Share

الفصل327

Author: ندي عبد الرحمن
كل هذه الكتابات بخط يدها.

كم هائل من الوثائق والملاحظات، سهرت عليها طوال الليل من دون أن تنام، فلا شك أنّه أنهكها التعب."

دخلت سهير الغرفة وقالت: "يبدو أنّ زوجتك السابقة بارعة حقًا، فهذا الكم الكبير من الملفات أنهتها دفعة واحدة."

وضع كريم ملاحظات يارا من يده.

بدا واضحًا أنّ يارا قد تمكنت من اكتشاف ثغرات تلك الشركة، بل ونجحت في استنباطها من بين بيانات أنيقة.

هذه الملفات، حتى لو عرضت على خبراء هيئة الرقابة المالية، قد لا يتمكنون من كشف الخلل.

شركة النهضة.

تذكر كريم أمراً ما.

أخرج هاتفه بسرعة واتصل برقمٍ معين: "مرحباً."

"أليس من المفترض أن نناقش التعاون مع النهضة بعد الظهر؟"

"بلّغ السيد رأفت ألّا يوافق مباشرة، وليُؤجَّل الرد عليهم إلى ما بعد الاجتماع."

وما إن أنهى كريم المكالمة، حتى ابتسمت سهير قائلة: "يبدو أن يارا قدّمت لك مساعدة كبيرة من حيث لا تدري."

أغلق كريم الدفتر وأعاده إلى مكانه، ثم تساءل: "أكانت هي من أرادت الاطلاع على كل هذه الملفات؟ لماذا؟"

هزّت سهير كتفيها: "كيف سأعرف لماذا؟ ربما لأنها درست المالية وأرادت أن تكتسب بعض المعرفة."

أجاب كريم بحدة: "حتى لو كانت تريد التعلم، لماذا
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل414

    صعدت يارا إلى السيارة بمساعدة سهير.كانت صامتة جدًا، جلست يارا صامتة في المقعد الأمامي، حتى إنها نسيت أن تربط حزام الأمان، ورغِبَت سهير في أن تربط لها الحزام بيدها، ثم انطلقت بالسيارة.سهير ساقَتِ السيارة لعدة دقائق، ولم تتحدثا كلتاهما، ونظرت إلى يارا عدة مرات، وفي قلبها بعض القلق، وأخيرًا لم تَسْتَطِع أن تصمت، فقالت: "أنا أعرف أنّ الخطأ خطئي، لم يكن يجب أن آخذك إلى هناك، لم أكن أظن أنّ كريم سيقوم بـ...""أمي." قاطعتها يارا بقولها: "هذا لا يدخل ضمن مسؤوليتك، وأنتِ أيضًا لم ترغبي في ذلك، لا بأس، لقد اعتدتُ على هذا."وحين رأت سهير تعابير يارا الهادئة، استطاعت أن تتخيّل كم مرة تألّمت.ليس الإنسان متبلّدًا بطبعه، بل لأن كثرة التجارب علّمته أن لا قدرة له على التغيير، فاستسلم للعجز، وعلم أن لا قدرة له على التغيير، فأُصيب بالعجز.فكّرت سهير قليلًا، ثم قالت: " في مسألةِ حملِكِ، لا تخبريه بها، أنا أتراجع عن كلامي السابق، لأني الآن فجأة أشعر أنه لا يستحق أن يعرف."شعرت يارا بوخزة في قلبها، وقالت: "أمي، هل ترين ذلك فعلًا؟"أجابت سهير بـ"نعم"، ثم قالت: "هو لا يستحق أن يكون أبًا، وستجدين من هو أفضل

