All Chapters of بعد الخيانة... وجدت حبي الحقيقي: Chapter 291 - Chapter 300

نظرتُ إلى الرسائل ولم أدرِ بأيّها أبدأ الرد. شعر سُهيل بأن هناك شيئًا، فاقترب وسأل: "ما الأمر؟" أملتُ الهاتف نحوه متذمّرة: "انظر، كيف أردّ؟" ابتسم وقال: "أجيبهم بما حدث كما هو." قلتُ: "إذًا ستظلّ على قوائم الأكثر تداولًا أيامًا." أجاب غير آبه: "لم أفعل شيئًا يخالف القانون أو الأخلاق؛ فليكن، ما الخوف؟" ضممتُ شفتيّ، وقد علتني ابتسامة خجلي، ونظرتُ إليه بطرف عيني: "هذا لا يُشبه أسلوبك المتكتم الغامض." قال بصدقٍ وهدوء: "إن كانت ضجّة واحدة تُؤمّن لك الحماية، فهي تستحق." حدّقتُ فيه صامتةً، وأخذني الذهول من جديد. طوال هذه الأيام سألتُ نفسي مرارًا: "بسبب زلّاتِ القدرِ في الصِّبا أنقذتُه مرتين، فكان جزائي هذا الإخلاص حتى العظم؟ حياتي على بؤسها ملأى بالحظ لوجوده. ربما استُهلكت كلّ حظوظي في الدنيا يوم لقيتُه." رنّ الهاتف مجددًا فقطع شرودي. نظرتُ فإذا برقمٍ مجهول؛ ارتبكتُ وأجبتُ من غير تردّد: "ألو." "جيهان، هل أصبحتِ مع سُهيل رسميًا؟" جاء الصوتُ مألوفًا، فتجمّدت ابتسامتي. كان فارس. يبدو أنّ الخبر وصله. ومزاجي رائق، فلم أتعجّل قطع المكالمة، ورددتُ بهدوء: "نعم، ولعلي أشكرك على ذلك." "أتسخ

نظرتُ إليه، وقلبي يتوهّج دفئًا، ثم أفلتتْ مني همسة: "لكنني لا أطيق أن تتعرّض أنتَ للومٍ أخلاقي." وما إن قلتها حتى أدرتُ وجهي نحو النافذة من جديد، خجلًا من مواجهته. غير أنه اقترب، وضمّني من الخلف، وخفض رأسه إلى أذني: "ما دمتِ قلتِ هذا… فكل شيء يساوي العناء." ابتسمتُ بصمت، وسعادتي لا تُوصف. في الطريق إلى البيت ظللتُ منتشية. أرسلت لي لينا وابلًا من رسائل الواتساب، فتحتها وعلمتُ أن عرض الطائرات المسيّرة غزا الشبكة بأكملها. ليس غريبًا أن تتزاحم الآراء من كل نوع؛ من أُعجب وتأثّر وبارك، ومن سخر وشتم وحسد. لكن مزاجي كان رائعًا، فلم أعد آبه بضجيج العالم. بل رحتُ أردّ بطرافة على بعض الشتامين، وكأني أتباهى قليلًا. وحين اصطدمتُ بتعليقاتٍ تُقلّل من شأن سُهيل، كنتُ أتصدى لها بلا أي مجاملة. لاحظ سُهيل ابتسامتي المكتومة، فسألني عمّ يضحكني. قلت: "أدردش مع ناسٍ على الإنترنت، ممتع فعلًا." "ناس على الإنترنت؟" أريته الشاشة. فهم وابتسم: "ولمَ تُتعبين نفسك بهم؟" قلتُ متحفزة: "ليقولوا عني ما شاؤوا، أمّا عنك فلا. لابد أن أردّ." قال بنبرة هادئة دافئة: "تحامين عن أحبابك بقوة." وهذا صحيح. فأنا أردّ ال

