Share

الفصل 12

Author: قطة برائحة البطيخ
تلَوّت مريام باضطراب وهي تَعْبَثُ بحافة ثوبها: "أبي، لا تتحدث عن أختي بهذه الطريقة..."

قاطعتها نور بابتسامة: "إذن أترك لكِ الأمر يا أختي."

جلستْ نور بجرأة على الطاولة، بينما علت شفتيها ابتسامة لائقة: "أبي، كلامك غير صحيح. مريام تعيش في المنزل دون مقابل، فلا بد أن تقوم ببعض الأعمال حتى تشعر بالراحة، أليس كذلك؟"

ما إن انتهت من كلامها حتى اسودّت وجوه سعاد ومريام، لكن سرعان ما ألقت سعاد نظرة إلى كرم وابتسمت: "أجل، ياكرم، كلام نور صحيح."

أما كرم فكان وجهه كالسحاب القاتم، والتفت ليصرخ في نور: "إن كنتِ لا تريدين الأكل فاخرجي!"

لكن نور ازدادت ابتسامتها إشراقًا: "هذا طعام بيتي، فلماذا لا آكل؟ ألا يجب أن أتناوله قبل أن ينتهي الغرباء منه؟"

كانت كلماتها تحمل إيحاءً واضحًا.

ثم التفتت إلى مريام التي ما زالت واقفة: "اجلسي يا أختي، انظري كيف أغضبتِ أبي، يظن من لا يعرف أنكِ ابنته الحقيقية!"

وأردفتْ مخاطبة الخادمة صفية: "لماذا تقفين مكانكِ؟ ألا تذهبين لتحضري لي أدوات الطعام؟ هل تنتظرين حقًا أن تقوم الآنسة الثانية بهذا؟"

وكانت قد شدّدت على عبارة الآنسة الثانية بقسوة.

ترددت مريام للحظة، ثم جلستْ إلى مائدة الطعام.

يبدو أن وجود نور على مائدة الطعام قد أثقل الجو العام.

وحدها لم تدرك ذلك، واستمرت في تناول طعامها بسعادة.

في النهاية، كانت سعاد هي من كسر الصمت على المائدة.

"نور، سمعت أن رفيق تعرض لحادث سيارة الليلة الماضية ودخل المستشفى؟ هل هو بخير؟"

نظرت إليها نور بابتسامة لطيفة: "إذا كنتِ تريدين المعرفة، فاذهبي بنفسكِ لتتأكدي."

أُسكِتت سعاد لبرهة، لكنها عادت لتُكمِل بضحكة: "يا طفلة، وما الفائدة من ذهابي أنا؟"

"سأطلب من الخادمة صفية شراء بعض المكونات لتحضير حساء مُقوٍّ، أنتِ وأختكِ ليس لديكما ما يشغلكما بعد الظهر، فاذهبا معًا لزيارة رفيق."

ألقت نور بنظرة عابرة: "لا داعي، دعِي مريام تذهب وحدها، فهذه فرصة لتعميق مشاعرهما."

كان هذا بالضبط ما تُفكّر فيه سعاد، لكنها لم تستطع الاعتراف بذلك، فالتفتت إلى مريام: "مريام، أخبرينا، ما قصة هذا الأمر حقًا؟"

بدأت مريام تتلعثم: "لا شيء، لا يوجد أي شيء بيني وبين رفيق، لن أتجاوز الحدود وأتدخل في علاقة أختي مع حبيبها."

امتلأت عيناها اللوزيتان بالدموع على الفور، وراحت تحدّق في نور بعينين دامعتين: "أختي، حقًا لا يوجد شيء، توقفي عن الغضب من رفيق."

"لن أراه مرة أخرى."

كانت نور ترفع الملعقة تلو الأخرى إلى فمها وهي تشرب الحساء بهدوء، تراقب أداء مريام بصمت.

لم تُجب، لكن سعاد تنهدت وقالت: "نور، لا تغضبي من أختكِ، لا بد أنكِ لم ترَيه بوضوح، فهي لن تجرؤ أبدًا على منافستكِ على قلب رفيق."

ثم أضافت مبتسمة: "لا تدعي مريام تسبب خلافًا بينكِ وبين رفيق."