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل413

    كان كريم على وشك أن يرد على سهير، لكنّه تذكّر شيئًا فالتفت نحو رنا، وامتلأت عيناه بجفاء ثقل، ثم قال: "حسنًا، سألقاك الليلة."ردت سهير: "حسنًا، إذن هكذا، ولا تنس ما قلته وأنت ثمل البارحة. أنا أساعدك هنا، فلا تفوّت الفرصة، ولا تكرر الخطأ، سأغلق الخط الآن."لو لم يكن هذا ابنها البيولوجي لَمَا قالت كل هذا الكلام.هي لا تذكرُ الأحمقِ بما يُفيد؛ أنتَ أحمق، فتُترك أحمقًا، لكنها مع ابنها البيولوجي تبلّغُه أنه أحمق ويجب أن يتغيّر.سهير على وشك أن تغلق الهاتف، فتدخل كريم بسرعة: "أمّي، البارحة لم يكن يجب أن تستخدمي هاتفي لإرسال تلك الرسائل إلى رنا.""لقد أرسلتها، ماذا تريد أن تفعل؟"صحيح أن استعمال هاتف غيرك لإرسال رسائل أمر خاطئ، لكن سهير تبرّر فعلها بلا خجل.تنهد كريم، وقال: "تلك الرسالة، حتى لو أرسلتِها فليس لها معنى.""إن لم يكن لها معنى فلماذا تسألني؟""أريد فقط أن تعرف رنا أنها لم تُرسَل منّي، لا يمكنني أن أرسل لها رسالة مثل تلك.""فماذا سترسل لها؟" سألت سهير: "رسائل حبّ؟""أمّي، توضّحت الصورة الآن، سأنهي المكالمة الآن، عليّ البقاء مع رنا." ثم أوقف المكالمة.خاف أن يطيل الكلام فيغضب رنا، فح

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل412

    عاد الزمن ثماني ساعات إلى الوراء.الساعة العاشرة صباحًا.كان كريم ما يزال في منزل سهير، مستلقيًا على الأريكة نائمًا بسباتٍ عميق.فتح عينيه ببطءٍ وهو يشعر وكأنّ رأسه سينفجر من الألم، كان الغطاء الصوفي ملفوفًا حول جسده بإحكام.وكأنه خوفًا من أن يركله جانبًا، ورُبط أيضًا بحبل.حدّق كريم في نفسه بحيرة، ثم ألقى نظرة على المكان من حوله، غرفة جلوس غريبة، لكنه كان يعرف جيدًا أين هو.أحداث الليلة الماضية اندفعت إلى رأسه مثل موجٍ متلاحق.في منتصف الليل وهو مخمور، جاء يبحث عن أمه…مثل طفل في الثالثة من عمره، يبكي طالبًا من أمه أن تواسيه، ويشكو أنه تعرّض للأذى في الخارج.ضرب كريم رأسه بقوة.يا للعارِ!فكَّ الغطاءَ والحبلَ الملتفَّيْن حوله، ورماهما جانبًا، ثم نهض مترنحًا متجهًا إلى الحمام.بعد أن أنهى غسل وجهه واستعاد وعيه قليلًا، خرج يتحسس جيوبه، يبحث حوله، ليجد هاتفه ساقطًا عند زاوية الأريكة.التقطه وضغط على الشاشة، فرأى عدة مكالمات فائتة من المستشفى.ربما كان نومه عميقًا فلم يسمعها.شعر كريم في تلك اللحظة بنذير شؤم، فاتصل بهم: "مرحبًا، لماذا اتصلتم بي؟"قال الطرف الآخر بضع كلمات فتبدل لون وجه كر

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل411

    "كنتُ دائمًا أشعر بالذنب، لأنّي في طفولتك لم أُؤدِّي واجبي كأم، ولم أكن دومًا بجانبك. أرى أنني لا أملك حقًا أن أؤدبك، لكن هذه الصفعة لم أوجِّهها إليك بصفتي أمك، بل بصفتي أمَّ يارا، وأحمي ابنتي."احتقن أنف يارا، وتأثرت بشدة، لم تتوقع أن تفعل ذلك حماتها، التي لا تجمعها بها رابطة دم، ولم يسبق أن تعاملت معها كثيرًا، يمكن أن تفعل شيئًا كهذا من أجلها.شعرت يارا أن أحيانًا تكون غير محظوظة؛ فحبها وزواجها فاشلان، لكن في نواحٍ أخرى كانت محظوظة، لأنها إذا بكت، أو تألمت، أو آذاها أحد، تجد من يحميها.مسح كريم خده بخفة بنهاية إصبعه، ثم ضحك فجأة ضحكة مليئة بالسخرية، وقال: "فعلاً أنتما أم وابنتها، كل واحدة منكما وجهت لي صفعة، هل استمتعتما بذلك؟"رأى سهير ابتسامة كريم في مثل هذا الموقف فقالت بغضب: "كيف أصبحت شخصًا حقيرًا هكذا؟"اقترب كريم منها وقال: "أنتِ أخطأتِ." وأضاف: "لم أصبح حقيرًا، أنا منذ البداية هكذا، فقط أنتم لم تلاحظوا."رفع شفتيه ورسم ابتسامة المنتصر،وقال: "على أي حال، زواجي من رنا أصبح أمرًا محسومًا، ولن يستطيع أحد منعه. دعوتكم بصدق، لكنكم ترفضون الحضور، وأنا لا أستطيع إجباركم. زفافي أنا ور

