Share

تزوجتُ أخا خطيبي بعد عودتي إلى الحياة
تزوجتُ أخا خطيبي بعد عودتي إلى الحياة
Author: قهوة بدون ثلج

الفصل 1‬‬‬‬

Author: قهوة بدون ثلج
في احتفال بلوغي الثامنة عشرة، كان عليّ أن أختار أحد ابني الألفا ليكون رفيقي.

في حياتي السابقة اخترت الابن الأصغر، رامي الشماري، لكنه خانني وقتلني. أما في هذه الحياة، فقد اخترت الابن الأكبر، فارس الشماري، المعروف بقسوته.

لكن ما لم أتوقعه هو أن رامي قد وُلد من جديد أيضًا.

ما إن خرجت من قاعة مجلس الألفا حتى مررت بساحة التدريب، فصادفت رامي يتدرّب مع مجموعة من الذئاب على استخدام السيوف.

لمع بريق حادّ، فانطلق سيف مقوّس مزيَّن بنقوش فولاذيّة من يد أحدهم وسقط على بُعد ثلاثة أذرع من قدمي وهو يصدر صوتًا معدنيًا.

لم يرفع رامي رأسه، وقال بنبرة آمرة كما اعتاد: "التقطيه."

توقّف الذئاب من حوله عن الحركة، وتوجّهت أنظارهم نحوي بعيون مليئة بالسخرية والمتعة.

كان هذا المشهد مألوفًا جدًا بالنسبة لي، ففي حياتي السابقة كان يحب أن يأمرني هكذا، وكأنني خادمته التي تلبّي أوامره بلا تردد.

وقفت في مكاني دون أن أتحرك، وضغطت بطرف حذائي على الحصى تحت قدمي وقلت بهدوء: "من أسقطه، هو من يلتقطه."

ساد الصمت في الساحة، حتى الريح بدت وكأنها توقفت.

رفع رامي رأسه فجأة، والشرر يتطاير من عينيه، وقال بحدة: "ماذا قلتِ؟"

أطلق أحدهم صفيرًا ساخرًا وقال بنبرة استهزاء: "يبدو أن سلمى الهاشمي تحاول أسلوبًا جديدًا لجذب انتباه رامي! قبل أيام كانت تلاحقه بلا خجل، واليوم تتظاهر بالكبرياء والتعفّف؟"

وأضاف آخر ضاحكًا: " ومن لا يعرف أنك تتذلّلين لرامي كعبدٍ؟ ولا تفارقين رامي لحظة، تكادين تقدّمين له قلبك على طبق! ألا تخافين أن يخجل والدك الراحل من تصرفاتك؟"

وبينما نحن في هذا التوتر، سُمعت خطوات مترددة عند مدخل الساحة.

كانت ندى الهاشمي ترتدي تنورة من جلد الحيوان الفاتح اللون، وساقها اليمنى ملوثة بالدم والطين. كانت تترنّح وهي تجرّ قدمها بصعوبة نحو السيف، وانحنت تلتقطه بأسنان مضغوطة من الألم، ثم تقدّمت نحو رامي بخطواتٍ مرتجفة قائلةً: "رامي، سيفك."

كانت أطراف أصابعها ترتجف من الألم، وعرق بارد يتصبّب من جبينها.

اتّسعت عينا رامي فجأة، وأمسك بمعصمها بقوة، فتحوّل الغضب في صوته إلى قلق واضح: "قلت لكِ أن تبقي في الفراش لتتعافي، من الذي جعلكِ تخرجين رغم ذلك؟!"

ثم التفت إليّ وحدّق بي، ونظراته تكاد تشتعل نارًا: "انظري إليها! رغم إصابتها في ساقها، ما زالت تساعدني وتلتقط السيف. وأنتِ؟ تقفين هناك تتفرّجين كأن الأمر لا يعنيك! ألا تفهمين شيئًا؟"

ثم ابتسم بسخرية وقال: "خرجتِ للتو من عند والدي، أليس كذلك؟

"سلمى، ألا تشعرين بالاشمئزاز من نفسك؟ تمضين يومكِ تلوّحين بجميل عائلتكِ عليّ وكأنّني مدينٌ لكِ بشيء، وكلّ ذلك فقط لتكسبي طريقتكِ إلى الزواج بي، حقا، لم تتركي حيلةً إلا واستعملتِها."