بعد أن اتفقتُ مع سُهيل على مكان تناول الطعام، نهضت لأرتب نفسي وأغتسل. وبينما أستعد، تصفحت الإنترنت لأرى كيف استغلّت حسابات الترويج معركتي البارحة. لم أكن أعلم، وفوجئت حقًا حين رأيت. حتى راودني الشك: هل تلك الردود اللاذعة صدرت مني فعلًا؟ أم أنني فقدت أعصابي تمامًا ليلة أمس؟ مثلًا: سَبَّني أحدهم قائلًا إنني أشبه امرأة لعوب أجيد خداع الرجال. فقلت له: هل تغار؟ أم أنك قبيح لدرجة لا تجرؤ أن تنظر في المرآة مخافة الكوابيس ليلًا؟ وقال آخر: خرجتِ من طلاقك ووجدتِ رجلًا فورًا، لا تستطيعين البقاء يومًا بلا رجل. فقلت: يبدو أنك بائس؛ الرجال ينعطفون بعيدًا عنك. لا تحرم نفسك، اشترِ بعض اللعب لتؤنس وحدتك. وقال ثالث: لسانك سام، من يحبّك سيء الحظ. فقلت: "وكيف نوبّخ الأراذل بلا حِدّة؟ من يحبّني أدقّ الناس ذوقًا." وأمثال ذلك كثير. كانت لينا ترفع معنوياتي على الواتساب، وتقول إن العثور على الحب الحقيقي جعلني كأنني وُلدت من جديد، وقوة القتال عندي انفجرت. والأغرب أن اندفاعي في الرد أكسبني موجة متابعين؛ فعدد متابعي منصتي زاد في ليلة من 3,000 إلى 9,000 دولار. يا له من عالم مقلوب؛ يبدو أن الناس تحب سيناري

كنتُ أعلم أن لينا ستُمازحني، وفعلاً هذه الصبية ما إن فتحت فمها حتى بدأت بالمزاح والتهكّم. تنهدتُ: "كنا متواعدين على الغداء، لكن في منتصفه تلقّى اتصالًا وذهب على عجل، كان لديه عملٌ طارئ." "لا عجب، ترككِ معلّقة، فخطر لكِ أن تتصلي بي." "آه، لا تجعلي مني مادةً للتندر." استحيتُ من مزاحها وطلبتُ منها التوقف بسرعة، "إن لم يكن عندكم ترتيب فسأعود لأنام، فلم أنم البارحة كثيرًا." "أيُّ نوم! إنه يومٌ بهيج." ثم ذكرت لي اسم نادٍ، "بعد الظهر لدينا حجز للمكان، وظننتُ أن سُهيل سيستأثر بكِ، فلم أفكر أصلًا أن أخبرك." "علمتُ، سأصل بعد قليل." وصلتُ إلى النادي، وانتظرتُ أن تنزل لينا لتستقبلني، وجلستُ جانبًا أتصفّحُ مجلة. وما إن فتحتُ الصفحة الأولى من المجلة حتى باغتني صوتٌ من الجانب: "جيهان؟" رفعتُ بصري وثبّتُّ نظري، كان يمر أمامي أربعة، رجلان وامرأتان، والتي نادتني كانت نسرين. منذ أن افترقنا بسوءٍ في احتفال الجامعة لم نلتقِ بعدها، ولم أتوقع أن أصادفها هنا اليوم. رمقتها بطرفِ عينٍ ولم أنوِ الرد. أولًا، لم نكن على وفاق منذ الجامعة، عداوةُ سنين. ثانيًا، أتذكر أنّ نسرين أبدت الودَّ لسُهيل، وقالت إن

لا، لا حاجة. مع أنني أتحسّر على قرابة ألف دولار، لكني لستُ إلى هذا الحد شديدة البُخل؛ توّنا أكدنا علاقتنا، فطلب المال من الحبيب يبدو كمن يتصيّد. "ندفع المال لنشتري بعض الفرح"، ثم إنني لم ألعب الورق منذ أكثر من نصف عام، وهذه فرصة نادرة. "حسنًا، المهم أن تكوني سعيدة." شدّ سُهيل ملامحه قليلًا وقال معتذرًا: "أول موعدٍ بعد تأكيد علاقتنا وأفوّتُ الموعدَ معك، كنتُ قَلِقًا أن تغضبي. لما رأيتُ صديقاتك حولك اطمأننت." "أهذا ما أردتَ قوله في المكالمة؟" "نعم، ما زلتُ مشغولًا، وأظن أنني سأبقى حتى وقتٍ متأخر. بعد العشاء عودي باكرًا، إصابة ساقك لم تَشفَ تمامًا، فلا تُجهدي نفسك." إنه عيد رأس السنة والناس تحتفل، وهو مضطرّ للسهر في العمل. رَقّ قلبي له، فتلطف صوتي: "علمتُ، لا تقلق عليّ. أَنهِ ما لديك وعُدْ لترتاح باكرًا." "حسنًا، باي." "باي." أغلقتُ الخط، فقلّدت لينا نبرتي بدلالٍ مبالغ: "أهذه جيهان التي أعرفها؟ كأنها شخصٌ آخر! تتكلم وكأنها فتاةٌ مفرطة الرهافة!" تظاهرتُ أنني سأضربها، فقفزتْ مبتعدة. رنّ هاتفي، ولمّا نظرتُ فوجئت — سُهيل حوّل لي ألف دولار على الواتساب. دهشتُ! "ألستَ قلتَ لا داعي؟"