ظلت نور صامتة.

هذة الأم وابنتها مُعتادتان على لعب دور الزهرة البريئة ، هذه الحجة برَّأت مريام، لكن بين السطور، كأنها تقول إنها افترت على أختها؟

أحسَّت بالسخرية تغلي في داخلها.

لكن للأسف، والدها الساذج يصدق ألاعيب سعاد، وضعَ إناءه بعنف على الطاولة والتفت إلى نور قائلًا: "كفِّي عن هذه التصرفات! أليست اتهاماتكِ لأختكِ كافية؟"

"لا أهتم بمؤامراتكِ هذه المرة، لكن حفل خطوبتكِ مع رفيق سيجري كما هو مُقرر."

ثم نهض قائلًا: "حسنًا، لديّ بعض الأمور، عليكما أن تذهبا معًا لزيارة رفيق هذا الظهر، لا تدعا عائلة فهمي تظن أن عائلة كرم تعيش في خلاف، فتتحولين إلى سخرية للآخرين."

أغمضت نور عينيها قليلًا، وهي تشاهد كرم يغادر بهذا البرود.

ازدادت قبضتها على ملعقة الحساء ضيقًا، حتى بدت أطراف أصابعها تبيضُّ من شدة الضغط.

بعد مغادرة كرم، اختفت الابتسامة فجأة من وجه سعاد، وألقت بنظرة ثاقبة على نور قائلةً بسخرية: "نور، لا تُلصقي التهم بأختكِ مريام مجددًا في المستقبل."

أطلقت نور ضحكة ساخرة، وحركت شفتيها بكلمتين صامتتين.

لكن وجهي سعاد وابنتها اسودّا فورًا ، فقد فهمتا الكلمتين اللتين لم تُسمعا.

انتعشت نفسية نور لدى رؤيتهما تُعانيان، فألقت بالملعقة والوعاء بقوة وصعدت إلى غرفتها لتستلقي.

وعندما التقطت هاتفها، لاحظت وجود رسالة جديدة.

Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 140

    في السيارة أسفل الفندق.جلس مالك في المقعد الخلفي، وعيناه الضيقتان نصف مغمضتين وهو يفكر في شيء ما.نظر إليه معاذ من خلال المرآة وسأل: "سيد مالك، إلى أين نذهب؟""إلى الفيلا".أومأ معاذ برأسه، وعندما بدأ بتحريك السيارة، تذكر شيئًا وقال: "سيد مالك، سمعت اليوم إشاعة صغيرة"."ما هي؟"نظر إليه معاذ مرة أخرى عبر المرآة قبل أن يجيب: "يقال أن الآنسة نور تسببت في مشهد محرج في المؤتمر الصحفي اليوم، وعائلة فهمي تخطط للإيقاع بها".كانت أصابع مالك تضرب على المقعد الجلد برفق، فتوقف للحظة عند سماع هذا الكلام.عندما لم يرد، تابع معاذ: "سيد مالك، هل نقدم بعض المساعدة للآنسة نور؟"بصفته سائق مالك الشخصي، كان معاذ على علم بالكثير من الأمور.بل يمكن القول إنه يفهم مالك أكثر حتى من والدته نفسها.طوال هذه السنوات، لم يره يهتم بأمور الآخرين، لكنه اليوم ألغى اجتماعًا مهمًا فقط ليقل نور.على مر السنين، كان هناك العديد من النساء حول مالك، ولكن معاذ يعرف جيدًا،لم يكن هناك أي امرأة على الإطلاق نالت شرف أن مالك يقلها بنفسه ويوفر لها مكانًا للإقامة.فنور كانت الأولى.بمجرد أن أنهى كلامه، التفت إليه مالك بنظرة باردة