شدَدتُ على أطراف كمّي، وأجبت بهدوء ثابت: "لم أفعل. الألفا استدعاني ليخبرني أنه سيقيم لي بنفسه احتفال بلوغ سنّ الرشد."

ما إن قلت ذلك حتى عمّ الهمس والدهشة في ساحة التدريب.

" الألفا سيقيم لك الاحتفال بنفسه؟!"

تجمّع الجميع حول رامي على الفور، ونبراتهم امتلأت بالمجاملات: "مبروك يا رامي! واضح أن الألفا يقدّر سلمى كثيرًا، وهذا يعني أنه يراك الوريث القادم!"

"لا تنسَنا عندما تصبح ألفا!"

ارتسمت على وجه رامي ابتسامة خفيفة من الغرور، ورفع ذقنه قليلًا، لكنه قال ببرود محذّرًا: "حتى لو كان الأمر كذلك، هناك أمور يجب أن تكون واضحة."

"إن تزوجنا، فلا شأن لكِ بي وبندى. التزمي بمكانك، وإلا…"

توقف لحظة، ونظراته ازدادت قسوة: "لن أتزوجك أبدًا، إلا إذا كنتِ ترغبين بتكرار مصيرك السابق."

ارتجف قلبي للحظة.

ما الذي يعنيه بذلك؟

هل يمكن أنه... وُلد من جديد أيضًا؟

بعد أن أنهى كلامه، حمل ندى بين ذراعيه برفق وغادر دون أن ينظر خلفه، تاركًا خلفه ضحكات وهمسات الآخرين.

نظرت إلى ظهره وهو يبتعد، وابتسمت ابتسامة خافتة فجأة.

جيد جدًا.

فالشخص الذي سأتزوّجه ليس أنت أصلًا.‬
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • تزوجتُ أخا خطيبي بعد عودتي إلى الحياة   ‫الفصل 11‬‬‬

    حين أرخى الليل ستاره، دخل فارس.كنت متكوّرة على السرير، أراقبه وهو يغلق الباب خلفه.قلت له: "لماذا تقف هناك؟"ربّتُّ على جانبي متعمّدة البطء وقلت: "هل ما زلت تظن أنك حارس يقف عند الباب بعد الزواج؟"لم يجبني، بل خطا نحوي بخطوات واسعة، نزع عباءته وأبان عن كتفين قاسيين محفورين بالندوب القديمة والجديدة، آثار معارك لا تنتهي.انحنى فوقي، يده تضغط على كتفي وتحصرني بين ذراعيه والسرير، أنفاسه تعبق برائحة نبيذ الصنوبر، وقال: "من التي قالت قبل قليل إن عليّ أن أصعد إلى السرير؟"رفعت رأسي أتأمل خط فكه المشدود، ومددت يدي ألمس شحمة أذنه، كانت حارّة كالجمر.قلت مبتسمة: "ما بك يا سموّ فارس، أأصبحت تخاف؟"ضحك بخفوت، عضّ طرف شفتي بقوة لا تقبل الجدل وقال: "أنت ملكي، فممّ أخاف؟"لكن حين مدّ أصابعه ليفك رباط ثوبي، توقّف لحظة وقال: "سأسألك شيئاً."قلت: "ما هو؟""يقولون في القبيلة إنك كنتِ مستعدة للتضحية بحياتك من أجل رامي." قال وهو يمرّر أنامله على عظمة ترقوتي: "والآن وأنتِ معي، هل تستطيعين أن تنسيه تماماً؟"قلت وأنا ألتف حول عنقه وأقترب منه أكثر: "ماذا لا أستطيع أن أنساه؟ كنت عمياء آنذاك، أما الآن فقد أبصرت