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل410

    أسندت سهير كِلتا يديها إلى الطاولة، وتشابكت أصابعها العشرة: "إذا كنتَ حقًّا تريد تفادي المشاكل، فكان ينبغي أن تتزوّج خفية، لا أن تدعوني أنا وأباك لحضور الزفاف، ثم تجعل زوجتك السابقة وصيفةً للعروس."كانت سهير في العادة سريعة الغضب، لكن في تلك اللحظة بدت هادئة على غير عادتها، تتحدث مع كريم بصبرٍ استثنائي.ففي بعض الأحيان، يبدو سطح البحر ساكنًا، لكن في أعماقه تضطرب التيارات الخفية وتغلي بشدّة."هي تستطيع أن تختار ألّا تفعل، أنا لم أُجبرها، لقد كنت اقترح فحسب."عندما سمعتِ يارا نبرة كريم الباردة، قبضت يدها، وشعرت أنها لا تطيق البقاء هنا لحظةً واحدة.""أمي، سأسبقكم بالانصراف، تكلّموا على مهل.""انتظري." التفتت سهير وقالت: "سنعود معًا بعد قليل.""لكن يا أمي...""اجلسي." أشارت سهير إلي المقعد المجاور لها.عقدتْ يارا حاجبيها."اجلسي."تنفّست يارا بهدوء وجلست على المقعد المجاور."ولتتفادى النظر إلى كريم، أخرجت هاتفها من جيبها لتتفقد إن كان رامي قد ردّ عليها أم لا، فوجدت رسالته."(يارا، فلنجد وقتًا لنلتقي.)فأجابتْ على الفور، (تعالَ الآن إلى بيتي، سأعود قريبًا، أدخل مباشرة بإدخال الرمز.)وبعد أن

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل409

    لاحظت سهير أن كريم يحدق في يارا بصمتٍ طويل، فبدأ صبرها ينفد، وحدقت فيه بحدة وقالت بصوتٍ صارم: "إن كان عندك ما تقوله فقله فورًا."يا للضجر.ارتجف وائل الجالس بجانبها، وحدق فيها بذهول، ثم فجأه شعر بانفعالٍ غريب يشبه انبهار المعجب وهو ينظر إلى من يعجب به.كم كانت قوية ومهيبة، لقد أعجب بها أكثر.بل شعر برغبةٍ غامضة في أن يخضع لسيطرتها، وأن تتحكم به كما تشاء.لم يكن أحد ليتخيل أن وائل، الرجل ذو المظهر الأنيق والهيبة الظاهرة، يخفي في أعماقه مثل هذه الأفكار الغريبة والمظلمة.فالبشر، في النهاية، كائنات لها رغباتها البدائية، ومهما كبّلهم المجتمع بالقيود، تبقى تلك الرغبات تنتظر اللحظة التي تنفلت فيها.أحيانًا يريد الإنسان أن يَجلد، وأحيانًا يريد أن يُجلد.لاحظت يارا فجأة أن سهير وكريم لم يعودا بحاجة إلى بناء علاقة بينهما، فالعلاقة بينهما كأم وابن بدت طبيعية للغاية.حين توبخه سهير، لا يبدو عليها أثر الذنب الذي تحمله أم قصرت في رعاية ابنها.أما كريم فحين توبخه يُنصت بهدوء، ويخفض بصره قليلًا، فتغطي رموشه الطويلة عينيه المطفأتين.قال بصوتٍ منخفضٍ عميق: "خلال ثلاثة أيام، سأتزوج من رنا، لقد طلبت تجهيز

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status