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 139

    ارتفع طرف شفاه مالك بسخرية، بينما ظل يقف بجسده الطويل ليحجب المدخل بالكامل."ألم تقولي أنكِ لن تبقي هنا؟"عبست نور: "قالوا في الفندق إنه لا توجد غرف متاحة، وحتى الفنادق القريبة ممتلئة"."أوه؟" ألقى عليها مالك نظرة جانبية من عينيه الضيقتين، وكأنه لا يصدق كلامها."ألا تخشين أن ألتهمكِ؟" سأل بنبرة ساخرة.توقفت نور للحظة، لقد كان يومها سيئًا بكل المقاييس.عندما خرجت أدركت أن هاتفها قد فرغت بطاريته، ولم يكن بحقيبتها أي نقود سائلة، حتى أنها لم تستطع استدعاء سيارة.لو لم يكن الأمر كذلك، لما اضطرت الآن للتذلل أمام مالك.لحسن الحظ، يبدو أن مالك قد سئم من السخرية منها بنظراته، فأفسح لها الطريق لدخول الغرفة.تنفست نور الصعداء، وعندما دخلت لاحظت بقعة متسخة كبيرة على ملابسه الموضوعة على الأريكة.تذكرت أنها ربما تكون من احتكاكها به عندما حملها على كتفيه.أدركت أنها أساءت فهمه، ظننت أن كل ما يشغله هو ذلك الأمر، وأنه استحم فور وصوله لأنه متحمس، لكن يبدو أنها كانت مخطئة.استرخَت وأخذت تشحن هاتفها.لم يمض وقت طويل حتى خرج مالك من الحمام مرة أخرى، وقد ارتدى ملابس جديدة.كان شعره قد جف للتو، فبدا أقل أناق

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 138

    سمعت نور ذلك فسكتت، فهذا صحيح، ماذا تستطيع أن تفعل؟لا تستطيع فعل أي شيء، حتى الشيء الوحيد الذي تركته أمها لم تستطع حمايته.أحاط بها إحساس عميق بالعجز، فأسندت رأسها إلى المقعد والتفتت نحو النافذة صامتة.لاحظ مالك هدوءها المفاجئ، فألقى عليها نظرة جانبية ثم قال وهو يضم شفتيه برفق: "لا تقلقي، معاذ شخص موثوق به، وسيهتم بما تبقى من الأمور".كانت كلماته تحمل نبرة مواساة.ظلت نور صامتة، لم ترد بكلمة.على أي حال، إذا استمرت في الحديث مع مالك، فستكون هي من سينتهي بها الأمر غاضبة.ساد الصمت داخل السيارة، ولم يُسمع سوى صوت تنفسهما."إلى أين تريدين الذهاب؟"بعد صمت طويل، طرح مالك سؤالًا.توقفت نور لحظة، ثم خفضت رأسها: "لا أعرف".لم تكن تريد العودة إلى منزل عائلة كرم، ولا إلى مكان إقامتها، فمريام تعرفه، ولم تعد ترغب في الذهاب إليه.بعد صمت قصير، قالت: "خذني إلى فندق".وبعد نصف ساعة، أوقف مالك السيارة أمام أحد الفنادق.استجمعت نور أفكارها ونظرت إلى الفندق أمامها، ثم ضغطت شفتيها قليلًا: "لماذا جئنا إلى هنا؟"هذا الفندق لم يكن مكانًا عاديًا، بل كان المكان الذي حدث بينها وبين مالك أول لقاء حميمي.أوقف

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 137

    رفع مالك رأسه عند سماع كلماتها واتبع نظرة نور، ثم أغلق جهاز الكمبيوتر المحمول.ما إن توقفت السيارة حتى فتحت نور الباب على عجل واندفعت خارجًا.في الصباح، كان المنزل الذي زارته سليمًا تمامًا، ولم يكن مختلفًا عما كان عليه عندما كانت والدتها على قيد الحياة سوى أنه يحتاج إلى تنظيف.لكن الآن، كان المنزل أمامها يلفه دخان كثيف، وقد تشوه تمامًا.كان رجال الإطفاء يوجهون خراطيم المياه لإخماد الحريق، بينما هي اندفعت بتهور نحو الداخل."آنسة، الوضع بالداخل خطير، لا يمكنكِ الدخول!" صاح أحد رجال الإطفاء مندهشًا من فعلتها، محاولًا إيقافها.لكن نور، وكأنها لم تسمع، استمرت في الاندفاع بعيون محمرة.قبل أن تتمكن من الدخول، اعترض طريقها ذراع قوي.التفت ذراع الرجل العريضة حول خصرها النحيل وأحكمت إمساكها بها، بينما سمعت صوتًا باردًا يعلو من فوق رأسها: "ألم تسمعي أن الوضع خطر بالداخل؟""أصمّت أذنيكِ أم أنكِ لا تهتمين بحياتكِ؟"كان مالك يعبس بحاجبيه، مظهرًا مزاجًا سيئًا للغاية.رفعت نور عينيها المحمرتين نحوه: "مالك، دعني أدخل"."يجب أن أدخل".ظل مالك صامتًا بعينين باردة، بينما انضمت شفتاه الرقيقتان بإحكام، مما