  • تزوجتُ أخا خطيبي بعد عودتي إلى الحياة   ‫الفصل 10‬‬‬

    في يوم مراسم الزواج، استيقظت قبل بزوغ الفجر لأتهيّأ وأتزيّن بنفسي.حين دخل فارس رافعًا الستار، كان يحمل بين يديه باقة من أعشاب النجوم جمعها تواً من غابة الأرز، لا تزال قطرات الندى تلمع على بتلاتها.انحنى ثم حملني بين ذراعيه بخطوات واسعة خارج المسكن، متجهًا نحو تمثال إلهة القمر.رفعت نظري خلسة أتأمل ملامحه الجانبية.هو يختلف تمامًا عن رامي، فذلك أشبه بنارٍ جامحة لا تهدأ، يشي حوله جوّ من التمرّد والاستهتار.أما فارس، فملامحه حادّة باردة، وفكه مشدود كحدّ السيف، وأنفه شامخ كأنه نُحت من صخر.يقول البعض إنه بعيد الطباع، لا يعرف كيف يحبّ.لكنني رأيت جنونه يوم اقتحم السرداب من أجلي، والآن، وأنا أنظر إلى شفتيه المطبقتين بإصرار، شعرت بدفءٍ يغمر قلبي.الطريق نفسه الذي سرت فيه في حياتي السابقة خلف رامي نحو التمثال، كنت حينها مثقلة بالقلق، أخشى أن يتراجع في اللحظة الأخيرة.أما في هذه الحياة، وأنا في حضن فارس، فلا أشعر إلا بالطمأنينة، كأنني وجدت ملاذي.لسببٍ لا أعلمه، توقّفت خطوات فارس فجأة.أمام تمثال إلهة القمر، وقف رامي مرتديًا أبهى لباس القبيلة، وعلى صدره شارة القمر التي ترمز للعريس، حاجزًا الطر

  • تزوجتُ أخا خطيبي بعد عودتي إلى الحياة   ‫الفصل 9‬‬‬

    اجتاحني شعور قويّ بالاشمئزاز، فتراجعت نصف خطوة لأتجنّب يده التي قدّمت لي الخاتم.قلت ببرود: "ألستَ مخطئًا؟ أليست ندى هي من تحبّها؟"نهض رامي بسرعة ومدّ يده ليمنعني من الابتعاد، لكن ندى أمسكت بذراعه بقوّة، فاضطرّ إلى الصراخ:"سلمى، اسمعيني، كلّ ما حدث كان سوء فهم! قلبي لا يسكنه سواكِ، لا أحد يساويك عندي!"ابتسمت بسخرية وقلت: "لم تكن تقول هذا من قبل. قلتَ إنّ عليّ بعد الزواج أن أكون هادئة ومطيعة، وألّا أتدخّل فيما لا يعنيني، وليس لي أيّ حقّ في التدخّل فيه."قال متوسّلًا وقد ارتسم القلق على وجهه، لكنّ نبرته كانت تنضح بتصنّع الصدق:"كنتُ غارقًا في لحظة طيش! كيف يمكن أن أكون قاسيًا معكِ حقًّا؟!"كانت ندى تستمع والدموع تنهمر من عينيها كحبّات اللؤلؤ المنفرطة:"رامي، قلتَ لي إنّك تحبّني أكثر، وإنّني ألين وأفهم من أختي، ووعدتَني بأنّك ستتزوّجني في ليلة اكتمال القمر... أنا..."صرخ بغضب:"اصمتي!"رفع رامي يده وصفعها صفعةً قاسية، كانت بالقوّة نفسها التي صفعني بها في ذلك اليوم.تورد وجهها بخمس علامات واضحة، وضعت يدها على خدّها وحدّقت فيه بذهول.قال بازدراء:"أيتها الحقيرة، أنتِ من أغويتِني! لولاكِ

  • تزوجتُ أخا خطيبي بعد عودتي إلى الحياة   ‫الفصل 8‬‬‬

    كانت الشائعات في قبيلة القمر تنتشر كالأعشاب البرّية، لا تمضي سوى أيّام قليلة حتى تغزو كلّ زاوية من زوايا القبيلة.قال بعضهم إنّ رامي تشاجر مع الألفا في القاعة الكبرى بسببي،وقال آخرون إنّه، منذ أن اخترتُ فارس، صار رامي يقضي أيّامه مع ندى، يُخالطها ويَلتصق بها ليلا ونهارا.كلّ تلك الأحاديث لم تُحرّك فيّ شيئًا.فقد حُدّد موعد زفافي مع فارس في ليلة اكتمال القمر من الشهر القادم.في صباحٍ ما قبل المراسم، وجدني فارس في ساحة التدريب.كان متكئًا على سيفٍ مغروسٍ في الأرض، وندى الصباح يبلّل أطراف شعره.ظلّ صامتًا طويلًا قبل أن يتكلّم، وصوته يحمل توتّرًا خفيًّا:"الناس في الخارج يقولون إنني عنيف بطبعي، وإنّ يدي تلطّخت بدماء كثيرين."رفع نظره إليّ، وكان بريق عينيه حادًّا كحدّ السيف:"ألستِ خائفة؟"توقّفت يدي التي تمسك القوس، ثمّ التفتُّ إليه:"ممَّ أخاف؟""من أن أفقد السيطرة يومًا، وأؤذيك."كانت أنامله تلامس نقش مقبض السيف بلا وعي، ثمّ قال:"لكن حتى لو خفتِ، فقد فات الأوان الآن."ابتسم فجأة، وبدت ابتسامته حازمة لا تقبل الجدل:"سواء ندمتِ أم لا، لن أتركك.""يا سلمى، في هذه الحياة لن تكوني سوى رفيقت

