جميع فصول : الفصل -الفصل 330

414 فصول

الفصل321

لم تكن سهير متأكدة تماماً من الأمر، لكنها شعرت أن كريم يحب يارا، بل ويحبها كثيراً.لكن أفعال كريم كانت دوماً محيّرة، يصعب فهمها.هي لا تريد أن تمنح يارا آمالاً فارغة، فإن كانت مخطئة، فسيتسبب ذلك في حزنها.على أي حال، هما قد انفصلا بالفعل، وما يفكر به كريم لم يعد مهماً الآن.قالت سهير: "نعم. لا أعرف حقاً ما الذي أعماه، رنا تلك، حقا لا أرى فيها أي ميزة. في الماضي، تلك المرأة التي أحبها وائل، كانت على الأقل امرأة مثقفة." ابتسمت يارا ابتسامة خفيفة وقالت: "ربما يكون كريم قد التقى بالشخص المناسب، فبغض النظر عما تكون عليه، فإنها قادرة علي أن تحرك قلبه."إن حب شخص ما، أحياناً يكون بلا أي منطق، بلا أي عقلانية، مجرد حب، حتى لو بدا أمراً سخيفاً. سألتها سهير فجأة: "وأنتِ؟ هل تحبين كريم؟"قفز قلب يارا بجنون.حدّقت فيها سهير: "ما الأمر؟"قالت يارا بصوت مبحوح كأنه مثقل بالرصاص: "أمي، أنا وهو قد انفصلنا بالفعل، لم يعد هناك أي أهمية لهذه الأمور." ثم تابعت بصوت متألم: "دعينا نأكل، سيبرد الطعام."رأت سهير حالها، فلم تُلح أكثر، واكتفت بهز رأسها: "حسناً."بعدها تناولت الحماة وكنّتها عشاءهما بهدوء.وبعد
اقرأ المزيد

الفصل322

كانت يارا لا تزال تواصل عملها بلا كلل، فأحضرت لها سهير دفترًا جديدًا لتدوّن فيه.ملأت يارا الدفتر بالملاحظات.صندوق كامل من الملفات أنهت نصفه، وبقي النصف الآخر.لم تحاول حتى أن تحصي الأوراق، بل واصلت القراءة ورقةً تلو الأخرى.في تلك اللحظة، دويّ صوت تنبيه مفاجئ من الهاتف.لكن يارا لم تلتفت، واصلت التدوين. عقدت حاجبيها ومدّت يدها وأخذت الهاتف لتلقي نظرة، اكتشفت أن كريم أرسل لها رسالة.الرسالة الأولى تقول: "هل نمتِ؟"والثانية: "؟؟"كتبت يارا ردًا: "أنا لم أنم بعد."لكنها لم تضغط على زر الإرسال، إذ خطر ببالها أمر.إن أخبرته أنها لم تنم، فسوف يسألها عمّا تفعله، وستضطر للرد، وذلك إضاعة للوقت.وهي الآن لا تريد الدخول في حديث مع كريم.لقد ولّت تلك الأيام التي كانت ترتبك وتشعر بالفرح الشديد بمجرد أن يتواصل معها كريم.الآن عليها أن تستغل وقتها لتُنهي مراجعة هذه الملفات بأسرع ما يمكن.لذلك، حذفت ما كتبت، وأعادت الكتابة: "أنا متعبة جدًا، سأنام الآن، تصبح على خير."وبعد أن أرسلت الرسالة، وضعت الهاتف على الوضع الصامت وألقته جانبًا، وعادت إلى عملها.أما في الجهة الأخرى، فجلس كريم على سريره يحدّق مط
اقرأ المزيد