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 136

    وقف مالك بين الاثنين، مستغلًا طوله الفارع ليقف حاجزًا أمام نور، رافعًا ذقنه قليلًا ويده في جيب بنطاله، متخذًا هيئة المتسكع المتبجح.وبالرغم من ذلك، لم يجرؤ كرم على مواجهته.لو كان أي شخص آخر لعبس وجهه على الفور، لكن أمام مالك، أخفض نظره قليلًا ثم رفع نظره إليه قائلًا: "سيد مالك، هذه شؤون عائلية".ملمحًا بذلك إلى أن مالك يتدخل فيما لا يعنيه.لكن مالك لم يتحرك من مكانه: "ترك سيدة تتعرض للأذى ليس من تصرفات الرجل النبيل".بينما كان يتحدث، نظرت إليه نور من خلفه.بفارق كبير في الطول، بالكاد تصل إلى كتفه.لكنها الآن، بينما تنظر إليه، شعرت فجأة بالاطمئنان.رفع كرم رأسه نحو مالك، ثم خطرت له فكرة ما فابتسم ابتسامة خفيفة.لكن قبل أن ينطق بكلمة، استدارت نور وغادرت."نور، توقفي!""نور!"لم تلقَ صيحات كرم أي استجابة منها، بل على العكس، أسرعت خطاها.ضغط كرم على أسنانه، وتجعد حاجباه بشدة."يُقال إن السيد كرم رجل نبيل، يهتم بابنته بالتبني كما لو كانت ابنته الحقيقية، حتى أفضل من العناية بابنته الحقيقية.""."اليوم، تأكدت من ذلك".كانت كلمات مالك متزنة وغير متعجلة، لكن السخرية في نبرته كانت واضحة لا يمكن

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 135

    "والآن سأخبركم بالحقيقة، في يوم الخطوبة، اكتشفت أن أختي الصغرى كانت تخونني مع خطيبي"."لذا كل الشائعات التي سمعتموها صحيحة".بما أن كل ما كان يهمها قد ضاع، فلتنقلب المواجع على الجميع.لم تلتفت نور إلى تعابير وجه فهمي وأمل على المنصة.لكنها كانت تعلم أن كل الحاضرين باستثناء الصحفيين وجوهم سوداء كالفحم.المؤتمر الصحفي الذي كان مُعدًّا لتبرئة رفيق تحوّل إلى محاكمة علنية له ولمريام، بينما اندفع الصحفيون كالمجانين لتسليط كاميراتهم على وجه مريام.هذه المرة شعرت مريام بالذعر حقًا."أختي... لا... لا تتحدثي بهذا الشكل!" نظرت بفزع للصحفيين: "هذا ليس أنا، لا تلفقي التهم!"لقد أتيت لتضحك على مأساة نور.لكن نور تحولت إلى كلبة مجنونة، بعد أن حصلت على مكاسبها تجرأت على نكث وعودها أمام عائلة فهمي وأمام كرم.أما كرم، بينما كان يشاهد الفوضى، شعر وكأن قلبه يعتصر من جديد.صكّ أسنانه ورفع يده مرة أخرى نحو نور.لكنها نظرت إليه ببرودة قائلة: "إن كنتَ تجرؤ فاقتلني".ثم حولت عينيها الجليدية نحو مريام المتظاهرة بالبراءة، وقالت لها بنبرة صارمة: "مريام، كان عليكِ أن تنظفي آثار أفعالكِ جيدًا"."انتظري، عندما أحصل

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status