LOGIN"أعرف."كان لدى سيف إحساس بأن حديثها عن مجموعة الراسني الآن لا بد أن له علاقة بالأمر.وبالفعل، نظرت ديمة إليه بجدية بالغة وقالت بصعوبة: "لا تدعي... فوفو... تقترب من أي شخص من مجموعة الراسني... أنا خائفة عليها..."كل كلمة خرجت منها كانت كأنها معركة.سيف لم يحتمل رؤيتها هكذا، وفهم تماما ما قصدته.فما إن بدأت بالكلام حتى قاطعها بسرعة: "حسنا، لا تقلقي. سأراقبها ولن أدعها تقترب من أي أحد من مجموعة الراسني."عندها فقط اطمأن قلب ديمة.لكن ما لم يعرفه الاثنان داخل غرفة المستشفى، أن فادية كانت قد عادت أدراجها دون أن يلحظا.وضعت يدها على مقبض الباب، لكنها تجمدت في مكانها، وبعد نصف دقيقة، أفلتت يدها من المقبض، ثم استدارت وغادرت بخطوات شاردة، وكأن روحها غابت عنها."الأخت فوفو؟"ناداها صوت عند زاوية الممر.لم تسمع بوضوح، حتى تكرر النداء مرة أخرى.عندها فقط كأنها استفاقت من غفلتها، والتفتت لترى لميس، وعيناها خاليتان من أي تعبير.في الأيام الماضية، كانتا الاثنتان تقيمان في المستشفى، وكلما كان سيف موجودا، كانت لميس أيضا لا تفارقه.قالت فادية ببرود وهي تشير بيدها: "سيف في الغرفة."عضت لميس على شفتها بت
منذ أن استيقظت ديمة قبل قليل، أجرى الطبيب الفحص ثم غادر، لكنها ظلت صامتة تماما، عيناها بلا بريق وكأنها فقدت التركيز، أشبه بجسد استيقظ بينما الروح ما زالت غائبة."ديمو؟" حاولت فادية أن تناديها، بصوت منخفض جدا، خشية أن تفزعها.نادتها مرات ومرات، لكن ديمة ظلت تحدق في السقف بلا أي رد.القلق أخذ يتعمق أكثر في قلب فادية."ديمو، الأخ سيف جاء خصيصا ليكون بجانبك، هذه الأيام لم يتركك لحظة، فلا تخافي..."كانت فادية تواصل الكلام بصوت خافت.أقنعت نفسها أن ديمة تحتاج بعض الوقت بعد أن أفاقت.وأنها حين تسمع صوت من تحب، ستعود إليها الروح.لكن مرت لحظات طويلة، بلا أي استجابة.شعور قوي بالذنب واللوم اجتاح قلب فادية، لو كانت أكثر حذرا في ذلك اليوم، أو أسرعت قليلا، ربما ما كانت ديمة ستصل إلى هذه الحال...في تلك اللحظة تمنت لو كان بإمكانها أن تستبدل نفسها بديمة."آسفة يا ديمو، سامحيني، لم أحسن حمايتك، كل هذا بسببي...""ديمو، أنا فوفو... ألا تريدين أن تنظري إلي؟"ازدادت مشاعرها ألما حتى اختنق صوتها، وصار تنفسها صعبا، والدموع انهمرت بلا توقف، تساقطت على يد ديمة."فو... فوفو..."خرج صوت مبحوح ضعيف كهمس البعوض،
جنى بملامح يكسوها الغضب.كانت أكثر ما تكرهه هو ذلك الماضي الذي عاشت فيه كأنها مجرد ظل لا يراه أحد.سنوات طويلة لم يذكره أحد، حتى كادت تنساه، لكن بعض كبار الموظفين في الشركة ما زالوا يعرفون بوجود جوجو.أولئك الذين يثرثرون انسحبوا واحدا تلو الآخر.وبالطبع لاحظت جنى وجود يوسف ومالك.ففي الأيام الماضية لم تأت إلى المقر الرئيسي، واليوم فقط عرفت أن مالك صار يزور مجموعة الهاشمي يوميا.هل السبب هو فادية؟سرعان ما أيقنت أن هذا هو التفسير الوحيد.فباستثناء جوجو في الماضي، لم تكن هناك امرأة أخرى قادرة على تحريك مشاعر هذين الرجلين في الوقت نفسه سوى فادية.وبمجرد أن تذكرت اسمها، ازدادت تجاعيد القلق على جبين جنى.لقد مرت عدة أيام من دون أن تراها!جلست في أحد الأركان، بينما تسللت إلى مسامعها كلمات خافتة من الجهة الأخرى:"الصراع على إرث مجموعة الهاشمي... يمكنني أن أساعدك!"جلس الرجلان في المطعم، كل منهما يتناول طعامه بصمت، حتى كسر مالك هذا الصمت أولا.أما يوسف فظل مطأطئ الرأس، وكأنه لم يسمع شيئا.وبعد لحظة عاد صوت مالك: "الأوراق التي تملكها سلمى مرتبطة ببعض مصالح مجموعة الراسني، وبكلمة منك لن تحصل سلم