  • تزوجتُ أخا خطيبي بعد عودتي إلى الحياة   ‫الفصل 7‬‬‬

    في مأدبة العشاء التي أُقيمت بعد احتفال بلوغ سنّ الرشد، كانت المشاعل تُلقي ظلالاً متراقصة على الجدران الحجرية.جُلت بناظري بين الحضور المتزاحمين، ولم ألمح أثرًا لرامي.وحين استدرت وأنا أحمل كأس نبيذ التوت، اصطدمتُ بصدرٍ صلبٍ قويّ.تسلّل إلى أنفي عبير خشب الصنوبر البارد، فاحمرّت عيناي على الفور.في حياتي السابقة، حين حبسني رامي في السرداب، كان فارس هو من ركل الباب الخشبيّ الثقيل وحملني بين ذراعيه وأنا على وشك الموت.كان جسده يومها مغطّى بالجراح، وزأر في وجه المستذئبين الذين أحاطوا بنا:"من يجرؤ على لمسها بعد الآن، سأسلخ جلده وأدفنه معها!"بعد موتي، سفك الدماء في السرداب، ووضع كلّ أدلة جرائم رامي أمام الألفا العجوز.كنتُ آنذاك روحًا هائمة، أراه يقف وحده في وجه قبيلة القمر بأكملها، وهناك فقط أدركت كم كنتُ غالية في قلب ذلك الرجل العنيف.ومنذ أن وُلدت من جديد، ظلّ صوت داخلي يهمس لي: "اختاريه، فهذا هو الصواب."عندما بدأت الوليمة، أشار الألفا إلى فارس أن يجلس عن يمينه، إلى جوار المقعد الأرفع.كان كلّ المستذئبين يدركون أنّ هذه إشارة واضحة إلى تثبيت الوريث القادم.جلس فارس بثقة إلى جانب الألفا د

  • تزوجتُ أخا خطيبي بعد عودتي إلى الحياة   ‫الفصل 6‬‬‬

    ما إن انتهت الكلمات حتى عمّت الهمهمات القاعة الكبرى، وتبادل المستذئبون النظرات والهمس."كيف يكون هو؟""ألم تكن سلمى تحب رامي إلى حدّ التضحية بحياتها؟ كيف اختارت فارس؟""هل هذا صحيح؟ أليس هناك خطأ ما؟"اكفهرَّ وجهُ رامي في الحال، وتقدّم خطوتين إلى الأمام وصوته يفيض قلقًا:"أبي، هل أخطأت في الأمر؟"رمقه الألفا العجوز بنظرة جانبية، وضرب صولجانه بالأرض بقوة:"قد شختُ، نعم، لكنني لم أفقد صوابي بعد لأخلط بين الأشخاص. قرار كهذا يخصّ مستقبل قبيلة القمر، فكيف يمكن أن أخطئ فيه؟"تلقّف الحديث المستذئب البيتا الواقف جانبا، ونشر اللفافة التي بيده قائلا:"الملك قالها بوضوح، الرفيق الذي اختارته سلمى هو فارس."قاطعه رامي بعصبية، وصوته يحمل إنكارًا شديدًا:"مستحيل! لا بد أن هناك خطأ ما!"ثم التفت إليّ فجأة، وفي عينيه بريق أمل أخير:"سلمى، أليس هناك خطأ؟ لقد اخترتِني أنا، أليس كذلك؟ أبي هو من أساء الفهم، أليس كذلك؟"ابتسمتُ بخفة، ونطقتُ بنبرة هادئة لكنها حازمة:"اخترتُ فارس.""من اليوم فصاعدًا، هو رفيقي الوحيد، وحبي الأبدي."لمّا سمع فارس هذه الكلمات، سكنت أصابعه الممسكة بزهور ضوء القمر لحظة لا تكاد تُر

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status