الفصل323

"أمي، هل تعمدتِ إزعاجها مرة أخرى؟ كنت أعلم أن وجودها عندك لن يكون جيداً. لقد حمّلتِها عملكِ كله، أليس كذلك؟ بل جعلتها تعمل طوال الليل! لماذا تفعلين هذا؟ هل كونك حماتها الشريرة يجعلك تشعرين بالسعادة؟"في مواجهة سيل اتهامات ابنها، بدت سهير في غاية الهدوء وقالت: "وما معنى الحماة الشريرة؟ انظر كيف تتحدث! هي الآن تُعد ابنتي، فهل من الخطأ أن أعلّم ابنتي كيف تعمل؟ تلك الكمية من الملفات، ظلت تفحصهاها منذ ظهر البارحة حتى الآن، ليلة كاملة بلا نوم. أنا فخورة جدًا بابنتي هذه، حقًا تعرف معنى الصبر والتحمل."قال كريم بحدة: "أرى أنكِ فعلتِ ذلك عن قصد. سآتي الآن، ولن أسمح لكِ بإيذائها!""ولماذا تأتي؟ لتجعل الأمور أكثر تعقيداً، وتضعها بيننا في موقف صعب؟"رد كريم بصرامة: "هل أترككِ تؤذيها إذا؟ سأذهب لأخذها معي.""وكيف عرفتَ أنها لا تريد ذلك من تلقاء نفسها؟ هي التي طلبت مني تلك الملفات لتطالعها، إن لم تصدقني، يمكنك أن تسألها. لا تتصرف وكأنني دائمًا أظلمها، بل إنني بالأمس أعددت لها الطعام بيدي."كانت سهير تعبث بأظافرها، ونبرتها تحمل غيرة خفية.قال كريم ببرود: "آه، هكذا إذًا؟ هل مساعدتها لتسهر الليل كله أم
اقرأ المزيد

الفصل324

"لا تقطعي الاتصال." قال كريم على عجل: "لن أزعجك، تابعي مراجعة ملفاتك، فقط لا تقطعي الخط."كان يريد أن يرافقها في انشغالها.لمعت في عيني يارا لمحة من الشك: "ولماذا؟""لا لشيء معين، فقط لا تقطعي الاتصال، تابعي عملك.""حسنًا إذن." لم تفهم يارا ما الذي يريده كريم تحديدًا، فألقت بالهاتف جانبًا، واستمرت في انشغالها.وأخيرًا، أنهت كل الملفات، علّقت الهالات السوداء تحت عينيها، وبدا عليها الإنهاك الشديد.ترنحت خطواتها حتى وصلت إلى غرفة الجلوس، فرأت سهير في المطبخ تحضّر الطعام.وما إن سمعت سهير وقع خطواتها حتى التفتت إليها: "أنهيت عملك؟"أومأت يارا برأسها: "نعم."قالت سهير: "يا لك من فتاة، سهرتِ الليل كله، كنت أظن أنك ستخلدين للنوم ليلًا."ابتسمت يارا ابتسامة باهتة وأسندت جسدها المنهك على الطاولة، وتمدّدت بضعف: "كان لدي حماس في ذلك الوقت، أردت إنهاء كل شيء دفعة واحدة، فإذا بي أجد النهار قد طلع."وضعت هاتفها على الطاولة.جاءت سهير تحمل الفطور، وعندما وضعت الأطباق على المائدة، فاكتشفت أن شاشة هاتف يارا لا تزال على اتصال بكريم.ابتسمت سهير ابتسامة خفيفة: "يا لك من فتاة، مجتهدة حقا، كريم كان يظن أنن
اقرأ المزيد

الفصل325

بعد بضع ثوانٍ من التردد، رفعت يارا رأسها وقالت: "أمي، سأذهب لأنام قليلاً."كانت بالفعل مرهقة للغاية.قالت سهير وهي تضع الإفطار على الطاولة: "تناولي الفطار أولاً ثم اذهبي للنوم، لن يفرق الأمر بضع دقائق، إن لم تأكلي، فطفلك في بطنك يحتاج أن يأكل."أومأت يارا برأسها: "حسناً."خفضت رأسها ولمست بطنها برفق: "آسفة يا صغيري، أمك سهرت الليلة الماضية ولم تنم، وأنت أيضاً لم تنم جيداً، سأعوضك بالنوم قليلاً."حين رأت سهير يارا على تلك الهيئة المتعبة والناعسة، وجدتها لطيفة للغاية.الطريقة التي كانت تتحدث بها يارا مع كريم منذ قليل، بدت كأنها بين زوجين يتشاجران بدلال، فعلى الرغم من الخلاف الظاهر بينهما، إلا أن مشاعرها بدت متينة، لو رآهما أحد الغرباء، لما صدق أنهما قد تطلقا بالفعل.ولو علم أحد أنهما قد انفصلا بالفعل، لابد أنه سيشعر بالحيرة، لماذا انفصلا وهما يبدوان على وفاق كبير؟لكن الغريب حقاً، أنهما مطلقان الآن، ومع ذلك بدا كريم متعلقاً بيارا.الأب عنيد، والابن كذلك، وكأنهما نسخة واحدة في العناد.ابتسمت سهير بسخرية خفيفة.هذا الأب والابن، لا بد أن يذوقا الألم أولاً، ليعرفا أنهما على خطأ.أنهت يارا ف
اقرأ المزيد

