لولا أنها حامل لما جئت أصلًا!"بدوا وكأنهما من طينة واحدة.فأجابه سمير ببرود: "لا يهم إن لم تؤمنوا".لم يوافقهما على أقوالهما.أي إسراف قد تصنعه زوجاتهم؟لم يقولوا مثل هذا الكلام حين اختاروهن ليكن زوجاتهم.ولو لم يؤمنوا بهذه المقولة، فلماذا فكّروا أصلًا في الزواج؟لما رأياه عابس الوجه، غير موافق على حديثهما، لم يصدّقا أنه يملك ثروة.فقال أحدهما: " لا تُكذِّب كلامنا، يبدو من النظرة الأولى أنك متزوج حديثًا، ما زلت في سكرة شهر العسل، انتظر حتى تمضي سنة، لتدرك حينها صعوبة لقمة العيش، ولتعرف قيمة الزوجة المدبّرة القنوعة!"وقال الآخر: "صدقت! امرأة عارفة بالمعيشة نادرة، أما التي لا تفكر إلا في إنفاق المال، فراتبي لا يكفيها شهرًا!"فعاد سمير يقول ساخرًا: "إذن حريّ بك أن تفكر إن كانت قدر
اقرأ المزيد

الفصل569

لكن اليد لم تكد تقترب من سمير حتى اعترضها طارق، فأمسكها بقبضته ولواها، فصرخ الرجل من شدّة الألم. "آآآآخ… يؤلمني!"كان طارق رجلًا مدرَّبًا، فما إن يحاول أحد مدّ يده على أي أحدٍ منهم، حتى يلتقط الحركة بحدسه السريع. ولا يترك لهم أي فرصة.سأله بجدية: "أيها القائد سمير، هل أصابك شيء؟""لا بأس".لاحظ أولئك الرجال أن طارق يرتدي زيًّا مموّهًا، وحركاته ليست عادية، ثم رأوا كيف يخاطب سمير بكل احترام. فعرفوا أنه ليس مثلهم.وأنهم عبثوا مع شخص لم يكن عليهم أن يعبثوا معه.فاستفاقوا من شرودهم، وقالوا بانصياع: "آسفون يا أخي، أخطأنا، ما كان ينبغي أن نتفوه بتلك الكلمات!""صدقت، زوجة الرجل هي بركة، وكلامك عين الصواب!""رجاءً، لا تؤاخذنا، نحن لم نعرف قدرك!"لم يتحدث سمير بعد، لكن هؤلاء الأشخاص بدأوا يشعرون بالخوف بالفعل.إذا أغضبوا الشخص الخطأ، فلن يستطيعوا حتى الحفاظ على وظائفهم، فدع عنك مسألة الثراء، ألا يعانوا من الفقر سيكون بالفعل شيئًا جيدًا.صار سمير أكثر هدوءًا هذه الأيام، ولم يشأ أن يضيّق عليهم، أشار فقط لطارق أن يتركهم، فقد انتهى من شراء الفطيرة باللحم تقريبًا.كادت أكتافهم أن تخلع.فلما أفلتهم
اقرأ المزيد

الفصل570

"آه..." نادتها نور تحاول أن توقفها.ثم طارت حمامة بيضاء ممتلئة نحوهم.ارتدّت نور إلى الخلف خوفًا من أن تنقرها الحمامة.لكنها رأت شيئًا... شيءٌ دائري في منقار الحمامة.لم تستفق بعد من دهشتها، حتى وصلت الحمامة بما تحمله إلى يد سمير.رفعت عينيها مذهولة إليه.فاكتشفت أن في كفّه خاتم ألماس.تلألأ الماس تحت الشمس حتى كاد يخطف بصرها.وأغمضت عينيها قليلًا لا شعوريًا، لترى سمير وهو يضع الخاتم في إصبعها البنصر.ارتفعت فجأة موجة من التصفيق.نظرت نور، فرأت المارة يصفقون، ويرمونها بنظرات مفعمة بالفرح والغيرة.وبين كل تلك العيون، ارتبكت نور بخجل، وقالت مذعورة: "هذا... ماذا تفعل؟""يا للرومانسية! أحدهم يطلب الزواج هنا! كل هذه الورود، وحتى طائرة مروحية! ما أجمل المشهد!""أي قصة أميرة وأمير هذه؟ لو أعدّ لي أحد مثل هذه المفاجأة، لوافقت، حتى لو كان قبيحًا، فكيف وهو بهذا الوسام!""لماذا تختلف حظوظ الناس هكذا؟ متى أجد رجلًا يحبني بهذا الشكل؟"سمعت نور كلماتهم، فأدركت أن ما يجري أمامها طلب زواج.والمفاجأة أنها هي بطلة هذا المشهد.كانت نور متفاجئة للغاية، كانا وسط بحر من الورود تعبق رائحته، التفتت فرأت سمير
اقرأ المزيد
السابق
1
...
5556575859
...
69
امسح الكود للقراءة على التطبيق
DMCA.com Protection Status