رفع مالك عينيه نحو يوسف للحظة، لكنه لم يقل شيئا.كان يريد أن يسأله عن مكان فادية، لكن من الواضح أن يوسف لن يخبره.اكتفى مالك بنظرة واحدة ثم أنزل رأسه.يوسف رفع حاجبيه وأكمل عمله بهدوء.في الخارج كان الليل يزداد عمقا، وفي البرج كله لم يبق سوى يوسف ومالك، وكأن بينهما تفاهم غير معلن، كل منهما غارق في عمله دون أن يقطع الآخر.بعد ساعتين، نهض يوسف ليستعد للمغادرة.وبمجرد أن تحرك، وضع مالك ملفاته جانبا، وأخذ معطفه، ولحق به خارج المكتب.خطواته كانت مسموعة بوضوح خلف يوسف، لكنه لم يلتفت، بل مضى مباشرة نحو المرآب. مالك لم يكتف بملازمته طوال اليوم، بل حتى سيارته كانت مركونة بجوار سيارة يوسف.ركب يوسف سيارته، وفي اللحظة نفسها ركب مالك سيارته أيضا.تحركت السيارتان، واحدة تتبع الأخرى، على مسافة محسوبة، حتى دخلت سيارة يوسف إلى قصر الهاشمي.من خلال تحقيقاته قبل أيام، كان مالك متأكدا أن فادية ليست في قصر الهاشمي.ألقى نظرة على القصر، ثم أدار سيارته بإحباط.في اليوم التالي، كرر مالك ما فعله بالأمس، وجعل من مكتب يوسف مكان عمله.ثم جاء اليوم الثالث، والرابع...أكثر عازبين العاصمة ثراء ونفوذا أصبحا بهذه الد
تجمدت ندى لبرهة وقالت: "ماذا فعلت هذه المرة؟"أجاب فيصل ببرود وهو يرمق بعينه المرأة المستلقية على السرير، عارية، ترميه بنظرات دلال منذ الصباح: "لم أفعل شيئا، كنت...""كنت هادئا البارحة، لكن..."سحب فيصل نظره فجأة، وملامحه ازدادت جدية: "حين رتبت الأمر البارحة، جاء يوسف وأخذها معه."ولم يعرف الخبر إلا هذا الصباح.حتى لو كانت تلك المرأة قد ماتت فعلا، فإن ارتباطها بعائلة الهاشمي سيجعل الأمور أكثر تعقيدا.وخاصة تلك الجملة التي قالها يوسف:「أفراد عائلة الهاشمي، لا يحق لأحد منكم المساس بهم.」لكن ديمة تحمل لقب النعماني...قال فيصل بحدة: "أمي، أريد منك أن تبحثي لي عن علاقة ديمة بعائلة الهاشمي. وأيضا عن فادية..."تغير وجه ندى بمجرد أن سمعت اسم يوسف.فهو أبرز أبناء الجيل الجديد في عائلة الهاشمي، وكان الحفيد الأقرب إلى قلب الشيخ الهاشمي. لذلك كانت ندى تعرف عنه الكثير.وعلى مر السنين، كان الاتفاق الضمني بين عائلة الهاشمي وعائلة الراسني هو عدم التدخل في شؤون بعضهما.لكن يوسف أخذها معه..."من الأفضل أن تختفي قليلا عن الأنظار." على الرغم من أن ندى تعلم أنها قادرة على إدارة الموقف، إلا أنها يجب أن تكون
بضعة أشخاص من عائلة النجدي يهاجمون عجوزا واحدة؟ارتسمت على شفتي الحاجة الراسني ابتسامة ساخرة ازدادت وضوحا.لم تقل شيئا، بل تعمدت أن تحدق في تالة. ورغم أنها كانت تلف جسدها بمنشفة، إلا أن آثار الكدمات على عنقها وذراعيها كانت ظاهرة للعيان.وكأنها تعرضها عمدا أمام الجميع.شعرت تالة بالارتباك تحت نظراتها، لكنها واثقة من براعتها في التمثيل، مقتنعة أنها لم تترك أي ثغرة، فاستمرت في إظهار ملامح المظلومة والضعيفة والمرتبكة، محاولة استدرار تعاطف الحاجة الراسني."ندى…..."بعد لحظة، تكلمت الحاجة الراسني فجأة."أمي، أنا هنا." أجابت ندى بسرعة، وقد أدركت أن الحاجة ستتكلم، فسارعت بالاقتراب منها.امتلأ قلبها بالترقب، متمنية أن تعلن الحاجة موافقتها فورا وتثبت أمر الزواج.مدت الحاجة الراسني يدها، فسارعت ندى إلى إمساكها ومساعدتها.وباعتمادها على دعم ندى، نهضت الحاجة قائلة: "هذا الفطور أثقل معدتي، يجب أن أعود إلى البيت لأرتاح قليلا."الجميع: "...…"لم يفهم الحاضرون مغزى كلامها، لكن ندى شعرت وكأنها تلقت صفعة على وجهها، فتجمدت ملامحها."أمي، سأوصلك...…" حاولت ندى أن ترسم ابتسامة سريعة.لكنها لم تكمل جملتها حت