الفصل326

مرّت شفتيه بخفة على طرف أنفها، لا يُدرى أكان الأمر عن غير قصد أم أنه تعمد الاقتراب. تحرّكت شفتاها الحمراوان قليلًا، تمتمت بكلمات غير واضحة، ثم عقدت حاجبيها، ثم التفتت بجسدها لتستلقي على جنبها.انزلقت شفاه كريم من طرف أنفها برفق لتلامس خدها، فنتج عن هذا الاحتكاك موجة صغيرة من التيار الكهربي.أحسّت يارا بشيء ما أثناء نومها، لكن جفونها المثقلة بالإرهاق عجزت عن الانفتاح.ظل كريم محافظًا على وضعية احتضانها، كفّاه مثبتتان على جانبيها، يقترب منها حتى اختلطت أنفاسهما، وتمازجت في هواء واحد.حتى ألم ظهره الذي طالما أرهقه، تلاشى في تلك اللحظة، وكأنه لم يكن.ثم نهض كريم ببطء، على مضض كأن فراقها عسير عليه، وسوى غطاءها بعناية، وأزاح خصلاتها المتناثرة على جبينها، ثم وقف عند جانب السرير يتأمل ملامحها طويلًا.إلى أن اقتربت سهير، ووقفت خلفه، فظلّت عينا الأم والابن متعلقتين بيارا النائمة.وكأنهما يحرسـان طفلة غافية.لكن سهير التفتت قليلًا نحو ابنها، فرأت في عينيه نظرة جادة متوهجة، حتى أن أمه لم تستطع إنكار شدّة تأثيرها.فكّرت بدهشة: "بهذا الشكل، أما زال يفكر في الطلاق؟ هل فقد صوابه!"رفعت سهير يدها ولوّ
اقرأ المزيد

الفصل327

كل هذه الكتابات بخط يدها. كم هائل من الوثائق والملاحظات، سهرت عليها طوال الليل من دون أن تنام، فلا شك أنّه أنهكها التعب."دخلت سهير الغرفة وقالت: "يبدو أنّ زوجتك السابقة بارعة حقًا، فهذا الكم الكبير من الملفات أنهتها دفعة واحدة."وضع كريم ملاحظات يارا من يده.بدا واضحًا أنّ يارا قد تمكنت من اكتشاف ثغرات تلك الشركة، بل ونجحت في استنباطها من بين بيانات أنيقة.هذه الملفات، حتى لو عرضت على خبراء هيئة الرقابة المالية، قد لا يتمكنون من كشف الخلل.شركة النهضة.تذكر كريم أمراً ما.أخرج هاتفه بسرعة واتصل برقمٍ معين: "مرحباً.""أليس من المفترض أن نناقش التعاون مع النهضة بعد الظهر؟""بلّغ السيد رأفت ألّا يوافق مباشرة، وليُؤجَّل الرد عليهم إلى ما بعد الاجتماع."وما إن أنهى كريم المكالمة، حتى ابتسمت سهير قائلة: "يبدو أن يارا قدّمت لك مساعدة كبيرة من حيث لا تدري."أغلق كريم الدفتر وأعاده إلى مكانه، ثم تساءل: "أكانت هي من أرادت الاطلاع على كل هذه الملفات؟ لماذا؟"هزّت سهير كتفيها: "كيف سأعرف لماذا؟ ربما لأنها درست المالية وأرادت أن تكتسب بعض المعرفة."أجاب كريم بحدة: "حتى لو كانت تريد التعلم، لماذا
اقرأ المزيد

الفصل328

حتى إنها سهرت الليل كله من أجله، ولم ترد أن تخبره، فكان من الطبيعي أن تشعر ببعض الضيق، وتظهر بعض الانفعالات. أمّا بالنسبة لأنها لم تخبره، فربما كان ذلك لأنهما قد انفصلا بالفعل، فهي تحافظ على وجود مسافة بينهما، ومع ذلك لا تستطيع أن تمنع نفسها من القلق عليه.وفي ذهن كريم، بدت الأمور مترابطة منطقيًا.وقعت في عيني سهير نظرات ابنها الرقيقة، فقالت: "يبدو أنّ زوجتك السابقة ما زالت تحسن إليك، فهي تفكر فيك كثيرًا."كلمتا "زوجتك السابقة" جعلت نظرات كريم الدافئة تغطي بطبقة من الظلال.نهض من على الكرسي بشيء من الضيق وقال: "مهما كان الأمر، عليكِ أن تنصحيها، لا يجوز أن تسهر الليل، فجسدها ضعيف للغاية، فماذا لو أصابها مكروه؟""لقد نصحتها بأن تنام مبكرًا، لكنها لم تستمع لي، ثم إنها ليست طفلة، كيف أستطيع أن أفرض عليها النوم؟ كنت أظن أنها ستخلد إلى الراحة مبكراً، إن لم يكن من أجل نفسها، فعلى الأقل من أجل بطنها..."توقفت فجأة، وارتبك ذهنها كأن شيئًا علق في حلقها.يا إلهي، كدت أن أفضح السر.تضيق عينا كريم وهو يحدّق بأمه في شك: "من أجل ماذا؟"سحبت سهير زاوية شفتيها قليلًا وقالت: "كنت أظن أنها ستذهب لتنام،
اقرأ المزيد

الفصل329

استيقظت يارا على صوت المنبّه في موعده تماماً، وكان قد حان وقت الغداء.لكنها مازالت تشعر بالدوخة والنعاس. ومع ذلك ما إن رأت الوقت، فهي لا تستطيع أن تواصل نومها، تعلم أنّ النوم في هذا الوقت سيجعلها تسهر في الليل، ويختل نظام نومها، وذلك سيكون مؤذياً لها. لو لم تكن حاملاً لما كانت اهتمت بالأمر، أمّا الآن ما دامت حامل، فيجب أن تفكر بحرص في كل شيء يخص الطفل.نهضت مترنحة، دخلت الحمّام، غسلت وجهها وأسنانها، ثم أخذت حماماً سريعاً وغيرت ملابسها.وما إن خرجت من الحمّام حتى شعرت بخفة، وقلّ شعورها بالنعاس.اتجهت يارا إلى مكتبها وأخذت دفتر ملاحظاتها. وفي هذه الأثناء، كانت سهير قد انتهت من شراء الطعام وعادت لتوّها إلى المنزل. وهي محمّلة بأكياس الطعام.خرجت يارا من المكتب حاملة دفترها، وحين رأت سهير أسرعت إليها قائلة: "أمي، اكتشفت بالأمس الكثير من المشكلات، انظري، هذه هي بيانات شركة النهضة للربع الماضي..."فقاطعتها سهير وهي تضع الأكياس على الطاولة: "لقد قرأت كل شيء. عندما كنتِ نائمة، تصفّحت دفترك وربطت بينه وبين الملفات الأخرى، تأكدت من أنّ ملاحظاتك صحيحة. بالفعل، النهضة تبدو متألقة من الخارج، لكنه
اقرأ المزيد

الفصل330

جلس عاصم شاهين على الأريكة بوجه خالٍ من التعبير، يرتشف الشاي بهدوء. وقف رامي أمامه، جسده شامخ مستقيم، يحمل في داخله إرادة ملك لا يُقهر.بدا أن عاصم سيضع الكوب جانبًا، لكن في منتصف الحركة، رفع يده فجأة، وألقى بالكوب بقوة على رأس رامي.دوّى صوت ارتطام حاد، وانسكب الشاي فوق رأسه.رغم أن الشاي لم يعد ساخنًا، إلا أن الكوب ارتطم بقوة برأسه وتحطم نصفين.لم يُصدر رامي صوتًا واحدًا، وظل واقفًا شامخاً، حتى سقط الكوب على الأرض محدثًا صوت ارتطام آخر.رفع عاصم رأسه، ونظر إليه ببرود، وقال: "لقد صرت بارعًا على ما يبدو. سمعت أنك في الفترة الأخيرة لا تذهب إلى الشركة كثيرًا، تقضي وقتك في الخارج، حتى سكرتيرك لا يعرف أين تكون ولا ماذا تفعل. قل لي، من هي تلك المرأة؟"رد رامي بهدوء دون خضوع ولا تكبر: "أنها مشاكتي الشخصية، لا علاقة لأي امرأة بها، لا تُسيء الظن.""أُسيء الظن؟" وقف عاصم، كان جسده مثل رامي تماماً ، طويل القامة مهيب.رامي يشبهه وكأنهما خُلقا من قالب واحد.لكن عاصم بعد أن مر بتجارب قاسية، بدا أكثر قسوة ووحشية، عيناه خاليتان من الدفء، كأن إمكانه أن يسحق أي إنسان تحت قدميه، بلا أدنى رحمة.قال ببرو
اقرأ المزيد
السابق
1
...
3132333435
...
42
امسح الكود للقراءة على التطبيق
DMCA.com Protection Status